المدراء السعوديون ، زامر الحي لا يطرب !
صالح الشامخ:


يلاحظ في الآونة الأخيرة كثرة الشركات الأجنبية التي سارعت للاستثمار داخل المملكة بمجرد أن سمح لها بذلك سواء بالاستثمار المباشر أو من خلال المشاركة نظرا لطبيعة اقتصاد المملكة الجاذبة وكثرة الفرص الواعدة حيث النمو الكبير والمشاريع التنموية العملاقة، ولكن الملفت للانتباه هو أن اغلب المدراء التنفيذيين في تلك الشركات والبنوك سواء كانت كبيرة او متوسطة هم من الأجانب والسؤال الذي يطرح نفسه: ألا يوجد لدينا كفاءات سعودية بنفس كفاءة الأجانب أم أن هناك عوامل ومعايير أخرى غير الكفاءة ؟

لنكن واقعيين وصريحين مع أنفسنا فالوضع لم يعد يحتمل السكوت خاصة ان هؤلاء المدراء وكبار التنفيذيين بدؤوا باستقطاب موظفين من نفس جنسيتهم او أقاربهم على حساب أبناء الوطن وبدؤوا بتكوين محميات ومجموعات ذات نفوذ تشبه الى حد كبير نفوذ العصابات ، لدرجة انك ترى ان المواطنين أصبحوا أقلية مهمشة في بعض تلك الجهات دون حسيب او رقيب مما يزيد من مشاكل البطالة وينعكس سلبا على التركيبة الاقتصادية والاجتماعية ويؤدي الى زيادة الإحباط ناهيك عن مشاكل البطالة وما تجره من ويلات على المجتمعات !

لست ضد الأجانب إطلاقا واعتبرهم شركاء في التنمية ومصدر من مصادر اكتساب الخبرة ولكن من غير المعقول ان يفضل الأجنبي على ابن الوطن لمجرد ارتباطه بعلاقة قرابة مع رئيس شركة او بنك ما، ثم ما هي القدرات الخارقة لهؤلاء والتي لا يستطيع المواطن القيام بها ؟ أفيدوني أفادكم الله !

انا مع الاستعانة بخبرات أجنبية ذات تخصصات نادرة كالطب او بعض فروع الهندسة مثلا، ولكنني ضد الاستعانة بتخصصات متوفرة صرفت الدولة مئات الملايين من الريالات من اجل توفيرها ، كالمحاسبة والمالية والتسويق والإدارة والهندسة وغيرها من التخصصات التي لم يجد حاملوها فرصا للعمل كتلك التي تمنح للأجانب !

قد يقول البعض ان المواطن لا يعمل بجد كما يعمل الأجنبي او انه غير ملتزم وهذه مقولة تحتاج الى إعادة نظر ، حيث لا يوجد إحصائيات دقيقة يستند اليها ، وشخصيا اعتقد ان هذا قد ينطبق على فئة معينة من الموظفين وهم أصحاب الرواتب المتدنية جدا والذين لا يترددون في ترك العمل والالتحاق بعمل آخر لمجرد حصولهم على 100 ريال زيادة ولا ألومهم إن فعلوا ذلك في ظل عدم توفر أنظمة عمل تحمي صغار الموظفين والتي اقلها هو وضع حد أدنى للرواتب كما هو معمول به في الدول المتقدمة لحماية مواطنيها من منافسة الأجانب.

إنني أتحدث هنا عن التنفيذيين (مدير عام وما فوق) ولم يسبق لي ان سمعت بان تنفيذيا سعوديا ترك وظيفته دون ان يترك بصمات واضحة وجهودا جبارة بكل تفان وإخلاص والشواهد كثيرة في هذا المجال وبلادنا ولله الحمد تفخر بان لديها كفاءات مميزة على جميع الأصعدة سواء طبية او إدارية او غيرها.

لقد اثبت المواطن في عدة مناسبات انه على قدر كبير من الكفاءة والإخلاص والتفاني متى ما منح الفرصة ولكن ومع الأسف يوجد هناك من لا يثق في المواطن - من باب ان زامر الحي لا يطرب – ولا يريد ان يطلعه على أمور يعتقد انها من أسراره الخاصة ولا بأس ان يطلع عليها الأجنبي بل ان الأدهى والأمر انه لا يمانع ان يقوم هذا الأجنبي بعمل تجاوزات نظامية طالما انها تؤدي الى زيادة أمواله!

لقد انعدم الحس الوطني لدى كثير من أرباب العمل وأصبح همهم الوحيد جمع الثروة بأية طريقة كانت ناسين او متناسين ان هذا الوطن هو صاحب الفضل الاول بعد الله فيما وصلوا اليه وان من ابسط الواجبات الملقاة على عواتقهم هو رد الدين لمن كان له الفضل فيما وصلوا اليه وان افضل رد هو استشعار المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عواتقهم وذلك بعمل كل ما من شأنه الإسهام بتنمية الوطن اقتصاديا ولن يتحقق ذلك الا بالاعتماد على أبناء الوطن شئنا ام ابينا !

لم يطلب احد من هؤلاء التجار ان يتصدقوا بأموالهم او ان يحولوا شركاتهم الى مؤسسات خيرية فهذا شأنهم وحدهم ولكن يجب عليهم عدم تفضيل الأجنبي على المواطن لمجرد ان هذا الاجنبي يملك نفس المؤهلات العلمية والعملية للمواطن ولكنه ربما يقوم بأعمال أخرى ليست معلنة او ان لديه الاستعداد ان يعمل مديرا عاما بالنهار وسائقا خاصا بالليل !