[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم


موقفين عجيبين حدثا معي في شوارع ينبع أبطالها على النقيض تماماً من ناحية الأعمار، ولكن ردتا فعلهما كانتا متطابقتين تماما وهو ما أثار تساؤلي، اقرءوا القصتين:

الموقف الأول

قبل عدة شهور أو ما يقارب السنة مضت كنت أقف بسيارتي عند إحدى الإشارات المرورية وما أن أضاءت باللون الأخضر إيذاناً بالانطلاق حتى انطلقت السيارة التي على يميني بسرعة وقوة ثم انحرفت باتجاه سيارتي بقوة ما اضطرني أن أنحرف بدوري باتجاه السيارة بيساري وبدأ صخب المنبهات (البوري) فالرجل قائد السيارة بيساري استخدم منبهه لتنبيهي أنا، وأنا بدوري استخدمت المنبه لتنبيه السيارة التي على يميني، الشئ العجيب أن قائد السيارة التي على يميني كان شاباً غراً لا يتجاور الثانية والعشرين من العمر بأي حال من الأحوال خفف من سرعته ليصطف إلى جانبي ليس للاعتذار عن ذلك الانحراف (إن صح التعبير) ولكن ليقول لي (خير ايش تبغى)!! تعجبت من سؤاله، وسألته ألا تعلم ما أريد؟ قال بالحرف الواحد (إذا في راسك شي جنب على اليمين)!!!!
ضحكت ملء فمي وقلت له توكل على الله (وروح) فما كان منه إلى أن انطلق بوابل من الشتائم وهو مصرّ على أن اتوقف، طبعاً هنا شتمته رداً على ذلك الوابل القبيح الذي خرج من فمه، وهو مازال يصرّ عليّ أن أتوقف وانزل، توقفت بجانبه وتوقف بجانبي من الجهة الأخرى رجل ملتحي واستحلفني بالله أن ادعه واذهب، وقال أرجوك اذهب وقل في نفسك انك تركته لله فقط وأشار إليّ بحداثة سنه، هو لم يشفق على ذلك الفتى ولكني أعتقد أنه خاف عليّ منه نظراً لانتشار موضة الأسلحة البيضاء والنارية بين الشباب وتكرار الحوادث من ذلك النوع. كنت على يقين بأنني سأتمكن منه ولكني أثرت المضي في حال سبيلي.

ما أزعج الفتى الغر هو استخدامي للمنبه.

الموقف الثاني

قبل أيام قلائل كنت أسير بسيارتي في احد شوارع ينبع وهو شارع مزدحم، كنا للتو قد خرجنا من الصلاة، وبينما كنا نسير في ذلك الشارع المزدحم كما أسلفت، إذ بسيارة تميل باتجاه سيارتي فاستخدمت المنبه (البوري) لتنبيه قائد تلك السيارة، ولكنه لم يبتعد أبداً حتى أنني سمعت صرير احتكاك إطارات سيارتي بالرصيف المجاور، واستمر الوضع لما يقارب المائتي متر، لا هو الذي ابتعد عني ولا أنا استطعت التقدم نظراً لوجود سيارة أمامي، قائد السيارة التي أمامي انتبه للوضع وزاد من سرعته مما أعطاني الفرصة أن انطلق بسرعة أكبر حتى اخرج من ذلك المأزق.
الطريف في الأمر أنني قبل ثواني كنت أنظر من بعيد لتلك السيارة واذكر الله في نفسي وأدعو لصاحبها بالبركة.
المهم أن ما حدث أن قائد تلك السيارة كان رجلاً فيما يبدو لي قد تجاوز الخامسة أو السابعة والأربعين من العمر، و ما حدث أنه لحق بي وفتح زجاج النافذة ليقول لي ما قاله الفتي الغر في القصة السابقة وهي الجملة المعهودة (خير ايش عندك) قلت له كدت أن اصطدم بالرصيف من دخول سيارتك المفاجئ على سيارتي – أقسم أن ذلك ما قلته فقط - فما كان منه إلا أن قال لي توقف على (جنب) حتى أفعل كذا وكذا –يهدد ويتوعد ويشتم- قلت له استح على الشيب الذي في وجهك وحاولت الابتعاد عنه، فما كان منه إلا اللحاق بي مجدداً نظراً للزحام وهو يومئ بيده من خارج زجاج سيارته ويشتم ويشير لي بأن أتوقف، هنا لن أزكي نفسي فقد شتمته أيضاً ثم تجاهلته وذهبت بعيداً عنه وهو مازال يستخدم أنوار سيارته من بعيد مشيراً لي بالتوقف إلى أن استطاع اللحاق بي بعد مسافة طويلة وتوقفنا.
نزل من سيارته وشاربه ولحيته قد اكتسيا باللون الأبيض، كان يزبد ويرعد، لم أنزل من سيارتي وسألته أأغضبك أنني استخدمت المنبه (وأزعجتك) هل كنت تريدني أن أسير بصمت حتى اصطدم بالرصيف؟ فقال نعم!!!!!
ضحكت وقلت له ما قلت في المرة الماضية استح على شيبتك واذهب فقال والله سأعدمك لو مددت يدي عليك!
هنا لم استطع التحمل أكثر ونزلت من سيارتي وقلت له فلنر كيف (ستعدمني) وحدث ما حدث وتشابكنا بالأيدي لفترة قصيرة حيث تدخل المتواجدون وفضوا النزاع، ما لفت نظري أنه كان معتداً بنفسه بصورة غريبة، كان قوي البنية (ما شاء الله) ولكن الله مكنني منه بحيث احكمنا قبضتينا على بعضنا البعض فلا هو استطاع الافلات من قبضتي ولا أنا استطعت الافلات من قبضته. وكان هذا جلّ ما حدث.

ما أزعج الرجل الأربعيني هو استخدامي للمنبه.

عندما انتهى كل شئ تذكرت موقفي مع ذلك الفتى وفكرت في موقفي مع الرجل الأربعيني وتعجبت ففارق الأعمار بينهما كان كبيراً ولكنهما تصرفا بنفس الشكل كلاهما أزعجهما المنبه وتطاولا بالشتم والتهديد والوعيد وطلبا نفس الطلب ألا وهو أن أتوقف بسيارتي، كنت أتساءل مالذي تريده تلك العينة من الناس أكان أفضل لو لم استخدم المنبه واصطدمنا ببعضنا البعض أو أن اصطدم بالرصيف أم الأفضل والأسلم لكلينا أن أنبهه، جميعنا قد نسهو أو نغفل فنؤثر بشكل أو بأخر على السيارات المجاورة والطبيعي أن يتم تنبيهنا فما الضير في ذلك؟
مالذي حدث للمجتمع ليصبح بتلك العدائية في التعامل فالغالبية تريد حل المشاكل بالقوة والذراع، والمصيبة أنه حين تتمكن من احدهم فتؤدبه يذهب ليقدم شكوى ضدك عن طريق الشرطة وينسى أنه كان ذلك (الفتوة) قبل قليل.
هي دعوة للنقاش علّ بعض أصحاب تلك العقول أن يقرءوا ويعوا وعسى أن يقرأ من كانت لديه القابلية ليكون من تلك العينة فيغير في نفسه.

أتمنى لكم قيادة أمنة والسلامة من كل مكروه

[/align]