لا أعلم لم تقفز إلى ذهني دائماً تلك التجربة عندما أسمع عن توجه قومي نحو تحرير المرأة ومساواتها بالرجل ؟ هذه التجربة التي قام بها أصحاب القلوب الرحيمة في تخليص بعض البيئات من أقوى الحيوانات المفترسة ملك الغابة الأسد بسبب همجيته في التعامل مع باقي الحيوانات وافتراسهم واحداً تلو الآخر، هؤلاء القوم لم يروا الأسد جميلاً في البيئة التي يعيش فيها وشعروا بمقدار الظلم الواقع على باقي الحيوانات بسبب ظلمه لهم وتعديه على حقوقهم وافتراسه للكثير منهم ونظراً لكونهم يتمتعون بالقوة ورجاحة العقل وسلامة المنطق مع رقة قلوبهم فقد اجتمعوا على أمرٍ هو تخليص هذه البيئة من الأسد رحمة بهذه الحيوانات وبالفعل نفذوا هذا الأمر وأخرجوه من الغابة فكان أن تحقق لهم في البداية ما كانوا يهدفون إليه وأصبحت الغابة مكاناً آمناً لجميع الحيوانات الضعيفة تمارس حياتها دون خوف من أن تصبح وليمة على مائدة الأسد وبدت هذه الحيوانات في التكاثر والتناسل وازداد عددها بشكل سريع جداً حتى ضاق المكان ذرعاً بها وأصبحت موارد البيئة لا تكفي لسد حاجة هذه الحيوانات فتصارعت على لقمة العيش وضعفت وانتشرت بينها الأمراض والنتيجة كانت على المدى البعيد بخلاف ما أراد المتدخلون في النظم الربانية ، كانت النتيجة تدهور البيئة الطبيعية وقلة مواردها وتحولها من مكان رائع لمعيشة الحيوانات على ما فيه من مخاطر إلى مكان سيئ جداً لا يصلح لعيش المفترس ولا الفريسة وأصبح لزاماً على أصحاب التوجهات الواقعية أن يعيدوا الأمور إلى طبيعتها علهم يستطيعون أن يصلحوا ما أفسدوا ، فذهبوا للأسد راجين أن يأتي إلى هذه البيئة مرة آخرى وأن يفترس ما يشاء من الحيوانات حلالاً طيباً مبدين أسفهم الشديد على ما مضى متعهدين بعدم المساس بالتوازن البيئي الذي خرقوه بالتوجهات الغبية المبنية على نظرات قصيرة المدى .

قد يتساءل البعض ، لم تأخذنا في جولة في الغابة ؟ وأنت تحدثنا عن المرأة وهل أنت بهذا تريد الإمعان في احتقارها فذكرها يذهب بك بعيداً إلى حدود الغابة ! مثل هذه الطرح لا يعنيني بشيء ومثل هؤلاء لا يقيمون حواراً جاداً هادفاً ولا يبنى عليهم في تطوير مجتمعاتهم وهم لا يكونون أكثر من عضو في قطيع له ما لهذا القطيع وأنا بطبعي لا أحب أن أتحاور إلا مع الخارجين عن النظم المعهودة والمتحررين من كل قيد ولكن أشترط هنا عدم التحرر من قيد واحد هو قيد التشريع الإلهي كوننا مهما بلغنا من فكر ووعي لن نصل إلى مبارزة الله سبحانه وتعالى في خلقه والمرأة خلق من خلقه ومجتمع الأسرة هو من هذه النظم التي أوجدها الله سبحانه وتعالى والتدخل فيه شبيه بالتدخل في وضعية الأسد في التجربة السابقة .
المرأة هذا المخلوق الجميل الذي يضفي على الحياة بهجة ويعطيها رونقاً ولا تستقيم الحياة بدونها ، هذه المرأة هل أظلمها عندما أريد منها أن تبقى في بيتها وهل من التقدم والحضارة وبعد كل هذه الانتصارات التي حققتها في شتى المجالات أن يأتي هذا الصعلوك ويريد منها أن تعود إلى بيتها .
هذه النغمة أصبحت نشازا في هذا العصر وقل من يستطيع أن يجاهر بمثل هذا ، فقضية بقائها في بيتها قد حسمت وأصبح التطلع إلى جني الأرباح فقط ( كما يحدث في الأسهم ) وتحقيق المزيد من المكاسب ، أصبحت المرأة لا تستحي أن تطالب بأن تكون إمامة في الصلاة إن كانت مسلمة ولك أن تتخيلها تركع وتسجد أمامك وأنت خاشع في صلاتك منشغلٌ بعبادة ربك !!! أصبحت تطالب بأن تكون قائدة للجيش تستمتع برؤية الدماء تسيل في ساحة المعركة وطموحها لم يقف عند هذا بل لا حدود لإمكانياتها وما تستطيع أن تقوم به من أعمال فجمالها مفتاح لكل باب خاصة إذا كان الرجل يحرسه وأنوثتها تذيب كل معدن حتى وإن كان من الحديد ، لا يهم حجم التضحية التي تقدمها حتى وأن ذهب شرفها وهو أعز ما تملك في سبيل أن تقوم بما يقوم به الرجل وأن تتفوق عليه وهي قادرة على ذلك فابتسامتها تكفي لفتح الطريق بينما الرجل لن يستطيع ذلك حتى وإن قهقه ، عموماً إن كان ما تسعى له المرأة من انتصارات هو من هذا القبيل فدونها أرض المعركة ولتحقق فيها ما تشاء ، فلسنا خصوماً لها فنحن لا نملك عشر ما تملك من أسلحة ولابد لها أن تنتصر في البداية وتخسر في النهاية إذا كان الشرف والعفة غير جديرين بالوقوف عندهما .
