أشجار ينبع الصناعية.. خريف دائم وخطر قائم
[align=center]أشجار ينبع الصناعية.. خريف دائم وخطر قائم [/align]
المدينة / محمد سعيد الراشدي - ينبع الصناعية
مدينة ينبع الصناعية واحدة من اكثر المدن كثافة في اعداد الاشجار المغروسة في شوارعها وطرقاتها واحيائها، حيث تمتد الاشجار وباعداد كبيرة جداً وبمختلف الانواع والاحجام في سائر ارجاء المدينة، وتبذل الهيئة الملكية بينبع ممثلة في ادارة الطرق والتشجير جهوداً جبارة للاهتمام بالاشجار والعناية بها وغرس المزيد منها بشكل مستمر، وذلك لسببين رئيسيين احدهما بيئي والاخر جمالي، فمن الناحية البيئية يأتي الاهتمام بكثافة الغطاء الشجري انطلاقاً من قاعدة ان الاشجار تعمل على تنقية الهواء عن طريق امتصاص ثاني اكسيد الكربون، واطلاق المزيد من الاكسجين، ومعلوم ان اجواء مدينة ينبع الصناعية تعاني نقصاً حاداً في معدلات الاوكسجين، وارتفاعاً كبيراً في مقادير العوادم والغازات السامة والملوثات الهوائية المنبعثة من مداخن المصانع على مدار الساعة، اما من الناحية الجمالية فلسنا بحاجة للتفصيل في هذا الجانب.
بيد ان هذين السببين ورغم وجاهتهما الظاهرية، الا انهما لم يعودا كافيين للمزيد من الاستمرار في عملية التشجير بالمدينة خاصة وان السلبيات المترتبة باتت من الكثرة والتفاقم بحيث لا تترك مبرراً للاستمرار في المزيد من اعمال التشجير لأي سبب كان.
وقبل الاشارة إلى تلك السلبيات نؤكد اولاً ان الحرص على نقاء الهواء وسلامة الاجواء لا يكون فقط بغرس الاشجار، ولو تحولت ينبع الصناعية الى احدى غابات الامازون فلن تكون بمفازة من التلوث طالما بقي الحال على ما هو عليه بشأن المصانع ودخانها، والحل الوحيد هو الزام تلك المصانع والشركات بتطبيق التقنيات الخاصة بالتعامل مع العوادم والغازات، والتي تعمل على التعامل منها داخلياً وعدم اطلاقها في الهواء، وتشديد الرقابة على ذلك وفرض الجزاءات الرادعة بهذه الخصوص.
ومن الجانب الجمالي نؤكد كذلك ان نصف عدد الاشجار المغروسة حالياً وربما اقل من ذلك بكثير سيكون كافياً لتحقيق الغرض الجمالي على اكمل وجه. وبالتالي فليس لأي من السببين السابقين وجاهة تذكر ولا يعد أي منهما مبرراً كافياً في ظل الاضرار والسلبيات التي خلفها التزايد المهول في اعداد الاشجار ويأتي في مقدمة تلك السلبيات ما تتطلبه عملية العناية بالاشجار من جهود كبيرة وتكاليف باهظة دون عائد يذكر مع إمكانية الافادة من تلك الجهود في مجالات اخرى اكبر نفعاً واكثر جدوى، إلى جانب ان عملية الري المستمر لذلك العدد الهائل من الاشجار تتطلب كميات كبيرة جداً من المياه بشكل دائم الامر الذي يعد هدراً واضحاً لثروة وطنية نفيسة تتجه كافة الجهود للحفاظ عليها وترشيد استهلاكها.
كذلك فإن من الانعكاسات السلبية لكثرة الاشجار تنامي بعض الظواهر البيئية الخطيرة حيث اصبحت تلك الاشجار ملاذاً آمناً للعديد من اشكال الحشرات الضارة والحيوانات السائبة والطيور المزعجة، ولعل ظاهرة انتشار الغربان باعدادها الكبيرة في شوارع ينبع الصناعية وفشل كافة الجهود المبذولة للقضاء عليها هو اصدق الشواهد على تلك الانعكاسات البيئية الخطيرة.
وفي كثير من احياء مدينة ينبع الصناعية تبرز مشكلة تداخل جذور الاشجار مع مواسير المجاري والصرف الصحي الامر الذي يؤدي إلى تكسر المواسير وانسدادها بشكل متكرر ويسبب ازعاجاً كبيراً ومتاعب دائمة لسكان تلك الاحياء ومصدر رزق دائم لعامل السباكة، اذ لا تكاد تحل مشكلة حتى تنبثق من جديد مشكلة اخرى وكل ذلك بسبب الاشجار.
اما في تقاطعات الطرق فتغدو كثافة الاشجار مصدر خطر حقيقي كونها تحجب الرؤية ولا تسمح بمشاهدة العابرين او السيارات القادمة الامر الذي يتسبب في وقوع العديد من الحوادث القاتلة.
وقد باتت شوارع المدينة وارصفتها تعيش خريفاً دائماً بسبب التساقط المستمر لاوراق الاشجار والتي تهطل بكثافة لاقل نسمة هواء فتغطي الارض وتشوه المنظر العام وتذهب جهود عمال النظافة المساكين ادراج الرياح. هذا إلى جانب الطابع الكئيب الذي تضفيه تشابكات الاشجار على كثير من الاحياء التي باتت توصف بالاحياء الكئيبة لما تسببه كثرة الاشجار وتشابكها من حجب للاضاءة وانتشار للظلام.
كذلك فإن كثافة الاشجار في بعض الاماكن المعزولة داخل المدينة يمكن ان تكون مقصداً لبعض ضعاف النفوس، وستاراً للعديد من الممارسات الخاطئة وكثيراً ما شاهدت بعض اصحاب السيارات يختصرون الطريق إلى داخل ينبع الصناعية متسللين عبر الحديقة الخلفية المحاذية لحي السميري من جهة الشرق مستغلين كثافة الاشجار، ومتحاشين المرور بنقاط التفتيش المقامة على مداخل المدينة.
وعليه وللحد من كل تلك السلبيات فلا مناص من الايقاف الفوري للتوسع في اعمال التشجير بينبع الصناعية، وإعادة النظر في الاعداد الكبيرة من الاشجار القائمة حالياً، ومعالجة الاثار السلبية الناجمة عنها، وحينها فقط ينقشع الخريف.. وتنجلي الكآبة.. وترتحل الغربان رحيلاً غير مأسوف عليه!!
مع تحيات
[fot1]ابن البلـــــد[/fot1][/align]
المفضلات