صدمة الفقد عند موت الأعزاء
بقلم / عواد الصبحي
***************
على الرغم أن الموت هو الحقيقة المطلقة في هذه الحياة وهو مصير كل حيّ ـ " كل نفس ذائقة الموت " ـ إلاّ أن مشاعر الحزن والشعور بالفقد قد تكون أحياناً قوية وفق قرابة الشخص المتوفى أو علاقته بمن حوله وبخاصةً إذا كان الشخص لا يُعاني من أي مرض وتوفي فجأة نتيجة أية حالة تسبب الوفاة المفاجئة ، وفقدان المرء لشخصٍ عزيز عليه ليس أمراً سهلاً برغم أن الأعمار بيد الله ؛ فنحن بشر قلوبنا رقيقة .. نبكي ونحزن ونتألم حينما نفقد من نحب وتلك مشاعر لا يحس بها ولا يفهمها على حقيقتها إلا من جربها ؛ فأصعب مافي هذه الحياة فراق شخص عزيز لا تستطيع العيش بدونه ولكن لطف الله وحسن صنيعه بعباده هو الذي بيده أن يوسع قلوبنا الضيقة لتحتمل هذا الألم فيخرج الانسان من بحر الحزن الذي كاد أن يغرق فيه بطوق نجاة يربطه بربه ليصل للشاطيء بسلام ، ومن النصائح التي تكون ذات أثر في هذه الظروف القاسية أن يعبر المبتلى بالفقد عن مشاعره بالبكاء أو البوح أو الكتابة وأن يجعل تعبيره بما يرضي الله فلا تدع السخط يتحكم بك بل كن راضياً وحامداً لله رغم الوجع الذي تعانيه ، وأن تدع الحزن يأخذ دورته و فترته الطبيعية أي دعه لتعود إلى طبيعتك تدريجياً ، مع الاكثار من زادك الايماني لتواجه الفقد بقوة بالرضا وارتباطك بالقرآن تلاوة و تدبراً فإن في تدبر القرآن شفاء للقلب المحزون لتستقوي بعد ضعفك ، وترتاح من قلقك و تشفى من وجعك ، وادع الله الجبار أن يجبرك واللطيف أن يلطف بك.
قال تعالى " { الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ }.
{ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }.
تسلى بسيرة النبي الحبيب الذي ولد يتيم الأب ثم توفيت والدته وبعد فترة توفي جده الحنون وبعد سنوات فقد عمه الحبيب وزوجته اللطيفة ثم توفيت بناته ماعدا فاطمة فما كان منه الإ أن يذكر الله ويصبّر نفسه ، تيقن و تأكد أن الله الرحيم ما ابتلاك بالفقد إلا ليعلق قلبك به فالفقد وإن كان مراً فهو خير لك ومن صبر واحتسب سيعوضه الله خيراً كثيراً. والناس في هذه المصيبة على اصناف فمنهم من يعطيك درساً في القوة والصبر والبعض يريك جانبه المظلم من شدة سخطه فما احراك أن تتحلى بالقوة ولا تكن ضعيفاً مهزوماً فهذه سنة الحياة منذ أن خلق الله الكون ، والحصيف هو من يعرف سر الحياة وسرالممات فينتقل من مرحلة الفقد بكل آلامها إلى التشافي والتعايش مع الوضع الجديد بقوة الايمان والدعاء والاستغفار لهم والتصدق عنهم والأهم من كل هذا أن تصبّر نفسك وتحتسب الأجر عند الله وأشكر الله واحمده أن ابتلاك ليرفع درجتك وأن ترضى بما كتبه الله لك فلابد أن في الأمر خيرة وإن غابت عنك وحتى لو كان الفقد جمرة في القلب مشتعلة تستطيع أن تغلفها بثلوج الرضاء بقضاء الله وقدره المحتوم .. فالحمد لله على ما أخذ وأعطى ولكن هكذا هي الحياة رحلةٌ نسير فيها ولا نعلم متى يسترد الله وديعته فالموت حقيقة ثابتة في الحياة مهما تغافلنا عنها وهو المصير الذي يسير إليه كل البشر..!.وأختم بهذه الخاطرة:
سألت عن صاحبي ما جيت يا غالي
وانا انتظر جيتك دايم على بالي
طول غيابك وافتقدتك يا بعد عمري
ليتك تجي وتشوف أشواقي وأحوالي
قال اعذروني انا في العالم الثاني
ماني في دنياكم تراني شد ترحالي
اذكروني بالوفا وايامنا الزينة
وانتظر منكم دعاء لربنا الوالي
اعرف اني مفارق أصحابي واحبابي
يا دموع الفقد بالراحة على عيالي
ودعوا صوتي وضحكاتي وجيّاتي
ليتكم ما تمسحوا ارقام جوالي
تراها الدنيا ما تسوى ولو زانت لطالبها
وفي ايامها عبرة وابشركم بمنزالي
المفضلات