نجح ابني ولله الحمد من الثانوية هذا العام بتقدير 94% وكان أمله أن يدخل كلية الهندسة ولم يشك للحظة بأن شيئا سيحول دون تحقيق هذا الحلم بمشيئة الله .. بدأ يسجل في كل جامعة تتاح عبر الانترنت وكبر الحلم وهو يجد نفسه مقبولا في كليات الهندسة في جامعة الملك عبد العزيز وفي جامعة أم القرى وفي جامعة الملك سعود ومقبولا أيضا في بعثات خادم الحرمين ونشر اسمه في الجريدة .. وجاءته رسائل الجوال تترى من كل جهة من هذه الجهات تهنئه بالقبول ..
ولم يبق إلا أن يختار !!

كنت راغبا في أن ينضم إلى بعثة خادم الحرمين وكانت رغبته في الانضمام إلى جامعة الملك عبد العزيز هو وبعض أصدقائه .ولم أحاول أن أضغط عليه . رتبنا له أمر السكن في جدة وحجز مقعدا بالطائرة للذهاب إلى الجامعة في الموعد المحدد في الرسالة وقبيل الذهاب إلى المطار جاءته رسالة من الجامعة تفيد بأن كلية الهندسة قد اكتفت وأنه تم تحويله إلى كلية الإدارة والاقتصاد .. قلت في نفسي لعل له فيها خيرا أما هو فقد حزن كثيرا ورفض الالتحاق بالإدارة والاقتصاد .. طلبت منه مجددا الالتحاق بالبعثة واستكمال متطلباتها بعد أن تقاعس عنها ولم أكد أفرح باقتناعه بذلك حتى وصلته رسالة من إدارة البعثات تفيد بأن البعثة قد اكتفت
وأنها تتمنى له حظا باسما في القادم من الأيام .

يوم الأحد كان موعده في جامعة الملك عبد العزيز ويوم الاثنين كان موعده في جامعة أم القرى فطلب مني أن أذهب معه قبل أن تأتي منها رسالة بالاعتذار !!
كان طول الطريق يحدثني عن طموحه ..ورغبته في دراسة الهندسة ونظرته للمستقبل ..وأنهم لن يندموا إن هم قبلوه

وصلنا مقر جامعة أم القرى ( قاعة الأفراح الكبرى ) وفوجئنا بوجود أرتال من البشر والسيارات وزحام شديد وتدافع غريب .. حشر نفسه مع الجموع المتدافعة ومكثت أنتظره في السيارة .. فإذا بي أسمع مناديا من مكبرات صوت سيارات الشرطة بأن الهندسة والحاسب الآلي قد اكتفتا وعلى من يريد الإدارة والاقتصاد أن ينتظر .
وفوجئت به يعود قبل أن ينفض الجمع لأنه استقبل رسالة على جواله تخبره بالخبر قبل أن ينطلق نداء سيارات الشرطة

أما الجموع التي صدمها الخبر فقد هاجت وماجت وأخذت تحطم كل ما يقع تحت أيديها ومن لم يجد ما يحطمه حطم نفسيته ومزق ما بيده من أوراق وملفات أخذت تتطاير مع رياح السموم !!
وكنت لحظتها قد ابتعدت بسيارتي قبل أن تتاح لي فرصة تصوير هذا المشهد المعبر والمؤثر

وأما ابني فقد عاد بنفس غير النفس التي ذهب بها وطموح أقل من الطموح الذي كان عليه .. عرفت ذلك عندما قال : لن أذهب إلى جامعة الملك سعود يا أبي .فلن يكون حظي هناك بأحسن من حظي هنا .

ما أصعب أن ترى الأحلام وهي تتبخر والطموح يتضاءل واليأس يدب في قلب ابنك دون أن تستطيع أن تفعل شيئا ..
ما أجمل المال في مثل هذه الأحوال .. جامعات مصر .. جامعات الأردن .. جامعات اليمن كلها مشرعة لمن يستطيع أن يدفع التكاليف .. ولن يبخل الأب على ابنه بما يعيد له الأمل
ولكن .العين البصيرة وحدها لا تجدي.

لم أملك إلا أن أقنعه بأن يتقدم لكلية ينبع الصناعية وأخذت أشرح له ميزاتها وأهميتها ومستقبل خريجيها وأنها لا تقل بحال من الأحوال عن هذه الجامعات التي لم تجد لك فيها مقعدا إن لم تتفوق عليها

قبل على مضض وقدم وكانت النتيجة أن قبل .. ولكن في الاحتياط !!!

ما أصعب أن تتبدد الأحلام !





الزحام في التقديم على جامعة أم القرى


لقطة لليمين


لقطة لليسار


لقطة للوسط