محمد البشري - خليص
كشف حادث معلمي ثانوية خليص يوم أمس الأول الاثنين النقاب عن المكانة الحقيقية للمعلم في نفوس طلابه وفند كل الادعاءات التي تطلق وتشير إلى وجود فجوة عميقة وهوة سحيقة بين المعلمين والطلاب وأكد عمق الروابط وقوة التلاحم وسيادة المحبة والاحترام من قبل الطلاب الأسوياء لمعلميهم وأثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن ما تكرر طرحه وتناقلته وسائل الإعلام المقروءة من اعتداء متبادل بين الطلاب والمعلمين ما هو إلا حالات شاذة لا يمكن القياس عليها.مدير المدرسة عبدالرحيم مهنا الصحفي تحدث لـ(المدينة) بنبرات حزينة ذكر خلالها أن المعلمين المتوفين وزميلهم الناجي كانوا من المواظبين على حضور الطابور الصباحي، وقال: عند تأخرهم عن الطابور قلت في نفسي عارض بسيط ولم يقر لي بال فاتصلت باثنين منهما ولكنهما لم يجيبا على الاتصال فاتصلت على الثالث فكان جواله مغلقا فبدأت الشكوك تخالجني والخوف ينتابني فاتصلت على زميل رابع من جدة يدوام بمفرده وكان متأخرا على غير العادة فأخبرته عن تأخر زملائه وكان يحدثني وهو ينظر إليهم جثث هامدة فأخبرني بما شاهد وكانت المصيبة وحاولنا التكتيم على الخبر فتوجهت بصحبة أحد الزملاء لمتابعة الموقف والاطمئنان على صحة الثالث أحمد الحارثي الذي كان يسألنا عن زملائه فلم نخبره إلا بعد إتمام فحوصاته وثبوت سلامته. وذكر الحارثي أنه كان يجلس في المقعد الخلفي وبيده كتاب منهمك في قراءته ولم يشعر إلا بوقوع الحادث وأضاف: إن أكثر من 250 طالبا و27 من المعلمين كانوا قد قطعوا أكثر من 240 كم للمشاركة في تشييع ودفن المتوفين ومتابعة صحة الناجي ولم يترك الطلاب مجالا للبقية بحمل معلميهم فكانوا يسرعون بالجنازة وعندما يريد آخر أخذ دورهم يقولون “فهد أبونا فهد أبونا” وكذلك عند حملهم لمعلمهم عماد السلمي وكانت آخر أعمال فهد اجتماعه بطلابه وإلقاء كلمة توجيهية.المعلمون والطلاب لم يتمالكوا أنفسهم فلا زالوا يبكون معلميهم لليوم الثاني ولم يتمكن المرشد الطلابي ومعاونوه من تهدئة بعض الحالات التي استمرت في بكائها حتى اليوم الثاني فالطالب علي بالصف الثاني الثانوي بكى بكاءً شديدا ولم يهدأ منتصف اليوم الدراسي ومثله الكثير. يقول الأستاذ مرحوم معيوف والاستاذ عطية الله الشابحي وكيل المدرسة: إن حادث المعلمين بثانوية خليص فند كل الادعاءات التي تطلقها بعض الوسائل الإعلامية أن العلاقات بين الطلاب والمعلمين فاترة وفيها فجوة فيها، بل هي قوية متينة مبنية على لاحترام والتقدير والمحبة الصادقة وهذا ما تجلى وظهر بين طلاب ثانوية خليص عندما بلغهم وفاة اثنين من معلميهم. مضيفا أن ما يحدث من ظواهر سلبية وسلوكيات غريبة بين بعض المعلمين وبعض الطلاب هي حالات نادرة وشاذة وقد أثبت حادث يوم أمس المكانة الحقيقية للمعلم في نفوس طلابه. وذكر مرحوم أن الأستاذ فهد المالكي كان قد اتصل قبل وفاته بساعة على أحد طلاب مدرسته ليتعرف على سيره في حفظ كتاب الله كما كان كثير التواصل مع طلابه داخل المدرسة وخارجها ويتفقد أحوالهم ويسدي لهم النصائح والتوجيهات، والأستاذ فهد المالكي يدرس مواد التربية الإسلامية ولم يتزوج بعد ولكنه خاطب وكان سيتزوج قريبا يرحمه الله، وأوضح أن الأستاذ عادل السلمي هو الآخر من المعلمين المتميزين في أدائه لعمله ويحظى بحب طلابه وتقديرهم.مجموعة من الطلاب منهم رشاد عبدالعزيز وحسان المزروعي ورمزي سليمان وسامي العسمي وزكريا البلادي وأنس المغربي وعبدالقادر الصعيدي قالوا: إن تقدير معلمينا لنا وحرصهم الدائم على تعليمنا واستمرارهم في توجيهنا وتواصلهم معنا وابتساماتهم الدائمة في وجوهنا وفتح باب الحوار الهادئ معنا وإعطائنا فرصة لتعبير عن مدى حبنا وتقديرنا لهم وما يجيش في صدورنا هذه بعض الجوانب التي اعتدنا عليها معهم وفي مدرستنا وما نكنه لهم يعجز اللسان عن وصفه والقلم عن تدوينه وكان خبر وفاتهما يرحمهما الله أحال حياتنا ذلك اليوم إلى حزن عميق لم نستطع خلاله تحمل هول الصدمة وعظم المصيبة فنفّسنا عن ما في نفوسنا بموجات بكاء. واختتموا قولهم: هذا قضاء الله وقدره ورحمكما الله يا فهد ويا عماد وجمعنا بكم في جنات الخلد. وكان الطلاب قد توجهوا في بداية الحادثة إلى جدة (85 من خليص) ثم رافقوا الجثامين إلى مكة المكرمة حيث صلوا على الأستاذ عماد السلمي (24 عاما) وبعد العشاء صلوا على الأستاذ فهد المالكي ومن ثم عادوا إلى خليص والدموع منسكبة والقلوب حزينة.مدير إدارة التربية والتعليم بجدة عبدالله الثقفي اتصل بمدير المدرسة الساعة الثامنة والنصف صباحا يطلب منه نقل تعازيه لذوي المتوفين ومشاركتهم حتى الصلاة ودفن موتاهم وتزويده بمعلومات عنهم داعيا المولى عز وجل أن يتغمد الفقيدين بواسع رحمته وأن يلهم أهلهما الصبر والسلوان.يذكر أن حادث الاصطدام والانقلاب للمعلمين الثلاثة جاء بعد أن اختل توازن سيارتهم الكامري وهم في طريقهم إلى مدرستهم (ثانوية خليص) صباح يوم الاثنين قبيل الساعة السادسة بطريق الحرمين أمام القاعدة الجوية بجدة حيث ارتطمت السيارة ببعض الكتل الخرسانية وانقلبت عدة مرات وتوقفت على جانب الطريق واشتعلت النار في مقدمتها إلا أن المتجمهرين تمكنوا من إخمادها فورا وقد نجم عن الحادث وفاة المعلمين الاثنين بينما نقل الثالث إلى مستشفى الملك فهد بجدة وتلقى العلاج من الإصابات التي لحقت إلا أنه خرج فيما بعد من المستشفى.
المفضلات