بسم الله الرحمن الرحيم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيب في الشعر والنثر
لقد كثر الحديث عن الشيب في الأدب العربي شعره ونثره
وقد لاقي هذا الموضوع اهتماماً كبيراً
واختلف الكثيرون في وجهات نظرهم ، منهم من مدحه
ومنهم من ذمه،
ولعل بيت أبي العتاهية هو الأشهر فكان مضرب المثل قال:
ألا ليت الشباب يعود يوماً= فأخبره بما صنع المشيب
وقال عمرو بن العلاء:
"ما بكت العرب شيئاً ما بكت على الشباب وما بلغت به ما ما يستحقه".
وقال الاصمعي: "احسن أنماط الشعر في المراثي والبكاء على الشباب.
وقد قيل: الشيب زبدة فخضتها الايام وفرصة سبكتها التجارب.
ويرى المنفلوطي في الشيب انه نذير للموت
وتبقى المرأة في كل زمان ومكان تعشق الشباب
وتدير ظهرها لمن وخطه الوقار وعلاه الشيب
وقد قال الشاعر قديماً:
إذا شاب رأس المرء أو قل ماله = فليس له فـي ودهـن نصيـب
كما اشار إلى ذلك ابو العتاهية:-
عريت من الشباب وكان غضا = كما يعرى من الورق القضيب
ويقول ابن الرومي:
أيا بُردَ الشباب لكنت عنـدي= من الحسنات والقسم الرغاب
لبستك برهـة لبـس ابتـذال =على علمي بفضلك في الثياب
ولو ملكت صونـك فاعلمنـه = لصنتك في الحرير عن الغياب
وقال أعرابي:
كنت أنكر البيضاء فصرت أنكر السوداء، فيا خير مبدول ويا شر بدل.
وللشافعي رضي الله عنه يقول:
ولذة عيش المـرء قبـل مشيبـه = وقد فنيت نفـس تولـى شبابهـا
إذا اسود جلد المرء وأبيض شعره = تكـدر مـن أيامـه مستطابـهـا
و قالوا أيضا في الشيب :-
"الشيب نذير الآخرة"
وقال قيس بن عاصم: " الشيب توأم الموت"
وقال حكيم " شيب الشعر موت الشعر، وموت الشعر علة موت البشر"

وقال المعتمر بن سليمانك: " الشيب أول مراحل الموت"
وقال العتابي: " الشيب تاريخ الكتاب "
وقال عدي بن زيد:
وابيضاض السواد من نُذُر المو... ت وهل مثله لحي نذير
ويذكر الجميع الأبيات المشهورة للمتنبي وهو يقول:
ولقد بكيتُ على الشباب ولُمّتي ****مسودّةٌ ولماءِ وجهي رونقُ
حزنا ً عليهِ قبل يوم فراقه ِ ****حتى لكدتُ بماء وجهي أشرقُ
ويقول المعري:
إِذا طَلَعَ الشَيبُ المُلِمُّ فَحَيِّهِ **** وَلا تَرضَ لِلعَينِ الشَبابَ المُزَوَّرا
لَقَد غابَ عَن فَودَيكَ خَمسينَ حَجَّةً*** فَأَهلاً بِهِ لَمّا دَنا وَتَسَوَّرا
فَمِن عَثَراتِ المَرءِ في الرَأي أَنَّهُ *** إِذا ما جَرى ذِكرُ الخِضابِ تَشَوَّرا
ويقول ايضاً :
الشيبُ أَزهارُ الشَبابِ فَما لَهُ **** يُخفى وَحُسنُ الرَوضِ بِالأَزهارِ
وَدَّ الَّذي هَوِيَ الحِسانَ لَوِ اِشتَرى **** ظَلماءَ لِمَّتِهِ بِأَلفِ نَهارِ
وهذه أبيات أخرى قيلت في الشيب
ألا لا مرحباً بفـراق ليلـى =ولا بالشيب إذ طرد الشبابا
شبابٌ بان محموداً وشيـبٌ= ذميم لم نجد لهما اصطحابـا
فما منك الشباب ولست منه = إذا سألتك لحيتك الخضابـا
وما يرجو الكبير من الغواني =إذا ذهبت شبيبتـه وشابـا
ومن جميل ما قيل في الشيب
قول عمرو بن زيد
الشيب حلمٌ راجحٌ ورزانةٌ =فيه وتجربةٌ لمن قد جرَّبـا
وقال دعبل الخزاعي:-
إنَّ المشيب رداء الحلم والادب =كما الشباب رداء اللهو واللعب
وقال بهاء الدين بن النحاس في معنى الليل والنهار بمقام
السواد والبياض في الشعر: -
قالوا حبيبك قد تبدى شيبه = فإلام قلبك في هواه يهيـم
قلت اقصروا فالآن تم جماله = وبدا شقاء فتى عليه يلـوم
الصبح غرته وشعر عذاره = ليل ونبت الشيب فيه نجوم
وقال الفرزدق :-
وتقول كيف يميل مثلك للصبا =وعليك من سمة الكبير عـذار
والشيب ينهض في الشباب كأنه =ليـل يصيـح بجانبيـه نهـار
وقال الفرزدق أيضاً: -
تباريق شيب في السواد لوامع =وما خير ليل ليـس فيـه نجـوم
قالوا حبيبك قد تبدى شيبه = فإلام قلبك في هواه يهيـم
ويقول الشريف المرتضى :-
· هل الشيب إلا غصة في الخيازم *** وداء لربات الخــــــــدود لنواعم
· يحدن إذا أبصرنه عن سبيلـه** صدود المشاوى عن خبيث المطاعم
· تعممته بغد الشبيبة ســـاخطا* فكان بياض الشيب شر عمـــــائمي
· وقنعت منه بالمخون كـــأنني** تقنعت من طاقتـــــــــه الأراقـــــــــم
· وهيبني منه كما هاب عائج ** على الغاب هبات الليوث الضراغـــــم


منقوووول