كلام كثير 00000 ماله لازم ليته اختصر واعطانا المفيد 00 اعتقد ان الشغله استعراض كلام 000 يااخى اعطنا اسماء قبائل جهينة وفخوذها واسماء مشايخها 0
كلام كثير 00000 ماله لازم ليته اختصر واعطانا المفيد 00 اعتقد ان الشغله استعراض كلام 000 يااخى اعطنا اسماء قبائل جهينة وفخوذها واسماء مشايخها 0
اللهم سخرنى لقضاء حوائج المسلمين واعنى عليها واجعلها خالصة لوجهك الكريم
مشكوووووووووووووووووووووووور
[/QUOTE]أولاً أتوجه بالتهنئة إلى جميع المسلمين عامةٍ بمناسبة هذا الشهر الفضيل, وأخص بالتبريك لأبناء المهاجرين والأنصار, وأسأله أن يتمه علينا وعليهم بالصحة والعافيه والمحبة والغفران والعتق من النيران, وثانياً : سوف نستكمل عما قريب بإذن الله مواضيع كتابنا هذا بعد توقف ما يقارب الثلاثة أشهر, والله المعين .
من يوم الجمعة 12/9/1429هـ
لزيارة موقعي الالكتروني ومراسلتي اضغط هنا :
متوقف عن الكتابة في هذا الموقع نهائيا؛ والله المستعان .
http://xcccx1.maktoobblog.com/
[/QUOTE]وَأَمّا الْبُذَيْليَّ أَيْضًا :
فَقَدْ وَجَدْنَا بَعْضاً مِنْ أَخْبَارِهِمْ فِي أَوَاخِرَ الْقَرْنِ الْحَادِيَ عَشَرَ, وَمِنْ ذَلِكَ « وَثِيقَة حِلْفٌ بَيْنَ بَنُو بُذَيْلٍ الْجُهَنِيِّينَ مَعَ بَعْضِ الْقَبَائِل الْمُجَاوِرَةِ لَهُمْ », وَلَدَيْنَا نُسْخَةً مِنْ هَذِهِ الْوَثِيقَةِ, وَهِيَ مُؤَرَّخَةٌ بِسَنَة 1265هِجْرِيّ, وَوَرَدَ فِيهَا ذُكِرَ اسْمُ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ بَنُو بُذَيْل, وَاسْمُهُ : قَادِف [قَاذِف] بْن سَعِيد الْبُذَيْليّ الْجُهَنِيّ .
وَيُلْحَقُ بِمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ أَنَّ بَطْنَ الْحُمَيْسِيّ :
وَرَدَ ذِكْرُهُ فِي كِتَاب الْمُقَدِّمَة الْفَاضِلَة فِي أُصُول الأَْحْسَابِ وَأُصُول الأَْنْسَابِ لِلنّسّابَة الشّرِيف أَبِي الْبَرَكَات الْجَوْنِيِّ الْمُتَوَفى سَنَةَ 588 لِلْهِجْرَةِ, فَقَال : وَفِي بَنِي جُهَيْنَةَ بَنُو الْحُرْقَةِ, وَهُمْ بَنُو أَحْمَسَ بْن عَامِرٍ بن مُودَعَةً ابْنُ جُهَيْنَةَ, وَفِي نَهْدٍ الْمُقَدّمَ ذِكْرُهُمْ بَنُو حُرْقَةَ, انْتَهَى, وَعَلَقَ الْمُحَقَّق الْعُتَيْبِيُّ فِي هَامِشهِ عَلَى الْكِتَابِ فَقَال : عِنْدَ ابْنِ الْكَلْبِيّ : أُحَيْمِس, وَنَسَبَهُ عِنْدَه : (أُحَيْمِس بْن عَامِرٍ بْن ثَعْلَبَةَ بْن مَوْدُوعَة بْنِ جُهَيْنَةَ ), اُنْظُرْ نَسَبُ مَعَدّ وَالْيَمَنِ الْكَبِير, 3/47 نُسْخَةَ الْفِرْدَوْس, قَالَ الْمُؤَلِف ابْنُ غُنَيْم - عَفَا اللّهُ عَنْهُ - : هَذَا مَا أَوْرَدَهُ النّاسِخُ بِكَمَالِهِ فِي مَتْنِ وَهَامِشِ الْكِتَاب, وَأَرَ أَنَّ فِي هَذِهِ النّسْخَةِ لِلْكِتَاب مِنْ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيل وَالْتَطْبِيع وَالتَّصْحِيف الشَّيْءُ الْكَثِير, وَيَكْفِي أَنْ نُشِيرَ إِلَى مَا فِي هَذَا السَّطْرِ مِنْ أَخْطَاءٍ, فَأَوَّلُهَا : أَنَّ مَا جَاءَ فِي كِتَاب النَّسَب لِلْكَلْبِيِّ هُوَ حُمَيْس, وَلَيْسَ أُحَيْمِس, وَقَدْ تَحَرَّفَ الِاسْمُ بِتَقْدِيمِ الْيَاءِ عَلَى الْمِيمِ, وَبِزِيَادَةِ الْأَلِفَ أَوّلَ الِاسْمِ, ثَانِياً : أَنّهُ قَدْ جَاءَ فِي مَتْنِ الْكِتَاب مَرّةٍ أُحَيْمِس وَأُخْرَى أَحْمَيس !!, وَهَذَا يَدُل عَلَى عَدَمِ ضَبْطٍ إِمَّا مِن الْمُحَقَّق أَوْ الْمُؤَلِّفَ, فَمَا أُثْبِتَ فِي الْمَتْنِ لاَ نَتَعَرَّضُ لَهُ بِشَيْءٍ, لأَِنَّهُ لَيْسَ مَعِي أَصْلٌ لِلْمَخْطُوط الَّذِي نُسِخَ عَلَيْهِ الْكِتَاب, وَفِي نَوَادِرِ النّسّابَةَ أَبُو عَلِيّ الهَجرِيّ : وَبِجَالَة فِي حُمَيْس مِنْ جُهَيْنَةَ, الْبَاءِ مَجْرُورَة, وَأَنْشَدَنِي أُطَيْطٌ الْأَشْجَعِيَّ, :
كَأَنَّ بَنِي بِجَالَةَ حِيْنَ زَافَتْ ...... جِمَالُ مُهَدْهِدٍ وَافَتْ لِخمْسِ
فَمَنْ يَلْقَ الفَوَارِسَ مِنْ حُمَيْسٍ ... فَقَدْ نَاحَتْ نَوائِحُهُ بِالاَمْسِ
أَيْ : مَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَلْقَوْهُم,
وَلِلخَنْسَاء :
أَنْذَرْتُكَ القَوْمَ أَنْ تَغْشَى حَرِيْمَهُمُ ... بَنِي حُمَيْس وَلَمَّا يُطْلَبِ الثَّارُ
أَهْوَى لَهُ الحَمَسِيُّ اللَّيْثُ مِعْبَلَةً ...... كَأَنَّهَا فِي هَوَاءِ الجَوْفِ تَيَّارُ
وَأَمَّا الْفُوَايِدة كَذَلِكَ :
فَقَدْ جَاءَ ذِكْرِهُمْ أَيْضًا فِي كِتَاب « جِهْانَ نَمَا » لِحَاجِّيّ خَلِيفَةَ الْمُتَوَفى سَنَةَ 1067هـ, وَكَذَلِكَ نَقْلَ ذِكْرَهُمْ الرَّحّالةَ ابْنُ بَهْرَامَ الدِّمَشْقِيِّ الْمُتَوَفى عَامِّ 1102 مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّة, فِي كِتَابِهِ « الْجُغْرَافِيَا » نُسْخَةِ الْيَمَامَةِ .
لزيارة موقعي الالكتروني ومراسلتي اضغط هنا :
متوقف عن الكتابة في هذا الموقع نهائيا؛ والله المستعان .
http://xcccx1.maktoobblog.com/
[/QUOTE]جَبَلِ الْفَحْلَتَيْنِ
الْفَحْلَتَيْنِ : بِفَتْحِ أَوَّله وَسُكُون ثَانِيهِ فَلَامٌ وَتَاءٌ مَفْتُوحَتَيْن ثُمَّ سُكُونٍ لِلْبَاءِ أُخْت الْوَاوِ وَكَسْرِ آخِره, جَبَلٌ بِبَطْنِ وَادِي إضَمٍ «الْحَمْض», غَرْبَ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ, وَيَقَعُ بِقُرْبِ مَوْضِعُ شَجْوَى, عَلَى قُرَابَةِ 90 كَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ, وَهُوَ مِنْ أَعَالِي الْجِبَالِ الَّتِي فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَأَشْهَرُهَا, يُشْرِفُ عَلَى السَّلِيلَةِ وَالأَبْرَق مِنْ مَطْلَعِ الشَّمْسِ, يَرَاهُ الْخَارِجُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَالمُفَيِضَ عَبَرَ الْوَادِي مِنْ مَسَافَةً بَعِيدَةٍ, يَحُدُّهُ مِنْ الشَّرْق جُرَاجِر وَالْبُوَيْر, وَمِنْ الشَّمَالِ تُرْعَةَ وَالْعِيص, وَسُكَّانُهُ جُهَيْنَةُ مُنْذُ الْجَاهِلِيَّةِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا, لَهُ شِعَابٍ كَثِيرَةٌ تَصُبُّ فِي وَادِيَ الْحَمْضِ فَتَخْتَلِطُ سُيُولَهُمَا هُنَاكَ, وَهُوَ مُطِلٌّ عَلَى قَرْيَةُ شَجْوَى مِنْ جَانِبِهَا الْغَرْبِيِّ, وَوُضِعَ اسْمُهُ فِي الْخَرَائِطُ الْحَدِيثَةِ وَالْمُعْتَمَدَةُ الْيَوْمَ, جَبَلِ عَنْتَر ((JabaI Antar ؟؟, هَكَذَا ظَهَرَ فِي الْمُخَطَّطِ, وَلَكِنَّ لاَ اعْتِمَادَ عَلَيْهِ لَدَيَ, إِذْ أَنَّ الْمَعْرُوفُ هُوَ الاِسْمُ الْقَدِيم, وَهُوَ الشَّائِعِ وَالْمُسْتَعْمَل, وَيُحَبِّذُ بَعْض أَهْل تِلْكَ الْبِلاَدِ أَنَّ يَدْعُوهُ بِجَبَلِ الْفَحْله, وَفِي طَرَفِ الْجَبَلِ الْغَرْبِيِّ مَجْمُوعَةً مِنَ الْعُيُونِ وَالنَّخِيلِ وَالْآبَارِ, وَمِنْ أَشْهَرِهَا آبَيْارِ النَّابِعُ, وَهِيَ الَّتِي يَذْكُرُهَا كَثِيرٌ أَصْحَاب كُتُبِرَ الْرَحَلَات, مِنْ دُونِ تَحْدِيدٍ لِمَوْقِعِهَا أَوْ تَسْمِيَتِهَا .
وَأَمَا سَبَبِ تَسْمِيَتِهُ بِهَذَا الِاسْمِ فَلَمْ أَجِدْ نَصًّا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ فِيمَا قَرَأْت, وَلَمْ يَعُدْ أَحَدٌ يَعْرِفُ مُسَمَّاهُ سَوَاءٌ مِنْ الْبَاحِثِينَ أَوْ الْإِخْبَارِيّينَ مِنْ أَهْلُ الْمِنْطَقَةِ, إلَّا أَنَّ مِمَّا لاَ شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ اسْمٌ قَدِيمٌ, وَقَدْ ارْتَبَطََ ذِكْرَهُ بِتَفَرُّقِ جُهَيْنَةَ وَسُكْنَاهَا لأَِرْضِ الْحِجَازِ, كَمَا فِي كِتَابَاتِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَابْنِ الْكَلْبِيّ فِي كِتَابِهِ « إِفْتِرَاقُ الْعَرَبِ », وَالزّبَيْرُ بْن بَكّارٍ فِي « جَمْهَرَة نَسَبِ قُرَيْشٍ وَأَخْبَارهَا », وَأَبِي إِسْحَاقَ الْحَرْبِيّ في « الْمَنَاسِكِ وَأَمَاكِنَ طُرُق الْحَجّ وَمَعَالِمِ الْجَزِيرَةَ », وَأَبُو عَلِيّ الهَجَرِيّ في « التَّعْلِيقَاتُ وَالنَّوَادِر », وَالْهَمْدَانِيّ في « صِفَةِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ », وَغَيْرُهُمْ مِمَّا لاَ يَتَّسِعُ الْمَجَال لِذِكْرِهِمْ .
