غازات “المدينة الصناعية” تعكر أجواء ينبع وبدر والقرى المجاورة



الجمعة, 23 أبريل 2010


أحمد الأنصاري - ينبع



ما سبب هذه الرائحة وهل هناك خطورة على صحتنا؟.. تردد هذا السؤال بشكل مستمر على ألسنة سكان محافظتي ينبع وبدر والقرى والمراكز القريبة من مدينة ينبع الصناعية بسبب انتشار روائح على فترات متقطعة ناتجة عن الغازات التي تخرج من المصانع هناك، وانزعاجهم من تكرار ظهور هذه الرائحة التي جعلتهم في حيرة وتخوف من إصابتهم بالإمراض. وبالرغم من تطمينات الهيئة الملكية إلا أن مخاوف السكان لا تزال تتصاعد في ظل استمرار تلك الغازات.
وتؤكد “الهيئة” في هذا المجال أن الروائح التي لوحظت خلال الفترة الماضية وتظهر على فترات متباعدة كانت مركبات كبريتية ذات رائحة نفاذة لم تتجاوز المعايير المعتمدة للهواء المحيط، رغم الإحساس برائحتها من قبل بعض قاطني المدينة، وسببها ظروف الطقس وحركة الرياح المحدودة التي لم تساعد في تشتيت انبعاث الغازات الكبريتية، عندما تظهر من خلال محطة الطاقة بشكل رئيس أو عمليات الصيانة الدورية لإحدى الصناعات الرئيسية.
يقول عبد الحميد الجهني من سكان ينبع: عند ظهور الرائحة نطلب من أبنائنا عدم الخروج من المنازل، وذلك خوفا من إصاباتهم بالإمراض الصدرية أو ما شابه ذلك وتكون الرائحة قوية ومركزة خاصة في آخر الليل في الأيام التي تظهر فيها رائحة الغازات والرائحة قوية، بحيث إنها تدخل إلى المنازل ولا يجدي نفعا فلتر المكيفات أو غيره.
أما ماجد الذبياني من سكان ينبع فيقول: لا نعلم متى تظهر الرائحة، وعلى الرغم من الأيام القليلة التي تظهر فيها الرائحة إلا أنها تبقى في الذاكرة، ونستغرب ظهور الرائحة لأن المصانع تقوم ببث الغازات على مدار الساعة ولكن لا توجد رائحة إلا في أوقات غير معلومة ولا نعرف مصدرها، وما تركيبتها وهل تضر بنا ومتى تكون خطرة”.
فيما يقول إبراهيم الجهني: أشم الرائحة يوميا حيث إنني أسير بسيارتي بالقرب من المصانع أثناء الذهاب إلى عملي وأشم الرائحة بشكل مركز وكل من يمر بمحاذاة الشركات يشم هذه الرائحة وحتى لو كانت النوافذ مقفلة ستستنشقها وذلك لقوتها وتركيزها، وذلك في مدخل المدينة الصناعية. ويقول عمر الصبحي من سكان مدينة بدر: رغم بعدنا عن المدينة الصناعية بينبع 60كم إلا أن رائحة الغازات تصلنا من وقت إلى آخر وشبه الرائحة بشيء فاسد، وتستمر الرائحة لساعات ثم تختفي وتظهر بعد عدة أسابيع أو أشهر، وهكذا ونتخوف نحن سكان محافظ بدر أن تتسبب لنا هذه الروائح في أمراض ونطالب بتوفير أجهزة لقياس نسب التلوث في الهواء وذلك لإخلاء المنطقة إذا لزم الأمر”.
من جانبه يقول أحد الأطباء المختصين في الأمراض الصدرية: إن أي غاز في حال انتشاره بشكل كبير يؤثر في جميع الكائنات الحية والنباتات والطيور، وأن هناك العديد من الغازات التي تنتشر في الهواء فوق المدن والمنشآت الصناعية وزيادتها تسبب العديد من الحالات أهمها: التأثير في الجهاز التنفسي للإنسان وتحديدا في الصدر. والتهاب القصبة الهوائية وضيق التنفس وتشنجا في الأحبال الصوتية، وتؤدي في بعض الحالات إلى اختناق، كما يؤدي إلى التصلب الرئوي. ويجب على المسؤولين معرفة نسب التلوث في الهواء وذلك لتنبيه الناس في حال زادة نسب التلوث”.
رأي الهيئة الملكية
