حوار شخصي جداً ...






بدأت أشعر فعلاً أنني ذو نظرة أحادية ولا أميل للرأي الآخر بالإضافة لكوني لست مطلعاً على أسرار النفس البشرية وغير مقدر للمشاعر والأحاسيس الإنسانية وقد أكون ممن لا يرى إلا الجانب المظلم من الكون وبصري لا يقع إلا على النصف الفارغ من الكأس ،

كل ذلك يقال لي حتى كدت أقتنع به أو أنني اقتنعت فعلاً فالدخان لا يرى بدون نار .
هذا ما أشعر به بعد كل سجال فكري بيني وبين قلة ممن يجيدون فن التحاور أو ممن يجدون فسحة من الوقت يضيعونها في مثل هذه التجاذبات الفكرية والتي غالباً ما تنتهي بكيل التهم من طرف للطرف الأخر كونه لم يقتنع بفكرة واحدة ساذجة ، من عشرة أفكار قبلها على مضض رغم كونها لا تخرج عن تصنيف سابقتها من حيث السطحية والسذاجة .
قطعاً لا أستطيع أن أنزه نفسي من الوقوع في بعض الأخطاء أو كل الأخطاء لا يهم ، المهم أن هذه الأخطاء لا تظهر إلا عند الاختلاف مع الأخر ويعني ذلك أن مفتاح اكتشاف الأخطاء هو عدم الرضا عن الشخص المقابل !! ولعلي أتذكر هنا صورة تمر بنا دائماً عند متابعة مبارة في كرة القدم وما نشاهده من المحللين الرياضيين للقنوات الفضائية في إظهارهم الفهم العميق جداً لنفسيات اللاعبين بشكل يفوق المتخصصين في علم النفس ! والمامهم الكبير جداً بخطط اللعب وتوزيع اللاعبين وتوظيفهم في كل خانة وتفوقهم في ذلك على دهاة المدربين وهم أنفسهم يستطيعون أيضاً أن ينتقدوا حكم الساحة ورجال الخطوط ولا يمكن أن تمر عليهم أي شاردة أو واردة في الملعب ــ تحدث هذه بالطبع في جزء من الثانية ــ دون أن يروها ورغم استخدامهم لأربعة أجهزة الكترونية تقنيتها عالية جداً إلا أن الخلاف يبقي حتى في أروقة الأستوديو بين مقدم البرنامج وجمع النقاد حول قرار معين للحكم !!!! والنتيجة أن هناك خلل كبير جداً في التحكيم ، لا بد أن يقوم هؤلاء المحللين أو النقاد بعلاجه ؟؟! وهناك الكثير من الملاحظات على رئيس النادي وأعضاء مجلس الإدارة من حيث النظم الإدارية المتبعة وتسببها في ما نشاهده من أخطاء وهم في ذلك يتفوقون على أكبر المنظرين في علم الإدارة (أعني نفس النقاد ) ، وكذلك الجمهور محل كثير من النقد كونه لم يقم بما ينبغي عليه القيام به ، الطريف في الموضوع أن أحد هؤلاء المحللين الجهابذة حاصل على شهادة الدراسة المتوسطة بالنظام الليلي بتقدير مقبول ولم يمارس كرة القدم في حياته حيث أن اللعبة الشعبية في ذلك الوقت ( عندما كان صبياً ) كانت ما يسمى باللغة الدارجة ( الطيري وهذه لمن لا يعرفها لعبة شعبية ، فيها يقوم الصبية بالجري دون هدى إلا أن يملوا ويذهبوا ويتكرر هذا الأمر بشكل يومي مما يورث البلاهة وتبلد الحس عند هؤلاء الصبية قد يستمر مع أحدهم وقد يفقده البعض عندما يكبر !! ) ؟! وهناك أخر ظل ينظر كثيراً في نقده للمدربين معتمداً على كونه لاعب سابق في عصر اشتهر بـ ( طقها والحقها وإذا فاتتك الكورة لا يفوتك اللاعب ومراقبة اللاعب تستمر حتى عند خروجه من الملعب لاستبدال حذاءه ) عموماً هذا الناقد استهوت أطروحاته أحد رؤساء الأندية وهو بالمناسبة تاجر عقار مشهور ( شريطي أراضي ) فقرر تكليفه بتدريب الفريق الأول والنتيجة الحتمية أنه لم يصمد سوى شهرين عاد بعدها ناقداً ومفكراً رياضياً لا يشق له غبار .ً