وَلِهَذَا عَنْ تَسْمِيَتَهُ نَقُول : إِعْلَمْ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تُطْلَق التَّسْمِيَات لَغْوًا أَوْ مِنْ فَرَاغ, وَإِنَّمَا لِكُلِ مُسَمًّى يُسَمُّوه لَهُمْ مَعْنىً فِيه, وَعِنْدَمَا أَنْكَرَتْ نَابِتَةٌ مِنْ الْشعُوبِيَّة هَذَا الرَّأْيِ وَقَالُوا بِخِلَافِهِ, اِنْبَراء لَهُمْ ثُلَّةٌ مِنْ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ, وَذَلِكَ بِتَأْلِيفِ كُتُبِ الرُّدُود كَفَضْل الْعَرَبِ وَالاِشْتِقَاقِ وَالْفُرُوقُ وَغَيْرُهَا كَثِير, فَبَانَ زَيَّفَهُمْ الَّذِي زَخْرَفُوهُ بِعُلُوم الْكَلاَمِ وَفُنُونِ الْجَدَل, وَمَا هُوَ الْيَوْمَ مَحْفُوظٌ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ وَأَسْمَائِهِمْ لَخَيْرُ شَاهِدٍ عَلَى ذَلِك, وَيَحْسُنُ بِنَا أَنْ نُورِدُ مِثَالٍ مُخْتَصَر عَنْ مَا بَقِيَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, فَقَدْ ذَكَرَ قُطْرُبٌ فِي كِتَابِهِ « الْفَرْقُ » فَقَال: وَقَالُوا أَيْضًا فِي الدُّعَاء لِلْمِعْزَى « داعْ, داعْ », وَقَدْ دَعْدَعْتُ وَدَادعْتُ, انْتَهَى, فَانْظُرْ لِهَذِهِ الْكَلِمَةُ الْفَصِيحَةُ وَالَّتِي لاَ يَزَال يَسْتَعْمِلُهَا أَهْلَ بَادِيَةِ الْحِجَازِ, وَقَدْ سَمِعْتُهَا مِنْ إِحْدَى نِسَاءَ بَادِيَةِ جُهَيْنَةُ وَهِيَ تَسْرَحُ بِغُنَيْمَتِهَا بِالْمَرْعَى, وَتَحُدُّوا لَهَا وَتَمُدُّ بِالصَّوْتِ : « تاعْ, تاعْ », وَلَمْ يَخْتَلِفْ شَيْئًا بِالْكَلِمَةِ, إِلاَ أَنَّ الدَّال الْمُهْمَلَةِ أَبْدِلُوها تَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ فَوْقُ, لِأَنَّهَا أَسْهَلُ نُطْقًا مِنْ سَابِقَتِهَا, وَنَرْجِعُ ل لِمَا سَبَقَ فَنَقُولَ: فَحْلَتَيْنِ : تَثْنِيَةُ فَحْلٌ, كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الخُصْيَتَيْنِ لِلْفَحْل, وَهُمَا قُنتَانِ صَخْرِيَتَانِ فِي رَأْسِ الْجَبَلِ مِنْ حَافَّتَيْهِ, وَمِنَ رَآهُ يَلْحَظُ مَا قُلْنَاه اسْتِنْتَاجً, كَمَا فِي صُورَةُ الْجَبَلِ الَّتِي بِذَيْلِ الْكِتَاب, وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ فِي شَرْحِهِ لِقَامُوسِِ الْفَيْرُوزُ آبَادِي: الفَحْلُ الذَّكَرُ مِنْ كلِّ حَيَوَانٍ, فُحُولٌ بالضَّمّ, وَأَفْحُلٌ كَأَفْلُسٍ, وَالفَحْلُ ذَكَرُ النَّخْلِ الَّذِي يُلقَحُ بِهِ حَوائِلُ النَّخْلِ, وَالفِحْلتان مُثَنَّى فِحْلَة, وَفِحْلٌ بالكَسْر وَبِالْفَتْحِ ككَتِفٍ مَوَاضِعُ, أَمَّا فِحْلٍ بالكَسْر فَهُوَ مَوْضِعٌ بِالشَّامِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الإِْشَارَةُ إلَيْهِ, وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ جَبَلٌ لهُذَيْلٍ يَصُبُّ مِنْهُ وَادِي شَجْوَةَ, أَسْفَلُهُ لِقَوْمٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ .
وَقَالَ يَاقُوتً فِي مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ :
الفَحْلتَانِ : فِي غَزَاة زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إِلَى بَنِي جُذَامَ قَدِمَ رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَشَكَا مَا صَنَعَ بِهِمْ زَيْدٌ بْنِ حَارِثَةَ, وَكَانَ رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ قَدْ أَسْلَمَ وَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ, فَأَنْفَذَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا إِلَى زَيْدٍ ْيَنْزِعَ مَا فِي يَدِهِ, وَيَدِ أَصْحَابِهِ وَيَرُدُّهُ إِلَى أَرْبَابِهِ, فَسَارَ فَلَقِيَ الْجَيْش بِفَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ, فَأَخَذَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ, حَتَّى كَانُوا يَنْزِعُونَ لبِدِ الرَّحْلِ مِنْ تَحْتِ الْمَرْأَةِ .
وَمِنْ أَحْسَنُ مَا جَاءَ فِي كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا ذَكَرَهُ الْهَجَرِيُّ النّسّابَةَ فِي كِتَابِهِ التَّعْلِيقَاتُ وَالنَّوَادِرِ، قَالَ :
دِبَرَاءُ : وَادٍ مِنْ أَرْضِ جُهَيْنَةَ, وَرَاءَ الْعِيص, بَيْنَ مَغْرِبِ الشّمْسِ وَبَيْنَ الْعِيص, وَشُميسَاً : نَقْبٌ مُطَّلِعٍ عَلَى الْعِيص, مَنْ سَلَكَ فَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ, وَبِالْفَيْفَاءِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, مِنَ اسْتَقْبَل مَغْرِب الشَّمْس أَطْرَقَ شُمَيْساً .
وَأَوْرَدَ الْجَزِيرِيُّ فِي الْدُرَر الْفَرَائِدِ الْمُنَظِّمَةِ فِي أَخْبَارِ الْحَاجُّ وَطَرِيقُ مَكَّةَ الْمُعَظَّمَةِ :
وَأَرْض الْفَحْلَتَيْنِ : وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي شِعْر الشُّعَرَاء بِالأَبرَقَيْن, وَقَدْ تَأْتِي مَضَايِقَهُ سُيُولٌ, إِنْ لَمْ يُتَحَرَّز مِنْهَا بِالنُّزُول فِي سُفُوحِ الْجِبَالِ والأَنْشَاز الْعَالِيَةِ, وَإِلاَّ مَا يُؤْمَنُ أَنْ تُبَادِرَهُم بَوَادِرَهُ, وَتَجْتَاحهُمْ سُيُولهُ, فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقَيْظ مَنَعْتهمْ الْجِبَال أَنْ يَسْتَرْوحُوا بِنَسِيمٍ, وَتَقْدَحَتْ رِمَالِهِ وَأَحْجَارِ الصَّوَّان بِهِ نَارًا فَتَتَوقَّد, , وَهَبَّتْ مِنْ فِجَاجِهِ رِيحُ السَّمُوم, فنشَّفَت القِرَبَ وَأهْلَكْت النَّاس وَالإِْبِل, وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَوَاضِع الْعَائِدَةِ مِنْهُ .
وَوَرَدَ فِي وَثِيقَة تَحْتَ عِنْوَان : « تَقْرِيرٌ نَاطِق بِالإِْصْلاَحَاتِ وَالتَّرْمِيمَاتِ اللاَّزِمَةِ لِلْقِلاَعِ وَبِرَكُ الْمِيَاه الْمَوْجُودَةِ فِي الْمَرَاحِل وَالْمَنَازِل الْوَاقِعَةِ فِي الطَّرِيقِ بَيْنَ دِمَشْقَ الشَّام وَمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ الَّتِي تَمَّتْ مُعَايَنَتِهَا عَلَى قَدْرِ الْمُسْتَطَاع » .
وَهِيَ مُؤَرَّخَة بِتَارِيخ 27 صَفَرٍ سَنَةَ 1223 لِلْهِجْرَةِ الشَّرِيفَةِ, وَنُشِرت فِي: « مَجَلَّةِ الْوَثِيقَة الصَّادِرَة مِنْ مَرْكَز الْوَثَائِقِ التَّارِيخِيَّةِ بِالْبَحْرَيْن », فِي عَدَدِهَا الْعِشْرُونَ مِن الْعَامِ 1412هِجْرِيِّ, وَسَوْفَ اُعَدِل بَعْضٍ مِمَّا جَاءَ فِي هَذِهِ الْوَثِيقَة مِنْ أَخْطَاء, كَمَا هِيَ الطَّرِيقَة الْمُتَّبَعَةِ فِي كِتَابِنَا هَذَا بِأَنْ أَضَعْهُ بَيْنَ قَوْسَيْنِ, هَكَذَا [.....],وَمِمَّا جَاءَ فِيهَا مَا يَلِي :
النخلتين [الْفَحْلَتَيْنِ] :
تَقَعُ قَلْعَةَ النخلتين [الْفَحْلَتَيْنِ] أَوْ قَلْعَةَ بِئْر السجوا [الْشَجْوا] عَلَى مَسَافَةِ عِشْرِينَ سَاعَةً مِنْ مَرْحَلَةِ الهدية, وَهِيَ مَبْنِيَّةً بِالْحِجْرِ، طُولِ كُلُّ ضِلَعٍ مِنْ أَضْلاَعِهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا معمارياً، وَبِدَاخِلهَا نَبَعٌ بُنِيَ فَوْقَهُ بِئْرٌ نُصِبَتْ عَلَيْهَا سَاقِيَةٍ تُدَارُ بالْبِغَالِ، وَقَدْ رُتِبَ لِتَدْوِيرِهَا بَغْلان, وَقَدْ قَتَل الْبَدْو الَّذِينَ يَخْدِمُونَ فِي الْقَلْعَة أَحَدُهُمَا، وَأَكَلُوا عَلِيق الْبَغْل الْآخَرِ وَأَمَاتُوه جُوعًا، وَصَفْعوا الْمُحَافِظُ الَّذِي تَسَبَّبَ فِي عَدَمِ صَرْفِ مُخَصِّصَاتِهِم فِي الصُّرَّةِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ, وَقَدْ أَرْسَل مُحَافِظَ الْمَدِينَةِ بَغْلاً إِلَى هَذِهِ الْقَلْعَة حَتَّى لاَ تَتَعَطَّل السَّاقِيَة، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَفِي بِالْحَاجَةِ، وَأَقْنَع خَدَم الْقَلْعَة ِ بِوُجُوبِ احْتِسَاب ثَمَن الْبَغْل الَّذِي قَتَلُوهُ مِن فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَصَرْف مُخَصِّصَاتِهِم فِي الصُّرَّةِ عَنْ هَذِهِ السَّنَةِ فَقَطْ، عَلَى أَنْ يَقُومُوا بِالْخِدْمَةِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُمْ بِالصِّدْقِ وَالأَْمَانَةِ، ثُمَّ اشْتَرَى بَغْلاً آخَرَ بِمَبْلَغ ثَمَانُمِائَةِ وَخَمْسُونَ قِرشاً, وَسُلَّمَ إِلَى الأَْوْرِطَةِ بَاشي الْقَلْعَة
وَهَذِهِ الْقَلْعَة لاَ تَحْتَاجُ إِلَى تَرْمِيمٍ، وَهُنَاكَ بِاتِّصَالِهَا مِن الْخَارِجِ بِرْكَةِ مَاءَ, طُولَهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَعَرْضَهَا خَمْسَةٌ وَثَلاَثُونَ ذِرَاعاً، وَعُمْقِهَا عَشَرَةِ أَذْرُعٍ, وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْبِرِكَةِ فِي أَرْضٍ رَمْلِيَّةٌ، فَإِنَّ الرِّيَاح حَمَلَتْ إِلَيْهَا الرِّمَال حَتَّى غَمَرْتها إِلَى نِصْفِهَا، حَيْثُ يَقْتَضِي تَطْهِيرِهَا مِنْ الرِّمَال، وَإِحَاطَتِهَا بِسُوَرٍ ارْتِفَاعُهُ ذِرَاعٍ, لِيَحُول دُونَ تَسَرُّبِ الرِّمَال إِلَيْهَا، وَإِذَا لَمْ تُسَوَّر فَإِنْ الْحَالَةِ تَتَطَلَّبُ تَطْهِيرًا مِنْ الرِّمَال فِي كُل سَنَةٍ, وَمُؤَنة الْبِرِكَةِ مِنَ الدَّاخِل مُتَأَكِّلَه، وَلاَ بُدَّ مِن تَجْدِيدِهَا، وَمِنَ السَّهْل عَمَلِهَا، وَخَارِجَ الْقَلْعَةِ ثَلاَثَةِ آثَارٌ [آبَارٍ], عَدَا الْبِئْرِ الَّتِي بِدَاخِل الْقَلْعَة .
وَحَكَى الْمَرْجَانِيُّ الْمُتَوَفَّى عَامَ 781 مِن الْهِجْرَةِ, فِي كِتَابِهِ: « بَهْجَةِ النّفُوس وَالأَسْرَار فِي تَارِيخِ دَارِ هِجْرَةِ الْمُخْتَار », وَالْمَطَرِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 741 لِلْهِجْرَةِ, فِي كِتَابِهِ: « التَّعْرِيفُ بِمَا أَنَست الْهِجْرَةِ مِنْ مَعَالِمِ دَارِ الْهِجْرَةِ », وَأَبُو بَكْرٍ الْمَرَاغِي فِي: « تَحْقِيق النُّصْرَةِ بِتَلْخِيصِ مَعَالِمِ دَارِ الْهِجْرَةِ », قَالُوا :
وَمَسْجِدٌ بِالْفَيْفَاءِ: فَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ, وَهِيَ أَيْضاً مِنْ عَمَلِ الْمَدِينَةَ, كَانَ أَيْضًا بِهَا عُيُونٌ وَبَسَاتِينَ لِجَمَاعَةٍ مِن الصَّحَابَةِ وَغَيْرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم, مِنْهُمْ : أَزْهَر بْن مُكمِل بْن عَوْف بْنِ عَبْد الْحَارِث بْن زُهْرَة الْقُرَشِيّ الزُّهْرِيِّ, كَانَ فَاضِلاً نَاسِكاً, وَكَانَ يُذْكَر أَنَّهُ سَئلَ الْخِلاَفَةِ, وَأَبُوهُ ابْنُ عَمِّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, مَاتَ بِفَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ, وَتَوَلَّى دَفْنُهُ بِهَا ابْنُ عَمّهِ حَفْصَ بْن عُمَرَ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْفٍ, وَالْفَيْفَاءُ مَمْدُودَةٍ بِفَاءَيْنِ .
