القاهرة : مروان زياد
يجلس الآلاف في مسجد (العزيز بالله) في حي الزيتون ـ شمال شرق القاهرة ـ أمام مسلم سعيد أحمد أصغر داعية إسلامي (خمس سنوات) يستمعون إلى دروسه الدينية ويرفض أن يطلق عليه لقب الطفل المعجزة مؤكدا أنه آية من آيات الله على الأرض.
ولد مسلم في العشرين من شهر سبتمبر عام 2000 في منطقة (النهضة) التي تبعد 60 كيلو مترا عن القاهرة في طريق مدينة السويس وانتقل مع أسرته الصغيرة المكونة من أب يعمل صانعا في خان الخليلي وأم ربة منزل وأخته (أشرقت) أربع سنوات وأخيه الصغير (أسلم) سبعة أشهر، ليستقروا في منزل بمنطقة (المطرية) القريبة من مسجد العزيز بالله.
وبادرني مسلم سعيد قائلا "تعلمت على يد أبي أصول ديننا وفن الخطابة وحفظت 20 سورة من القرآن الكريم، ثم رأى أبي أن أتعلم القرآن وأحفظه على يد أحد الشيوخ واكتفى هو بتحفيظي (الخطب)، وكانت أول خطبة لي بمسجد (العزيز بالله) ثم قرر مدير الدعوة بمسجد العزيز بالله الدكتور محمد عبد السلام أن يتولي أمري، وأنا لا أشاهد التليفزيون إلا عند سماع القرآن، وأحياناً لمشاهدة أفلام الكرتون". وأضاف مسلم "أحب أن أكون مثل الشيخ محمد حسان، وأن أصبح خطيباً وعالماً كبيراً".
وقال والده "قصدت أن يتعلم مسلم الخطابة لأن لها أثراً في الواقع وتؤثر في الناس، وتعلمهم أصول دينهم، وهذا الطفل يفهم ما يقوله على الرغم من أنه يحفظه بالتلقين، ولولا ذكاؤه وملكته ما استطاع أن يخطب عدة مرات في جمع غفير من المصلين، دون أن يهاب وجودهم وبانفعالات طبيعية تظهر على وجهه، ومن يراه ويسمعه يعلم أنها نابعة من فهمة لما يقوله".
ويؤكد والد مسلم أنه لم يقصد على الإطلاق الكسب من ورائه أو تحقيق بريق إعلامي بل أعد لهذا الطفل قبل أن أتزوج بثلاث سنوات، عندما سمع شريطاً للداعية محمد حسان اسمه (حدثني أبي) يتكلم فيه عن تربية الأولاد، وكيف يستطيع الإنسان أن يخرج طفلاً علامة وسماه (مسلم) ليصدق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث (إن الله تعالى يبعث على رأس كل مائة عام لهذه الأمة رجلاً يجدد لها أمر دينها) وأراد أن يكون مسلم من هؤلاء الرجال.
الطفل يأتي إليه بعض الناس ليستمعوا للدرس الديني المشترك بينه وبين أبيه وأثناء أحد الدروس أخطأ أبوه ثلاث مرات وقام الابن بتصحيح المعلومة لأبيه وانبهر الناس كيف لهذا الصغير أن يعرف كل هذه المعلومات دون أن ينساها؟ وكيف له أن تصبح الحياة الدينية هي كل حياته دون اللجوء إلى اللعب مثل كل الأطفال في عمره؟. وأضاف الأب أنه سوف يرسل ابنه للتعليم في المدارس الأزهرية حتى يتخرج بإذن الله من الأزهر الشريف كعالم وداعية إسلامي.
وفى الأسواق الآن شريط كاسيت لـ (سعيد) بعنوان (غربة الدين للطف الداعية مسلم سعيد)، وقد استمع الداعية محمد حسان للشريط قبل طرحه في الأسواق وأجازه وأبدى إعجابه بالطفل الداعية.
الشريط مصرح به من قبل الأزهر وإدارة البحوث والتأليف والترجمة بمجمع البحوث الإسلامية وهي الجهة المسؤولة عن مراجعة المؤلفات الدينية قبل طرحها في الأسواق. فالشريط كما يؤكد مدير الإدارة الشيخ عبدالظاهر أبو غزاله حصل على الموافقة لعدم احتوائه على أية مادة مخلة أو أخطاء في المحتوى ولا يرى أبو غزاله أي عيب في صغر سن الطفل بل بالعكس يري فيه تحفيزاً للأطفال على فهم الدين بدلاً من تضييع الوقت أمام التليفزيون والألعاب التي تستهدف تدمير عقولهم.. فاستماع الأطفال لـ مسلم سيدفعهم إلى تقليده والسير على نهجه وبذلك نضمن جيلاً صالحاً.
