بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أصل هذا الموضوع خطبة جمعة ألقيتها اليوم الجمعة 27 / 5 / 1430هـ في جامع العلامة عبد العزيز بن باز يرحمه الله بينبع الصناعية وقد طلب مني عدد من الأخوة الأفاضل أن أقوم بنشرها في المنتديات حتى تعم الفائدة ففعلت ذلك طلباً للأجر ونشر للعلم أسال الله أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم .
الوقفة الأولى: الناس في سبب الزلازل على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: من يعتقد أن سبب الزلازل أمور طبيعية ( جيولوجية ) وهي تحرك الصفائح السفلية للأرض ولا دخل لدين في الزلازل .
الصنف الثاني: من يعتقد أن سبب الزلازل الذنوب والمعاصي فقط .
الصنف الثالث: وهو الصواب الذي يعتقد أن سبب الزلازل أمور طبيعية ( جيولوجية ) لكن الموجود لهذه الأسباب الطبيعية هو الله سبحانه وتعالى أوجدها الله تعالى لأحد ثلاثة أمور:
الأمر الأول: تخويفاً منه سبحانه وتعالى لعباده قال تعالى: (( وما نُرسلُ بالآيات إلا تخويفاً )) ومن آياته التي يخوف بها عباده الكسوف والخسوف والزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات ونحو ذلك كما قال أبو حيان رحمه الله وغيره .
ويؤكد ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: خسفت الشمس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله وقال: (( هذه الآيات التي يرسلها الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله بها عباده فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره )) .
الأمر الثاني: أثر الذنوب والمعاصي قال تعالى: (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم )) .
ويؤكد ذلك ما رواه الترمذي بإسناد صحيح من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف فقال رجل من المسلمين يا رسول الله ومتى ذاك ؟ قال إذا ظهرت القينات والمعارف وشربت الخمور )) ومعنى القينات: أي المغنيات .
الأمر الثالث: لدلالة على قرب الساعة فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل القتل )) رواه البخاري .
الوقفة الثانية: ماذا نفعل حتى لا تصيبنا هذه الزلازل بأذى ؟.
الجواب موجود في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أما القرآن فقوله تعالى: (( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون )) وتأمل في قوله تعالى: (( مصلحون )) ولم يقل صالحون فصلاح المسلم في نفسه لا يكفي لدفع العقاب الجماعي فلابد أن نصلح ما يفسده بعض الناس وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وجاء في البخاري ومسلم من حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال: (( نعم إذا كثر الخبث )) أي: إذا ظهر الفسوق والفجور كما قال جمهور العلماء .
الوقفة الثالثة: إذا وقع الزلازل ماذا نصنع من الناحية الشرعية ؟.
أولاً: نبادر ونسرع في ذكر الله تعالى ودعائه واستغفاره لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق (( فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره ))
ثانياً: نفزعوا إلى الصلاة لما رواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة )) .
قال الأمام أحمد رحمه الله تعالى: والزلزلة من آيات الله أيضاً فيشرع لها الصلاة .
وأخرج البيهقي بإسناد صحيح أنه في زمان ابن عباس رضي الله عنهما حصلت زلزلة فقام رضي الله عنه يصلي .
ثالثاً: على طلبة العلم والدعاة والخطباء أن يذكروا الناس بالتوبة والرجوع إلى الله والاستغفار ولهم في ذلك سلف فقد أخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن صفية رضي الله عنها قالت: (( زلزلة الأرض في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فخطب الناس وحثهم على التوبة وارجوع إلى الله )) وقد ثبت عنه رضي الله عنه أنه كتب لعماله في البلدان وأمرهم أن يأمروا الناس بالتوبة إلى الله والضراعة إليه والاستغفار من ذنوبهم ؟
الوقفة الرابعة: هناك أمور يجب إتباعها لتقليل الخسائر عند حدوث الزلازل لأن لحظة وقع الزلازل تنقلب الأمور رأساً على عقب ويعجز كثير من الناس عن التفكير السليم:
أولاً: يجب وضع خطة سلامة للأسرة وتدريبهم عليها ومن ذلك أنه في حال حدوث الزلازل يتم الاختباء مباشرة تحت الطاولات والمكتبات مع وضع وسادة على الرأس والبعد عن وسط الغرف والنوافذ .
ثانياً: من كان يقود سيارته أثناء الزلازل عليه المبادرة بإيقاف السيارة بهدوء وبعيداً عن المباني والأشجار الكبيرة .
ثالثاً: بادر بالخروج من المباني بعد الزلازل مباشرة فقد يعود الزلازل بدرجة أقوى من الأولى ولا تعود حتى تتأكد أن الزلزلة أنتهت تماماً .
الوقفة الخامسة: هذه الكوارث من الزلازل وغيرها فيها عذاب من وجه ورحمة من وجه فقد جاء في سنن أبي داود بإسناد صحيح من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة وعذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل )) .
أخيراً: تأمل في هذه الآية الكريمة كثيراً وأنظر إلى ثمرتها وأين أنت منها قال تعالى: (( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون )) .
والله أعلم
اللهم اغفر لي ولإخواني فإننا نحب الحق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محبكم في الله د . عباس رحيم
المفضلات