[ALIGN=CENTER]لما هو آت[/ALIGN]
[ALIGN=CENTER]هؤلاء مبدعون..[/ALIGN]
[ALIGN=CENTER]د ـ . خيرية السقاف[/ALIGN]
[ALIGN=JUSTIFY]حيث لا نقوى على التفكير في أنَّنا قد نفقد شيئاً من خصوصيَّاتنا نتراجع، نتردَّد حين لا نملكُ رغبة الاقتحام، أو دافع التّجاوز..، وبمثل أن يأتي مَن يوقظكَ من منامكَ على هاجس سيلٍ متدفقٍ يدُكّ باب كوخكَ، أو ريحٍ غامرةٍ تقتحمُ نافذة حجرتكَ فتنهض محترزاً..، قد حدث..، حدث أن توقَّف المبدعون أمام شاشات الشبكة العنكبوتية متسائلين: وما الذي يمكن أن نفعله هنا، ومن هناك..؟.. ثمَّ، لم تكن هذه الوقفة نذير إغلاق، أو ضابط اندحار، بل كانت الشّاحن الذي أوقد الفتيل وحرَّض على الاقتحام..
انتشرت المواقع، وأقبل النّاس عليها، وتناكبت الأسماءُ، والرموز، وكثرت المواقع، بعضها عام، وآخر مختصٌّ، منها الفردي، منها الجماعي
و....
كنت واحدة ممَّن تلاَحَمت قلمَها وقرطاسَها..
ممَّن وقفَ منها بين أخذٍ، وثبات..
كثيراً ما تصفّحت، قرأتُ، عجبتُ، سعُدتُ، حزنتُ، رضيتُ، غُصصتُ، ضحكتُ، تباهيتُ، اكتأبتُ،.. فهذا التّكاتف، التَّكاثف، الظّهور التَّعبير، دعانا للمتابعةِ والعنايةِ.. إذ كنَّا لا ندري في واقع حركتنا الثقافية عن أسماء كثيرة فوجدناها هناك.. خلف هذه الشاشة الصغيرة المضيئة، نساءٌ حملْن مؤونة الحرف وركضْن يلقينها هناك في زوايا المواقع، وحين نتساءل لماذا؟... فإنَّنا سنواجَه بالتّهمة الصريحة أنَّ القنوات خارج هذه الشَّاشة لم تكن مهيَّأة ولن تكون لأن تحتمي هذه الأسماء بما تكتب في مظلّتها...
والشَّاهد الرَّئيس في الأمر أنَّ الفرص لهنَّ من حيث تبدو واسعة فإنَّها ضيِّقة إذ لا تزال أقنية النَّشر بدءاً بالصحيفة وانتهاء بالمطبوع وبينهما الدّورية الفصلية قد رفعت شعارات هي حدود العسكر بين منطقة مسموحة وأخرى ممنوعة.. إذ لا تزال هناك عقلية تفكر في معايير الجودة أو حتى المقبول للنشر وهي ليست ذات معايير بينما مواقع الشبكة تلتهم في الثَّانية من الثَّانية ما يقدّم لها على كفٍّ خضراء منجبة بولادات سليمة، أو ولادات متعثِّرة.. إذ الوليد الذي يجيء بعلَّة تأخذه يدها حتى يصل إلى سلامة العلَّة والخلوص منها. ذلك لأنَّ (الكتابة) بكلِّ أنماطها وأساليبها ومضامينها ليست تستوي قويّة، دون الدّربة ودون الاستمرار ودون التَّغذية تحفيزاً واحتواءً وإتاحة فرص ومساحات.
لذا، فإنَّ خلف أو داخل هذه النَّافذة الفسفورية عشرات الأسماء الجميلة الوضيئة التي لا عهد لذاكرة سمع أو بصر أو إدراك بها..
لذا، وجدتُني أمنح هذه الشّاشة جزءاً من وقتي..
لم أجد أنَّه تبرعٌ سخيّ، بل وظّفته ضرورة ملَّحة.. ناثرات، شاعرات، قاصَّات، تشكيليات، مصمّمات، نورٌ، نورٌ يزخَّه طموح..، توقده فسحة من إيذان سخيّ لهذه الوسيلة التي لا تقيِّدها معايير خاوية من المعايير، يرفعها شعارُ تعثّرِ، وقفلُ إيصادِ من يقف على سدّة رئاسة تحرير، أو إجازة كتاب، أو فسح برنامج.
هنا في شاشة صغيرة نطلُّ على عالم يتماوج إبداعاً... وجمالاً... وثراءً... على الرَّغم من أنَّه لا يحمل في كثير هويَّات صريحة، إلاَّ أنَّه كلَّما غذَّ السَّير في عمق التجربة، وكلَّما تفرَّد الواحد بإحساسه المفعم بنجاح أو بطعم من النجاح يحتوي تجربته أقبل على الظهور، إذ في بعض المواقع الجادَّة المختصَّة (بأدوات) الأدب والإبداع نجدهم يُحرِّضون على إظهار الهويَّة، وانتماء العطاء إلى اسم صاحبه الصريح، بل اتَّجه بعضهم إلى سياسة رفض تمكين من لا اسم واضح له لأن يكون له حضور أو ينتمي إلى المكان، وفي ذلك ما يحدِّد مسؤولية بعيدة التَّوظيف لجعل ما يُنتَج عن هذه الشَّاشة عطاءً مقدَّراً له أن ينضمَّ إلى سجلِّ الحركة الأدبية الحديثة في مجتمع ما وعلى وجه التَّحديد في مجتمعنا محور هذه المقالات.
