ممّا رُوي لنا من قصصنا الشّعبيّة عن جحا أنّه ذات يوم أتاه بعض القوم يقولون له إن نارا اندلعت بالقرية الّتي يقطنها، فسأل جحا هل هي بزقاقنا؟ قيل له: لا، فقال: (تخطي زنقتنا).. [أي لا يهمّني مادام الأمر بعيدا عن زقاقنا] فأتاه القوم مجدّدا يقولون يا جحا النّار في زقاقكم، سأل: أهي في بيتي؟ قالوا لا فقال: (تخطي داري).. وبعد قليل جاء القوم وقالوا يا جحا النّار تلتهم بيتك.. حينها قال: (تخطي راسي)
وصار مثل (تخطي راسي) مستعملا للدّلالة على عدم اهتمام ومبالاة الشّخص لما يحدث حوله مادام هو بعيدا عن مضمار الأزمة
كنّا -ونحن صغار- نضحك حينما تروى لنا القصّة، ولكنّنا اليوم وقد كبرنا فهمنا المغزى من ورائها..
الأنانيّة صفة شنيعة متى اتّصف بها الإنسان صارت عادة وسلوكا يوميّا.. يجعله يترك أقرب النّاس إليه وهم في ضيق مادام هو في بحبوحة عيش وفي هناء وسلامة.. وفي النّهاية يبقى وحيدا ويموت وحيدا بين نيران تجاهَلَها يوما حينما كان بعيدا عنها، ولو فكّر بغيره ذلك اليوم وتدخّل لما حصل ما حصل له اليوم!! وما أكثر أمثال جحا بيننا اليوم!!!
لا تسمع أصواتهم والغبار يتطاير على غيرهم فإن أصابهم اختنقوا وأكملوا مسيرة صمتهم، ولا ترى سواعدهم والنّاس تغرق فإن طالتهم الأمواج أكملوا مسيرتهم في أعماقها..
سلبيّة مقيتة أنجبتها عقولهم الأنانيّة وقلوبهم الميّتة وأرواحهم الضّائعة في غياهب غفلتهم القاتمة..
وما يزيد الحسرة حسرة أنّك إن حاولت هزّهم علّهم يستيقظون يقطفون آلاف الأعذار ليسكتوك بها!!! فتضطرّ إلى تركهم لما هم فيه من ألم…
نعم.. مساكين هم يستحقّون الشّفقة، حتّى وأنت في أحلك ظروفك ستشفق عليهم وتمدّهم يد العون!!!




منقوووول