توقف أمام محل التموينات المجاور لمنزله في الحي الراقي الذي يسميه بعض الخبثاء حي “ البرجوازيين”... ترجل من
سيارته الاوروربية الفارهة، تصاحبه طفلته الوحيدة.. هو يحب قضاء يوم الخميس في التسوق بصحبة نورة بدلا من تكليف السائق باحضار مستلزمات المنزل التموينية كي يمضي اطول وقت ممكن مع طفلته الاثيرة، ويعوضها عن غيابه طوال ايام الاسبوع التي يمضيها في متابعة اعماله الكثيرة وشركاته الناجحة.
اشترى ما يكفي المنزل من المواد التموينية لمدة اسبوع واحد فقط لانه يحب كل شيء طازجا، اضافة الى انه لا يريد افساد جدوله للتسوق نهاية كل اسبوع.
عرج على قسم العاب الاطفال، واشترى لطفلته العديد منها، واتجها سويا الى المحاسب كي يدفع الحساب.. عند المحاسب لفت نظر نورة ذلك الرف المليء بأنواع الحلويات فصرخت:
- يبه.. يبه.. أبي.. حلاوة.. واللي يخليك ابي حلاوة..
تجاهلها وأكمل عد النقود، فعاودت الصراخ:
- تكفي يبه لو حلاوة وحدة.
دخلت في نوبة هستيرية مفاجئة من البكاء والصراخ حينما حاول تهدئتها فتجمع الناس من حوله.. زبائن المحل والعاملون فيه.. بعض الفضوليين الجاهزين دوما لمشاهدة التجمهر.. كان بينهم احد جيرانه الذي قال لرفيق معه:
- شف النذل على كثر ما ربي اعطاه بخيل على بنته بحلاوة!
علق الآخر شامتا:
- سيارته بنص مليون وما يبي يشتري حلاوة بنص ريال!
- الله لا يشغلنا الا بطاعته.
قالها احد كبار السن من الحاضرين، فرمى الاكياس من يديه، وحمل الطفلة وهو يضمها الى صدره مغادرا المحل، وركب سيارته.
عندما صفق باب السيارة، وتأكد له انه صار بعيدا عن الجمع، اغرقت عيناه الدموع، وهو يربت على طفلته الغاضبة، يهدئها في حنان جارف، وقلبه يكاد يقفز من بين ضلوعه.
كان يود لو صرخ فيهم قائلا:
- نورة فيها سُكَّر.
ولم يستطع.
( عبدالسلام الحميد )
المفضلات