[align=center]
"أنا نادم".. هكذا بدأ أحمد عبدالمرضي حديثه معنا من داخل دار الملاحظة الاجتماعية بالدمام حيث يقضي ايامه منذ ان تم القبض عليه مدانا بجريمة قتل جارته الطفلة "ولاء". وبرغم صدور حكم القصاص بحقه الا انه كان رابط الجأش بالنسبة لسنوات عمره (15 عاما)، قسمات وجهه وتعابيره توحي بانه ليس ذلك الفتى الصغير الذي كان ينافس اخوته الصغار على اللعب "بالدمى"، كان رابط الجأش، قوي الايمان، الندم والخوف يقتلانه يوميا.. بل كل ساعة ودقيقة. .. دفن وجهه بين يديه الصغيرتين وكأنه يريد الاختباء من هذا العالم وقال: انا نادم على ما حدث.. الشيطان ولا احد سواه كان وراء ما حدث.. ارجو ان يقبل والد "ولاء" اعتذاري واسفي.. لم اقصد ايذاء احد.. فقد كانت اختي.. وما حدث كان عبث طفولي ليس الا!
شرد بناظريه في الافق وكأنه يتذكر شيئا وقال: لا استطيع النوم من الكوابيس والاحلام المفزعة.. اكرر اعتذاري لوالدتي وجارتنا ام "ولاء" التي كانت تعطف علي كثيرا مثل أمي...
..اغمض عينيه وكأنه غير مصدق ما هو فيه.. وما مر به من احداث.. وقال: اسوأ شيء في حياتي كان ان اتأخر خارج البيت.. أو اهمل دروسي.. اما ان يصل الامر الى مرحلة القتل.. مسك دموعه حتى لا يضعف امام والده القريب منا والمتابع للموقف.. واستطرد قائلا: كنت اتمنى ان اكون طيارا.. وما زال الحلم قائما.. وما زلت اصنع الطائرات الورقية داخل غرفتي لأني مؤمن بما قدره الله لي!
****
استدعى احمد الاحداث من ذاكرته كأنه يوقظ ميتا.. قال قبل الحادث لم اكن مذاكر كما ينبغي (كان وقتها في الصف الثاني المتوسط والآن في الصف الاول الثانوي).. حدث خلاف مع والدي على ذلك.. وبعد تناول الغداء طلعت من البيت (حي الخليج بالدمام) وتوجهت صوب الكورنيش جلست قبالة الشاطئ تمددت على الارض.. صافحت عيناي رحابة السماء الصافية ورحت افكر فيما افعله.. كنت غاضبا من والدي الذي يقسو علي كثيرا.. ويريدني ان اكون رجلا وانا مازلت طفلا العب في الشارع مع اقراني.. تعوذت بالله من الشيطان الرجيم.. توجهت الى مسجد بالقرب من الكورنيش وصليت ركعتين وقرأت سورة الكهف حتى آذان العصر وصليت جماعة وعدت الى البيت بنفس صافية.
وأضاف احمد بعد لحظة تذكر طويلة قدمت لي امي غداء متأخرا.. وخرجت الى اللاعب في الشارع ثم رجعت الى مسجد حي الخليج صليت المغرب ورجعت الى البيت وجدت ,ولاء" ابنة الاستاذ (عادل عبدالبديع) جارنا وصديق والدي.. قالت لي تعال نلعب فأخذتها للعب داخل حديقة الحي وحدث ما حدث.. لحظة صمت..
***
قال احمد وقد بدأ العرق يتصبب من فوق جبهته: رجعت الى البيت ولكني لم ادخل، وجدت الجميع يسأل عن "ولاء" فشاركت معهم في البحث.. وتوجهت الى المسجد وغسلت السكين - التي كنت احملها معي بعد ان هددني زملائي في المدرسة بالضرب - في حوض الوضوء واخفيتها داخل ملابسي وعدت الى البيت وصعدت الى السطح ورميتها.. مستدركا: اشتريت السكين بريالين من مصروفي للدفاع عن نفسي.
***
واستطرد احمد قائلا: تم الاتصال على الشرطة وعثروا على جثة "ولاء"، وبدأت رحلة البحث عن الفاعل، وتم القبض علي بعد 4 ايام من الحادث وهنا يتوقف عن الكلام ويضغط شفتيه بأسنانه ويقول: اصعب 4 ايام عشتها في حياتي.. لا اكل ولا نوم ولا مذاكرة لدرجة ان والدي بدأ يساوره الشك.. وتم استدعائي بشرطة شمال الدمام وقلت لهم انا آخر من رآها.. واستدعوني مرة ثانية وثالثة وقالوا لي انت الشاهد الرئيسي في القضية وتوالت الاسئلة.. وبدأ الانهيار.. ويوم الثلاثاء (الجريمة وقعت يوم الجمعة) استسلمت بعد ان خارت قواي وعجزت عن الانكار واعترفت بالجريمة تفصيليا وفي نفس اليوم فجرا تم تحويلي الى دار الملاحظة بالدمام (قسم الاشبال).