والشريط يعيد فيه الطفل مسلم إلقاء محاضرة كاملة سمعها من الداعية محمد حسان لتبرز موهبته في فن الإلقاء والتحدث في أمور دينية صعبة، رغم أن بعض الكلمات خرجت من فمه ثقيلة وغير واضحة.
يبدأ مسلم حديثه في الشريط بحث المسلمين على تدبر حديثة وفهم معناه والهدف منه، فالإسلام كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ غريباً وسوف يعود غريباً (فطوبى للغرباء وهم الذين يصلحون ما أفسده الناس) وأطلق مسلم على واقعنا الحالي (الواقع المرير) حيث تجد المسلمين في جانب العقيدة حرفوا، وفي الشريعة غيروا، وفى المعاملات فسدوا وأفسدوا، ويتساءل: كيف ينصر الله أمة خرج من بين أبنائها من يقول (نحن في مولد السيد البدوي الذي إذا دعي في البر أو البحر أجاب) أهذا هو التوحيد الذي دعا الله إليه؟.
ويؤكد مسلم "إننا نعيش السنوات الخداعات التي حدثنا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم والتي يصدق فيها الكاذب ويكذب الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون الأمين، ويستعجب على الأمة التي جهلت بعد علم وذلت بعد عزة وأصبح أبناؤها يتسولون على موائد اللئام ويتذللون لأحقر أمم الأرض".
ويستمر حديث مسلم على مدار 45 دقيقة، وفى نهاية الشريط يفجر مسؤول الشركة مفاجأة قائلا (الغلام جاء من رحم أم كانت بالأمس القريب تدين بالنصرانية، فشرح الله صدرها للإسلام ليخرج من هذا الرحم هذا العملاق الذي نسأل الله تعالي أن ينفع به دينه).
صاحب الشركة المنتجة للشريط محمود حسان أكد أن الطفل معجزة على أي مقياس ويتمتع بذكاء شديد وسرعة فائقة على الحفظ وله مستقبل باهر، وأنه تعرف عليه عن طريق والده الذي يصلي معه في مسجد (العزيز بالله)، وعندما لاحظ هذا الذكاء اتفقنا معاً على إخراج هذا الكاسيت الذي ينتفع به الناس. ودعا حسان كل الأسر إلى اتخاذ هذا الطفل قدوة أبنائها، وأن نهب أطفالنا لله بدلاً من النواصي والشوارع وأماكن اللهو.
وحول ما جاء ذكره في شريط الكاسيت بشأن أم الطفل التي قال إنها مسيحية رفض التعليق، وأكد أنه أمر غير مهم فالأهم هو الطفل المعجزة الذي سيكون له شأن عظيم، وبعد تردد شديد أكد أن كل ما جاء في الشريط صحيح.
والد الطفل (مسلم) سعيد أحمد كذب هذا الحديث مؤكداً أنها مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة مشيراً إلى أن الطفل لأب وأم مسلمين، وما جاء في الشريط لا يعلم عنه شيئاً، ورغم ذلك لا يفكر في مقاضاة الشركة المنتجة لأنه رجل (غلبان) على حد قوله يسكن في المطرية ويعمل حرفياً بالمشغولات الفضية في خان الخليلي.
ونفى الشيخ أبو غزاله وجود مشكلة في كون أم مسلم مسيحية واعتنقت الإسلام، فهو يراها حرية شخصية ومن حق أي مسيحي أن يعلن إسلامه وقتما يشاء، ولا يعقل أن يكون ذلك سبباً في منع تداول الشريط. وفى سؤال حول مدى تأكد مجمع البحوث الإسلامية من صحة ما جاء في الشريط حول هذا الأمر -أمه مسيحية- حتى لا يكون فيها شبهة استغلال لزيادة التوزيع قال الشيخ أبو غزاله "البيئة التي تربى ونشأ فيها الطفل لا يمكن أن تكذب".
المفضلات