كنت بالصدفة اتجول في محركات البحث فوجدت هذا المقال للأستاذ ،، أبو سفيان ولا أعرف تاريخه ، ولكنه يستحق ان نعرف من خلاله لماذا يجب ان نهتم بتراثنا ،، اترككم مع هذا المقال :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آثــار يـنبع آيـلة للسقوط !!!
بقلم ( عواد محمود الصبحي )
من المؤكد أن الحضارات البارزة ودعوات التجديد الحضاري عادة ما تنطلق من التراث 00هذا ما يجب أن يفهمه كل من يحاول قراءة هذا التراث بكل أنواعه وأشكاله؛ إنه الموروث الإنساني الغني بالتجارب والمعرفة والثقافة
أما نحن في ينــبع فنظرتنا ـ أو على الأصح نظرة من يعنيهم الأمر في هذا الشأن ـ نظرة لا ترقى إلى المستوى اللائق لما هو بين أيدينا وأمام أعيننا 00 لقد ذهب كل موروثنا وأوشكنا أن نتنـكّر لماضينا ، وسوف نُسأل في يوم من الأيام عن هذا التفريط وهذه المجافاة التي لا مبرر لها على الإطلاق0
هل نتحدث عن الأبواب والأسوار التي هدمت ، أم عن القلاع والأرصفة والأسواق التي أزيلت ، أم عن المشايات والطواحين والصهاريج التي أصبحت أثرا بعد عين 0 حتى مشاريع التوسعة التي فرحنا بها قضت على أشهر ثلاثة مساجد في ينبع كانت مآذنها رمزاً لفنون العمارة الإسلامية 00 ولكن ماذا نقول إن كان هذا قدرنا وهذا نصيبنا
{ وما شهدنا إلا بما علمنا} 0
ثم جاء الدور على المنازل القديمة ذات الطابع العمراني المتميزليقضي على ما تبقى من تراث الأجداد وليمحو كل أثر للماضي ويعمق الجراح ، ويؤكد أننا أمة تنسلخ عن ماضيها ولم يعد في حسابها ما يسمى بالبعد الوطني والقومي الذي تحرص عليه كل الأمم 00 هناك في بلد أوربي وقف السكان بأجسادهم يحاصرون المعدات والجرافات التي جاءت لتزيل شجرة كبيرة معمرة اعترضت تنفيذ أحد الشوارع ونجحوا في تحويل مسار الشارع لتبقى الشجرة في مكانها رمزا لماضيهم وحفاظا على هويتهم ووفاء منهم لهذا الرمز؛ أما نحن فنجهز على بيوتنا التي تحمل بين حناياها أجمل الذكريات، وأعطر الأمسيات ، ونعد بيانا ينشر في الصحف تحت عنوان ( المنازل الآيلة للسقوط) ونرفع شعارا صارما لا مجال للتهاون في تنفيذه :
وكل بيت وإن طالت سلامته
على دعائمه لا بد مهــدوم
وقد لا يكون من الملائم أن نوجه اللوم لأحد بعينه فكل واحد يعرف حدود مسؤوليته وواجباته الوطنية ، ولا يؤاخذ إنسان إلا بجريرته قال تعالى{ أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملــون } 41 يونس
ولكن ألا يستحق تراثنا أن تشكل له لجنة باسم ( لجنة أصدقاء التراث ) على غرار لجنة أصدقاء المرضى مثلا ؛ تضم هذه اللجنة جهات رسمية وأهلية مهمتها الحفاظ على ما تبقى من تراثنا والسعي الجاد لإبرازه بتبني إقامة المتاحف الوطنية والمعارض السنوية ، ولا سيما أننا مقبلون على عصر تزدهر فيه السياحة لاستغلال التراث والتعامل مع كل موروث بوعي وجدية حتى نصل بوعينا إلى درجات العشق والشفافية 00
إنني من هذا المنبر ـ وحتى لوقيل بأننا نسير في قطار المتباكين ـ أناشد المسؤولين والمهتمين أن يفتحوا صدورهم ويقوموا بأي عمل يخدم هذا الجانب وكيف يفوت علينا أن نضع في أولوياتنا تنفيذ مشروع ولو بمبلغ زهيد يحفظ لهده المدينة شيئا من ماضيها العريق ألم يكن ترميم منزل أو منزلين من هذه المنازل القديمة الأثرية أهم من تزفيت بعض الشوارع والأزقة العشوائية المنزوية !! ولكنها الميزانيات وبنودها، والاهتمامات وترتيبها00 هل هانت علينا هذه التحف المعمارية لهذا الحد من الجفاء والتناسي والجحود0
إنني شخصيا كنت أداري وجهي خجلاً عندما رأيت أحد الخواجات يقف بجانب هذه المنازل يلتقط صوراً تذكارية ورأيته مشدوها أحسبه يتأمل جمالها ورواشينها وأبوابها وزخارفها ولكنه بالتأكيد كان يقول في قرارة نفسه يالكم من أمة لا تعرف قيمة لماضيها فكيف تعيشون حاضركم وتستشرفون آمال مستقبلكم وأنتم لا تعتزون بتراثكم 00
تلكم هي منازلنا القديمة التي كانت في يوم من الأيام تجلو عن النفس الهم والقتامة ، وتزهو رواشينها بالحسن والزعامة000 فيا مأوى ذكرياتنا ، ويا نسائم هوائنا البحري العليل ، الأشقياء في الدنيا كثير ، ولكن الصبر جميل وجميل ، فقد جربنا الآن صخب الحياة وعشنا في دوامة المنشآت والصناعات ، ومآل النفس أن تستريح من هذا العناء لنرجع إلى الهدوء والصفاء ، ويستيقظ فينا الإحساس ونحن لا نكف عن ندائنا :
ليلي يطول وحسرتي تقسو
فمتى بربك تشرق الشمس
(وسفيـنة) الآثــار تائهة
فمتى على شطآنــنا ترسو؟
المفضلات