الله يرحم أيام زمان ... منذ 20 عاماً وأنا كنت في الثانية عشرة من العمر كان عندنا وكيل في مدرستنا ، وكنا نعمل له ألف حساب ، وكنا نخاف منه أكثر من أي شخص آخر في المدرسة أو خارجها ، كانت نظرة منه فقط كفيلة بعقابنا والقسوة علينا ناهيكم عن الضرب المبرح بالعصا التي لم تكن تفارقه يومًا ما ..
ولكن ... للأسف الشديد جدًا .. وبينما كنت في الكازينو منذ بضعة أيام .. فإذا بي ألمح بطرف عيني عن قرب مني هذا الوكيل الذي كان يرهبنا منذ عشرين عاماً يجلس بجواره شاب من سني كان معي في الفصل أيام الدراسة ، يجلسان سويًا ويتناولان الشيشة .. هكذا ؟! بعد عشرين عامًا تجلس مع من يصغرك بأكثر من أربعين سنة لتتناول الشيشة ؟ يا للعجب !! أين ذهبت هيبتك أيها المربي الفاضل ؟ أين ذهبت عصاتك التي أوجعتنا بها جميعًا ذات يوم ؟! ألا ترفعها الآن على هذا البذر لتمنعه من تجاوز حدوده وشربه للشيشة في حضرتك ؟ ! أيعقل أن يجلس بجانبك يتمدد بأرجله وتسامره ويسامرك والشيشة هي العامل المشترك في جلستكما ؟ ! ماذا جرى ؟! ألم يكن بوسعك أن تحافظ ولو على قدر ضئيل من هيبتك وشخصيتك التي كنا نقدر لها ألف حساب وحساب ؟ أم أن ذلك كله كان مصطنعًا لترهبنا أيامها فقط ؟! أما حقيقة شخصيتك فهي سراب لم نكن نعرف ما هي ونحن في حينها لصغر عمرنا ؟! .. لقد أثقلت علينا أيام كنت تدرسنا من عشرين عامًا بعصاتك وغلظتك .. واليوم سيدي أثقلت علينا بتصرفاتك التي أزاحت عن صدورنا كاهل الاحترام وأرست بدلاً منها سخرية وتعجب.