إن مثل هذه المرأة ليست موضع نقاشنا وإنما نحن نتناقش حول من التبس عليها الأمر فاعتقدت أن مكانها ليس بيتها رغم حرصها على شرفها وعفتها وإن ما تقوم به في بيتها يعادل أيضاً ما يقوم به هذا الرجل نحو نفس المنزل إذاً هي أدوار يتوزعها الرجل والمرأة ولا يعني ذلك تفوق أحدهم على الأخر وفي النهاية هي دور من عدة أدوار يستطيع كلاهما القيام بها .
إن هذا الطرح فيه تسطيح لدور المرأة في المجتمع فليس دورها أن تكون كاتبة صحفية فالرجل يستطيع أن يقوم بذلك وليس من أدوارها أن تكون سائقة تاكسي فالرجل يستطيع أيضاً أن يقوم بذلك وقد يتفوق عليها والأكيد أن كل المهن التي يشتغل بها الرجل ينوب فيها عن المرأة ويبقى دور واحد ليس لمخلوق أن يقوم به سوى المرأة وهو الدور الذي خلقها الله لأجله بالإضافة لعبادته ألا وهو الأمومة ، هذا الدور العظيم الذي لا يستطيع أن ينافسها عليه الرجل مهما أعطي من قوة ومهما قدم من تنازلات كونه يفتقد المكونات الفسيولوجية التي أوجدها الله سبحانه وتعالى في النساء دوناً عن الرجال للقيام بهذا العمل ، وأعجب أيما العجب كيف للمرأة وهي تسعى لإظهار تفوقها أن تتجاهل هذه الحقيقة وتسعى لتميز يفقدها أقل ما يفقدها قيمتها المعنوية بصعوبة الوصول إليها ويجعلها سلعة رخيصة تنتشر في جميع الأسواق خاصة عند أصحاب البضائع المخفضة ( كل شيء بريالين ) هذا إذا لم يتطور الأمر إلى أن تفقد عزتها وكرامتها وعفتها دون أن تحقق أي انتصار بينما تستطيع أن تتفوق وأن تساهم في كل النجاحات التي يحققها الرجل عندما تقوم بدورها الحقيقي وتصبح هذه هي القاعدة وهذا هو العمل الأساسي ويشذ عن هذه القاعدة خروج بعض النساء لسبب أو لأخر للمجتمع للقيام ببعض الأعمال الخاصة بالنساء لسد حاجتها من المال ولكن يكون هذا العمل ضرورة أملتها بض الظروف تزول بزوال السبب وتعود بعده المرأة لدورها الأساسي بانية للمجتمع من خلال بنائها للمكون الأساسي فيه وهو الرجل ولكي تسهم في كل ما يسهم فيه فهي التي ربت الطبيب وأخرجته للمجتمع بهذه الأخلاق الفاضلة ويسرت له طريق الاستزادة من العلم ووفرت له كل ظروف النجاح واختارت له الزوجة الصالحة التي تسد حاجاته الطبيعية وتكمل مشوارها مع هذا المنتج حفاظاً على الجودة النوعية والمرأة إن قامت بدورها فهي لا تكتب مقالاً وإنما تصنع جميع من يكتبون ولا تقوم بصناعة سيارة وإنما تصنع كل أولئك الذين يصنعون ولا تقود الجنود داخل ساحة المعركة وإنما تصنع وتنتج مثل هؤلاء القواد والجنود ، وهذا يعني أنها أساس نجاح أي مجتمع والركيزة الأساسية في بنائه دون أن يترتب على ذلك خروجها من بيتها بل إن خروجها قد يعطل هذا الدور الرائع أو على الأقل قد يفرغه من محتواه وحتى يقال أنها أصبحت طاقة معطلة أو أن المهنة لا تعمل إذا اختارت أن تبقى في بيتها صانعة لأبنائها ولزوجها ، فهنيئاً لمن كان هذا دورها أبدعت فيه ورأت نتاجها .
ووأسفاه على من فرطت في هذا الدور واختارت أن تكون سلعة رخيصة في يد من لا يحفظ لها قدراً ولا يرى فيها إلا أنها متعة له يمكن أن يبتزها من خلال تقديم بعض التنازلات الشكلية والضرب على وتر المساواة والحرية في مقابل أن يكون الثمن شرفها ... وسامحونا