السؤال


السؤال:فضيلة الدكتور/ يوسف بن عبد الله الشبيلي – وفقه الله- :
نرجو من فضيلتكم بيان الشركات المساهمة المحلية التي يجوز الدخول فيها، والتي يحرم دخولها، وحكم الدخول في صناديق الاستثمار بالأسهم المحلية.
التاريخ2/3/1426هـ

الاجابة


الجواب:الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فالواجب على المسلم تحري الكسب الطيب، والبعد عن المال الخبيث عملاً بقوله _تعالى_:" يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم"، وإن من أخطر المكاسب الخبيثة الربا، حيث أعلن الله الحرب على من تعامل به فقال _سبحانه_:" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله"، ولذا كان من الواجب على المساهم أن يحتاط لهذا الجانب أشد مما يحتاط لمعايير الربح والخسارة في الأسهم، فالربح الحقيقي أن يسلم للمرء دينه.
ومن خلال دراسة آخر القوائم المالية للشركات المحلية يمكن تصنيف هذه الشركات إلى ثلاث فئات-مع التنبه إلى أن هذا التصنيف قابل للتغير في الفترات القادمة-:
أولاً-الشركات المحرمة: وعددها(23) شركة، أظهرت قوائمها المالية لآخر فترة قروضاً أو استثماراتٍ محرمة تعد كثيرة بالنظر إلى موجودات الشركة ونشاطها، فيحرم شراء أسهم هذه الشركات مطلقاً سواء أكان الشخص مضارباً أم مستثمراً ، وهذه الشركات هي:1-سامبا-2-العربي الوطني-3-البريطاني-4-الهولندي-5-الجزيرة-6-الاستثمار-7-الفرنسي8-الرياض-9-التعاونية-10-تهامة-11-التصنيع-12-المتطورة-13-جازان-14-أميانتيت-15-البحري-16-الكابلات-17-الأحساء للتنمية-18-الصادرات-19- الغاز-20-المجموعة السعودية-21-إسمنت القصيم-22- إسمنت الجنوبية-23-السيارات.
ثانياً-الشركات النقية: وعددها (20) شركة لم يظهر في قوائمها المالية لآخر فترة أي نشاطٍ محرم، فيجوز شراء أسهمها، سواء أكان الشخص مضارباً أم مستثمراً ، وهي:1-البلاد-2- الراجحي-3-الصحراء-4- مكة-5-طيبة-6-النقل الجماعي-7- اتحاد اتصالات-8- اللجين-9-الجبس-10-فيبكو-11-التعمير-12-القصيم الزراعية-13-نادك-14-تبوك الزراعية-15-الجوف-16-حائل-17-مبرد-18-إسمنت ينبع-19-إسمنت العربية-20-الغذائية.
ثالثاً-الشركات المختلطة: وعددها( 32 ) وهي شركات أنشطتها في أغراض مباحة ، لكن قوائمها المالية لآخر فترة لا تخلو من بعض المعاملات المحرمة اليسيرة التي لا تعد من نشاط الشركة، وإنما هي طارئة عليها، ولا تزيد نسبة الإيرادات المتحققة منها عن 5% من أرباح الشركة، فمن الورع تجنب هذه الشركات، إذ إنها من المشتبهات، وقد قال _عليه الصلاة والسلام_: "ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"، ولكن من لم يأخذ بسبيل الورع فلا حرج عليه _إن شاء الله_ في شراء أسهمها، سواء أكان مضارباً أم مستثمراً بشرط أن يكون غير راضٍ بما فيها من الحرام ولو كان قليلاً، والإثم على من أذن أو باشر تلك المعاملة المحرمة، ويجب على المساهم أن يتخلص من هذه النسبة المحرمة بإخراج 5% من الأرباح السنوية الموزعة، وصرفها في المشاريع الخيرية كجمعيات البر وغيرها بنية التخلص منها، أما الأرباح الناتجة من بيع الأسهم فلا يجب إخراج شيءٍ منها.
وهذه الشركات هي:1-سابك -2-سافكو-3-المصافي-4-الخزف-5-صافولا-6-الدوائية-7-صدق-8-زجاج-9-سيسكو-10-أنابيب-11-نماء-12-معدنية-13-كيميائية-14-الزامل-15-إسمنت اليمامة-16-إسمنت السعودية-17-إسمنت الشرقية-18-إسمنت تبوك-19-الفنادق-20-العقارية-21-المواشي-22-عسير-23-الباحة-24-ثمار-25-شمس-26-فتيحي-27-جرير-28-الكهرباء-29-الاتصالات-30-الأسماك-31-الشرقية الزراعية-32-بيشة.
