ترميم ذاكرة ينبع

الأحد / 2 / 5 / 1438 هـ
الأحد 29 يناير 2017 01:05


سعيد السريحي ـ عكاظ
لم يكن ترميم المنطقة التاريخية في مدينة ينبع وحده يحقق لمهرجان ينبع النجاح، ذلك أن النجاحات لا تخلقها المباني المرممة وإنما الإرادة الحقيقية التي تهدف إلى ترميم ذاكرة المكان بكل ما تكتنزه من قيم حضارية واجتماعية وثقافية وفنية، وذلك ما حرص عليه القيمون على مهرجان ينبع، حيث شكلت بيوت ينبع وميناؤها العتيق الخلفية لذلك المهرجان الذي تمثلت فيه الفنون التي منحت ينبع ببحرها ونخلها سمات متفردة ومتميزة تشكل عنصرا هاما وأساسيا في ثقافتنا الوطنية والتي لا ينبغي علينا أن نختصرها في ثقافة واحدة أو نمط محدد من أنماط الفن، وإنما نعتد ونعتز بتنوعها وثرائها
واختلاف مصادرها وتعدد المؤثرات المختلفة فيها، بحيث تصبح ثقافتنا الوطنية متميزة بالوحدة المستندة على التكامل والانسجام بين ما هو متعدد ومتنوع ومختلف.

وإذا كانت المنطقة التاريخية في ينبع قد حظي جزء منها بالترميم، مما يبشر بإعادة ترميم بقية المنطقة التاريخية، فإن الأهم من ذلك ترميم شامل للذاكرة والذي من شأنه أن يجعل من المنطقة المرممة شاهدا على حقبة تاريخية من تاريخ ينبع لم يكن التطور العمراني فيها سوى شاهد على تطور مس جوانب الحياة فيها، الترميم الحقيقي إنما هو ترميم لذاكرة أوشك أن يصيبها النسيان بدمار ليس بأقل قسوة من ذلك الدمار الذي مس مبانيها، ينبع بحاجة إلى تدوين تاريخها، بيوتاتها، رجالاتها، فنونها المختلفة، حرفها، حكاياتها، بحاجة إلى تدوين كل نشاط إنساني فيها وتلك هي المسؤولية الكبرى التي ينبغي أن ينهض بها مثقفو المنطقة وأن تعينهم مؤسساتها الثقافية على ذلك.