وكل عامٍ وأنتم بأتم صحة وعافية بمناسبة العيد المبارك
لزيارة موقعي الالكتروني ومراسلتي اضغط هنا :
متوقف عن الكتابة في هذا الموقع نهائيا؛ والله المستعان .
http://xcccx1.maktoobblog.com/
[/QUOTE]قَالَ الْمُؤَلِّفَ ابْنِ غُنَيْم الْمَرْوَنِيَّ الْجُهَنِيُّ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ - :
جَاءَ فِي قَوْلِ الْجَزِيرِيُّ : الْفَحْلَتَيْنِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي شِعْر الشُّعَرَاء بِالأَبرَقَيْن, قُلْت : الأَبْرَق، مَا زَالَ يُعْرَفُ بِاسْمِهِ, وَهُوَ أَرْضٌ وَوَادٍ عَلَى الضِّفَّةِ الشَّرْقِيَّةِ لِوَادِي الْحَمْضَ, بِجِوَارِ السَّلِيلَةِ, يَسْكُنُهُ جُهَيْنَةَ وَبَلِيّ وَبَعْضٌ مِنْ عِنَزَةَ, وَلَيْسَ الأَبْرَقَ بِقُرْبِ الْفَحْلَتَيْنِ كَمَا رَوَى, بَلْ هُوَ بَعِيدٌ عَنْها, بِحَوَالَيْ 70 كَيْلًا, وَأَنَا عَلَى مَعْرِفَةٍ بِتِلْكَ الدِّيَار وَأَهْلِهَا جَيِّدًا, فَقَدْ جَوَّلْتُ بِهَا وَنَزَلتُهَا لِسِنِينٍ عَدِيدَة, فَفِي الأَبرَقِ تَكْثُرُ أَشْجَارِ الدّوْمِ وَمِيَاهُ الْمَرَازِيْح بِهَا كَثِيرةٌ مَلْئَ بالْدَغَالِيْب وَالأَسْماكِ الصَّغِيرَةِ, وَلَكِنَّهَا لَا تُؤْكَل, وَالْمَرَازِيْح مُفْرَدُهَا مَرَزِيح: وَهُوَ مَاءً رَاكِدٌ زُعَاقٌ, يَنْبُعُ مِن بَاطِنِ الأَْرْضِ, أَهْمَلَهُ اللّغَوِيّونَ فِي مَعَاجِمهِمْ وَهُوَ فَصِيح .
وَنَجِدُ فِي كِتَابِ مُوسِيْل الْمَكْتُوبِ سَنَةَ 1298هـ وَالْمُسَمَّى « بِلَادِ الْعَرَبِ الْحَجَرِيَّةُ » قِسْمُ شَمَالِ الْحِجَازِ :
وَيَذْكُرُ بَطْلَيْمُوس فِي جُغْرَافِيتِه obraka , فَهِيَ فِي اللَّفْظَ الْعَامَّ اللُّغَوِيِّ الْمُعَرِّفُ بـ ( أَبْرَقُ, وَبَرْقَا ), وَيَعْنِي الصُّخُورُ الْقاتِمِة الَّتِي تُغَطِّى إِلَى حَدٍّ مَا بِرِمَالٍ يَشِعُ مِنْهَا الضَّوْءِ, فَإِذَا أَخَذْنَا بِالتَّفَاصِيل الَّتِي يَذْكُرُهَا بَطْلَيْمُوسُ عَنْ مَوْضِعِ ابركا هَذِهِ فَنَسْتَطِيعُ أَنَّ نَضَعْهَا عِنْدَ الأَبْرَقِ, حَيْثُ كَانَ الْبَدْوِ يَتَّخِذُونَ مِنْهَا مَرَبَّعًا [مَرَتَّعًا], لَهُمْ فِي وَقْتِ الرّبِيعِ .
قَالَ بْن غُنَيْم وَفِيهِ يَقُولُ شَاعِرَ الْحِجَاز كُثَيِّرُ عَزَّة :
أَقْوَى وَأَقْفَرَ مِنْ مَاوِيَّةَ البُرَقُ .... فَذُو مراخٍ فقفرُ العلقِ فَالحَرقُ
فآكُمُ النَّعْفِ وَحْشٌ لَا أَنِيس بِهَا .... إلاّ الْقَطَا فتلاعُ النَّبعةِ العمُقُ
وَالبُرَق الْمَقْصُودَ بِهِ مَوْضِعُ الأَبْرَقِ, وَمراخٌ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ بِقُرْبِ الْعَقِيق, وَقَالَ يَاقُوت: ذَكَرَ الزُّبَيْر بْن بَكَّار فِي « كِتَاب الْعَقِيق » وَأَنْشَدَ لِأَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيّ :
بِأَجْمَادٍ الْعَقِيق إِلَى مراخٍ ... فَنَعْفُ سُوَيْقَةٍ فرِيَاضُ نَسْرٍ
وَالأَبْرَقانِ مَاءٌ لِبَنِي جَعفرٍ, قَالَ أَعْرَابِيٌّ :
أَلِمُّوا بأَهْل الأَبرَقَيْنِ فَسَلَّمُوا .... وَذَاكَ لأَهْلَ الأَبرَقَيْنِ قَلِيلُ
وَقالَ آخَرُ :
سقْياً لأَيْامٍ مَضَيْنَ مِنْ الصِّبا .... وَعَيْشٍ لَنَا بِالأَبْرَقَيْنِ قَصِيرٍ
وَحَكَاهُ الحُسَيْنِيّ في التَّاج عَلَى الْقَامُوسِ, وَقَالَ اِبْن الْأَعْرَابِيِّ :
فَيَا حَبَّذا الحَصّاءُ فَالبُرْقُ فالْعُلَا .... وَرِيحٍ أَتَانَا مِنْ هُناكَ نَسِيمُها
وَبُرْقَة الجُنَينَةِ: هَكَذَا ضَبَطَهُ الصَّاغَانِيُّ, أَنَّهَا الْجُنَيْنَةُ بِالْجِيمِ تَصْغِيرُ الجَنَّة, وَأَنْشَدَ لجَبَلَةَ بْنِ الحَارِثِ وَقَدْ جَعَلَها بُرَقاً :
كَأَنَّهُ فَرِدٌ أَقْوَتْ مَراتِعُه .... بُرْقُ الجُنَينَةِ فالأَخْراتُ فالدُّورُ
وَقَال الشَّيْخُ صَالِحُ ابْنُ الإِْمَامِ أَحْمَدَ بْن الإِْمَامِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ الإِْمَامِ صَالِحٍ الإِْمَامَ فِي كِتَابِهِ « تَارِيخ وَادِي الْقُرَى » :
وَقَالَ جَعْفَر بْن سُرَاقَةَ أَحَدَ بَنِي قُرَّة, يَرُدّ عَلَى جَمِيلٍ الْعُذْرِيّ الْقُضَاعِيَّ :
نَحْنُ مَنَعْنَا ذَا الْقُرَى مِنْ عَدُوَّنَا .... وَعُذْرَةَ إِذْ نَلْقَى يَهُودًا وَيعشرا
مَنَعْنَاهُ مِنْ عُلْيا مَعَدَّ وَأَنْتُمْ ......... سَفَاسِيفِ روح بَيْنَ قَرْحٍٍ وَخَيْبَرا
وَمِمَّا أَلْفَيْتهُ فِي كِتَابِ « دَلِيلَِ الْمُجْتَازِ إلَى أَرْضِ الْحِجَازِ », الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ
أُرْجُوزَةٍ فِي وَصْفِ طَرِيقِ الْحَجّ الشَّامِيِّ, مِنْ نَظْم الشَّيْخِ بَدْرِ الدِّينِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْن الشَّيْخُ الإِْمَامُ الْمُحْدِثِ أَبِي الْقَاسِمِ عُمَرَ بْن الْحَسَنِ بْن حَبِيبٍ الشَّافِعِيِّ, وَمِمَّا جَاءَ فِيهَا :
كَمْ مِنْ جِبَالٍ قَطَعُوا عِظَامٌ .... حَتَّى أَتَوْا لَيْلًا إِلَى الْعَظَامِي
وَالأَبرَقَيْنِ مَنْزِلٍ أَنِيقٌ ......... فِيهِ يَبِينُ الصَّاحِبِ الشَّقِيقُ
مِنْ بَعْدِهِ يَأْتُونَ وَادِي تَيْد ........ وَقَاهُمُ الرَّحْمَنِ كُلٍّ كَيَد
تَقَدَّمُوا فَنَزَلُوا وَادِي الْقُرَى .. لَمَّا حَدَا الْحَادِيَّ وَجَدوا فِي السُّرَى
قُلْنَا قَوْلَهُ تَيْد, يَقْصِدُ بِهِ وَادِي تَيْدَد, وَحَذَفَ إحْدَى الدَّالَيْنِ لِضَرُورَةِ وَزْن البَيْتِ مِنَ الْكَسْر, وَالْعَظَامِي مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بِطَرَفِ وَادِي الْحَمْضِ, تَرَدَّدَ ذِكْرُهُ فِي كُتُبِ الرِّحالةِ, وَمَسْجِدُ عَظَامٌ فِي صَعِيدِ قَرْحٍ صَلَّى فِيهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي طَرِيقَهُ إلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ, فَفِي حَدِيثِ أَبِي الشُّمُوس الْبَلَوِيّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَنَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ الّذِي فِي صَعِيدِ قَرْحٍ, فَعَلَمْنَا مُصَلاَّهُ بِعَظْمٍ وَأَحْجَارٍ, فَهُوَ الْمَسْجِدِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ أَهْلِ وَادِي الْقُرَى, وَفِي قَرْحٍ أَنْشَدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فِي وَقْعَةِ مُؤْتَةَ :
جَلَبْنَا الْخَيْلَ مِنْ آجَامِ قَرْحٍ .... تُغَرُّ مِنْ الْحَشِيشِ لَهَا الْعُكُومُ
حَذَوْنَاهَا مِنْ الصَّوَّانِ سَبْتًا ..... أَزَلَّ كَأَنَّ صَفْحَتَهُ أَدِيَمُ
أَقَامَت لَيْلَتَيْنِ عَلَى مَعَانٍ ..... فَأَعْقَبَ بَعْدَ فَتْرَتِهَا جُمُوْمُ
وَقَال أَبُو عَمْرْو الشَّيْبَانِيِّ تُوُفِّيَ سَنَةَ 188هِجْرِيَّة فِي « كِتَابِ الْجِيمِ », وَالْبَكْرِيُّ فِي « مُعْجَمِ مَا اُسْتُعْجِمَ » :
كَنَخْلٍ بِأَعْلَى قُرْحَ حِيْطَ فَلَمْ يَزَل .... لَهُ خَائِلٌ حَتَّى أَنَى وَتَمَنَّعَا
قَالَ الْمَرْوَنِيُّ : وَعَزَاهُ الشَّيْبَانِيُّ لِجَرِيرٍ, وَأَمّا الْبَكْرِيّ فَعَزَا الْبَيْتُ لَابْنِ مُقْبِلٍ, وَزَادَ الشَّيْبَانِيّ : وَالْخَائِلُ الْقَائِمُ عَلَى النَّخْلِ وَالْمَال, يُقَال : خَالَ يَخُولُ خِيَالةً حَسَنَة, وَهُوَ خائِلُ مَالٍ, أَيَّ : حْسَنَ الْقِيَامَ عَلَيْهِ, إِنْتَهَى كَلَامِه, وَالرَّاجِحُ الْمُخْتَار عِنْدنَا أَنَّ الْبَيْتَ لَابْنِ مُقْبِلٍ, لِأَنَّهُ أَكْثَرَ فِي أَشْعَارِهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَنَازِلَ وَالدِّيَار, وَالْخَائِلُ لَمْ أَرَهَا عِنْدَ أَبُو حَاتِم السِّجِسْتَانِيُّ فِي كِتَابِهِ النَّخْلَةِ .