ولم يقف الأمر عند أسماء النساء اللاَّتي لفتن انتباهي على مستوى الخاطرة الأدبية، والمقال الإبداعي، والقصَّة اللَّماحة، وكذلك على مستوى الشِّعر في قوالبه المختلفة وبأشكال نصِّه ذات الخصوصية في شعر التَّفعيلة أو العمودي أو المنثور إذ نجد هناك نصوصاً تحتوي الإحساس بها كما تحتوي الكفُّ كفاً تمتدُّ إليها للمصافحة.
ثمَّة ما لفت نظري في هذا الصَّدد هو الإيمان المطلق بالتَّجربة والمنافحة عنها لدى فئة ممَّن يقتحمون تجربة المشروع الثقافي الإلكتروني إذ نجدهم يُنشئون مواقعهم في شكل منتديات ويعملون على كسب مجموعة متجانسة لامدادها اليومي وتحديثها المستمر بأفكار وعطاءات متجدِّدة، ثمَّ عند مواجهة أيِّ تعثُّر نجدهم يقفون مع بعضهم الآخر وقفةً في ساحة مليئة بالمحاربين تصدُّ الدَّخيل وترفض الهزيمة.
ولديَّ من الأسماء ممَّن خاض التجربة وجعلها على أهبة أن تحمل دور (المدرسة) في تأريخ حركتنا الثقافية...
ولعلَّ من المواقع التي تعنى بالشعر والنَّثر (منتدى الشعر المعاصر) وهو لشاعرٍ تجربته مزدوجة شعراً ونثراً له فيها من الشعر أربعة دواوين خامسها في الطبع، وله من النَّثر زاوية أسبوعية في جريدة الرياض، بدأ تجربته في الكتابة المنشورة في جريدة الجزيرة ثمَّ أنشأ منتدى الشعر المعاصر قبل سنوات خمس وجعله نافذة لاستقطاب الأسماء ذات المواهب في الشعر لتخوض تجربتها وتتَّقي عثرات النشر الورقي، وتحتمي من تردُّدها بدافعية الإغراء الجاذب لوسيلة الإلكترون بحداثتها وإغرائها وحيويَّتها على الرَّغم من أنَّها فيما بعد غدت وسيلةً ذات قيود من حيث الإلتزام الذي تحقَّق في بنية أسس التَّعامل معها. هذا الشاعر هو إبراهيم أحمد الوافي، صاحب التجارب المختلفة في الشعر بقدرة التَّعامل مع أنماطه المختلفة وأشكال نصوصه المتعدِّدة... إذ جعل الوافي من (منتدى الشعر المعاصر) مدرسة لا تقبل الخروج عن أسس القيم، ولا تخضع لهوى الفكر، وتلتزم بالخطوط العريضة لأن يكون هذا المنتدى واحداً من علامات أقنية النشر أولاً، ومدرسة الأدب ثانياً، في ضوء ما طرأ من مستحدثات ومتغيَّرات في مجتمع الإنسان، هذا المجتمع الواسع الكبير الذي لم يعد قرية كما كنَّا نقول بل شاشة صغيرة ذات حجم مصغَّر لكنَّها تُفضي إلى عوالم لا حدودَ لها ولا سماء.[/ALIGN]

[ALIGN=CENTER]هذا المقال نشرته الدكتورة خيرية السقاف في جريدة الجزيرة يوم السبت 22 ربيع الأول 1426 هـ كاعتراف بما تقدمه المنتديات من ثقافة وفكر من أكاديمية وأديبة يشار لها بالبنان ، وحق لنا أن نفخر بهذه الإشادة التي تشخص حال المنتديات وتبين تأثيرها الملحوظ في تطور الأدب بعيدا عن احتكار الصحف ..
ومنتدى الشعر المعاصر ليس غريبا علينا فقد خرجنا من تحت عباءته كمنتدى رائد يعتبر أول مساحة ينبعية في فضاء الانترنت تختص بالأدب عامة وتتيح قسما للكسرة خاصة ، ومؤسسه ( ابن سويقة ) الصديق الزميل الأديب الشاعر الأستاذ إبراهيم الوافي هو الذي كتب له الازدهار والخلود في ذاكرة متصفحي الانترنت في مشارق الأرض ومغاربها ، وما هذه الإشادة إلا حصيلة جده ونتيجة جهده وهي شهادة تجير لنا جميعا فما يسره يسرنا ونجاحه من نجاحنا ونحن نعتبر هذا المنتدى ينبعيا رغم انطلاقته إلى آفاق عالمية ..
نبارك لمنتدى الشعر المعاصر هذا التكريم ونشد على يدي أستاذنا إبراهيم الوافي ونتمنى له مزيدا من التطور والنجاح
[/ALIGN]