المغنم .. المغنم

سمع الناس .. أقبل الناس .. تجمع الناس حول الطاولة .. كلهم يسعى أن يكون الرابح في القبول ..
ماذا يريد كل هؤلاء الناس ، شيوخاً وشباناً ، كلهم سواء عدا من لم يتجاوز سن العشرين ــ وهذه اشتراطاتٌ من اللجنة المنظمة حرصاً منها على سلامتهم وإبعادهم عن المشقة والكلفة ــ جاء الجميع لكي يُسهموا في هذه المسيرة ، لا يريدون مغنماً مالياً ، ولا شُهرة يتندرون بها في مجالسهم ، ولا يلوون على شيء سوى الفوز بالقبول لاستعادة ذكري نأى بها الزمن ، فأبعدهم عنها عقوداً ولو لم تبق دور أصحابها المتداعية شاهداً عليها لنسيت للأبد .
ولم يصدقوا أنفسهم بأنهم سوف يعودون لماضيهم وذكرياته الجميلة حتى جاؤوا إلى الطاولة ، وبعبارة أدق إلى الخيمة التي نُصبت لهذا الغرض وقد كُتب على لافتة بجوارها كلمة " التسنيدة " .
كلمة .. لها وقعها الجميل في نفوس من يعرف معناها ومدلولها ، وجميلة لمن هم عايشوها وعاشوا معها .. فكم هم هؤلاء الرجال متلهفون لها ، ولهذا أقبلوا جميعهم حتى الذين لم يعهدوها ، إنما سمعوا بها من آبائهم ، وهذه هي المفاجأة في الأمر فقد كان الإقبال للتسجيل خلال اليومين الأولين من المدة المحددة لقيد الأسماء للذين تم تسجيلهم في سجلات " التسنيدة " غير متوقع حيث بلغ [170] مشاركاً.
عددٌ يُشير إلى أن حاضرنا ليس له أن ينفصل عن ماضينا ، وأن حضارة ماضينا هي أساس حاضرنا ولا يمكن لنا أن ننساها ، وحتى لو كان ذلك فإن الله سوف يُسخر لها من يُزيح عنها غبار الزمن ، فنأخذ منها ما كان صالحاً لنا ولزماننا ونترك غير ذلك .
****