وَيَقُولُ الْمُؤَرِّخُ عَلِيِّ جَوَاد فِي الْمُفَصَّل فِي تَأْرِيخِ الْعَرَبُ قَبْل الإِْسْلاَمِ :
وَهُنَاكَ مَوْضِعٌ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ اسْمَهُ : قُرْح, عَلَى مَسَافَةِ 43 كِيلُو مِتْرًا مِنْ الحِجْرِ, فِي مَكَانٍ يَمُرُّ بِهِ خَطِّ الْحَدِيدِ الْحِجَازِيِّ فِي مِنْطَقَةٍ صَحْرَاويَة، وَكَانَ فِي الأَْزْمِنَةِ السَّابِقَةَ مِنْ الْمَحَلاَّتِ الْمَزْرُوعَةِ، وَبِهِ بَسَاتِينً عِدَّة, تُعْرَفْ بِبَسَاتِينَ قُرْحٍٍ، وَعَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْهَا سُقْيَا يَزِيدُ أَوْ قَصْرُ عَنْتَرَ: إِسْطَبْل عَنْتَرَ، كَمَا تُعَرَّفُ بِهِ فِي الزَّمَنِ الْحَاضِر, عَلَى بُعْدِ 98 كِيلُو مِتْراً مِنْ الْمَدِينَةِ, وَإِلَى شَمَالَهُ وَادِي الْحَمْضِ الَّذِي يَرَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ « أَنَّهُ الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَهُ هيرودوتس », وَوَجَدَ دُوتِي : فِي قُرى وَادِي الْقُرَى وَخَرَائِبَهُ عَدَدًا كَبِيراً مِنَ الْحِجَارَةِ الْمَكْتُوبَةِ بِحُرُوفِ الْمُسْنَدِ، وَقَدْ اتَّخَذَهَا السُّكَّانِ أَحْجَارًا مِنْ أَحْجَارٍ الْبِنَاءِ, وَعُثِرَ فِي الْخُرَيْبَةِ عَلَى كِتَابَاتِ بِهَذَا الْقَلَمِ، وَعَلَى آثَارُ أَبْنِيَةٍ وَمَوَاطِنِ حَضَارَةٍ, وَعَلَى أَلْوَاحٍ مِنَ الْحَجَرِ كَانَ يَسْتَعْمِلَهَا الصَّيَارِفَةِ لِصَفِ نُقُودِهِمْ عَلَيْهَا، أَوْ لِذَبْحِ الْقَرَابِينِ, كَمَا شَاهَدَ مَوْضِعًا يُقَالُ لَهُ : (إِسْطَبْل عَنْتَر) : عَلَى قِمَّةُ جَبَلٍ شَاهِقٍ يَرْنُو إِلَى الْوَادِي, وَلَعَلَّهُ مَعْبَدِ أَحَدُ الأَْصْنَامَ الَّتِي كَانَتْ تُعْبَدُ هُنَاكَ .
قَالَ الْمُؤَلِفُ ابْنِ غُنَيْم الْمَرْوَنِيّ الجُهَنِيَّ :
هيرودوتس هُوَ الأَغرَّيِقيّ الْمُؤَرِّخُ الْجُغْرَافِي اليُونَانِيِّ, الْهَالِكِ قَبْلَ الْمِيلاَد, بَيْنَ 484 ـ 455 ق. م, صَاحِبُ كِتَابِ تَارِيخِ هيرودتس, بِعُنْوَانِ :Heredot, 2, 15, Der Araber, I, s. 166 . تَحْدثَ فِيهِ عَنْ مَوَاضِعٍ مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ, قَالَ عَلِيِّ جَوَاد بِالْمُفَصِلِ : وَقَدْ أَُطْلقَ لَفْظَةِ arabae عَلَى بِلاَدِ الْعَرَبِ الْبَادِيَةُ وَجَزِيرَةِ الْعَرَبِ, وَالأَْرَضِينَ الْوَاقِعَةَ إلَى الشَّرْقِ مِنْ نَهْرِ النِّيل؛ فَأَدْخَل طُورِ سَيْنَاءَ وَمَا بَعْدهَا إِلَى ضِفَاف النِّيل فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ. انْتَهَى كَلاَمُ جَوَادِ, قُلْت وَمِمَّا قَالَهُ الأَغرَّيِقيُّ فِي جُغْرَافِيَّتِهِ : وَالْعَرَبُ كَانَتْ مَلاَبِسَهُمْ وَاسِعَةً مَرْفُوعَةً بِمَنَاطِ, وَكَانُوا يَحْمِلُونَ فِي الْجِهَةِ الْيَمِينِ قسيّاً تُؤَثِّر طَرْدًا وَعَكْسًا, والأثيوبيون كَانُوا يَلْبَسُونَ ثِيَابًا مِنْ جِلْد النَّمِرِ وَالأَْسَدِ, وَلَهُمْ قسيّاً مِنْ جَرِيدُ النَّخْل طُول الْوَاحِدَةِ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ عَلَى الأَْقَل إِلَى أَنْ قََالَ : وَكَانَ قََائِدَهُمْ وَقَائِدُ الْعَرَبِ ارساماس بن دارا ؟؟, فَكَانَ ارساماس قَائِدُ الأثيوبيين الَّذِينَ هُمْ فَوْقَ مِصْرَ وَقَائِدُ الْعَرَبِ, ثُمّ قَالَ: فهذه الأُْمَمَ هِيَ الَّتِي جَمَعْتْ فُرْسَانًا وَكَانَ عَدَدُهُمْ يَبْلُغُ ثَمَانِينَ أَلْفَ فَارِسٍ, فَضْلاً عَنْ الْجِمَالِ وَالْعَجَلاَتِ, وَكُل هَذِهِ الأُْمَمِ كَانَتْ مُرَتَّبَةً طَوَائِفَ كُلٌّ مِنْهَا تَمْشِي فِي صَفِهَا, وَلَكِنَ الْعَرَبِ كَانُوا فِي المُؤَخَّرَةُ حَتَّى لاَ يُخَوفُوا الْخَيْل, لأَِنَّ الفَرَسَ لاَ يُطِيقُ الْجَمَل ! .
وَحَكَى عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيَّ فِي كِتَابِهِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي الرِّحْلَة إِلَى بِلَادِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْحِجَاز :
وَصَلْنَا إِلَى الْمَنْزِلَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْفَحْلَتَيْن, وَتُسَمَّى حِصْنَ عَنْتَر أَيْضًا, وَفِيهِ الْمَاءَ الْقَلِيل, وَالتَّعَبُ الْجَلِيل, فَلاَ يَكَادُ يَسْأَل عَنْ خَلِيلِهِ الْخَلِيل, وَأَمَّا نَحْنُ فَقَد وَجَدْنَا هُنَاكَ أَنْوَاع السُّرُور, وَالأَْمْنُ مِنْ الشُّرُور, وَفِي ذَلِكَ نَقُول, وَلاَ نَبَاتَ هُنَاكَ وَلاَ بَقوْل :
أَتَيْتُ الْفَحْلَتَيْنِ وَكُنْتُ فِيمَا .... اُحَاوَلَهُ هُنَاكَ قَرِيرُ عَيْنِ
وَمَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ بِهِ نِتَاجٌ ........ لِشَارِبِهِ كَمَاءِ الْفَحْلَتَيْنِ
وَقَدْ خَصَصْنَا النِّتَاجِ بِالشَّارِبِ, حَيْثُ وَجْه تِلْكَ الأَْرْضَ لَا نَبَاتٌ وَلاَ شَارِب, وَقَال الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمَ الخِيَارِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : مَنْزِلٍ كُلَّهُ رَمَل, قَابَلْنَا بِوَجْهٍ مَرَد مِنَ النَّبَات, قَلَّ مَاؤُهُ, وَتَعَطَّل حَيَاؤُهُ, وَقَدْ قَاسْى النَّاسُ مِنْه إِلَى الَّذِي بَعْدَهُ شِدَّةً عَظِيمَة, مِنْ قِلَّةِ الْمَاءِ وَشِدَّةُ الْحَرِّ وَالسَّمُوم, بِحَيْث يَطْلُبْهُ الأَْمِيرُ مِنَ الْمَأْمُورِ, وَتَهَادَاهُ النَّاس فِيمَا بَيْنَهُمْ لِعَزَّة الْوُرُودِ, فَمَا بَالُكَ بِالصُّدُورِ, وَلَمْ نَزَل هُنَاكَ إِلَى أَنْ صَلَّيْنَا صَلاَةِ الْعَصْرِ .
وَيَرْوَي دُوتِي فِي تَارِيخِهِ الْكَبِير « تَرْحَال فِي صَحْرَاءِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ » :
وَفِي اتِّجَاهِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ تُوجَدُ مَوَاقِعٍ أَثَرِيَّةٌ لَيْسَتْ بالْقَلِيلَة, وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ آثَارٍ لِقُرَى جَيِّدَةً, وَرُبَّمَا تَكُونَ هُنَاكَ نُقُوشٌ كَثِيرَةٌ مَنْحُوتَةٍ فَوْقَ أَحْجَارِ هَذَا الْبَلَدِ الرَّمْلِيَّةُ, تَسْتَقْبِل الحدية [هَدِيَّة] Hedieh , إِحْدَى قِلَاعُ الْحَجِّ فِي وَادِي حَمْضَ Humth مِيَاهَ السُّيُولِ تَجِيءُ مِنْ خَيْبَرَ, وَفِي أَقْصَى الْجَنُوبِ الشَّرْقِيِّ هُنَاكَ وَادِي جَانِبِيٌ, يَنْزِل هَابِطًا إِلَى وَادِي قُرَّةَ, أَوْ إِنْ شِئْتَ فَقُلْ مَجْرَى الحمث [الْحَمْض] الَّذِي تُوجَدْ فِيهِ آثَارٌ بَارِزَةٍ وَمَلْحُوظَةٍ, يُطْلِقُونَ عَلَيْهَا كوره [الْكُوْرَةَ] korh , وَهَذَا الْمَكَانَ فِي رَأْي الْبَدْوِ أَعْظَمُ مِنَ قَرْيَةِ الْعُلَا, وَالْأَرْضُ هُنَا وَعْرَةٌ فِيمَا بَيْنَ التِّلَالِ, كَمَا أَنَّ الْوَادِي هُنَا أَوْسَعَ قَلِيلًا عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فِي قَرْيَةِ الْعُلَا, مَنْ يَذْهَبُ إِلَى هَذَا الْمَكَانِ يُشَاهَدُ مَوَاقِعُ كَثِيرَةٍ مِنْ الْمَبَانِي الْقَدِيمَةُ, الَّتِي مِنْ بَيْنِهَا قَلْعَةٌ مُدمَرةٍ, وَبَنِيَّ وَهَّاب wahab لاَ تَشِيعَ بَيْنَهُمْ تَقَالِيدَ قورة, بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْمِنْطَقَةُ هِيَ مَنْطِقَتَهُمْ مِنْ قَدِيمِ الأَْزَل, لَوْ كَانَ هَذَا الْمَكَانُ هُوَ قورة Ghorh (khorh) لنَطْقَ أَهْلُ هَذَا الْمَكَانَ الِاسْمُ حَوْرَةُ, أَوْ لَفَظُوهُ عَلَى أَنَّهُ حَوْرَةَ, وَفِي هَذَا الْمَكَانُ يَقَعُ مَسْقَطِ رَأْسِ الشَّاعِرُ البَطَلُ عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيَّ, ذَلِكَ الرَّجُل الَّذِي لَمْ يَتفوَّقُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْبَدْوِ الرُحْل القُدَامَى, سَوَاءٍ فِي شَجَاعَةِ الْحَرْبِ أَوْ أَغانِيُّ الصَّحْرَاءِ, و وَعَنْتَرَةَ هُوَ أَحَدُ مُؤَلِفِي الْقَصَائِدَ الذَّهَبِيَّةُ السَّبْعِ, وَبِالْقُرْبِ مِنْ الْقَلْعَةِ التَّالِيَةِ أَلاَ وَهِيَ: قَلْعَةَ سجوة sujwa [شَجْوَةَ, بِالْمَنْقُوطَةِ] هُنَاكَ جَبَلٌ يُطْلَقُ النَّاسُ عَلَيْهِ اسْمَ اسْطَبْل عَنْتَر Antar istabI , عَلَى قِمَّةُ ذَلِكَ جَبَلَ تَرَى أَعْيُنِ النّاسِ الخُرَافِيَةُ هُنَا مَرْبِطًا كَبِيراً, وَكَذَلِكَ الْحَلَقَاتُ الْصَخْرِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ تُرْبَطُ فِيهَا خُيُول ذَلِكَ البَطَل, وَالنَّاسُ هُنَا يَرَوْنَ أَنَّ قَامَةِ عَنْتَرَةَ كَانَتْ تَصِل إِلَى مَا يَتَرَدَّدُ بَيْنَ خَمْسِ وَسِتّ قَامَاتٌ, أَبْلَغَنِي الْحَاجَّ نَجْمُ الْمَغْرِبِيِّ أَنَّهُ شَاهَدَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ خَطَاً حَدِيدياً .
