[frame="7 80"]عزيزي الغالي / محمد حامد الزمعي
سلام عليك من الله ورحمته وبركاته بعدد قطرات الدموع التي انسكبت تشاطرك الأحزان ، وبقدر ألم الفجيعة التي أخرست كل لسان ؛ إلا من ذكر الواحد الديان ، فكان هول الصدمة شديدا عندما ودعت من اختارهم الله للقائه ؛ فإذا حان الأجل انقطع الأمل ..فـ ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) ...
أخي العزيز : نعرف أن المصاب جلل ، وأن فقد واحد من الأعزاء يصعب على الإنسان أن يتحمله ؛ فكيف بفقد عائلة كاملة فيها الزوجة والبنات وفلذات الأكباد ، أعانك الله يا أبا عبد العزيز ، وألهم قلبك المكلوم صبرا بقدر الفاجعة الأليمة ، والمصيبة العظيمة ؛ وهذه بلا شك هي من أقسى لحظات المرء في حياته عندما يفقد أحبته ومن تعود على وجودهم في أعمق الأعماق ، وهو أيضا ابتلاء وامتحان للمؤمن الصابر.. ولهذا كان جزاء الصابرين عظيما وحق علينا أن ننظر في عوض المصيبة وفي ثوابها ...

( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون
أولئك عليهم صلواتٌ من ربهم ورحمةٌ وأولئك هم المهتدون)


فمن غيبهم الموت لا يمكن أن يطويهم النسيان بسهولة ، ولن يسلبك الله شيئًا إلا عوضك خيرًا منه، إذا صبرت واحتسبت "
فالصبرهو أجمل وأكمل دعوة ندعو لك بها في هذا المقام وهذا ما أمرنا به رب العزة والجلال ، فالذين توفاهم الله هم جزء من نفسك ، وروحك وإن كنا نطالبك بالصبر والثبات في هذا الموقف الأليم المحزن فلأننا نعرف قوة إيمانك ، الذي يتغلب بحول الله على آلامك وأحزانك ، ومع علمنا بأن للموت رهبة ، وللفقد جزع وقسوة لكننا لا نملك إلا التسليم لقضاء الله وقدره ؛ فهذه الدنيا دار زوال ليس لنا فيها مقر ولامآل ..ولا أخالك إلا دائما مع الله مستسلما لمشيئته وحكمته ، وصابرا على قضائه وقدره ؛؛ حتى وإن غابت الوجوه التي ألفناها ، وأوحشت الأماكن التي عايشناها فلا يعدم القلب ساعة هدوء وطمأنينة يهبها الله ـ رحمة منه ـ لعباده عند الابتلاء .. وأذكرك بحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه ، وولده ، وماله ، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة ) رواه الترمذي .
الابتلاء يكشف لك حقيقة الدنيا وزيفها وأنها متاع الغرور ، وأن الحياة الصحيحة الكاملة وراء هذه الدنيا ، في حياة لا مرض فيها ولا تعب :
( وَإِن الدارَ الآخِرَةَ لَهِىَ الحَيَوَانُ لَو كَانُوا يَعلَمُونَ )

الدنيا كلها أو جلها نكد وتعب وهمٌّ كما قال تعالى:
( لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في كَبَدٍ )

لك من أخيك خالص العزاء ، وصادق المواساة ، ومثله لإخوانك ولكافة أسرتك وذويك فالمصاب مصاب الجميع ..ونسأل الله أن يعصم قلوبكم بالصبر الجميل ...
اللهم يافاطرالسموات والأرض، ويافاطر قلوب العباد لك الصبر ومنك الرحمة والمغفرة لمن أصبحوا في ذمتك واجعلهم في أطيب رحابك وأعلى منازل جنانك وإنا لله وإنا إليه راجعون .
[/frame]