قرأت مقالات وتصريحات وآراء لبعض الأدباء والمثقفين عن حيثيات منح جائزة نوبل للأديب المتوفى قبل أيام الأستاذ/ نجيب محفوظ .. كما أنني اطلعت منذ مدة على مقاطع من روايته المشهورة / أولاد حارتنا
ووجدتُ فيها كلاما بعضه غامض وبعضه يرمز إلى أمور فسرها العارفون بهذه الأمور تفسيرا منطقيا عن سوء النية في شخصيات الرواية وأهدافها ومراميها ....
وألخص لكم بعض ما اختصرته من هذه الآراء التي اتهمتْ الأديب / محفوظ باتهامات كثيرة أجمعت على أن رواياته مليئة بالمضامين المنحرفة فكراً وخلقاً .


خلاصات

لما أجرى أحد الصحفيين مع نجيب محفوظ حواراً في شأن جائزة نوبل اعتبر الجائزة والفرح بها واللهاث خلفها من علامات القصور !! ، سأله الصحفي قائلاً : ( لم ينل الأدب العربي جائزة نوبل حتى الآن هل ترد ذلك إلى قصور في جهود الترجمة ، أم أن هناك العوامل السياسية التي تتدخل ، ولاتجعل تلك الجائزة مقياساً للأدب ؟ فأجانب نجيب قائلاً : هذا سؤال مهم ، فأنا لم أفكر أبداً في جائزة نوبل ، وأعجب كيف أننا نشغل بالنا ليل نهار بهذه الجائزة ، وكأننا لم نكتب أدباً ، أو لن يكون لنا أدب إذا لم نفز بها ، وهو أمر مخجل يعكس عدم الثقة بالنفس ، والنظر إلى تراثنا الأدبي الهائل على أنه قليل القيمة ، مع أنه ليس كذلك أبداً ، لاينبغي أن نشغل أنفسنا بتلك الجائزة أفراداً ومجتمعاً فهي ليست جوازاً للمرور إلى عالمية الأدب وليست مقياساً للأدب الجيد ).

نشرت هذه المقابلة مجلة الكويت في العدد 77 جمادى الأولى 1409 هـ يناير 1989 م ص 48 ، ونشر في الشرق الأوسط في 24/12/1987 م/1407 هـ

وفي كتاب “ على نار هادئة ” سأله مؤلفه : ( إذا منحت لك جائزة نوبل هل سترفضها مثلما فعل سارتر ؟ فأجاب نجيب محفوظ : نعم سأرفض هذه الجائزة لو منحوني إياها ، لأن البعض اعتقد أنني أدعو إلى السلام وكامب ديفيد من أجل الحصول على جائزة نوبل التي تسيطر عليها الصهيونية العالمية ، وأضاف إنني أدعو إلى السلام في نظر هؤلاء لكي أحضى برضا تلك المنظمات التي تتحكم في منح الجائزة لمن تريد ، لهذا فإنني سأرفض جائزة نوبل لو منحت لي بالفعل لأنني في الحقيقة غني عن رضا الصهيونية ... إن هذه الجائزة ككل جائزة تقوم على أساسين : الأساس الأول : عمل يشترط فيه درجة من التفوق ، الأساس الثاني : تحقيق مضمون معين لايخلو من خط سياسي بالمعنى العام ... )
المصدر السابق ص 59 .

