السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


لقد كان اختياري لهذا الموضوع بالذات لاارتباطه مع موضوعنا السابق ( لكي يكون نقاشنا هادفا وبناء ) لأهميته الشديدة لنا جميعا من أجل أن نرتقي بمنتدانا وأيضا للارتقاء بكل مجتمع ينشد المثالية وتحقيق أهدافه.

كيف تصبح ناقدا
ليكن نقدك لأخيك أو لأي أنسان آخر نقدا بينيا أي لا تنقده أمام الآخرين , حتى لو كان نقدك هادفا وبناء وموضوعيا , لأن النقد أمام الآخرين ممّن لا علاقة لهم بالموضوع قد يدفع الطرف الآخر الى التشبث برأيه , أو الدفاع عن نفسه ولا نقول عن خطئه , ولذا جاء في الحديث الشريف ( من وعظ أخيه سرا فقد زانه ومن وعظه علانية فقد شانه)

ان النقد حالة تقويم , حالة وزن بالقسطاس المستقيم , وكلما كنت دقيقا في نقدك , بلا جور ولا انحياز ولا تعصب , ولا افراط ولا تجاوز , كنت أقرب الى العدل والانصاف , وبالتالي أقرب الى التقوى , قل في منقودك ما له وما عليه , قل ما تراه فيه بحق ولا تتجاوزّ ذلك ف.. ( من بالغ في الخصومة أثم ) .


يروى ان سيدنا عيسى عليه السلام وحواريوه مرّ على جثّة كلب متفسّخة , فقال الحواريون :
ما أنتن جيفة هذا الكلب !
فقال عيسى عليه السلام : انظروا الى أسنانه ما أشدّ بياضها .

لقد كان الحواريون محقيّن في نقدهم للجثة المتفسخة التي تنبعث منها روائح كريهة , لكنّهم ركّزوا على السلبي ( الطاغي ). على الجثة , أما المسيح عليه السلام فكان ناقدا لا تفوته اللفتة الايجابية الصغيرة حتى وان كانت ( ضائعة ) وسط هذا السلب من النتانة

هذا درس نقديّ يعلّمنا كيف أننا يجب أن لا نصادر الايجابية الوحيدة أو الصغيرة اذا كان المنقود كتلة من السلبيات .
لا تكن لقّاطا لعثرات المنقود ....التقاط العيوب وتسقّط العثرات وتتبّع الزلاّت , وحفظها في سجل لا يغادر صغيرة ولا كبيرة , بغية استغلالها ذات يوم للايقاع بالشخص الذي نوجّه نقدنا اليه ...خلق غير اسلامي , فقد جاء في الحديث ( ان أقرب ما يكون العبد الى الكفر أن يؤاخي الرجل الرجل فيحصي عليه عثراته وزلاّته ليعنّفه بها يوما ما ).
ان من عاب ابتلي.كما ان علي المرء ان يبدأ بنقد ذاته قبل الاخرين.الا أن محاولة افراد العضلات اللغوية امام الاخرين فانها لن تفيد في شيء .
وفي هذا الصدد يقال :

من كا ن بيته من زجاج لا يقدف الناس با ا لحجر

وقد قالوا : " مصرع الرجل بين فكيه "

وقالوا في الشعر أيضاً :

لسانك لا تذكر به عورة امرئ
فكلّك عورات وللناس ألســـــنُ

خاتمة:
في لقاء مصور مع احد الآدباء سئل عن دور النقد السلبي واثره على الآديب والكاتب واشارالمذيع الى الكومة من الصحف والمجلات التي تنتقد ضيفه وقال له كل هذه الصحف والمجلات التي تنتقدك الم تتنيك عن مبتغاك وهدفك
فأجاب الآديب بكل لباقة وحكمة وقال لمحدثه قلي ماذا يحدث لو قمت الان ووقفت على هذا الاوراق
الا أ زداد علوا وشموخا ؟؟!!

الخلاصة اننا يمكن ان نتفق علي تسمية بعض النقاد ممن يؤنس فيهم الكفاءة والصدق والامانة ان يستعرضوا مانكتب حتي يمكننا الاستفادة من النقد كآلية واداة للبناء لا الهدم.
والله من وراء القصد.

وبعد عزيزي القارئى
هل ترى ان النقد سوًء الايجابي منه او السلبي علو وبناء للكاتب ام معول هدم ودمار؟

وسامحونا

حنكشة العتقي

الخميس الموافق 27/6/1428