من ذكريات الحبّ والثقافة بقلم / د. تنيضب الفايدي
وكلّما مرّت عليه ذكريات ينبع نَكَأَتْ جِراحَهُ،وجدّدتْ أشواقَه،وقلّبتْ عليه المواجع:
كــأنّ صِبــــايَ قـــــد رُدَّت رؤاهُ على جَفْنِي المُسَّهَّدِ أو كأنِّي
ويكتب عن تلك الذكريات، وبعضها سرائر في الضمير (طَوَيْتُهَا):
أبوحُ، إذنْ، فكلُّ هبوبُ ريْحٍ حديثٌ عنكَ في الدنيا وعنِّي
ومدرسته الابتدائية تشعل حيزاً من تلك الذكريات، حيث كان للتعليم في ينبع آنذاك جلالٌ وجمالٌ ومتعة، ورهبة من مدير المدرسة والمعلمين رهبةَ تقدير وإعتزاز، وينفذ النشاط باختلاف أنواعه خلال العام، وتُقْطَفُ ثماره في حفلٍ ختامي ويعمل لذلك مسرحٌ كامل، ويأتي من خارج ينبع من يقيّم هذا الحفل، ويراه الفتى وقد أحاط به مدير المدرسة والمعلمون، ... وهكذا... يُقام الحفل كلّ عام ويتكرر حضور من يقيّمه نفسه.
مرّت الأيام... وينتقل الفتى عندما كان في نهاية ميْعةِ الصِّبا وبداية الشّباب إلى المدينة المنورة، وقد امتلأت جوانحه بحبّ من اتخذها مهاجراً ومضجعاً، وفي مدارسها يلاحظ أن من كان يأتي ليرعى احتفال النشاط الختامي في ينبع هو ذات الشخص الذي يشرف على احتفالات النشاط في مدارس المدينة المنورة، ويعني ذلك أنّه متمكّن علمياً وثقافياً من هذا الجانب الهام في التربية، علماً بأن النشاط سواءً النشاط المصاحب للمادة العلمية أو النشاط المستقل هو الميدان الحقيقي للاستفادة العلمية من كافة المناهج حيث تتحقق الأهداف ويرشفها الطالب رشفاً بل ويعبّها عباً،وينتقل ذلك الرجل نفسه إلى الحرم النبوي وما أجمله من انتقال، وفيه يحقق نفس الأهداف: الإشراف على المكتبة وإرشادٌ علمي، وتعمق في الثقافة مع كتابة مستمرة في الصحف، إنه مسارٌ علميّ ثقافي، إضافةً إلى أعمال اجتماعية جعلته محبوباً، فهذا يتيمٌ يعتني به، وتلك أسرة يسجلّها في جمعية البر، وهناك مشكلة يحلّها، لقد عاش محموداً بين أهالي طيبة إنه المربي المثقف محمد حميدة يحفظه الله .
المفضلات