قينان الغامدي
في أمثالنا الإدارية المحلية يقولون "إذا أردت قتل أي موضوع فشكل له لجنة" وزارة التربية والتعليم - فيما يبدو - أرادت الابتعاد عن هذه السمعة السيئة للجان، فشكلت مجلساً. المجلس الجديد الذي أصدر وزير التربية والتعليم قراراً بتشكيله منذ شهرين، اسمه "مجلس وزارة التربية والتعليم" ويرتبط بالوزير مباشرة، وله من المهام "التنظيمية، والرقابية، والتنفيذية" ما يوحي لأي متابع أن الوزارة قررت أن تنتفض على نفسها، وتغير صورتها، لكن هذا الإيحاء يتبخر عندما يتبين أن أعضاء المجلس الموقر هم موظفو الوزارة نفسها، سواء نواب الوزير أو من مديري عموم القطاعات في الوزارة أو من مديري التربية والتعليم "المختارين" وكل هؤلاء لهم مسؤولياتهم "التنظيمية والرقابية والتنفيذية" التي يفترض أن يقوم بها كل واحد منهم بنجاح من دون مجلس، فلماذا المجلس الذي لم ينعقد حتى الآن؟
لقد تأملت في الأمر، فاعتقدت أن الوزير مشغول ولديه التزامات وأعمال أخرى، فأراد لهذا المجلس أن يقوم مقامه، لكنني فوراً تذكرت أن هذا لا يصلح مبرراً فالوزارة أصلاً عبارة عن وزارتين تحت مسمى واحد. والوزير له نائب بمرتبة وزير في كل وزارة منهما، ولا يعقل أن يضع نائباً ثالثاً في صورة "مجلس".
ثم قلت لعل الوزير لاحظ أخطاء وقصوراً وتجاوزاً ولا يجب مواجهة كل مخطئ أو مقصر بمفرده، فأراد بالمجلس أداة "جماعية" لمواجهة الأخطاء من باب "ما بال أقوام" لكنني وجدت أن تشكيلة المجلس لا تسمح بشيء كهذا، فكلهم موظفون في الوزارة، وما لم يكن كل مسؤول منهم ناجحا أصلاً في قطاعه فإنه لن يقدم إخفاقاته للمجلس كي يبت فيها أو يحاسبه عليها، كما أن الجميع بحكم الانتماء الوظيفي والطبيعة البشرية لن يكونوا عينا على بعضهم، فإذا أضفت أن الوزير ليس محتاجاً للمجلس من أجل معالجة الأخطاء إذ لدى الوزارة أنظمة تحتاج إلى التطبيق فقط.
ثم قلت لعل الوزير لاحظ أن الوزارة بشقيها تعاني من تضخم وظيفي في قياداتها، أفضى إلى توفر وقت طويل من الفراغ، فأراد بهذا المجلس إضافة أعباء أخرى تملأ وقت فراغهم. لكنني وجدت في هذا التبرير قفزاً من المرض إلى العرض، والأولى علاج المرض الذي هو "التضخم"، ثم إن المجلس لن يضيف أعباءً على أعضائه لأن هذا هو عملهم، وإنما قد يضيف أعباءً على الوزارة بحيث تتعطل المعاملات والمشروعات في رحابه.
ثم... ثم... لم أجد مبرراً مقنعاً لقيام المجلس، لكنني لست نهاية المطاف وفوق كل ذي علم عليم، لذا قررت أن أسأل الدكتور عبدالله العبيد، لماذا هذا المجلس؟ وبناءً على إجابة الوزير سأدعو بقية الوزارات إلى تشكيل مجالس مماثلة، اقتداءً بوزارة التربية، فلعله "الحل السحري" للمشاكل الإدارية وتوابعها أو أحذرها من مجرد التفكير فيه لأنه مجرد شماعة جديدة للهروب من مواجهة واقع مزر. الموقف متوقف على إجابة الوزير عن السؤال.




تعليق من عندي يقول المثل :













ماتعرف خيري حتى تجرب غيري





الله يرضى على ايام الوزيز الانســـــــــــــــــــــــــــــــان /ذ/ محمد الرشيد