كل هذه الترهات تدور بخلدي وتقربني من مجتمعي الناقد لكل شيء وهو طبعاً لا يصنع أي شيء ( أعني المجتمع ) فقط ينتقد كون هذا الأمر غير مكلف ولا يحتاج لجواز مرور سوى أن يجيد هذا الناقد أسلوب المدح لبعض المتنفذين ( أصحاب رؤس الأموال أو المناصب العظيمة ) رغم أخطاؤهم الشنيعة ، وسلخ الرعاع ( بقية القوم غير المتنفذين ؟! ) رغم حسناتهم الكثيرة جداً مقابل اجتهادهم في بعض المسائل وخطئهم أحياناً ، إن المجتمع لن يرحم مثل هؤلاء الرعاع وأنا بالطبع منهم وسيظهر ألف ناقد ، في مجتمع يفتقد للصناع ، ويبدو لي أن ظاهرة إن لم تستطع أن تكون فناناً تشكيلياً ( قدرات شخصية ) فليس لك العذر أن لا تكون ناقداً فنياً ، ظاهرة صحية وفي هذا لا يتطلب الأمر أكثر من معرفة بعض الفنانيين القدماء مثل سلفادور دالي ( رغم أنه أشتهر بالمدرسة السريالية وليس الفن التشكيلي !!!؟ يبدو أنني أخطاءة ، لا يهم المهم أنه رسام ) وكذلك ليونارد دفنشي وبيكاسو وبالنسبة للوحات الفنية يمكن الاكتفاء بالمونوليزا فهي أشهر من علم على رأسه نارٌ ( الا ترون أنني أستحق فعلاً أن أكون ناقداً فنياً تشكيلياً ) وقد تحتاج هنا بعض المفردات الفنية مثل تأثيرات الضوء والألوان الباردة والألوان النارية حتى تستطيع أن تكون أكثر فهماً من ذلك الصعلوك ( أغلب المبدعين ينتمون إلى هذه الفئة ) الذي أمضى شهراً كاملاً يرسم لوحة لم تقنعه كثيراً ولم يتوقع لها ذلك النجاح واضطر لإخراجها كي يرى تأثير فنه على من حوله ولم يعلم أن أحدهم استهواهُ النقد وبدء يترقب حتى وقع على هكذا عمل فاستل سيفه أسف قلمه ودخل المعركة والنتيجة أننا لن نرى جمالية هذه اللوحة إلا بعد وفاة هذا المبدع بعشرات السنيين .
لابد أنكم تدركون الآن تماماً كم أنا سوداوي وأستحق كل النعوت التي الصقت بي ، كل ذلك لا يهمني فأنا قد تولدت لدي قناعة ، أنه من المناسب لي أن أتحاور مع نفسي فهي قد لا تعييها الحيلة فتذهب إلى كيل التهم ، كي تبرر عجزها عن المقارعة المنطقية وربما أو أنها بالفعل ستكون محافظة على أدب الحوار وستترك لي المجال لأن أطرح كامل الفكرة دون مقاطعة ولن يكون هناك تأويلٌ لما أقول أو تقويلي ما لم أقل ولن يكون الميدان بيننا ساحة معركة لابد أن ينتصر فيها أحدنا وأنا متأكد تماماً بأنها ستشعرني رغم الاختلاف ، أن الود لا زال قائماً وأبقى أنا بأفكاري وأطروحاتي ذلك الخل الوفي الصادق المحب لكل من حوله دون أن يوافقهم في كل ما يقولون ودون أن يحب ما يحبون ،
وحتى لو قست علي نفسي أو كنت ممن يؤمنون بجلد الذات وأنا بالفعل كذلك فلن يتطرق لي الشك أنها تهدف إلى زعزعت ثقتي بها أو أنها تريد النيل مني انتصاراً لفكرة معينة ولن اتهمها طبعاً بالحسد .




عموماً هي نفسي التي التصقت بي تقبلني وأقبلها وتجملني وأجملها
وهي وحدها القادرة على فهم ما أرمي إليه ... وسامحونا