وجواز الدخول في هذه الشركات لا يعني أن الربا اليسير مباح، فالربا محرم قل أو كثر، والإثم على من باشر تلك المعاملة المحرمة أو أذن أو رضي بها، وإنما جاز للمساهم شراء الأسهم المختلطة لأمرين:
الأول: أن السهم سلعة تباع وتشترى، اختلط فيه الحرام بالحلال، فإذا كان الحرام الذي فيه يسيراً وتابعاً غير مقصود فإن ذلك لا يقتضي حرمة السهم كله ؛ بناءً على القاعدة الشرعية " أن اليسير التابع مغتفر"، لا سيما مع عموم البلوى، وهذا كالنجاسة اليسيرة إذا وقعت في الماء فلم تغيره فإنه يبقى على طهوريته، وكالسلع التي لا تخلو من يسير محرم فإنه لا يحرم شراؤها وبيعها لوجود ذلك اليسير، مثل الصحف التي قد يوجد بها بعض الصور المحرمة، وكعقود الخدمات العامة، مثل: الكهرباء والاتصالات والنقل ونحوها، فإن من المعلوم أن بعض من يستفيد من هذه الخدمات قد يستعين بها على المعصية، ومع ذلك فلا تحرم هذه الخدمات ولا يعد العمل بها من الإعانة على المعصية؛ لأن استخدامها في المعصية يسير بالنظر إلى جملة المستفيدين من هذه الخدمات.
والثاني: أن المساهم يلزمه التخلص من نسبة الحرام هذه ولو قلت وبذا لا يكون قد دخل ماله شيء من الحرام، والله أعلم.
وبما سبق يتبين حكم ما يعرف بـ"الصناديق الاستثمارية الشرعية" بالأسهم المحلية التي تديرها البنوك، كصندوق الرائد والأمانة وصندوق الرياض رقم(2) وغيرها، فالواقع أن هذه الصناديق يدخل في استثماراتها شركات من النوع الأول؛ لأن الضوابط الشرعية التي تسير عليها هذه الصناديق أن الشركة تكون مباحة متى ما كان أصل نشاطها في أغراض مباحة وألا تزيد القروض الربوية التي عليها عن 30% من قيمتها السوقية أو الدفترية أيهما أعلى، وهذا يعني أن كل الشركات من الممكن أن تدخل في استثمارات هذه الصناديق عدا البنوك وشركتين أو ثلاث فقط ؛ لأن القيمة السوقية لعامة الشركات المحلية مرتفعة بشكلٍ لا يعكس الواقع الحقيقي للشركات، وذلك بسبب ارتفاع المؤشر العام للأسهم، فبعض الشركات تصل قيمتها السوقية إلى أكثر من ضعف قيمتها الحقيقية، فإذا ربطت النسبة المغتفرة من القروض بالقيمة السوقية لا بالقيمة الحقيقية للشركة فهذا يعني أن الشركة مهما اقترضت أو استثمرت أموالها في شيءٍ محرم فلن تصل نسبة الحرام إلى النسب المذكورة إلا في حالاتٍ نادرة جداً.
فعلى سبيل المثال : بلغت نسبة الاستثمارات المحرمة إلى إجمالي الموجودات لشركة الصادرات 65% ولشركة إسمنت القصيم 41% ولشركة إسمنت الجنوبية 40% ولشركة الغاز 47% وللمجموعة السعودية 43%، ومع ذلك فجميع هذه الشركات لا تعد محظورةً لدى إدارات هذه الصناديق؛ لأن أصل نشاطها في أغراضٍ مباحة، وهذا فيما أرى توسع في جانب الحرام، فكون نشاط الشركة في أغراضٍ مباحة لا يعني أن أرباحها قد تحققت من ذلك النشاط، فعلى سبيل المثال، حققت شركة جازان الزراعية خسارة صافية من نشاطها الرئيس تزيد عن سبعة ملايين ريال ، في الوقت الذي حققت فيه أرباحاً من استثماراتها في سنداتٍ محرمة وأسهمٍ بنكية ( بنك سامبا) تزيد عن خمسة عشر مليون ريال، وهذا يعني أن معظم الربح المستحق للمساهمين نتج من الإيرادات المحرمة.
وبناءً عليه فالذي يظهر لي –والله أعلم- هو حرمة الدخول في صندوق الرائد أو الأمانة أو الرياض(2)؛ لأن الأموال تستثمر فيها في شركات نسبة المعاملات المحرمة التي فيها كبيرة، والله أعلم.