نسمع كثيرا هذه العبارة ((الشعر ديوان العرب ))
ولو أن لفظها يدل عليها وكل يفهمها حسب فهمه لكن مقدم كتاب ــ الشعر والشعراءــ لابن قتيبة -- الشيخ القاضي حسن تميم أجاد وأفاد وأسهب في هذا الموضوع فرأيت أن أختصر كلامه بما لايؤثر على المضمون ولا يمله المطلعون ( وللمصادفة أن ابن قتيبة تولى فترة قضاء الدينور وألف في الأدب والشعر ـــ فهو قاضي وأديب - فالمقدم قاضي
ومن اختيار الأديب وصاحب الكتاب يجمع بينهما )


الشعر ديوان العرب

أي أنه سجلهم النفيس الذي حفظ تراتثهم وتاريخهم وآدابهم وأخلاقهم وانه متحفهم الناطق الذي دونوا فيه أخبار أبطالهم ووقائع بطولاتهم ، وماتفردت به قرائح حكمائهم وفضلائهم من حكم بليغة ، وأمثال بديعة وآيات في تجارب الحياة 0

ولولا الشعر العربي لما عرفت الآداب العربية ، ولما شهرت القبائل وأخبارها في محالفاتها وتناقضاتها ، وفي تحاربها وتسالمها 0

ولولاه أيضا لما عرفت الجغرافيا العربية ، ومواقع الصحراء ، ومرابعها وواحاتها وجبالها ووديانها 0 فان كل ذلك مدون في أشعار الشعراء ، مخلد فيها0

ولولاه لما اعتنت خزانة العلوم العربية بكل ماتحفل به الآن في مواضيع البلاغة والبيان والنحو فضلا عن مواضيع العلوم الاسلامية 0

وكان العرب يوثقون بالشعر ، ويؤرخون من خلال الشعر ويتعاملون بالشعر حتى أضحى الشعر أروج بضائعهم وأنفس منتجات قرائحهم ، وأصبح تداوله ميزة يتمايز بها مقدموهم ، وألو الرياسة فيهم ، فبعضهم يتعاطاه ويرويه وآخرون يلحنونه ويغنوه ، وآخرون يتعلمونه ويستشهدوا به لطلب العلوم الأخرى0

والشاعر في المجتمع العربي ، ( محطة اذاعة ) مرئية ومسموعة و(صحيفة يومية ) واسعة الانتشار 00 بل هو ( وزارة اعلام ) بقضها وقضيضها بالمفهوم المعاصر ، لابد منه في المجتمع والبلد والحي والقبيلة 00 ولابد منه للدعاية لما ينتمي اليه، والدفاع عمن ينتمي اليهم بقدر ما تكون فحولته في صياغة المعاني ، وصناعة القوافي ، وتسديد الكلام ،

-----------------------
مع تحيات الأديب 0000