أحبتي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..وبعد :
عشرة أيام قضيتها في مدينة جدة مع ابنتي التي تؤدي اختبارات الجامعة وكأنها شهور ؛ المشوار في شوارعها يحسب بالساعات ، والوقوف أمام الإشارة بعدد الحركات والسكنات ، تمشي وعيونك مفتوحة على كل الاتجاهات ، لا أحد يعطيك الفرصة لتدخل أو تخرج ، ولا مفر من الحشرة بين أرتال السيارات ، لو أبطأت لثوان لتعديل جلستك أو لإصلاح نظارتك ؛ ترى الامتعاض ممن حولك وتسمع اللوم من أماك ومن خلفك .. حتى الشوارع التي كنا نعتبرها فسيحة وسريعة أصبحت مضائق يصعب اقتحامها . إن خرجت منها تحمد الله على السلامة ، وإن وقعت في مسار سيء من مساراتها فليس لك إلا أن تضبط أعصابك ولا تفكر أن تنظر في ساعتك ؛ فالمواعيد التي التزمت بها ذهبت أدراج الرياح إن كانت في المساء أو في الصباح .. أسطر هذه الانطباعات لسببين ؛؛ أولهما أنني من زمرة المتقاعدين وفي يقيني أن من تعدى الستين يحتاج ؛؛ لا أقول للمراعاة أو لمعاملة خاصة في مثل هذه الظروف التي تعج بها شوارع المدن وإنما أيضا يحتاج لشوارع خاصة ومسارات معلومة لا يسلكها غيرهم ، ولا يأتيها إلا من لف لفهم ، واقتنع بوضعهم . وثانيهما أنني أقيس الأمور بمقياس مدينتي الهادئة الوادعة ( ينبع) حيث أن أبعد مشوار في شوارعها بالسيارة لا يتجاوز العشر دقائق .. أما مشكلة شوارع جدة المكتضة بالسيارات بكل أنواعها وأشكالها ؛ فتجد سيارة ( لكزس) تزاحمها شاحنة أم ( 16 كفر) وتجد القلاب الضخم يغازل دباب البضاعة الصغير ويراوده على الدخول في مشاكسة مرورية نتيجتها محسومة ، وعاقبتها على الضعيف معلومة .. وفي كل الأحوال أتذكر مقولة أرددها كلما سرت في هذه الأماكن وهي بأن جميع شوارع جدة أصبحت مواقف للسيارات ، والمعاناة ليست في الشوارع أيضا فهي في المواقف ؛ أقصد مواقف السيارات فإن وصلت المكان الذي تريد فلن تجد لك مكانا للوقوف والشيء الذي لفت نظري أن المرور أصبح لا يدقق على المخالفين ربما لاقتناع رجاله بأن الوضع أكبر من مخالفة يرتكبها شخص مضطر لقضاء حاجة أو مراجعة مستشفى ..



لا حظوا على الرغم من تعدد لوحات منع الوقوف إلا أنه لا أحد يعيرها أي اهتمام

وفي نظري أن المشكلة تتفاقم يوما بعد يوم وتتراكم نتائجها فالعمارات السكنية الضخمة تنشأ بدون مواقف وإن كان في العمارة أربعون ساكنا فبالكاد يتوفر فيها خمسة عشر موقفا والباقون ليس لهم إلا الشوارع المحيطة وأرصفة المارة ،، وأكاد أجزم أن مشكلتنا الرئيسة في التخطيط فعلى الرغم من أن بلادنا شاسعة فالمهندسون والمخططون أفكارهم محدودة ، ونظرتهم قاصرة ويجب أن تزول من عقولهم ما يسمى بالشوارع الفرعية التي لا يتجاوز عرضها عشرة أمتار . وعلى الرغم من اشتراطات الأمانة بأن العمائر التي يتجاوز ارتفاعها خمسة أدوار على أصحابها إنشاء " بدروم " أسفلها يستوعب السيارات الخاصة بالمستأجرين فإنني لاحظت عمائر من 8 أو 10 أدوار ولا يطبق عليها النظام ، وهي ليست عمائر قديمة بل هي عمائر حديثة تحت الإنشاء مع الأسف ..والحديث عن المعاناة في شوارع جدة وأحيائها يطول وأحببتُ أن أنقل لكم صورة عايشتها خلال هذه الفترة البسيطة فكيف بساكني هذه المدينة وكلما انحشرت في شارع تخطر ببالي كسرة شاعرنا المبدع الأستاذ/ أبو عماد التي منها :
[poem=font="Simplified Arabic,6,blue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/13.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]


ما جاء هوايا على جده = يا اللي تقولون جده غير

وأزيد عليها مع تكرار ( جدة) =

ويعين الله أهل جــدة = صجة ورجة وزحمة سير
بعد الرخا أصبحت شدة = واجواءها معكرة تعكير

[/poem]