سلوى ابراهيم / مكة المكرمة
يبدو أنه في هذا الوقت وفي هذه الايام اصبح المعلم هو المتّهم الاول الذي يقفز عليه كل من لا يعجبه امر أو كل من تهيأ له ان هذا المعلم ما هو الا العدو الاول والاوحد للطالب وانه المتسبب في كل اعاقة وفي كل فاقة وكل عقد نفسية يقع تحت طائلتها هذا الطالب او ذاك حتى غدا المعلم مسلوباً من اي تصرف او اي همس او لمس يصدر منه للطالب وغدا الطالب لا يقيم وزناً لأمر ولا لدرس ولا لتربية ولا توجيه ، انما غدا همّه ان يفعل ما يريد وكل مالا يفيد ويتصرف كما يعجبه لانه يعلم انه ليس عليه حسيب ولا رقيب وانه من حقه وكل حقه ان يكون هو المدلل والمطاع وان كل من في مدرسته وحوله يقدمون له ما يريد على طبق من ذهب حتى لا يسجل عليهم وفي سجلهم ما يستطيع به ان يتسبب في عقابهم وفي فصلهم او نقلهم ورفع امرهم وذكرهم عبر كل محطة وكل قناة ولم يعد يعلم الطالب ان المدرسة انما وضعت لتكون مكاناً للجد والجهد والاجتهاد وغذاء للروح وللعقل وليس لكي يترصد فيها للمعلم ويعمل على شل كل عمل يريد به ذلك المعلم الرفع من مستوى تلميذه العلمي والرفع من سلوكه وضبط لخلقه اذا وجد به خلل فلننظر كم اخرج معلم الماضي الذي يقدح الان في حقه ودوره كم اخرج من العلماء ومن الادباء ومن الاطباء الاكفاء وممن لهم دور مشهود في الريادة ويشار لهم بالبنان وممن سجّلهم التاريخ ذلك المعلم الذي يقال عنه بانه يقسو وأنهم قد تنكروا لكل ما فعله من اجل تعليمهم ولكنهم يتجاهلون ويتناسون انه يعلم متى يقسو ولماذا لا يقسو لانه احب ان يرى ابناءه بعد ذلك في مصاف يشاد بهم ويفرح بهم كما يفرح كل أب حصيف حين يشاد بابن نابغ من ابنائه حينها لم نسمع عن ذلك المعلم انه انتج افراداً معاقين او انتج منهم معذبين كما نرى ونسمع اليوم عندما هضم دور المعلم وضاع منه واصبح لا يهش او ينش بانه انتج منهم تلك الامور واظهر تلك النفوس التي تفرغ شحناتها في هذا المعلم وامام ناظريه وفي من حولها بينما الخلل وكل الخلل عندما اسيء الفهم من الطالب وولي امره والمجتمع لهدف المعلم ولدوره فما على معلم اليوم وفي هذه الحالة ان يكون كا الرجل الاخضر حتى يلمّ بكل تلك الاعمال وكل تلك الاعباء وكل تلك الانشطة وتلك الحصص وتلك المتابعة وذلك التقويم المستمر وتلك الملاحقة للطالب والملاحظة له في داخل المدرسة وحتى في خارجها ومع ذلك يحمل بكل الاسباب وكل ما اخشاه واخافه ان يأتي ذلك اليوم الذي ظهرت بوادره والذي يدعونا ان نترحم فيه على معلم الامس الذي قيل فيه الكثير والذي تناسى فيه الكثير ان المعلم اب وان المعلمة أم وانه لابد ان يحمل قلباهما عطفاً على من عدّهم في صفه ابناء له وهو لم يتنازل يوماً بان لا يدعوهم فيه بتلك الصفة وانه يحب ان يرى ثماره قد وصلت الى ما وصل اليه او اكثر فكم صنع معلم الامس. فما الذي سوف يصنعه معلم اليوم الذي تنهال فوق رأسه كل تلك المعوقات.
المفضلات