أمور يتجاهل عنها الأباء في التربية :
أولاً : إن التربية عبادة يؤجر عليها العبد، ويثاب على إحسانه فيها.
وليعلم علم اليقين أن التربية تحتاج إلى جهد جهيد لا يعرف الكسل، وبذل لا يتوافق مع البخل، ومواصلة لا ترضى بالانقطاع، وهمة لا تقنع بالدون، وعزيمة لا تتناسب مع الخمول . فمهما قدمت _ يا أيها الأب_ فإن الله لن يضيع عملك فاحتسب الأجر .
ثانياً : استخدام القسوة والعنف في التربية ، وهذا الأسلوب لا شك أنه يؤثر تأثيراً نفسياً على الابن مما يجعله يكره البيت والمدرسة ، وإنما الأمور تؤخذ بنوع من الحكمة والعطف والحنان والرفق ، فالرفق نعمة عظيمة تؤثر في النفوس الكريمة ما لا تؤثر القسوة والغلظة !
قال الله تعالى ممتنا على نبيه الذي أرسله رحمة للعالمين : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانقضوا من حولك} وعن عبيد الله بن معمر- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما أعطي أهل بيت الرفق إلا نفعهم، ولا منعوه إلا ضرهم ) . وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله : (ما يكون الرفق في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه).
ثالثاً : سعة البال ، وعدم الاستعجال، وطول النفس في التربية قضايا مهمة ، فبيت عشعش المنكر فيه لسنوات عديدة ، وصفات تطبعت بها النفوس لأعوام مديدة ، يصبح من العسير أن تزول جملة واحدة في يوم وليلة . فلابد من التدرج في التغيير، والبدء بالأهم فالمهم، وعدم استعجال النتائج ، ومن سار على الدرب وصل، ومن أدام قرع الباب يوشك أن يفتح له !
رابعاً : نحن نحسن اللوم والتقريع ، ونجيد التبكيت ، والتوبيخ عند حدوث الأخطاء أو الخطايا.. ولكننا لا نحسن الثناء- بالحسنى- على المحسنين ! نتقن الحساب والعقاب ، وربما نفشل في الجزاء والثواب ! نجيد التعجيز ونسيئ في التحفيز والتشجيع !
حقيقة مؤلمة يشهد الواقع بها إلا عند من عرف لأهل الفضل فضلهم، فأولاهم ما يستحقون، وأعطاهم ما يلهب مشاعرهم، ويزكي عزائمهم، وينمي مواهبهم.
ولعلك عندما لمت متكاسلاً عن عمل أو متثاقلاً عن مهمة ،قال لك في مرارة ظاهرة: أحسنت، وعملت، وبذلت فلم أجد من يكرمني! ولم أحصل على ما أستحق على بذلي وعملي.. تساويت مع غيري فلماذا أجهد نفسي؟!!
هل تأملت أين موطن الخلل؟! وأين يكمن الزلل؟!
فنحن مطالبون في بيوتنا- وغيرها- أن نحسن إلى المحسنين ونشكر العاملين، تثبيتا لهم وتحفيزاً لهم ، وتذكر قول الله تعالى و {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} [الرحمن: 65].
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله).
خامساً : لا يشك عاقل ، أو يماري مجادل في أهمية القدوة الصالحة في كل ميدان، فنفسك ميدانك الأول ، فإن قدرت عليها فأنت على غيرها أقدر وعلى سواها أمكن، فابدأ بها فأصلحها، يصلح الله لك رعيتك، ومن هم تبع لك، فإنهم يوم يسمعون منك ما يناقض ما صدر عنك، يقع الخلل، ويعظم الزلل، ويصبح الدين عندهم شعارات براقة، وكلمات جوفاء ليس لها في حياتهم أثر، ولا في واقعهم وقع.
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
قال تعالى: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} [هود: 88].
إن الهداية ليست في يدك، وإنما بيد من يهدي من يشاء بفضله ورحمته، ويضل من يشاء بعدله وحكمته، وإنما عليك هداية الدلالة والإرشاد والنصح والتوجيه، فلا تقصر فيها أو تغفل عنها.
قال تعالى:{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} [القصص: 56].
سادساً : عدم العدل بين الأولاد والتفضيل بينهم ، خاصة الذين رزقهم الله بأولاد فالواجب أن يعدل الأب ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) وكان السلف يعدلون حتى في القبله ، جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتقبلون صبيانكم؟! فَـ[والله/89] ما نقبلهم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟!"
وعن أبي هريرة قال : قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً ! فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: " من لا يرحم لا يرحم" هذه أمور حساسة مع الأسف لا ينتبه لها كثير من الأباء ، وهي تؤثر نفسياً واجتماعياً ودراسياً وسلوكياً على الأبن ، فانتبه لها رعاك الله . وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين .
أعدها وجمعها
بندر سالم الميلبي
المرشد الطلابي بمدرسة أبي تمام والكسائي للتحفيظ
المفضلات