بدر بن أحمد كريِّم من «الرياض» إلى «ينبع»
مشكلات الأحياء العشوائية في المجتمع السعودي، أصبحت تؤرقه منذ أمد بعيد، وأمست تحيط بالمحافظات (أ، ب) ناهيكم عن المدن الكبيرة، ولا أنكر البحث المستمر من الحكومة عن حلول ناجعة لها، إلا أن هناك بطئاً من الأجهزة التنفيذية، وقد عرّفت «منظمة المدن العربية» هذه الأحياء بأنها «مناطق أقيمت مساكنها بدون ترخيص، وفي أراض تملكها الدولة أو يملكها آخرون، وتقام خارج نطاق الخدمات الحكومية، ولا تتوافر فيها الخدمات والمرافق الحكومية لعدم اعتراف الدولة بها».
فيما وصفت المنظمة هذه الأحياء بأنها «قنابل اجتماعية موقوتة» وأسمتها «مدن الكرتون».
آخر معلومة قرأتها عن الأحياء العشوائية أن 56% من سكان ينبع يسكنون مناطق عشوائية (صحيفة الشرق الأوسط، ع10236، 16 ذي القعدة 1427هـ، ص18). ومن ثم فهم مُعرّضون -وفقاً لدراسات علمية- للفقر، والبطالة، وتدني الخدمات (صحة، كهرباء، مياه، صرف صحي، تعليم) إلى مستويات لا إنسانية، وارتفاع نسبة الأمية، هل تتخلص ينبع من الأحياء العشوائية فيستقر الناس في منازل مشروعة؟
وامتهانهم مهناً هامشية لا تفي باحتياجاتهم الأساسية.
وأذهبُ إلى أبعد من ذلك. ففي ضوء دراسات أجراها «المعهد العربي لإنماء المدن»، ثبت أن معظم الأحياء العشوائية هي بؤر للجرائم، والمخدرات، والاعتداء على الممتلكات، وإيواء للخارجين على النظام (القانون) وأكثر من هذا وأخطر «أصبحت الأحياء العشوائية مناطق مُغلقة، تصعب السيطرة عليها من الأجهزة الأمنية» بدليل أن تلك الأحياء في المجتمع المصري الشقيق -على سبيل المثال- «شكلت الانطلاقة للجماعات المسلحة، وكثر فيها ما يعرف بالزوايا، التي تنتشر فيها أفكار التطرف. فيما أظهرت بيانات أمن الدولة العليا المصرية، أن نسبة كبيرة من أعضاء التنظيمات المتطرفة والإرهابية، أتت من مناطق عشوائية». ولقد عزا الصديق عبدالله النعيم (رئيس مجلس أمناء المعهد العربي لإنماء المدن/ رئيس المعهد/ 1424هـ/ 2004م) زيادة أعداد الأحياء العشوائية في المجتمعات العربية إلى: الهجرات المتزايدة نحو المدن والمراكز الحضرية، الناجمة عن التنمية غير المتوازنة، وعدم الاهتمام بالمناطق الريفية من حيث تحسين الأجور والخدمات، وارتفاع قيمة الأراضي، وأجور المنازل في المدن والعواصم لنزوح بعض الأسر الفقيرة الى أطراف المدن، والإقامة في الأحياء العشوائية، وعدم تطبيق قوانين ملكية الأراضي، والقوانين الخاصة بترخيص المباني.
إزاء ذلك أدعو إلى تطبيق التجربة الناجحة بامتياز لمدينة الرياض. فقد فكر أميرها ومهندسها وعاشقها الأمير سلمان بن عبدالعزيز في تخطيط تلك الأحياء تخطيطاً حضرياً. وقامت أمانة مدينة الرياض بتمليك قطع الأراضي للساكنين في تلك الأحياء العشوائية، لكنها احتفظت بالصكوك الشرعية لحين إخلاء تلك الأحياء، بالتنسيق مع العُمد، أو وجهاء الساكنين، وبعد إخلائها أزيلت المساكن العشوائية، وسُلمت الصكوك الشرعية لأصحابها، وحصلوا على قروض من صندوق التنمية العقاري لإقامة مساكنهم. وهكذا تخلصت مدينة الرياض إلى حد كبير من المساكن العشوائية. والمأمول تخلّص «ينبع» من مخاطر الأحياء العشوائية، واستقرار الناس في منازل مشروعة، وتوفير الخدمات لهم.
فاكس: 014543856
badrkerrayem@hotmail.com






--------------------------------------------------------------------------------