اللنش البحري الغارق في شرم ينبع أصبح أثراً يـُزار !! ( مصور )

[محمد عبد الله الذبياني]

أيها اللنش البحري العالق نخاطب صمودك :
لا تيأسن من انفراج شديدةٍ . . . قد تنجلي الغمراتُ وهي شدائدُ
كم كربةٍ أقسمتُ ألا تنقضي . . . زالت وفرَّجها الجليلُ الواحدُ
ما يزيد عن عشر سنوات وأنا أرى هذا اللنش البحري على شاطئ الشرم الثاني ،وقد أرتمي جزء منه في البحر وفي البر جزئه الثاني ، فلم تأخذه الأمواج إلي الباحة ولم تدفعه إلي اليبس ، ولا أدري ما هي قصته وكم هي سنوات عمره وكم قضى في هذا المكان إلي الآن ؟ سئلت ولم أجد للسؤال جواب ؟ هذه المرة آثرته أن بهذا الموضوع ،لأنه قد أرتفع شأنه وعلا أمره وسما اسمه ،حيث يقصده المتنزهون الجائلون بالقوارب البحرية للدنو منه والتوقف عنده والتأمل فيه والإستداره حوله وتصويره فهو معلم بارز وملفت للأنظار ، إضافة إلي هذا الدور في جذب السائحين إليه _جذب المغناطيس _يؤدى دوراً مهماً آخر حيث يتفيأ ظلاله المتنزهين على الشاطئ فيتسابقون إليه فلا ظله في الشرم الثاني إلا ظله.

ظل القارب يتسابق إليه المتنزهون

قارب يحمل على ظهره متنزهون يغادرون اللنش

يقولون في الأمثال الشئ بالشئ يذكر ، كثيراً من موانئ العصور القديمة لا تزال مدفونة حتى اليوم تحت المياه ، وكانت تحدث بين وقت وآخر اكتشافات عرضية لآثار فنية مختلفة في أعماق البحر مع مراكب غارقة ، مثلما حدث في المهدية بتونس عندما عاين صائدوا الإسفنج مجموعة هامة من التماثيل الغارقة التي كانت آتية على ظهر مركب من اليونان وجرى العمل لاستخراجها عامي 1907 م و 1913 م وما يحدث في مصر لبعض محتويات الأسطول الفرنسي الغارق في خليج أبي قير بالإسكندرية على أن أعمال الكشف الأثري تحت الماء تعتبر في حكم النادر . من كتاب علم الآثار لعاصم رزق. ويعتقد بعض المؤرخين أن القرن الثالث قبل الميلاد ربما يكون قد شهد البواكير الأولى لظهور الفرضات التي تحمل إلي حد ما اختصاصات الموانئ ،والفرضات التي اشتهرت في الساحل الغربي السعودي في فترة ما قبل الميلاد تركزت في الجزء الشمالي منه ، من أيله شمالاً حتى ينبع جنوباً ، وذلك لارتباط نشأتها بالأنباط وهم القوة السياسية المحلية المسيطرة على المنطقة من جهة ، وبالقوى السياسية الخارجية التي تسللت إلي المنطقة ممثلة في اليونانيين والرومان من جهة أخرى . وبظهور القوة الإسلامية في القرن السابع الميلادي ، برزت شهرة بعض الفرضات في القسم الأوسط من الساحل ، أمام المدينة المنورة : الجار أولاً ثم ينبع ثانية ، لتكون منافذ بحرية تصل عن طريقها المعونات الاقتصادية التي تنقل عبر البحر الأحمر إلي ظهير هذه الفرضات .أوائل القرن السابع الهجري ( الثالث عشر الميلادي) كانت بداية نهاية الجار ، وكفرضة بحرية توقفت عن خدمة التجارة والملاحة ، فإن ذلك يتفق مع شهرة ينبع ، ولا نقول ظهورها كمرفأ ، لأن ظهورها واستخدامها وشهرتها قد يعود إلي أيام عودة الحملة الرومانية عن طريقها من بلاد اليمن إلي مصر عام 20 قبل الميلاد . إلا أن استخدامها كفرضة بحرية اشتهرت على الساحل يؤرخ له منذ سنة 621هـ حين كانت بلاد الحرمين تحت سيطرة الأيوبيين ، فمنذ ذلك التاريخ أخذت تمارس وظيفتها في خدمة الظهير وتلعب دوراً مؤثراً في حياته الاقتصادية والعسكرية ، وذلك منذ اتخاذها مرفأ من قبل الأيوبيين للمدينة ، حتى دخول الجيوش المصرية بقيادة إبراهيم باشا لغزو أواسط الجزيرة العربية . بتصرف من كتاب الموانئ السعودية على البحر الأحمر للرويثي

هاهي الآن قد جاءت مناسبة الحديث ،سنسأل و لعل سؤالنا يصل لأهل الخبرة الخائضين لج بحر ينبع ، نعني الغائصين في أعماق بحر عاصمة الغوص ، نسألهم أن يعاينوا آثاراً قد تكون غمرتها المياه ، ويتنبهوا لما قد يكون موجوداً تحت الأمواج ، فهذا التاريخ الحافل والحركة الدؤوب لبحر ينبع قديماً يجعل في النفس شيئاً حيال وجود أشياء تركها الأقدمين أو أنهم فقدوها أو سقطت منهم على القليل من التقدير. نعلم ويعلم الجميع أن عملاً مثل هذا يحتاج إلي تضافر جهود على مستويات عليا وليست جهوداً ذات إمكانات فرديه ، ولكننا نقول ذلك لأنه كم من الرحالة ليسوا علماء آثار كتبوا عن مواضع أثريه في البر لم يكن يعرفها أحد فكانت سبباً للالتفات إليها فتعاونت المنظمات من أجلها ، وأجريت الدراسات عليها ، ثم تكشفت جوانب من التاريخ هامه.

الاستطراد كاد أن ينسينا ، أنسوا الموضوع كله ، هذا اللنش ( الناشب) يخارجنا وإلا ما يخارجنا ، يعني كم تتوقعون يجيب في سوق السكراب ؟! أتركوني رجاءً لأحلامي السعيدة !! أترككم في رعاية المعطي .