وَتَحَدَّثَ دُوتِي عَنْ الْقَبَائِلُ الْمُجَاوَرَة لِلْجَبَلِ فِي وَادِي الْحَمْضِ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: « صَحْرَاءِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ »,
وَذَلِكَ سَنَةِ 1287 أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وسَبْعٍ وثَمَانِينَ لِلْهِجْرَةِ :
فِيمَا يَلِي أَسْمَاء الْقَبَائِلِ الْبَدَوِيَّةَ الْمُجَاوِرَةُ لِهَذَا الْمَكَانِ : البلي [بَلِيٍّ] وَوَاحِدُهُ الْبَلْوِيُّ beIuwy , وَمَنْطِقتَهُم أَوْ إِنْ شِئْتَ فَقُل مَضَارِبَهُم فَوْقَ الْحَرَّةِ, وَإِلَى الشَّمَالِ مِنْهُمْ يُوجَدُ الْحُوَيْطَات وَاحِدَهُ حُوَيْطِيَّ, وَإِلَى الْجَنُوبِ مِنْ الْحُوَيْطَاتِ تُوجَدُ جُهَيْنَةَ : وَهِيَ قَبِيلَةٌ قَدِيمَةٍ, وَهِيَ بِلُغَةِ غَيْرُ الْيَهُودِ, جَيْهَن Jehin , وَلَمَّا كَانَ الجَهَايِنَةِ [الجِهنَانِ] مِثْلِ الكليبات [الْكِلِبْات] eI-kIeybat عَلَى الطَّرِيقِ فِيمَا بَيْنَ سورة sawra وَشَجْوَةَ sujwa وَهُنَاكَ الْعُرْوَةَ Aroa والجاعضة [الْجَعْادِنَةَ] Gadah وَالْمَرَاوِين Merowin , والزبيان [الْذِبْيَانِ, بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة] zubbian , وَكَذَلِكَ الجرون [الْقُرُونِ, بِالْقَافِ], وَمَنْ حَوْلِ يَنْبُعَ يُوجَدُ كُلٌّ مِنْ بَنِي إبْرَاهِيم, وسيدة [صََّعَايِدةِ, أَوْ , صَّيَّادلْةِ], sieyda , والسراسرة [الصَّرَاصِرَةِ, بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ] seraserra .
وَقَرَأَتُ فِي كِتَابِ الْفَيْرُوزَ الْمَغَانِمُ المُطَابَّةِ فِي مَعَالِمِ طَابَةِ :
الْفَحْلَتَانِ : قُنتَانِ مُرْتَفِعَتَانِ, عَلَى يَوْمٍ مِنْ الْمَدِينَةِ, تَحْتَهَا صَحْرَاءِ, وَلَهَا ذِكْرٌ فِي غَزَاةِ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ, وَكَانَ رِفَاعَةَ بْنَ زَيْدٍ قَدْ أَسْلَمَ وَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ, فَأَنْفَذَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى زَيْدٍ لْيَنْزِعَ مَا فِي يَدِهِ, وَيَدِ أَصْحَابِهِ وَيَرُدُّهُ إِلَى أَرْبَابِهِ, فَسَارَ إِلَى الْقَوْمِ, فَلَقِيَ الْجَيْش بِفَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ, فَأَخَذَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ, حَتَّى كَانُوا يَنْزِعُونَ لَبِيْدَ الرّجْل مِنْ تَحْتِ الْمَرْأَةِ .
وَوَقَعَ فِي رِحْلَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الدُرَعِي الْمَغْرِبِيّ :
وَنْزلْنَا الْفَحْلَتَيْنِ : وَقَدْ مَضَى مِنَ اللَّيْل خَمْسُ سَاعَاتٍ, وَبِهَا قَلْعَةٍ صَغِيرَةً حَصِينَةٌ, يَسْكُنُهَا الْحَرْسِ, وَآبَارٍ عَذْبَةً, يُخَزَّنُ بِهَا الشَّامِيُّ عَلَى عَادَةِ بَنَادِرَ دَرْب الْمِصْرِي, وَقَدْ حَدَثَتْ الْبْنَادِرَ بِالدَّرْب الشَّامِيِّ فِي هَذِهِ الأَْزْمَانِ, وَقَبْل ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ فِيهِ, إِلاَّ أَنَّ عَادَة مَنْ يَحْرسُ هَذِهِ الْبْنَادِرَ الشَّامِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَ مِنَ مَرَّ بِهِمْ من حُجَّاجُ الْمِصْرِيِّينَ وَلاَ غَيْرِهِمْ أَنْ يَدْخُلَهَا, وَإِنَّمَا يُسَوّقونَ خَارِجِهَا .
لزيارة موقعي الالكتروني ومراسلتي اضغط هنا :
متوقف عن الكتابة في هذا الموقع نهائيا؛ والله المستعان .
http://xcccx1.maktoobblog.com/
[/QUOTE]قَالَ بْن غُنَيْم الْمَرْوْانِيَّ الْجُهَنِيَّ - غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ - :
الْقَوْلُ بِأَنَّ الْجَبَلَ مَنْسُوبٍ لِعَنْتَرَةَ الْعَبْسِيّ لَيْسَ بِشَيْءٍ, فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُعتَرّفًا بِهِ مُتَعَيّنًا مَا يَدُل عَلَيْهِ, وَيَبْدُو أَنَّ تِلْكَ الأَكَاذِيبُ وَالْمَخَارِقُ الرَّائِجَةُ جَاءَتْ مِنَ الْخَارِجِ, وَيَقُولَ شَيْخُنَا حَمْد الجَاسِر عَنْ هَذَا الرَّأْيِ وَالْقَائِلِينَ بِهِ : وَقَدْ وَهَمَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْرَحَلَات فَظَنُّوهُ مُضَافًا إِلَى عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيَّ, وَتَخَيَّلوهُ مِنْ مَنَازِلِهِ, وَسَمَّوُا مَوَاضِعٍ بِقُرْبِهِ كَمَا فِي دُرَر الْفَوَائِدِ لْمُنَظِّمَة, وَفِي رِحْلَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الدُرَعِي, وَهَذَا خَطًّا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ, وَأَوْضَحْنَا أَنَّ بِلاَدِ عَنْتَرَةَ وَقَوْمَهُ بَنِي عَبْسٍ فِي نَجْد, وَهُنَاكَ مَوْضِعُ آخَرَ يُسَمَّى : إِصْْطَبْل عَنْتَرَ, يَقَعُ بَيْنَ مَنْزِلَتيِ الأَْزْلمِ وَالْوَجْهِ, فِي الطَّرِيقِ السَّاحِلِيُّ لِلْحُجَّاجِ اَلْقَادِمِينَ مِنْ مِصْرَ عَنْ طَرِيقِ الْبَرِّ، وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضِ الرَّحَّالِيْن أََنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيَّ, وَمَنْزِل عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيَّ مَعَ قَوْمِهِ بَنِي عَبْسٍ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ مِنْ شَمَالِ الْحِجَازِ، بَل فِي نَجْدٍ فِي نَوَاحِي الْقَصِيمِ, وَقَدْ قُتِلَ شَرْقَ مَنْهَلِ شَرْجِ بِقُرْبِ نَاظِرَةَ مِنْ رِمَالِ الدَّهْنَاءِ .
وَأَلْفَيْتُ فِي مَخْطُوطَةِ الْأَنْدَلُسِيُّ الْمُتَوَفَّى عَامَ 779 مِنْ الْهِجْرَةِ, وَالْمُسَمَّاةِ: « وَاسِطَةُ الْعَقْدَيْنِ فِي مَدْحِ سَيِّدُ الْكَوْنَيْنِ » : وَمَنْ بَعُدَ وَادِي هُديَّةَ خَيَّمُوا ........... عَلَى مَوْرِدٍ لاَ بُدَّ مِنْهُ وَإِنْ ضَرَّا
وَسِرْنا وَوَجْهُ الصُّبْحِ أَبْيَضُ بَاسِمٍ ...... فَلاَقَتْ مِنْ السَّوْدَاءُ أَجَالنَا شَرَّا
وَكَانَ بِقُرْبِ الْفَحْلَتَيْنِ مَبِيتُهُمْ صَخْرَّا ... وَقُمْنَا وَصبَّحْنَا الْمَدِينَةِ خَضْرَّا
وَقَالَ مُرْتَضَى بْن عَِلْوَان فِي رِحْلَتِهِ: « الْحِجَازِ وَالْأَحْسَاء وَالْكُوَيْتِ وَالْعِرَاقَ » :
ثُمَّ قُمْنَا إِلَى هَدِيَّة وَكَانَ بَاقِي مِن النَّهَارِ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ, فَوَصَّلْنَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِسَاعَةٍ, فَإِذَا هُوَ مَنْزِلٌ لاَ بَأْسَ بِهِ, غَيْرَ أَنَّ الْغِيلَان فِي دُرُبِهَا كَثِيرٌ !, وَوَجَدْنَا مِنْ السَّيْل فِي أَفْنَائِهَا [أَثنَائِهَا] نَهْرًا عَظِيمًا يَدُورُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَدْرُب, كَأَنَّهُ ثَلاَثَة أَنْهُرٌ, سيئلنا [سَأَلَنَا] عَنْهُ فَقِيلَ : قَدْ جَاءَ فِي صَحْرَاءُ الْعِرَاق سَيْلٌ كَثِيرٌ عَرَمْرَمٌ, وَهَذَا مُمْتَدٌّ مِنْهُ ؟, وَكَانَ قُنْاقِها ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَاعَةً, ثُمَّ قُمْنَا مِنْهَا إِلَى الْفَحْلَتَيْنِ, وَكَانَ بَاقِي مِن النَّهَارِ سَاعَتَيْنِ, إِلَى أَنْ مَضَى مِنْ النَّهَارِ الثَّانِي خَمْسُ سَاعَاتٍ, فَنَزَلْنَا قَاطِع الْفَحْلَتَيْن, وَالْمِيَاهِ مَعَنَا مِنْ الْعُلَا وَمِنْ هَدِيَّةَ, مِن السَّيْل الْمَذْكُور, لَكِنَّهُ قناق مُتْعِبٌ نَالَ الْحَاجُّ مِنْهُ غَايَةِ التَّعَبِ وَالنَّصَبِ, وَفِي أَثْنَائِهِ عَقَبَةٌ يُقَال لَهَا: الْعَقَبَةِ السَّوْدَاء, عَلَى مَا سُمِّيَت نَالَ الْحَاجّ مِنْهَا التَّعَبُ, وَتَقَطَّعَتِ الْقُطُرُ, وَتَاهَ إِلَى النَّاس بَعْضُ جِمَالٍ وأَبْغَالٌ وَأَحْمَالٍ, وَمَا زَادَ فِي عَيْبِهَا إِلاَّ تُطَاوِلَها, وَقَدْ بَلَغَ السَّيْرَ عِشْرِينَ سَاعَةً, وَفِي جُل الْقَضِيَّةِ وَتَمَامُهَا أَنْزَل اللَّهُ سَحَابَة مَطَرٍ .
قَالَ الْمُؤَلِف ابْنُ غُنَيْم الْمَرْوَانِيُّ الجُهَنِيُّ :
الهَيْلانِ وَالسَّعَالِي فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ كَثِيرَةٌ كَمَا حَكَى الْمُؤَلِّف, وَقَدْ حَدّثَنِي الثّقَةُ عَنْ نَاحِيَ الهُدْبَانِيَّ الْجُهَنِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ مِمَّنْ رَآهَا فِي قَرْحَى شَمَالَ غَرْبِيِّ الْمَارامِيَةَ فِي وَادٍ يَرْفِدُ بِالحَمْضِ يُسَمَّى طُرَيْف الرِّيحِ, وَلَنَا عَلَيْهِ كَلَامٌ فِي رِسَالَةً لَنَا عََنْ الْغِيلَان وَالهَيْلانِ, وَهَذِهِ الْمَخْلُوقَاتِ يَكْثُرُ وُجُودِهَا فِي تِلْكَ النَّوَاحِي مِنْ الْحِجَازِ, وَقَدْ كَتَبَ عَنْهَا بَعْضُ الْعُلَمَاء الأَْوَّلِينَ كَابْنِ طُولُونَ الْحَنَفِيّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 953 لِلْهِجْرَةِ, لَهُ « كِتَابِ الْغُول » وَمَا يَزَال هَذَا الْكِتَابِ مَخْطوط حَتّى الْآنَ, وَيُخَيَّلُ إِليَّ أَنَّهُ صَنَّفَ كِتَابَهُ هَاذَا بَعْدَ رِحْلَتِهِ لأََدئِّ مَنَاسِكَ الْحَجِّ, مَارًّا بِتِلْكَ الْمَنَازِلِ وَالدِّيَارِ, وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي « الْبَرْقُ السَّامِي فِي تعْدَادِ مَنَازِلِ الْحَجّ الشَّامِي », وَلأَِحَدِ الْمُحْدَثِينَ الْمُعَاصِرِين « الْغُول بَيْنَ الْحَدِيثِ النَّبَوِيّ وَالْمَوْرُوثَ الشّعْبِيّ », وَلِلبِلَادِيُّ كِتَاب « الْأَدَبُ الشّعْبِيَّ فِي الْحِجَازِ » وَقَالَ الْقَزْوِينِيُّ فِي كِتَابِهِ عَجَائِبَ الْمَخْلُوقَاتِ : رَأَى الغُولَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ, مِنْهُمْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب حِينَ سَافَرَ إلَى الشّامِ قَبْلِ الْإِسْلَامِ, فَضَرَبَهَا بِالسّيْفِ
وَرَوَى الشَّيْخُ الْمُؤَرِّخُ الْدُكتُور نَاصِر بْن غُنَيْم الْمَرْوَانِيُّ فِي كِتَابَةِ : دِرَاسَاتٍ مِيْدَانِيَةً فِي وَادِي الْعِيصِ وَمُجْتَمَعُ قَبِيلَةِ جُهَيْنَةَ, نُسْخَة 1418هـ, قَال :
وَيُطْلَقُ عَلَى الْجِنِّ فِي مُجْتَمَع جُهَيْنَةَ الْهَوْل, نَظَرًا لِمَا يُحَدِّثَهُ مِنْ خَوْفٍ وَهَلَعٌ وَتَهْوِيلٌ, وَقَدْ كَانَ النَّاسُ فِي مُجْتَمَعِ الْبَحْثِ يَتَصَوَّرُونَ أَنَّ مَسَاكِنَ وَمَوَاقِعَ الْجِنِّ هِيَ الدُّورِ الْخَرِبَةَ ومَعَاطِنِ الإِْبِل وَمَوْضِعَ النَّار, وَلِذَلِكَ هُمْ يَتَحَاشَوْنَ ويَحْذَرُونَ هَذِهِ الْأَمَاكِن وَالْمَوَاقِع, كَذَلِكَ يَتَصَوَّرُونَ أَنَّ عَدُوٍّ الْجِنِّ اللَّدُود وَاَلَّذِي يَقْضِي عَلَيْهِ هُوَ الذِّئْب, وَكَثِيرًا مَا تُرْوَى الْقَصَصِ مِنْ الْإِخْبَارِيّينَ عِنْدَمَا يُقَرِّرَ أَحَدُ أَبْنَاء جُهَيْنَةَ فِي السَّابِقِ أَنْ يَشُدَّ الرِّحَالُ بعد مُنْتَصَفِ إحْدَى اللَّيَالِي عَلَى ظَهْرِ بَعِيرهُ [ذَلُولِهِ] وَحِيْداً فِي الصَّحْرَاءِ لِيَسْرِي فِي رِحْلَةِ سَفَرٍ إلى مِنْطَقَةٌ أُخْرَى لِقَضَاءِ حَاجَةٍ مَا, فَإِنْ أَهَمَّ دَلِيلٌ لِلْمُسَافِرِ عَلَى وُجُودِ الْهَوْل عَلَى سَطْحِ الأَْرْضِ بِأَنَّ يَعْرِفُ مِن الْحَرَكَاتِ الْغَيْرِ عَادِيَة الَّتِي تُصْدِرُهَا دَابَّتِهِ, مِثْل : الْوُقُوف الْمُفَاجِئٍ لِلدَّابَّةِ عَلَى غَيْرِ عَادَتَهَا, أَوْ الْهَرْوَلَةُ المُفاجَأَةُ لَهَا, وَعِنْدَئِذٍ يَفْزَعُ ذَلِكَ لْمُسَافِرِ إِلَى الْبَسْمَلَةِ, انْتَهَى كَلاَمِه, قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ وَالْقَرِيبَ نَاصِر رْعَاهُ اللَّهُ رِوَايَاتٌ غَيْرُ هَذِهِ يُسْنِدُهَا عَنْ إِخْبَارَييْن مِنْ جُهَيْنَةَ .
