«ينبع» هجرت «النخل» وردمت «البحر» ... وعانقت «النفط» والصناعة
الجمعة, 17 يوليو 2009


بقلم - عبدالمحصي الشيخ ـ الحياة

لم يدر في خلد سكان ينبع القدامى أن مدينتهم الساحلية ستتحول في «غمضة عين» إلى واحدة من أشهر المدن الصناعية في العالم، ولم يتخيل أكثرهم تفاؤلاً تحول مصدر الدخل الذي اقتصر طوال سنوات طويلة على زراعة النخيل والصيد، إلى بلايين الريالات الناجمة عن الصناعات البترولية.
وفي الوقت الذي عانت فيه ينبع من «التهميش»، ذكرت مصادر تاريخية أن مساحات السعادة والفخر تنامت داخل خوالج سكان ينبع عام 1364هـ، خصوصاً بعد إعلان الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود تصدرها نشرات الأخبار العالمية، إذ قرر أن يحط رحاله في ينبع للقاء الملك فاروق الأول في اجتماع «مفصلي» للبت في إنشاء جامعة الدول العربية.
ويمكن القول أن تلك الزيارة فتحت الباب أمام سلسلة من الزيارات الرسمية التي استمرت حتى يومنا هذا متجهة صوب ينبع، ففي شهر صفر من عام 1375هـ زار الملك سعود بن عبدالعزيز ينبع في جولة تفقدية، وفي عام 1385هـ افتتح ولي العهد السعودي – آنذاك - الأمير خالد بن عبدالعزيز ميناء ينبع التجاري.
وشكلت نهاية شهر ذي الحجة من العام الهجري 1399هـ، نقطة مفصلية في تاريخ ينبع، إذ احتفل الملك خالد بن عبدالعزيز بوضع حجر الأساس لمدينة ينبع الصناعية في احتفال ضخم ضم شخصيات كبرى، تلاه احتفال آخر عام 1403هـ افتتح خلاله الملك فهد بن عبدالعزيز المصفاة المحلية، وبعد عامين افتتح الملك فهد عدداً من المشاريع في ينبع شملت افتتاح ميناء الملك فهد ونظام التبريد في مياه البحر وأرصفة البتروكيماويات ومصفاة التصدير الدولية ومصفاة التكرير الدولية.
وحط خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - عندما كان ولياً للعهد عام 1405هـ - رحاله في ينبع في زيارة لعدد من مرافق الزيت الخام والغاز التابعة لـ «أرامكو» في مدينة ينبع الصناعية. كما زار ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز - عندما كان نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء - ينبع عام 1419هـ لافتتاح مجمع شركة ابن رشد الذي شمل مصنع حمض الترفثاليك ومصنع المركبات العطرية ومصنع البوليستر. وبعدها بعام عاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى ينبع مرة ثانية لافتتاح عدد من المشاريع التنموية والاستثمارية للهيئة الملكية في ينبع الصناعية.
وواصلت عجلة المشاريع التنموية والصناعية دورانها، خصوصاً بعد زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى ينبع عام 1426هـ لوضع حجر الأساس لمشروع ينبع2 في مدينة ينبع الصناعية، وظهر (الثلثاء) الماضي، عاد خادم الحرمين إلى ينبع من جديد ليعلن افتتاح جملة من المشاريع التنموية والصحية والاقتصادية والصناعية والتعليمية والصحية بلغت موازناتها المالية 59.320 بليون ريال.
ولعل المفارقة أن الزيارات الخارجية تواصلت صوب ينبع فبعد زيارة الملك فاروق الأول بنحو 66 عاماً حطت طائرة عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة رحالها في مطار الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز في ينبع (الثلاثاء.)
واليوم، يمكن القول أن جل سكان ينبع هجروا الصيد وتركوا الزراعة وانغمسوا في العمل داخل وحدات صناعية وتجارية في المدينة الصناعية الأكثر أهمية إلى جانب شقيقتها الجبيل في منطقة الشرق الأوسط، لتصبح «ينبع» شاهداً حياً على قدرة الإنسان على تذليل الصعاب ومعانقة «سحب» الإبداع.