وعن الإجراءات المتخذة من قبل الهيئة الملكية لمعرفة نسب الانبعاث والغازات الموجودة في الهواء بينبع الصناعية ودور حماية البيئة بالهيئة الملكية بينبع ذكر مدير حماية البيئة بالهيئة الملكية بينبع احمد باجحلان أن التلوث بشكل عام وتلوث الهواء بشكل خاص يلعب دورا مهما في التأثير في صحة جميع الناس وبشكل خاص الأطفال وكبار السن منهم وانطلاقا من هذا المنظور فقد ارتأت الهيئة الملكية مراقبة الهواء المحيط وكذلك مراقبة الانبعاثات من المصدر بمدينة ينبع الصناعية، ولم تكتف بذلك بل تعدت إلى مراقبة مستوى التلوث في المناطق المجاورة مثل ينبع البحر ومحافظة بدر ومركز الرايس؛ لتحديد ما إذا كان هناك أي تأثير ناجم عن الصناعات أو المصادر الأخرى في تلك المناطق. بالنسبة لمراقبة الهواء المحيط فإن الهيئة الملكية بينبع تقوم بمراقبة جودة الهواء على مدار الساعة من خلال خمس محطات ثابتة لمراقبة جودة الهواء ومحطة متنقلة مجهزة بأحدث الأجهزة الحديثة. تقع المحطات الثابتة في مواقع حساسة داخل مدينة ينبع الصناعية. وتقيس هذه المحطات التلوث الغازي للملوثات الرئيسية التالية: ثاني أكسيد الكبريت (SO2)، كبريتيد الهيدروجين (H2S)، أكاسيد النيتروجين (NOX)،الأوزون (O3)، أول أكسيد الكربون (CO)، الجزيئات العالقة (PM)، مركبات الهيدروكربون (NMHC) والمركبات العضوية المتطايرة (مثل البنزين، التلوين، الزايلين وغيرها).
ويتم من خلال تلك الأجهزة تسجيل عدد قراءات أكثر من 500 قراءة يوميًا للملوثات الرئيسة في محطات جودة الهواء ويتم تسجل عدد 1224 قراءة للمركبات الهيدروكربونية والعطرية المتطايرة VOC. وفيما يخص المحطة المتنقلة فإنها تسجل عدد 96 قراءة للملوثات الرئيسة يوميا وعدد 120 قراءة للمركبات العضوية المتطايرة (BTX) يوميا.
وبعد تسجيل تلك القراءات الساعية للهواء المحيط تتم مقارنتها بالمقاييس البيئية الموضوعة من قبل الهيئة الملكية سواء الساعية منها أو المتوسط اليومي أو السنوي حسب كل ملوث وفي حالة وجود أي ارتفاع عند ساعة معينة، فإن الهيئة الملكية تقوم بإجراء دراسة دقيقة لمعرفة أسباب ذلك.
وأشار الى أن الهيئة الملكية لديها عدد 3 محطات ثابتة ومحطة واحدة متنقلة لمراقبة العوامل الجوية (مثل سرعة واتجاه الرياح، درجة حرارة الهواء المحيط، نسبة الرطوبة، الضغط الجوي والإشعاع الشمسي) على مدار الساعة وعدد القراءات المسجلة يوميا هو 288 قراءة في المحطات الثابتة وعدد 168 قراءة في المحطة المتنقلة. والهيئة الملكية بدأت مؤخرًا في تسجيل العوامل الجوية لطبقات الجو العليا والتي ستكون مهمة في تطوير برنامج النماذج الرياضية لانتشار الملوثات الغازية، وكذلك في حساب استقرارية الغلاف الجوي وتفسير بعض الظواهر العلمية مثل الانقلاب الحراري والذي يرافقه عادة ارتفاع كبير في مستوى معظم الملوثات نتيجة انحباسها في طبقة معينة.
وعن سبب انتشار روائح الغازات في الهواء بينبع والمدن المجاورة لها “بدر” والقرى القريبة من المدينة الصناعية بهذا الخصوص قال إنه بناء على ما توصلت إليه نتائج مراقبة جودة الهواء والزيارات التفتيشية للمصانع الرئيسة فيمكن تلخيص التالي: الروائح التي لوحظت خلال الفترة الماضية كانت مركبات كبريتية ذات رائحة نفاذة لم تتجاوز المعايير المعتمدة للهواء المحيط رغم الإحساس برائحتها من قبل بعض قاطني المدينة.
وأسباب تلك الروائح في تلك الفترة ناتجة عن عدة عوامل رئيسة توافقت بشكل أسهم في الإحساس بها رغم عدم تجاوزها للمقاييس ومن أهمها: ظروف الطقس وحركة الرياح المحدودة التي لم تساعد في تشتيت انبعاثات الغازات الكبريتية الصادرة من محطة الطاقة بشكل رئيس أو تلك الناشئة من عمليات الصيانة الدورية لإحدى الصناعات الرئيسة والتي تتم كل أربع سنوات وقد ينتج عنها حرق لبعض المواد أثناء الإيقاف الكامل للمصنع بشكل محدود وبشكل قد لا يمكن تفاديه