وَمِنْ أَحْسَنُ مَنْ وَصَفَ السِّعْلِيّةَ مِنْ الشُّعَرَاءِ وَالْفُرْسَانِ أَبِي الْبِلاَدِ الْطُّهَويُّ, وَذَاكَ حِينَ أَنْشَدَ :
لهَانَ عَلَى جُهَيْنَةً مَا أُلاقِيَ مِنْ ...... الرَّوْعَاتِ عِنْدَ رَحَى بِطانِ [بُوْاطَانِ]
لَقِيتُ الْغَوْلَ تَسْرِي فِي ظَلاَمٍ ......... بسَهْبٍ كَالْعَبَايَةِ صَحْصَحانِ
فَقُلْتُ لَهَا كِلاَنَا نَقُضُ أَرْضٍ ......... أَخُو سَفَرٍ فَصُدي عَنْ مَكَانِي
فَصَدَّتْ وَانْتَحَيْتُ لَهَا بِعَضْبٍ ........ حُسَامٍ غَيْر مُؤْتَشِبٍ يَمَانِي
فَقْدَ سَرَاتُهَا وَالبَرْكُ مِنْهَا ............. فَخَرَّتْ لِلْيَدَيْنِ وَلِلجِرَانِ
فَقَالَتْ عُدْ فَقُلْتُ رُوَيْدٍ إِنِّي .......... عَلَى أَمْثَالِهَا ثَبْتُ الْجَنَانِ
شَدَدْتُ عِقَالهَا وَحَطَطْتُ عَنْهَا ...... لَأَنْظُرَ غُدْوَةً مَاذَا دَهَانِي ؟
إِذَا عَيْنَانِ فِي وَجْهٍ قَبِيحٍ .......... كَوَجْهِ الْهِرِّ مَشْقُوقَ اللِّسَانِ
وَرِجْلا مُخْدَجٍ وَلِسَانُ كَلْبٍ ....... وَجِلْدٌ مِنْ فِرَاءٍ أَوْ شِنَانِ
قَالَ الْمُؤَلِف ابْنُ غُنَيْم الْمَرْوَانِيُّ الجُهَنِيُّ :
وَالأَبْيَاتُ المُتَقدِّمةُ ذَكَرَهَا الْجَاحِظُ وَالطَّبَرِيِّ وَنَسَباهَا لِأَبِي الْغَوْل الْطُّهَويَّ, وَهِيَ أَيْضًا عِنْدَ اللُّغَوِيَّ السِّجِسْتَانِيُّ فِي « كِتَابِ الْوُحُوش » وَقَدْ أَبْعَدَ النُّجْعَةِ مَنْ نَسَبْهَا إِلَى تابَّطَ شَراً, وَمِنْ الْمُدْرِكِ بَدَاهَةً فِي بَادِيَةِ جُهَيْنَةُ أَنَّ بُوَاطَ الْوَادِي الّذِي سَلَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةِ ذَاتِ الْعُشَيْرَةِ كَانَ وَمَا يَزَال مَرْتَعاً تَعْبَثُ بِهِ الْغِيلاَنِ وتَعَرُّضَ فِيهِ بِالْمُسَافِرينَ, وَوَرَدَ فِي عَجُزُ البَيْتِ الْأَوَّلِ رَحَى بِطانِ, وَأَكْبَرِ الظَّنِّ أَنَّ التَّصْحِيفَ قَدْ عَرَضَ لَهُ فأَبْهَمَهُ, لأَِنَّ رَحَى بِطانٍ الْمَذْكُور لاَ يُعْلَمُ مَوْقِعِهِ, وَالشَّاهِدُ أَنَّهُ بُوَاطَانِ : وَهُوَ وَادٍ وَجَبَلٌ لِجُهَيْنَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْطُّهَويّ, قََالَ السُّهَيْلِيُّ : بُوَاطَانِ فَرْعَانِ لِأَصْلٍ وَأَحَد, هُمَا: جَلْسِيّ، وَالْآخَرُ غَوْرِيّ, وَسَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ .
وَكُنْتُ يَوْمًا اسْتَمَعُ إلَى شَيْخًا يُحَدِّثُ فِي مَجْلِسِ سَمَّرٍ عَنْ هَذَا الأَْمْرِ, فَقَامَ أَحَدُهُمْ وَقَال : يَا فُلاَن هَذِهِ خُرَافَةٌ لاَ تَقْصُصْهَا إِلاَّ عَلَى الأَْوْلاَدِ, فَقُلْتُ لَهُ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَتُعَلِّمُ مَا هِِيَ الْخُرَافَةَ ؟؟, فَقَالَ: هِيَ الْقِصَصُ الْمَكْذُوبَةِ الَّتِي تَرُوجُ بَيْنَ الْعَوَامُّ مِِنْ النَّاسِ, ثُمَّ إنَّهُ قَدْ انْفَضَّ ذَاكَ الْمَجْلِسِ, وَأَنَا أَقُول: حَقاً لِقَوْلُ هَذَا الشَّيْخ حَدِيثِ خُرَافَةَ !!, فَقَدْ رَوَى الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ : حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَدِيثاً, فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ الْحَدِيثُ حَدِيثَ خُرَافَةَ, فَقَالَ : « أَتُدْرُونَ مَا خُرَافَةُ ؟؟, إنَّ خُرَافَةَ كَانَ رَجُلاً من عُذْرَةَ أَسَرَتْهُ الْجِنُّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, فَمَكَثَ فِيهِنَّ دَهْراً طَوِيلاً ثُمَّ رَدُّوهُ إلَى الإِنْسِ, فَكَانَ يُحْدِثُ النَّاسُ بِمَا رَأَى فِيهِِمْ مِنَ الأَعَاجِيبِ, فَقَال النَّاسُ : حَدِيثُ خُرَافَةَ »,
قُلْتُ :
وَخُرَافَةُ رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ كَمَا لابْنِ الكَلْبِي اسْتَهْوَتْهُ الْجِنُّ وَاخْتَطَفَتْهُ, ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْمِهِ فَكَانَ يُحَدِّثُ بمَا رَأَى, أَحادِيثَ يَعْجَبُ مِنْهَا النَّاسُ, فَكَذَبُوهُ فجَرَى عَلَى أَلْسُنِ النَّاسِ وَقَالُوا : حَدِيثُ خُرَافة, وَعَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ قالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ : « حَدِّثِينِي », قلتُ : مَا أُحَدِّثُكَ, حَدِيثَ خُرَافَةَ ؟؟, قَال : « أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَانَ » .
وَرَوَى السُّهَيْلِيُّ « بِالرَّوْضِ الْأنْف » وَأَبُو عُبَيْدٌ فِي « مُعْجَمِ مَا اسْتَعْجَمَ مِنْ أَسْمَاءِ الْبِلاَدِ وَالْمَوَاضِعَ », فَقَالاَ :
وَكَانَتْ مَسَاجِدُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ إلَى تَبُوكَ مَعْلُومَةً مُسَمّاةً, إِلَى أَنْ قََالَ: وَمَسْجِدٌ بِذِي الْمَرْوَةِ، وَمَسْجِدٌ بِالْفَيْفَاءِ, وَزَادَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَمْدُودٌ بِفَاءَيْنِ .
وَقَالَ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَرْبِيَّ أَوْ الْقَاضِيَ وَكِيعٌ فِي مُصَنَّف « الْمَنَاسِكِ وَأَمَاكِنَ طُرُق الْحَجّ وَمَعَالِمِ الْجَزِيرَةَ » :
مَسَاجِدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي ابْتَنَاهَا فِي خُرُوجِهِ إلَى تَبُوكَ : وَمَسْجِدٌ بِذِي الْمَرْوَةِ, وَمَسْجِدٌ بِذِي الْفَيْفَاءِ .
لزيارة موقعي الالكتروني ومراسلتي اضغط هنا :
متوقف عن الكتابة في هذا الموقع نهائيا؛ والله المستعان .
http://xcccx1.maktoobblog.com/
جزاك الله خير
اتنمي الا يكون دعوة الي فخر الجاهلية الاولي
[/QUOTE]وَحَكَى ابْنُ بَهْرَامَ الدِّمَشْقِيِّ فِي كِتَابِهِ الْجُغْرَافِيَا الْكُبْرَى :
الْفَحْلَتَيْنِ : وَهُمَا تَلانِ صَغِيرَانِ, وَهُوَ مَكَانٌ بِلاَ مَاءٍ، وَبِالْقُرْبِ مِنْهُ جَبَلٌ مُرْتَفِع, وَهُنَاكَ وَقَفَ الْحِصَارِ, وَمِنْهُ إِِلَى وَادِيَ الْقُرَى، وَلاَ يُوجَدُ بِهِ مَاءٌ جَارٍ, وَلَكِنْ تَكْثُرُ فِي أَرْضِهَا أَشْجَارٌ نَابِتَةً, وَمِنْ هُنَاكَ إِلَى آبَيارِ حَمْزَةَ، حَيْثُ يُوجَد مَسْجِدٌ لِلرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَال ابْنُ فَضْل الْيَعْمُرِيّ فِي الْمَسَالِكِ وَالمَمالِكِ :
وَأَرْض الْفَحْلَتَيْنِ : وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي شِعْر الشُّعَرَاء بِالأَبرَقَيْن, وَقَدْ تَأْتِي مَضَايِقَهُ سُيُولٌ, فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقَيْظ مَنَعْتهمْ الْجِبَال أَنْ يَسْتَرِيحُوا بِنَسِيمٍ, وَتَقْدَحَتْ رِمَالِهِ وَأَحْجَارِ الصَّوَّان بِهِ نَارًا تَتَوَقَّد, وَهَبَّتْ مِنْ فِجَاجِهِ رِيحُ السَّمُوم, فَنَشَّفَت الْقِرْب وَأهْلَكْت النَّاس وَالإِْبِل .
