جهير بنت عبدالله المساعد
عندما كانت وسائل النشر خلال الشهرين الماضيين تتحدث بافتخار وابتهاج عن الملايين الخليجية المصروفة على إنتاج المسلسلات التلفزيونية كانت النشرات العالمية ومراكز الأبحاث والنشر تنشر كعادتها -بإجلال واحترام - أوائل الجامعات في العالم وأوائل الاختراعات وقد خلت القوائم المتصدرة من ذكر أي جامعة خليجية أو أي مركز بحثي علمي خليجي يحتل على الأقل مراكز بين الثلاثمائة جامعة متقدمة!!
ماذا يعني هذا؟
يعني أننا نركض أسرع نحو الإنجازات الثانوية ونحبو حبوا نحو الانجازات العلمية والمعرفية.
ويعني أننا نشجع الترفيه والتسلية ولانشجع على العلم والإبتكار والإختراع ويعني أن الفن عندنا يتقدم على كل ما عداه من أساسيات الحياة الكريمة وسط الشعوب الواعية!
وحتى لايغضب المتحمسون لقضاء أوقات الفراغ أمام التلفزيون ولايغضب أصحاب الإستديوهات وشركات الانتاج أقول نحن نركض ركضا نحو التجهيل والتجاهل ونحبو حبوا في العلم والمعرفة. وأرجو أن لا أكون كمن أراد أن يكحلها.. عماها!!!
فإذا كان بيننا من يبحث عن أسباب عدم فوز خليجي أو سعودي بجائزة عالمية شهيرة في العلوم والمعارف... ربما واقع الحال الآن يجيب عليه! لأننا لا ننفق على حقول العلم والمعرفة ما ننفقه على المسلسلات والأغاني والفيديو كليبات! مما يفسر عدم حصول خليجي أو سعودي على جائزة قديرة تثبت سطوع عصر المواهب عندنا!
الأزمة الخليجية ليست في سعر النفط ان إرتفع او انخفض بل في ترتيب الأولويات للنهوض والتقدم وإثبات الوجود! عدم ترتيب الأولويات انشغلنا بالمهم عن الاهم وأنفقنا على اللهو أكثر مما أنفقنا على الجد والاجتهاد والعمل. والمخرج الوحيد أن يعيد الخليجيون ترتيب أولوياتهم الوطنية وأن يعيدوا حساباتهم... وثالثا وأولا وآخرا.. أن يحبوا خليجهم مثل ما يحبون أنفسهم!! لست ضد أن يغني الخليجيون ويفرحوا لكنني ضد الاستغراق في هذا النهم إلى حد أن ليس لدينا غيره ينفق عليه كل تلك الملايين!
حتى التعليم الذي نحاول اللحاق بركبه يحتاج إلى تمويل عمليات تطويره ولاينفق فيها ربع ما يتم انفاقه على المسلسلات والأغاني والفيديو كليبات! هل حقا نحن أمة تعيش على أكتاف الآخرين.. وبالتالي هي عبء على الغير! هذا هو السؤال الذي يجب ان يشغلنا ولايكفي أن تكون إجابته أن لدينا المال الذي يعمل لأجله عندنا الآخرون! لأن المال يحتاج الى حسن توظيف واستثمار واستغلال على الوجه الصحيح فلا يهم أن تعطيه للآخرين اذا كنت عاجزاً عن الاستفادة منه لنفسك... الخليجيون قادمون.. لكن كيف؟ هذا هو الأهم لقد باتت شهرة الخليجي في الخروج المعاكس تفوق شهرته في الخروج من الأبواب المشروعة والمشرعة!!
المفضلات