جانب من مدينة ينبع الصناعية




ينبع : أحمد العمري

تقع مدينة ينبع الصناعية، على بعد 350 كيلومترا شمال غرب مدينة جدة، وهي بذلك تتسيد موقعا طبيعيا فريدا بين سلسلة جبال الحجاز والبحر الأحمر، الأمر الذي يفسر، على نحو ما، قدرتها على التمسك بملامح فطرية، رغم وجود المصانع. وخلال فترة قصيرة، بذلت الهيئة الملكية للجبيل وينبع جهودا بارزة في تخطيط وإنشاء التجهيزات الأساسية في المنطقة السكنية والتي تتوزع على أكثر من 17 حياً سكنياً متكامل المرافق والخدمات. ولدعم التوسع السكاني السريع، حرصت الهيئة الملكية على توفير أرقى الخدمات الأساسية، وضمنها مستشفى طبي يتسع 343 سريراً، إضافة إلى مراكز للرعاية الصحية منتشرة في أحياء المدينة، ومبان للخدمات الصحية وخدمات الصحة المهنية والخدمات المركزية لتوفير الرعاية الصحية. وبالنظر إلى أهمية الإنسان السعودي في بناء المجتمع، من وجهة نظر الهيئة الملكية بينبع، فقد كرست الأخيرة جهودها في سبيل تنميته وإعداده لمواطنة ناشطة وفاعلة، منشئة 27 مدرسة لكافة المراحل الدراسية تستوعب أكثر من 17 ألف طالب وطالبة، تقدم لهم خدمة المواصلات مجانا، فيما تضاف إلى المناهج مادتا اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي بدءا من الصف الرابع الابتدائي.
كما أنشأت الهيئة الملكية كلية صناعية وكلية جامعية تضم أقساماً أكاديمية وتقنية ذات صلة وثيقة بمتطلبات العمل وحاجات التقنية الصناعية.
ويلعب الترفية دوراً بارزاً في حياة المقيمين في ينبع الصناعية نظراً لطبيعة المدينة الصناعية والعملية، وبذلك حرصت الهيئة الملكية على توفير تشكيلة واسعة من المرافق الترفيهية، الرياضية والترويحية، للتمتع بقضاء أوقات الفراغ ومزاولة الهوايات المختلفة، ولتنتشر، في جميع أنحاء المدينة، الحدائق والمراكز الرياضية وملاعب كرة القدم والتنس والإسكواتش والجمباز والمسابح، إضافة إلى مركز للفروسية يقدم خدمات متميزة لعشاق هذه الرياضة التاريخية.
ولقد كان من حسن الطالع مولد ينبع الصناعية وذلك باختيار المنطقة مكاناً للقاعدة الصناعية العريضة التي كان موقعها قبل أكثر من 30 عاماً خلت شريطاً ساحلياً مقفراً، فبتاريخ 27 ذي الحجة من عام 1399 تفضل الملك خالد بن عبدالعزيز – رحمه الله – بإزاحة الستار عن اللوحة التذكارية إيذاناً بافتتاح مشروع الهيئة الملكية بينبع.
ومن تلك اللحظة بدأت الإنشاءات ووضع البنية الأساسية للمنطقة السكنية في المدينة وبدأت المدينة تنمو بسرعة فائقة في جميع المجالات وفي غضون عقدين من الزمن وصلت إلى ما هي عليه اليوم، حيث تربعت على الموقع منطقة صناعية ضخمة تضم مجمعات كبيرة لتكرير البترول والبتروكيماويات تعمل على تحويل الزيت الخام وسوائل الغاز الطبيعي إلى منتجات مخصصة للتصدير.
وعندما أسست الهيئة الملكية أنيط بها إنشاء وتطوير المناطق السكنية وتطوير الموارد البشرية وحماية البيئة وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المدينتين الصناعيتين، حيث قامت بتنفيذ برنامجها التطويري في مدينتي الجبيل وينبع متخذة في ذلك نهجاً إدارياً مميزاً يتسم بالمرونة ومسايرة نمو مدينتي المستقبل واتساعهما، يتمثل في التركيز في خلق المناخ اللازم لإيجاد الفرص الوظيفية المتمثلة في بناء بنية تحتية ضخمة وعملاقة لاستيعاب احتياجات الصناعات الأولية والثانوية والخفيفة والمساندة وتبني سياسات ووسائل دعم مرنة للصناعات بما يضمن تحقيق الدفعة الأولى لبناء هذه الصناعة وإيجادها على أرض الواقع، وإيجاد حوافز ومزايا تقدمها للمدينة الصناعية لدعوة وتشجيع القطاع الخاص ورجال الأعمال، منها تجهيز الموقع وخدمات الصرف، الطاقة الكهربائية والمياه العذبة، شبكة مياه البحر لتبريد الصناعات، معالجة الفضلات والتخلص منها، خدمات الاتصالات، خدمات المواصلات، برامج التشغيل والصيانة، التمويل، تطوير القوى العاملة، إنشاء ميناء الملك فهد الصناعي.
وبدأ بعد ذلك توافد الشركات على مدينة ينبع الصناعية منذ اللحظة الأولى وعلى أعلى المستويات سواء أكانت شركات صناعية عملاقة أو ثانوية أو خفيفة ومساندة أو مؤسسات تجارية استثمارية ولا تقوم تلك الشركات بأنواعها المختلفة إلا بالأيدي العاملة كما هو معلوم فمن هنا بدأت تعمل على توظيف كم هائل من المهندسين والفنيين والإداريين والعمال من سعوديين ومقيمين على مختلف المهن والوظائف التي شغرت بأسباب الاحتياج المتزايد لإنشاء هذه المدينة التي استوعبت عدداً كبيراً من العمالة وأخذ هذا العدد يتدرج في النمو تبعاً لنمو المدينة الصناعية وتجدد الأنشطة التي فرضتها فرص العمل ومتطلباته، كما بدأ العدد السكاني أيضاً ينمو تباعاً لنمو العمالة واتساع موقع مدينة ينبع الصناعية وكثرت العمالة فيها وروادها من كل مكان حتى كونت مدينة صناعية إقليمية يفد إليها طالبو العمل والمستثمرون ورجال الأعمال على أعلى المستويات الحضارية المتقدمة وكذلك يفد إليها الزوار ورواد البحر والسياحة.
وهكذا بدأت تعمل تدريجياً حتى تحول الموقع إلى ورشة عمل متكاملة لتصبح كما يشاهد الآن مدينة صناعية حضارية عملاقة ضخمة.