وَقَالَ اُوْلِيَاء جَلَبِي الْمُتَوَفَّى بِسَنَةِ 1081 لِلْهِجْرَةِ فِي كِتَابَةِ « الرِّحْلَةُ الْحِجَازِيَّة » :
قَلْعَة الْفَحْلَتَيْن : يُسَمِّيهَا الأَهْالي وَسُكَّانُ الْمِنْطَقَةِ أَيْضاً « صَخْرَة السَّلاَمِ », وَيَقُولُونَ أَنَّ الرَّسُول الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا كَانَ يَمُرُّ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ أَلْقَى السَّلاَمَ قَائِلاً : « السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ يَا جَبَل منَّور » فَجَاءَهُ صَوْتٍ مِنْ الْجَبَل مُجِيْباً : « وَعَلَيْكُمُ السَّلاَم يَا رَسُول اللَّه », وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمِنْطَقَةِ أَيْضاً وِلاَيَةِ بِلاَد خَيْبَرَ, وَالْقَلْعَةُ مُقَامَةً فَوْقَ صَخْرَةٍ مُدَببةً, وَيُقَال أَنَّ أَوَّل مَنْ أَقَامَهَا عَنْتَرَةَ, وَلَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ, وَلَمْ نَشَأَ أَنْ نَصْعَدهَا أَوْ نَتَفْحَصُها, فِي شَرْقِ هَذِهِ الْمِنْطَقَةِ تُوجَدُ جِبَال بِهَا عُيُونٌ مَائِيَّةٌ عَذَبَةٍ مِنْ الْقَاعِ, وَقَدْ قَامَ الْجَمِيع بِمِلْئِ قِرْبَهُمْ مِنْهَا .
وَقَالَ ابْنُ طُولُونَ الْمُتَوَفَّى بِالْقَرْنِ التَّاسِعِ الْهِجْرِيِّ فِي كِتَابِهِ « الْبَرْقُ السَّامِي فِي تعْدَادِ مَنَازِلِ الْحَجّ الشَّامِي » :
ثَمَّ وَصَلْنَا هَدِيَّة عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَوَجَدْنَا بِهَا آثَارِ سَيْلٌ كَبِيرٌ أَتَى مِنْ شَرْقِيِّهَا مِنْ جِهَةِ أَرْضُ خَيْبَرَ, ثَمَّ رَحَلْنا مِنْهَا قَبْلَ فَجْرِ الْغَدِ, فَمَرَرْنا عَلَى الْعَقَبَةِ السَّوْدَاء ، ثُمَّ عَلَى وَادِي الْجَمَاجِمِ وَالرِّمَمْ، ثُمَّ عَلَى وَادِي الإضان ؟, ثَمَّ عَشينَا بِقُرْبِ الْفَحْلَتَيْن : وَهُمَا قِطْعَتَانِ كَبِيرَتَانِ عَلَى رَأْسِ جَبَلٌ غَرْبِيِّ الطَّرِيقِ، يَرَاهُمَا الْحَاجِّ مِنْ بُعْدٍ، « وَبَعْضُ النَّاسِ يَزْعُمُ أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعَدهُما », ثَمَّ رَحَلْنا فِي ثُلُث هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ، فَدَخَلْنَا وَادِي الْقُرَى، ثَمَّ عَشينَا فِي أَوَاخِره .
يَقُول الْمُؤَلِفُ بْن غُنَيْم الجُهَنِيَّ :
وَالْفَحْلَتَيْن هَذَا أَحَدُ عَجَائِبِ جِبَالِ الْحِجَازِ, وَقَدْ تَلَقَّفْتُ مِنَ أَهْلِ الْبَادِيَةُ بَعْضَ أَخْبَاره,
وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي خَبَر صُعُودِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلجَبَلِ, وَسَلاَمِ الْجَبَلِ عَلَيْهِ وَرَدُّهُ السَّلاَمَ عَلَى الْجَبَل وَتَسْمِيَتُهُ إِيَّاهُ بِجَبَلِ منَّور, فَلَمْ أَجِدهُ فِي كُتُبِ المُتقَدِّمِينَ الَّذِينَ ذَكَرُوهُ, وَلَكِنْ مِمَّا لاَ شَكَّ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَرَّا بِجِوَارِ الْجَبَل فِي طَرِيقِهِ إلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ, وَابْتَنَى مَسْجِدًا لَهُ هُنَاكَ وَصَلَّى فِيهِ مَعَ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ, كَمَا فِي كُتُبِ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي وَالْبُلْدَانِيَّاتِ وَغَيْرِهَا, هَذَا مَعَ مَعَ وُرُودِ خَبَرُ صُعُودُهُ لِلْجَبَل عِنْدَ ابْنِ طُولُونَ وَهُوَ مِنْ أَعْلاَمِِ الْقَرْنِ الثَّامِنِ الْهِجْرِيِّ, وَلَمْ يَنْتَشِرُ ذَلِكَ الْخَبَرَ لاِنْقِطَاعِ الرُّوَاةِ وَضَيَاعِ الْكُتُبُ الَّتِي أَخَذْت عَن رُوَاةَ الْبَادِيَةِ, وَلِذَلِكَ وَجَدْنَا ابْنِ طُولُونَ ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةُ, ثُمَّ جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ الْمُؤَرِّخُ جَلَبِي بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَذَكَرَ أَنَّ أَهْل تِلْكَ الْبَلْدَةِ يَرْوُونَ ذَلِكَ الْخَبَرِ, وَيَظْهَرُ أَنَّ رِوَايَةِ هَذَا الأَْثَرِ أَوِ الْخَبَرَ كَانَتْ مِنْ مَوْرُوثِ أَهْل تِلْكَ الْبِلاَدِ وَهُمْ جُهَيْنَةَ, يَرْوِيَهَا الأَْجْدَادُ لِلأَْبْنَاءِ كُل تِلْكَ الْقُرُونِ .
فَإِنْ قََالَ قَائِلٌ : أَلَيْسَ مِنْ الإِْجْحَافِ قَبُولكُمْ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ لِلجَبَلِ وَتَسْمِيَةُ النَّبِيّ لَهُ, وَرَفَضِ خَبَرَ وَرِوَايَة تَسْمِيَةُ الْجَبَلِ بِجَبَلِ عَنْتَرَ, مَعَ أَنَّهُ لاَ زَال الْجَبَل مَعْرُوفًا بِهَذَا الاِسْمِ, وَكِلَيْهِمَا رِوَايَات مُسَمَّاهُ أُخِذَتْ مِنْ طَرِيقِ الرِّوَايَةِ الْشَفَهَّيَةَ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ رُّوَاةِ أَهْل الْبِلاَدِ, وَلَمْ تَرِدَ فِيهَا نُصُوصٌ مُعْتَمِدَةً تَدُل عَلَيْها ؟؟
قُلْنَا: شَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا, وَذَلِكَ لسَّبَبَيْنِ, أَوَّلاً : لأَِنَّنِي لَمْ أَجِدْ فِيمَا اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا يَدُل عَلَى سُكْنَى أَوِ تَرَدُّدَ عَنْتَرَةَ الْعَبْسِيَّ لِهَذِهِ الْجِهَات مِنْ الْحِجَازِ, ثُمَّ إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ مَنَازِل قَوْمِ عَنْتَرَةَ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ وَحَدِيثِهِ, ثَانِيًا: عَنْتَرَةَ نُسِبَتْ إِلَيْهِ أَمَاكِنَ مُتَفَرِّقَةٍ وَعَدِيدَةٍ مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ, حَتَّى أََنَّ سَدَّ بَطِحَانَ الْقَدِيمِ الَّذِي فِي عَالِيَةِ الْمَدِينَةِ, أَطْلَقُوا عَلَيْهِ اسْمُ سَدَّ عَنْتَرَ, كَمَا عِنْدَ الْمَرَاغِي فِي مَعَالِمِ دَارِ الْهِجْرَةِ, ثَالِثًا: الْغَالِب عَلَى الظَّنّ أَنَّهَا مِنَ قَصَصَ إخْوَانُنَا الْمَغَارِبَةُ, لأَِنَّ هَذَا طَرِيقِهِمْ الَّذِي يَسَلُكُوه فِي رِحْلَتِهِمْ لِلْحَجِّ, وَهُمْ مُوَلَّعُونَ بِأَسَاطِير عَنْتَرَةُ وَعَبْلَةَ !! .
وَأَمَّا مُرُورِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانُ فَهُوَ ثَابِتٌ بِلاَ شَكٍّ, وَكُتُبِ الأَْحَادِيثِ وَالتَّأْرِيخِ وَالسِّيرَةِ وَالْمَعَاجِمِ وَالْبُلْدَانِ مُلئَّ بِالنُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَضَافِرَةِ, وَقَدْ نَقَلْنَا تِلْكَ النُّصُوصِ, فَلاَ يُسْتَغْرَبُ مَعَهَا صُعُودِهِ لِلجَبَلِ وَتَسْمِيَةُ إِيَّاهُ, وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيث صَحِيحَة صَرِيحَةٍ بِأَنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ مَعَ بَعْضِ الْجِبَالِ كَجَبَلِ أُحُدٍ, وَحِرَاءَ, وَمَسْأَلَةِ تَكْلِيمُ الْجَمَادَاتِ لَهُ هِيَ مِنْ دَلاَئِل نُبُوَّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسِّلاَمُ, وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَسَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّه وَهُوَ مَعَ رُفْقَةً لَنَا يَتَحَدَّثُونَ عَنْهُ وَكُنَّا نُزُولٌ بِسَفْحِ الْجَبَلِ الشَّرْقِيِّ فِي صَبَاحٌ بَارِدٍ وَكُنْتُ يَوْمَهَا صَبِيًّا لَمْ اُجَاوَّزَ الْعَاشِرَةِ, وَيَرْوُونَ أَنَّ تِلْكَ الْفَحْلَتَان مِنْ بِنَاءِ الجِنَّ لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ, وَكَانُوا يَدْعُونَهُ بِجَبَلِ الفحْلَةَ, وَأَحْسَبُ أَنَّنِي قَرَأْتُ مِثْل هَذَا الْخَبَرُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهّابِ المِكْنَاسِيِّ فِي كِتَابِهِ « إِحْرَازُ الْمُعَلَّى وَالرَّقِيبْ », وَاَللّهُ أَعْلَمْ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْن كِبْرِيتُ الْمَدَنِيِّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 1070 مِنْ الْهِجْرَةِ في « رِحْلَةُ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ » :
ثَمَّ رَحَلْنا فَلَمْ نَزَل نَطْوِي بِالسَّيْرِ الْفَيَافِي وَالْقِفَارُ, فَمَرَرْنا بِالْعَقَبَةِ السَّوْدَاء, وَمِنْهَا تَرَى الْفَحْلَتَان, ثُمَّ أَتَيْنَا عَلَى الْفَحْلَتَيْن: وَهُمَا قُنّتانِ عَلَى شَاهِقِ جَبَلٍ مِنْ غَرْبِيّ الْجَادَّةِ, ثُمَّ أَتَيْنَا عَلَى وَادِيَ الْقُرَى, « قِيلَ: كَانَ بِهَا أَلْفِ قَرْيَةٍ », وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا غَيْرَ الْأَطْلَال, وَمِنْهَا كُثَيّرِ عَزّةَ .
وَقَالَ عَلِيُّ غَبْان فِي كِتَاب الْآثَار الْإِسْلَامِيَّةِ شَمَالَ غَرْبِ الْمَمْلَكَةِ :
قَلْعَة الْفَحْلَتَيْن : تَقَعُ بَيْنَ اسْطَبْل عَنْتَر وَآبَارِ نَصِيف, وَهِيَ أَيْضاً مِنْ الْقِلاعِ الْعُثْمَانِيَّةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا حَاكِمُ دِمَشْق وَأَمِير الْحَجِّ الشَّامِيِّ عُثْمَان بَاشَا .
قَالَ الْمُؤَلِف ابْنُ الغُنَيْم :
وَفِي ذَيْل الْكِتَابِ مَرْجِعُهُ arl Barbir, op p.140 , وَعُثْمَان بَاشَا مِنْ أَعْيَانِ الْقَرْنِ الْحَادِيَ عَشَرَ الْهِجْرِيِّ, تَرْجَمَ لَهُ عَارِف عَبْدُ الْغَنِيِّ فِي تَارِيخه أُمَرَاءِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ, فَقَال : شَيْخُ الْحَرَم النَّبَوِيِّ الشَّرِيف فِي حُدُودِ سَنَةَ 1251هـ، إلَى سَنَةِ 1256هـ، ثُمَّ أَصْبَحَ وَالي الْحِجَازِ فِي سَنَةِ 1256هـ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ 1261هـ .
وَقَالَ الخِيَارِيّ الْمَدَنِيِّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 1080 لِلْهِجْرَةِ, فِي رِحْلَتِهِ « تُحْفَةُ الْأُدَبَاء وَسَلْوَةُ الْغُرَبَاء » :
الْفَحْلَتَيْن : وَيُسَمَّى حِصْنُ عَنْتَرَ, مَنْزِلٌ كُلَّهُ رَمَل, قَابَلْنَا بِوَجْهٍ مَرَد مِنَ النَّبَات, قَلَّ مَاؤُهُ, وَتَعَطَّل حَيَاؤُهُ, وَهَذِهِ الْبِلاَد كَثِيرَة الْحِجَارَةُ, وَالطَّرِيقُ فِيهَا مَارَّةٌ بَيْنَ جِبَالٍ, فَقِلنا بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ إِلَى أَنْ صَلَّيْنَا الْعَصْرِ, وَسَافَرْنَا إِلَى ضَحْوَة الْغَدِ, وَمَسْجِدٌ فَيْفَاءِ الْفَحْلَتَيْنِ مِنْ أَعْمَال الْمَدِينَةِ .