***
"ابتلع احمد ريقه".. وقال: مكثت في الحجز الانفرادي اشهر ابكي من الخوف والوحدة.. لم يكن لي صديق سوى الصلاة والقرآن حتى هدأت نفسي واسلمت امري لله.. بعدها خرجت من الحجز الانفرادي بعد ان تبين للجميع اني شخص مسالم وتابعت الحياة، واكملت دروسي ونجحت في اختبارات العام وانتقلت للصف الثالث الاعدادي ونجحت بصعوبة بالغة والآن انا في الصف الاول الثانوي بالمدرسة التابعة للدار.
ويضيف احمد وقد عاد اليه الهدوء والثبات: منذ عدة اسابيع توجهت الى المحكمة لأسمع النطق بالحكم، وتم توقيع عقوبة القصاص وكنت انوي الاعتراض على الحكم ولكن اسلمت امري لله طمعا في عفو اسرة "ولاء" اتمنى ان اكون ابنا بارا لهم.. اكفر عن خطأي الذي قادني الشيطان اليه دون سبب.. اتمنى ان يتسع والد ووالدة "ولاء" للعفو عني وان يحتسبا ذلك عند الله.. ويستطرد: بالرغم من ان جميع مسؤولي الدار يحبونني الا انني لا انتمنى لهذا المكان.. رؤية امي في الزيارة تمزق قلبي وهي تبكي.. رؤية والدي وهو مهزوم وقد شاخ بسببي تجعلني اتمنى الموت الف مرة وهو الذي كان يأمل مني خيرا.. وان اكون رجل البيت في غيابه..
وعن علاقته بنزلاء الدار قال احمد: نحن هنا اسرة واحدة حتى انني لم اخبرهم بالحكم الذي صدر وقلت لهم انها جلسة عادية حتى لا انكد عليهم وسألته هل تمارس حياتك بشكل عادي حتى بعد صدور الحكم بالقصاص؟ وهل تفهم معنى القصاص؟
قال بثقة: عندي امل في الله وفي اهل الخير ان يتدخلوا لانقاذي.. وعندي امل في الحياة في ان اصبح طيارا يوما ما.. صحيح ان القصاص حق.. ولكن العفو والصفح جعلهما الله خلاصا من هذا المأزق.. وان الاجزاء الخمسة التي حفظتها من القرآن لن تضيع.. عشمي في الله وفي اهل الخير بهذا البلد الطيب.
سلوك مثالي
من ناحية أخرى أوضح مدير دار الملاحظة الاجتماعية بالدمام عبدالرحمن فهد المقبل: إن سلوك أحمد مثالي منذ احالته الى الدار من شرطة شمال الدمام.
وقال: ان نزلاء الدار اسرة واحدة ويتم التعامل معهم بالطرق التربوية لتقويم سلوكياتهم..
واعرب المقبل عن امله في تنازل ذوي الدم وتدخل اهل الخير لاقناع اسرة القتيلة بالعفو والصفح والغفران.. واكد مدير الدار ان سلوكيات احمد مثالية وانه يعامله شخصيا كابنه.
اما المستشار في السفارة المصرية بالرياض رجائي نصر فقال: ان السفارة تبذل مساعيها للاصلاح بين الاسرتين كما كانت حاضرة منذ وقوع الحادث وتحاول جاهدة مع والد ولاء للعفو والصفح عن احمد.. كما تدخل اهل الخير للتوفيق بين الطرفين ونأمل خيرا.
الجريمة في سطور
- وقعت الجريمة في مايو من العام الماضي
- القاتل احمد مقيم مصري وكان عمره 14 عاما
- القتيلة ولاء مقيمة مصرية عمرها 3 سنوات
- الاسرتان تسكنان حي الخليج بالدمام بنفس المبنى
- والدا القاتل والقتيلة يعملان بالتدريس
- حدثت الجريمة بحديقة الملك عبدالعزيز بالدمام
ـ تم توقيع الكشف الطبي على أحمد وتبين انه بلغ مبلغ الرجال وعلى ذلك صدر الحكم بالقصاص
البرنامج اليومي لنزلاء دار الملاحظة
- الاستيقاظ 8 صباحا
- تناول الافطار
- الانتظام في حلقات تحفيظ القرآن الى صلاة الظهر
- تناول وجبة الغداء
راحة - حتى العصر
صلاة العصر
الخروج الى الساحة لممارسة الرياضة حتى صلاة العشاء
النوم
برامج الترفيه
- تلفزيون
- اشرطة فيديو هادفة
- مسابقات وبرامج مسرحية هادفة[/align]
المفضلات