--------------------------------------------------------------------------------
يحيى الشبرقي
ياشوقي كاد المعلم في حائل أن يكون قتيلا!
ياشوقي ليتك شاهدت صورة المعلم في الصفحة الأولى من الزميلة عكاظ يوم (الأحد) الموافق ( 20/ربيع الأول/1428ه) وهو مضرج بدمائه!
ياشوقي صورة هذا المعلم الضحية في حائل وليست من مآسي بغداد الذبيحة!
ياشوقي طلابنا يحملون السكاكين في حقائب العلوم!
يا شوقي هل كنت تخاطبنا برائعتك تلك (قم للمعلم وفه التبجيلا)
يا أمير الشعر راجع قصيدتك فنحن استثناء! نحن من نسخر من المعلم أمام أولادنا! ونحن من نحفز أولادنا على التنمرد والتمرد على المعلم، ونحن من نكذب المعلم ونصدق صغارنا، ونحن من نشبعه نقداً وأحياناً شتماً في مجالسنا، ونحن من نشهر به في الصحف لأتفه الأسباب ونحن من نحسده على كادره ومرتبة، ونحن من نسقطه من بطاقات الدعوات والمعايدات والمناسبات وحتى هدايا المجاملات وحسومات الخدمات، ونحن من نقف لسمسار العقار وشريطي السيارات ومندوبي المساهمات ومنغلي الأموال ونجلس إذا وقف المعلم!
ياشوقي أحد المعلمين أدخله تلميذه الذي أصبح ضابطاً التوقيف.
ياشوقي نحن لانكتفي بتسلط الصبية على المعلم بل نحن من ننشر صور وأخبار الاعتداء عليه في صحفنا كل يوم ونحن من نستخدم صيغة التعميم على إخفاقات وسقطات بعض المعلمين.
هذا واقع الحال الذي يجب أن لاننكره إن أردنا تصحيح المسار، لقد نشرنا الكثير من القصص والحوادث والإخفاقات وقلنا حتى بأقلام القراء في معلمينا ما لم يقله مالك في الخمر!
طلاب يطلقون النار على معلمهم. طلاب يحرقون سيارة المعلم. عدد من الطلاب يتناوبون ضرب المعلم على مرأى من المارة ويصورونه بالبلوتوث ثم ينشرون هذه المقاطع، طلاب يعبثون بلحية معلمهم. ولي أمر طالب ينتف لحية المعلم وآخرها معلم الحائط الذي سبق أن ضربه طلابه ضمن اعتداء جماعي من الطلاب على معلميهم ثم أطلقوا النار على سيارته في اعتداء ثان ونجا بأعجوبة وغيرها من هذه الحوادث التي تدل على تمرد الجيل والتي بنشرها تحفز الباقين على ارتكاب تلك الجرائم سيما وإن في النشر أحيانا ما يوحي ببطولات المراهقين.
كنا صغاراً نلعب الكرة في إحدى ساحات أبها آنذاك وشاهدنا (فراش المدرسة) فهربنا متحاشرين بين أشجار البرشوم (التين الشوكي) وكانت اشواكه أهون علينا من أن ترمقنا عين الفراش لأنه سوف يبلغ عنا أستاذنا الفاضل مدير المدرسة السعودية آنذاك (سعيد العياف) أمد الله في عمره.
وقد كان زميلي المعلم والشاعر المعروف (مدير جمعية الثقافة والفنون وعضو نادي أبها الأدبي) الأستاذ أحمد عسيري أصدق حدساً مني رغم ثورتي عليه عندما كتب قصيدته الساخرة (زواج المعلم) في أواخر عام 1417ه يعارض بها أمير الشعراء (أحمد شوقي) حيث قال العسيري:
(قم للمعلم) تلك كذبة وكلام
هو قائم والاخرون نيام
عبثت به الأيام تأكل حلمه
وسواه تضحك حوله الأيام
تتناسل الأجيال من أعماقه
وتشع منه على الدجى أجرام
يمضي لدار العلم بعد صلاته
لم تثنه الأمراض والأسقام يا سادتي لم يكن هذا الحال ليكن لولا أننا ساهمنا بقرارتنا التنظيرية في مصادرة هيبة المعلم كالمجاهرة أمام النشء بمنع العقاب ومثلما ساهمنا بمصادرة هيبة رجل المرور وفي الطريق رجل الحسبة وغيرها من هذه القرارات التنظيرية التي بدأت تنتج لنا جيلاً متمرداً في مأمن من العقاب ومن أمن العقاب أساء الأدب!!!
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتماً وعويلاً
أيها الأحبة تدرجوا معي حال الجيل منذ أعلنت تلك القرارات قبل خمسة عشر عاماً وحتى يومنا هذا وانعكاساتها وهل أخلاقياته خلال عقد ونصف تتصاعد في سلم الإيجاب أم العكس؟. فأحد المشرفين التربوبين الجائلين في المدارس يصارحني بأن ظاهرة تعاطي "الشمة" وصلت للإبتدائيات وأن حبوب المخدرات يتم تداولها داخل الفصول في المرحلتين الثانوية والمتوسطة بل غزت بعض مراحل تعليم البنات في ظل عدم احترام المعلم وذهاب هيبته وسلبه ثقته ومن تنتزع منه الثقه...!!!
فهو الذي يبني الطباع قويمة
وهو الذي يبني النفوس عدولاً
ومادام المجتمع هو الذي أسس لهذا التمرد بقراراته وآرائه وأفكارة واعلامة فلما لا يضرب الطالب أستاذه ولما لايضرب الناشئ أباه بل هناك من قتل أمه ثم أحرقها.
قل للشباب اليوم بورك غرسكم
دنت القطوف وذللت تذليلاً
أيها الأحبة: الدور ليس لوزارة التربية والتعليم فقط وهي التي أكرمت المعلم المضروب قبل أيام بنقله إلى منطقة بعيدة يعني على رأي المصريين (موت وخراب ديار!!!) بل إن الدور بالمعالجة يقع على جميع وزارات الدولة فالمدارس مؤسسات اجتماعية لكل المجتمع بالدرجة الأولى ويجب أن يقول القضاء كلمته في هذه الاعتداءات ويجب أن يشهر بهؤلاء المعتدين أمام طلاب المدارس وعبر صحفنا اليومية. لانريد أحكاماً لوزارة لم يعُد لها من الأحكام والروادع إلا (درجات السلوك).
أأ دركت ياشوقي أننا استثناء؟
المفضلات