استقراء لقرار ارتجالي



سعد سعيد الرفاعي




قبل أيام قلائل ضج المواطنون في ينبع من قرار حرمانهم من العلاج في المركز الطبي في ينبع الصناعية، وهم الذين كانوا يحظون بالعلاج فيه منذ إمارة الأمير عبدالمجيد -رحمه الله-، وإزاء تبرمهم وصرخاتهم وصل الأمر إلى سمو رئيس الهيئة الملكية الأمير سعود بن ثنيان، الذي أمر بسرعة إعادة الوضع على ما هو عليه واستمرار علاجهم؛ الأمر الذي يعني أن القرار كأن لم يكن.. وهو ما يستدعي وقفة للتأمل والاستقراء لما حدث.. ويمكن أن يحدث في أي منظومة إدارية لنخرج منه بعدد من الفوائد، أولها: أن صناعة القرار فن يحتاج إلى معرفة أبعاده والجهات ذات الصلة به وأهمية جس النبض قبل اتخاذه، وخاصة ما كان متصلاً بخدمة المجتمع.
وثانيها: أن القيادة الحقيقية تتطلب الحكمة وبُعد النظر والشجاعة في الاعتراف بالخطأ.. وهذا ما قام به سمو الأمير سعود عندما رأى أن الأمور لا تسير في المنحى الإيجابي وتحتاج إلى إعادتها نحو مسارها الصحيح.
وثالثها: أن المؤازرة الحقيقية لصانع القرار لا تكون في التطبيل أو التبرير له؛ وإنما في صدق النصح وتصويب الخطأ، وإجلاء الصورة بالوقوف على المسببات وعلاجها بدلاً من سياسة الأبواب الموصدة.
وخامسها: أن المأمول في أي قيادة عليا حسم الأمر كلياً إزاء مواضيع كمثل هذا الشأن بقرار واضح لا يدع الفرصة لأي مجتهد مرة أخرى تحت أي حجة مالية أو تنظيمية تنطلق من رؤية فردية.
وسادسها: أن التغيير -عامة- يحتاج إلى تدرج وتهيئة وإذابة لجليد القناعات السابقة حتى ينطلق بعد ذلك إلى إرساء التغيير المطلوب ويتم تلقيه بالقبول.أثق أن ما حدث درس قاسٍ.. لكنه مفيدٌ في كل الأحوال؛ فشكراً من القلب لصاحب الفكر القيادي المتمرس الأمير سعود بن ثنيان.