انضم الشاعر الأديب سعد سعيد الرفاعي إلى قائمة كتاب المقالات في صحيفة المدينة ولا شك أن أديبنا وشاعرنا مكسب كبير لصحافتنا المحلية لما يتميز به من طرح راق ولغة سليمة وما يطرقه من موضوعات هامة وإليكم الدليل من صحيفة المدينة هذا اليوم





ماتعرف .. أحد؟!!
السبت, 9 يناير 2010




سعد سعيد الرفاعي


ما أن يشب الفتى لدينا ليبدأ الركض في ميادين الحياة حتى يتم حقنه بمجموعة من القيم الاجتماعية التي لا غنى له عنها إذا ما أراد أن تسير أموره بيسر وسهولة – حسبما يعتقد – فالحياة تتطلب شبكة من العلاقات ولكنها ليست علاقات إنسانية و إن كان محورها الإنسان ، وإنما هي علاقات نفعية تقوم على استثمار المواقع الوظيفية لتقديم خدمات متبادلة ، و لهذا فإننا نجد اتجاهات تكوين العلاقات و الصداقات لدى الشباب تتجه نحو رجل الأمن و المرور للاستفادة من هذه العلاقات في الخروج من المآزق المحتملة الكثيرة التي قد يتعرض لها الشباب في مثل هذه السن بحكم الاهتمام بالسيارات ورياضاتها ، وتجد الشاب عندنا بمجرد دخوله الجامعة يحرص على تكوين علاقات مع أساتذته لا للاستفادة من علمهم و معرفتهم ، و لكن للتشفع و التوسط له لدى أساتذة آخرين في حال تعثره أو تعثر تسجيله . وأصبح المألوف أن يسعى الواحد إلى مد جسور العلاقات مع بعض المسؤولين وأصحاب الكراسي، لا لسجايا كريمة يراها فيهم ولا لمحبة في الله ، ولكن لاعتقاده بإمكانية الاستفادة منهم ومن مواقعهم عند أي فرصة وظيفية ..أوخدمات تتصل بالمصلحة التي ينتمي إليها المسؤول
بل .. تطور الأمر حتى أصبح لدينا ظاهرة أصدقاء المنصب ، فما من وزير أو مسؤول سابق إلا ويصرح أو يلمح بذهاب أصدقاء المنصب مع مغادرته . و تستدعي الذاكرة – بالمناسبة– قصة طريفة تعرض لها الوزير غازي القصيبي عندما كان في أحد مواقع المسؤولية و أوردها في كتابه السيري ( حياة في الإدارة ) وفحواها أن أحد الأشخاص أصر على عزيمته رغم عدم توفر الروابط الداعية ، فما كان من القصيبي ، إزاء إلحاح الداعي وتحديد موعد للوليمة إلا إرسال كرسيه لينوب عنه . وهو الموقف الذي – رغم طرافته لا نتفق فيه مع القصيبي ؛ إذ أن الأولى إدارياً مخاطبة الناس على قدر عقولهم و لكننانعي أن المتصرف – هنا – كان الشاعر الشغوف بالمثل.. التواق إلى كمال القيم ، و ليس الإداري الواقعي المحترف.. و شاهد الأمر في القصة التوجه نحو مثل هذه العلاقات و الحرص على ذلك عبر طرق و أساليب متعددة كالولائم ... و نقف هنا لنتساءل : ترى ما الذي أشاع مثل هذه المفاهيم لدينا و حرَّض عليها حتى كادت تكون هي الأساس بشيوعها.. وحتى بدا المغرد بعيداً مخالفاً لها كالصوت النشاز الذي لا يطرب؟! قد يقول قائل : إن الرسول صلى الله عليه و سلم قدوة لنا في الشفاعة ، و لكن العقل يدحض مثل هذا القول فشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة سامية منصفة فهو شفيع لكل الصالحين من المسلمين ، و كذلك كان مفهوم الشفاعة لدى الصحابة قائماً على خدمة الضعيف و سعي المسلم في حاجة أخيه . لما له من الأجر العظيم المتحصل من هذا السعي .

ولا يفهم مما سبق إنكارنا على الآخرين مد جسور علاقات إيجابية مع غيرهم .. فالإنسان كائن إجتماعي بطبعه ، و لكننا ننكر أن يكون الأساس في العلاقات النظر إلى الجانب النفعي فيها ، كما ننكر أن يشيع بين الناس أن الاستحقاقات والحصول على الفرص الملائمة لما يمتلكه الشخص لا بد و أن تكون تبعاً لعلاقة خاصة تؤسس مع المسؤول حتى بدت سابقة للمؤهل و الكفاءة و القدرات .. وحتى أضحى السؤال العنوان (ماتعرف لي أحد) مألوفا لدى التوجه لقضاء أي مصلحة!! ثم نعاود السؤال : أيحتاج الطالب الجامعي غير الجد و الاجتهاد حتى يصبح ذا حظوة و تقدير لدى أساتذته ؟!وهل تغني العلاقات القائمة مع رجال المرور عن احترام الأنظمة المرورية و التقيد بها ؟!وهل غابت مخافة الله عن صاحب المنصب أو الكرسي حتى يقوم بتقديم الخدمات لمن يرغب ؟! و حجبها عمن لايرغب ؟! ووفقاً لما يتحقق من علاقات ؟! وهل يحتاج الموظف الكفؤ غير الإخلاص و الجدفي عمله للحصول على ترقية مستحقة ؟! وهل يحتاج الموظف الذي يتقاضى أجره نظير عمله إلى واسطة لتقديم الخدمة المطلوبة منه إلى طالبها؟؟؟!

فيا أحبتي : أعيدوا قراءة الأسئلة الأخيرة فإذا ما كانت الإجابة بنعم فنحن على شفا حفرة من خطر ، أما إذا كانت غير ذلك ، فهلا أعدنا في مفاهيم العلاقات القائمة النظر ؟!!و تذكروا أننا أمة الوسطية لا الواسطة !! و أن كل الأمور تتم بقدر !.


نبضة إيمان :
اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً و أنا أعلم و أستغفرك مما لا أعلم .