أحسنت وزارة التربية صنعاً عندما قررت منح جوال رسمي لكل مدير تعليم كما ورد في خبر (المدينة) العدد (16143) لأن مثل هذا القرار سيكسر طوق العزلة الذي يحيط بكلِّ مدير تعليم ينظر للمعلمين الواقعين تحت سلطته من برج عاجي وأقام بينهم وبينه سياجاً من الحُجُب والسُتُر التي تحول دون الدخول عليه وتمنع الاتصالات السلكية واللاسلكية من المرور إليه فبعض مديري التعليم لا يعترفون بتاتاً بما يسمى سياسة الباب المفتوح التي تمنح المرؤوس حرية تامة في التخاطب مع رئيسه وجهاً لوجه وبأريحية تامة، فمن أمثلة ذلك مثلاً أنك تجد معلماً ذا حاجةٍ يحاول جاهداً مهاتفة مدير التعليم لإفهامه أن معضلةً قد واجهته واستعصت على الحل وحلها بيد سعادته فقط ومع ذلك لا يفلح لأن سعادته ليس لديه هاتف عمل مباشر يمكن مهاتفته من خلاله سوى هاتف مدير المكتب الذي إما أنه مشغول أو يظل يرن ولا يجاب عليه أو يجاب عليه بالرد المعتاد: المدير مشغول اتصل في وقت لاحق... وهكذا تستمر الحال دواليك إلى أن يضطر المعلم ذو الحاجة في نهاية المطاف لضرب أكباد الإبل مسافراً للوصول إلى مدير التعليم فإذا وصل اعترضه مدير المكتب مانعاً إياه من الدخول إليه وعرض معضلته عليه بحجج من مثل: المدير في اجتماع مع رؤساء الأقسام... أو في اجتماع مع مندوب الوزارة... أو مسافر لحضور اجتماع في الوزارة... أو في جولة ميدانية لبعض المدارس... أو أن سعادته لم يصل بعد... إلخ من تلك الحجج التي يكثر تداولها مع بداية كل عام دراسي لتفريق تجمعات المعلمين المراجعين لإدارة التعليم لنقلهم لمدارس غير التي تم توجيههم إليها أو ما شابه، وبعد أن يفقد المعلم ذو الحاجة الأمل في مقابلة مدير التعليم وجهاً لوجه وخشية أن يعود بخفي حنين يسأل مدير المكتب بكل عفوية: هل في الإمكان أن تزودني برقم جوال سعادته؟ وهنا يرمقه مدير المكتب بنظرة تعجب واستغراب ثم يجيب سؤاله بسؤال: أولا تعلم يا هذا أن سعادته يمنع منعاً باتاً إعطاء رقم (جواله الشخصي) لكل من يطلبه وأن سعادته لا يسمح لأحد باقتناء رقم جواله الشخصي إلا لمن هم من أهله وخاصته؟! فيضطر المعلم المكلوم المسكين إلى العودة من حيث أتى غير محقق لما سعى حيث لا يسعه الانتظار لليوم التالي لأن ذلك سيصنفه ضمن فصيلة الغائبين بغير عذر وهي فصيلة لا حظّ لها في النقل... هذه صورة من واقعنا التعليمي المعاش أما الآن وفي ظل انفراجة الأمل الجديدة أقصد بعد موافقة وزارة التربية على منح كل مدير تعليم جوال رسمي فإن ذلك سيسهم في إيصال صوت كل معلم ذي حاجة إلى مدير التعليم مباشرة سواءً عن طريق المهاتفة أو رسائل الجوال دون عوائق ومعرقلات كما في الماضي وسيصبح الجوال الرسمي الوسيلة الثانية بعد البرقيات للتخاطب مع كل مدير تعليم من فئة الممنوع التخاطب معهم وجهاً لوجه وسيصبح في إمكان كل صاحب حاجة من المعلمين الحصول على رقم جوال مدير التعليم ولا مجال لحجبه بالطبع لأنه جوال رسمي وليس شخصي.