د. محمد القويز
الحكيم يتوخى الأناة والصدق في كل أقواله وأفعاله.
الحكيم يدرس نقاط القوة والضعف لدى الطرف الآخر.
كما أنه يعلم نقاط قوته هو لينميها ونقاط ضعفه ليقويها.
وحتى عندما يكون الحق معه بكل الشواهد والوثائق فإنه لايكتفي بذلك الحق الظاهر. إذ أنه يعرف أنه لا يكفي أن يكون الحق إلى جانبه فقط.
لأن الحق قد يغلبه المنصب وقد يغلبه الدينار.
ومن هنا فقد يعمد الحكيم إلى الصمت لإعطاء الطرف الآخر فرصة يراجع فيها نفسه ليكتشف ظلمه ويصحح أخطاءه. وهو في تلك الفترة لايسترخي ولا ينام بل يتابع ويقيم ويقدر أفعال الطرف الآخر، وليس من السهل خداعه بوعود يكذبها الواقع أو أحلام بعيدة التحقيق أو إلهائه بالروتين القاتل.
صمت الحكيم ليس بالضرورة أن تحكمه مدة معينة. فقد يطول وقد يقصر بناء على المعطيات على أرض الواقع وعلى تقدير الحكيم للحالة. كما أن نهاية صمته قد لايكون لها إرهاصات.
قد يفسر بعض الناس صمت الحكيم المدروس على أنه جبن أو يأس. ولذلك فقد يخرجون بنتائج تخالف واقع الحال. أو قد يسوقون تفسيرات بعيدة كل البعد عن الحقيقة.
المهم أن الحكيم لاتعنيه التفسيرات لأنه يعلم أن الطرف الآخر أكثر إدراكا لواقع صمته.
ومن هنا فهناك أمر بالغ الأهمية إذ على الطرف الآخر أن لايتوقع أن الأمور ستهدأ إلى مالا نهاية، وأن مابعد الصمت أكبر مما قبله.
عندما يبادر الحكيم إلى سلك كل الدروب المشروعة فلا يجد أذنا صاغية فهل نلومه على مابعد الصمت؟!.
وعندما يحاول بالقول المبين أحيانا وبالصمت الحكيم أحيانا أخرى فلا يجد من ينصفه ولا يرد إليه حقه هل نلومه على مابعد الصمت؟!.
وعندما يدفعه الطرف الآخر إلى طريق مسدود فهل نلومه على مابعد صمته؟!.
من وجهة نظري أن الحكيم إذا وصل إلى تلك النقطة يكون قد أعذر الطرف الآخر.
ويكون قد رفع الحرج عن نفسه فيما سيأتي بعد صمته.
ومن هنا فيمكن أن نقول إن صمت الحكيم إعذار!.
المفضلات