ومنحت جائزة نوبل لنجيب محفوظ : ولكن كل الكلام السابق ذهب أدراج الرياح فبمجرد أن منح الجائزة طار بها فرحاً وأعلن مباشرة قبوله بها وافتخاره بالثقة الكريمة !! واعتبر ذلك اعترافاً بعالمية الأدب العربي !! .
وإذا أخذنا في الاعتبار الغزل لليهود المنسوج بهدوء في روايات نجيب محفوظ ثم مبادرة الصلح مع اليهود ، فإننا سنجد المبرر الكافي لرضا أصحاب جائزة نوبل ، الذين ذكر نجيب محفوظ أنهم تسيطر عليهم الصهيونية العالمية.
غير أن ذلك وحده ليس كافياً في إعطائه الجائزة ، وإن كان ذو أثر كبير ، واعتبار أكبر عند يهود جائزة نوبل .
ولكن هناك السبب الآخر الذي لايقل أهمية عن سابقه وقد أشار إليه نجيب محفوظ حين بين أن أحد أسس منح الجائزة أن تكون الأعمال محققه لمضمون معين ، فما المضمون الذي دارت عليه كتابات نجيب محفوظ لينال من خلا لها جائزة نوبل ؟
لقد كرس نجيب محفوظ كل أعماله الروائية لقلب المعايير الثابتة في المجتمع المسلم ، وزعزعة أركان التدين والعبادة والأخلاق والقيم .
فقد أفشى، من خلال رواياته، في المجتمع المسلم جرأة خبيثة في الشك في الدين والسخرية بالله تعالى ورسله ، وأفشى قيماً أخلاقية يحرص كل عدو للإسلام والمسلمين على انتشارها في المجتمع المسلم ليضعف ويتفكك .
أثار الإلحاد تحت أسئلة الشك والريب التي تبدو في ظاهرها بريئة وساذجة ، وأثار أمور الجنس بصورة تجعل الفاحشة هينة بسيطة ، وتسوغ تعاطي الجنس كالماء والهواء ، وتسوغ شرب الخمر والحشيش والرذائل الخلقية.
وضع نجيب محفوظ كل هذه القضايا وغيرها على لسان شخصيات رواياته ، ونطق هو بها ولكن من خلف أقنعة هذه الشخصيات التي تبدو أنها لاتفرض رأيها ، وأنها مجرد صور لبعض حالات موجودة في المجتمع ، ولكن القارئ يخرج منها وقد اشتعلت في ذهنه أسئلة الشك ، والتهب في قلبه جحيم الجنس إلاّ من عصم الله .
لقد حقق نجيب محفوظ الشرط الثاني لنيل الجائزة ، وهو ربط المجتمع والأمة بالقيم والأفكار والعقائد الغربية ، وبذلك رضي عنه اليهود والنصارى .
بيد أن أهم عمل أشارت إليه لجنة جائزة نوبل هو روايته “ أولاد حارتنا ”.

إن الروائي يدس فكره بين شخصيات روايته ، ويوصل رأيه من خلال الحوارات والمواقف العديدة . يقول نجيب محفوظ في هذا الصدد : ( إن الأديب يختار شخصياته لأنه وجدها صالحة للتعبير عن شيء ما في نفسه ، كأن يجدد شخصية تتسم بالضياع ، وكان الأديب وقتها يشعر بالضياع أو شخصية ثائر وكان وقتها يعاني من ثورة مكبوتة ... ، المهم أن الرواية ككل يجب أن تعبر عن وجهة نظري )
لقد قرر نجيب في رواية أولاد حارتنا أن يسلك مسلك نيتشه الذي دعا إلى موت الإله حسب رأيه ! فجعل “ الجبلاوي ” كبير الحارة رمزاً عن الله تعالى ، و “ جبل ” أحد الحواة الذين يلعبون بالثعابين “ موسى ” عليه الصلاة والسلام ، وصور رفاعة “ عيسى ” كواحد من المعتوهين ، وجعل قاسم في درو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعله مدمن خمر وحشيش وزير نساء وتدور الرواية وأحداثها في دائرة استخفاف وسخرية بالله تعالى وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام .
أي أن الرواية التي ذكرت في حيثيات نيله لجائزة نوبل تعلن الحرب على الإيمان ، وتعلن الإلحاد بصورة سافرة ، فقد نال نجيب رضا عصابة “ نوبل ” من اليهود وأذيالهم من الوجهتين السياسية والفكرية .
وقال أحد الكتاب بعد منح محفوظ الجائزة :

ما نراه بعد هذا أن منح جائزة نوبل لنجيب محفوظ عن رواية "أولاد حارتنا" فيه امتهان لنجيب محفوظ نفسه وسيدخل محفوظ التاريخ من أوسع أبوابه لو يرفض الجائزة كما فعل برنارد شو فرواية "أولاد حارتنا" هي الحلقة الأضعف فى الهرم الروائى الذى بناه نجيب محفوظ .
هـــذا وقد ترجمت روايته “ أولاد حارتنا ” إلى اللغة السويدية بعنوان “ موت الإله ” وجاء في تقرير لجنة منح الجائزة بالأكاديمية السويدية على لسان “ ستوري ألن ” سكرتير الأكاديمية “ وهو - أي نجيب محفوظ - يتحمل مسؤولية موت “ الجبلاوي ” أي الإله
وقد شهد مجموعة من الكتاب بالمرمى السياسي والفكري من وراء منح نجيب هذه الجائزة .