وَنَقَل الْبِلَادِيّ فِي مُصَنَّفِهِ الْمَعَالِمِ الْجُغْرَافِيَّةِ الْوَارِدَةِ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ :
فَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ : جَاءَتْ فِي ذِكْرِ غَزْوَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ جُذَامَ، وَخَبَرِ دِحْيَةَ وَالْهُنَيْدِ، أَنَّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ لَقِيَ جَيْشَ زَيْدِ بِفَيْفَاءِ الْفَحْلَتَيْنِ, قُلْت : لَا تُعْرَفُ الْيَوْمَ الْفَحْلَتَانِ، أَمَّا الْفَيَافِي هِيَ أَرَاضٍ وَاسِعَةٌ تُضَافُ إلَى مَا جَاوَرَهَا، فَهِيَ كَالْخَبْتِ تَمَامًا، وَسِيَاقُ الرِّوَايَةِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ إلَى بِلَادِ جُذَامَ، وَلَكِنَّهُ إلَى الْمَدِينَةِ أَقْرَبُ وَيُخَيَّلُ إلَيَّ أَنَّهَا بَيْنَ إضَمٍ وَالْعُلَا .
قََالَ عَاتِق غَيْث الْبِلَادِيُّ فِي كِتَابِهِ الْكَبِير « مُعْجَمِ مَعَالِمِ الْحِجَاز » :
شِدَّادِ عَنْتَر : جَبَلٌ عَالٍ ذُو رَأْسَيْنِ, كغزالي؟ الشِّدَادِ, تَحْتَهُ مَحَطَّةَ عَنْتَر لِسِكَّةِ حَدِيدِ الْحِجَازِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَالْعُلَا, .. وَلَيْسَ هُوَ اسْطَبْل عَنْتَر, ذَاكَ فِي تُهَامَةِ بَلِيٍّ, وَهَذَا فِي الدَّاخِلِ قُرْبَ الْعُلَا .
قَالَ الْمُؤَلِفُ ابْنُ الغُنَيْم الجُهَنِيَّ :
لَيْسَ الْجَبَلُ الْمَذْكُور مِِنْ حَوْل الْعُلَا أَوْ بِقُرْبِهِ, إنَّمَا يَبْعُدُ عَنْ الْعُلَا قُرَابَةِ 170 كَيْلًا وَيَزِيد !, وَقَدْ وَهِمَ الْبِلَادِيُّ حِينَ جَعَل اسْطَبْل عَنْتَر اسْمٌ يُطْلَقُ عَلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ, وَإِنَّمَا هُمَا اسْطَبْلانِ مُتَغَايِرَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا الْمَقْصُودَ وَالآْخَرُ بِقُرْبِ أُمِّ لَجٍّ, لَهُ ذِكْرٌ كَثِيرٌ فِي كُتُبِ الرِّحَلاتِ, وَقَدْ أَكْثَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ ذِكْرِهِ .
وَلَهُ أَنْشَدَ النَّابُلُسِيَّ :
تَشَبَّهْنَا بِأَهْل الْبَدْوِ حَتَّى ............. أكَلْنَا الخُبْزَ مأَدُوْماً بصَعْتَرْ
وَسُقنا الخيْلَ خَيْلَ بَنِي تَمِيمٍ ....... وَقَدْ جِئْنَا إِلَى إصْطَبْل عَنْتَرْ
وَأَنْشَدَ الصَّلاحَ الصَّفَديَّ فِيهِ :
رَكْبُ الْحِجَازِ تَرَاهُ ........... إِذَا مَشَى يَتَبَخْتَرْ
كَمْ فِيهِ عَبْلَة رِدْفٍ ......... تَخَافُ وَادِي عَنْتَرْ
إذَا رَنَّتْ لمُحبٍّ ............... صَالَتْ عَلَيْهِ بِأَبْتَرْ
وَلَيْسَ يَحْمَى الْمُعَنَّى ...... لَوْ بالدُّرُوْعِ تَسَتَرْ
وَتَمَثَّلَ النَّابُلُسِيَّ بِبَيْتِ شَعْرٍ عَنْهُ :
سِرْتُ نَحْوَ الْحِجَازِ مِنْ مِصْرَ أَسْعَى ... بِخُيُولٍ رِهَانٌ لُجَمٍ وَحَبْلِ
وَبِإصْطَبْل عَنْتَرٍ قَدْ نَزَلْنَا ...... إنَّ مَثْوَى الْخُيُولِ بِالإِْصْطَبْلِ
وَحَكَى أَيُّوب صَبْرِي بَاشَا فِي كِتَابِهِ « مِرْآةُ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ » :
مَنْزِل فَحْلَتَيْن : عِبَارَةٌ عَنْ هَضْبَتْينِ صَغِيرتَيْنِ تَخْلُوانِ تَمَامًا مِنْ الْمِيَاهِ, وَيُوجَدُ بِالْقُرْبِ مِنَ فَحْلَتَيْنِ جَبَلٌ مُرْتَفَعٌ فَوْقَ قِمَّتَهُ حِصْنٌ حَصِيْن, وَالْقَائِمُونَ مِنْ فَحْلَتَيْنِ يَمُرُّونَ بِوَادِي الْقُرَى, وَمِنْهُ وَمِنْهُ إلَى آبَيارِ حَمْزَةَ, وَبَعْدَ ذَلِكَ يَصِلُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ, ثُمَّ تَسْتَمِرُّ حَرَكَتِهِمْ إلَى بِيَار عَلِيٍّ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ صَادِق فِي مَخْطُوطَته مِشْعَل الْمَحْمَل:
وَمَحَطَّةُ الْشَجْوَةَ عَلَى بُعْدٍ, وَفِي س9 نَزَلَ السَّيْل؟ [الْمَطَرِ] عَلَى الرَّكْبُ وَامْتَدَّ وَاشْتَدَّ, وَفِي س9 ق50 [دَقِيقَة] أَنَاخُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَر, وَنُصِبَتْ الْخِيَامِ عَلَى الْبَلَل, مَعَ اسْتِمْرَارِ نُزُول الْمَطَرِ, وََغُمِرَتْ الأَْحْمَالِ وَالْفُرُشِ بِالْمِيَاهِ, وَلَمْ يُوضَعْ شَيْءٍ عَلَى الأَْرْضِ لِيُجْلسَ عَلَيْهِ عَلَيْهِ إلَّا ابْتَل أَسْفَلَهُ وَأَعْلاَهُ, وَفِي نُصْفِ السَّاعَةِ الأَْوْلَى مِنْ اللَّيْلِ امْتَنَعَ الْمَطَر, وَأَمْضَى كُل شَخْصٍ لَيْلَتهُ بِقَضَاهِ, وَقَدْرٌ بَيْنَ رُطُوبَةِ الْأَرْضِ وَفَرْشَهُ, وَمِنْ كَانَتْ لَهُ سحارة ؟ وَنَامَ عَلَيْهَا صَارَتْ كَنَعْشِهِ, وَأَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْقَمِيص وَمَالَهُ خَيْمَةً وَلَا غِطَاء فَكَانَ فَرْشَهُ الْمَاء: أَعْنِي الْأَرْضُ بِبَلَلِهَا, وَغِطَاؤُهُ الْهَوَاءِ, وَخَيْمَتَهُ السَّمَاء, وَيَفْعَلُ الله بِخَلْقِهِ مَا يَشَاءُ, وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ 21 مِنْهُ بَعْدَ مُضِيِّ عِشْرِينَ دَقِيقَةٍ مِنْ السَّاعَةِ الْأُولَى سَارَ الرَّكْبُ, وَفِي س1 ق45 وَصَل إِِلَى أَكَمَةٌ عَالِيَةٍ فَوْقَ جَبَلٍ شَاهِقٍ تُسَمَّى: باصْْطَبْلِ عَنْتَرَ, أَوْ قَصْرُ عَبْلَةَ ؟ .
لزيارة موقعي الالكتروني ومراسلتي اضغط هنا :
متوقف عن الكتابة في هذا الموقع نهائيا؛ والله المستعان .
http://xcccx1.maktoobblog.com/
[/QUOTE]وَرَوَى جون لويس بيركهارت فِي « رَحَلَات فِي الدِّيَارِ الْمُقَدَّسَةِ؛ وَالنُّوبَة؛ وَالْحِجَاز » وَذَلِكَ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمائَتَيْنِ بَعْدَ الأَْلْفِ مِن الْهِجْرَةِ لِلْمَدِينَةِ :
الْفَحْلَتَيْنِ : وَتَكْثُرُ فِيهَا الْقِرَدَة؛ وَالَّتِي يَدْعُوهَا الْبَدْو الْفُهُود !؛ وَبِهَا بِنَاءٌ قَدِيمٌ مُقَام بِحِجَارَةٍ سَوْدَاء؛ وَتُسَمَّى : اِصْْطَبْل عَنْتَر؛ وَتُعْتَبَرُ الْفَحْلَتَيْنِ آخِر الْقِلاَعِ عَلَى طَرِيقِ الْحَجِّ الشَّامِيّ؛ وَجَمِيعُ الْقِلاَعِ الْمَذْكُورَةِ عِبَارَةً عَنْ حُصُونٌ صَغِيرَةٍ؛ وَغَالِبًا مَا تَكُونُ إِلَى جِوَار بِرْكِ مَاءِ الْمَطَرِ؛ أَمَّا إِذَا كَانَتْ هُنَالِكَ آبَارٌ فَغَالِباً مَا تَكُونُ دَاخِلَ أَسْوَارِ الْقَلْعَةَ؛ وَيُسْتَخْرَجُ مِنْهَا الْمَاءُ بِوَاسِطَةِ الْجِمَال الَّتِي تَسْحَبُ الْحِبَال عَلَى البكرات [الْمَكَرات: بِالْمِيمِ]؛ فَتَنتشِلَ الدِّلاَء الَّتِي تَصبُ فِي قَنَاةٍ تَخْرُجُ إِلَى الْبِرْكَةِ أَوْ الْحَوْضِ؛ الْمُقَامُ خَارِجِ سُور الْحِصْنِ مُبَاشَرَةً؛ حَيْثُ تَسْتَقِي قَافِلَةَ الْحَجِّ؛ كَمَا وَأَنَّ الْحَجَّاجِ كي [لِكَيْ] يَتَخَفَّفوا مِنْ بَعْضِ أَثْقَالهمْ؛ فَإِنَّهُمْ يَتْرُكُونَ بَعْض مَتَاعِهِمْ أَمَانَةً دَاخِل هَذِهِ الْقِلاَع؛ حَيْث يَسْتَرِدُّونَهَا فِي طَرِيقِ عَوْدَتِهِمْ؛ وَفِي كُل قَلْعَةٍ أَرْبَعَةِ أَوِ خَمْسَةِ رِجَالٍ مِنْ جُنُودِ دِمَشْق
وَهُمْ طِوَال فَتْرَةِ وُجُودِهِمْ فِي الْحِصْنِ لاَ يَخْرُجُونَ مِنْهُ؛ وَلاَ يَفْتَحُونَ أَبْوَابِهِ؛ وَيَأْتِيَهُمْ الْبَدِيل مَعَ قَافِلَةَ الْحَجِّ؛ وَنَادِرًا مَا تَجَد الْقَافِلَةِ عَدَدِ رِجَالِ الْحُصُونِ بِكَامِلهم؛ فَأَغْلَبُهُمْ يَمُوتَ قَبْل أَنْ يَحُل عَلَيْهِ الْحَوْل؛ وَقَبْل وُصُول الْقَافِلَةِ؛ وَذَلِكَ إِمَّا قَتْلاً مِنْ الْبَدْو الَّذِينَ لاَ يَنْثَنون عَنْ مُهَاجَمتِهِمْ وَإِطْلَاق النَّار عَلَيْهِمْ كُلَّمَا لاحَتْ الْفُرْصَة؛ أَوْ يَمُوتُونَ كَمَدًا مِنَ السِّجْنِ؛ أَوْ مَرَضًا؛ وَجَمِيع الْجُنُودِ الَّذِينَ يَحِلُّونَ فِي هَذِهِ الْحُصُونِ هُمْ رِجَال منْطَقَةِ الْمَيْدَانِ فِي دِمَشْقَ؛ وَهُمْ مِنْ الأَشِدَّاءُ الَّذِينَ قَلَّمَا رَأَيْتُ مِثْلِهِمْ بَأْسًا وَشَجَاعَةٍ ؛ وَمَعَ أَنَّ الرَّوَاتِب الَّتِي تُصْرَف لَهُمْ قَلِيلَةً جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لِمُعَانَاتِهِمْ وَقَسَاوَة الْمُهِمَّةِ المُوَكَّلَةُ إِلَيْهِمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ يَخْدِمُون؛ بِاعْتِبَارِ الْمُهِمَّةِ إِحْدَى فُرُوعِ الْجِهَادُ فِي سَبِيل اللَّهِ؛ فَأَحَدَهُمْ بَقِيَ مُدَاومَاً فِي الْفَحْلَتَيْن لِمُدَّةٍ [بَيَاضٌ بِنَحْوِ كَلِمَتَيْنِ] وَعِشْرِينَ عَامًا مُتَوَاصِلَةٍ؛ كَمَا وَأَنَّ أَحَدُهُمْ وَيُدْعَى ابْنُ الوَزَّة يُعْتَبَرُ رَئِيسُ الْجُنْدِ الْمَوْجُودِينَ [بَيَاضٌ عِنْدِي] الْحُصُونِ الْمُوَزَّعَةِ عَلَى طَرِيقُ الْحَجّ؛ وَهُوَ الْآن يُقِيمَ فِي قَلْعَةَ الْحِسَا .
وَيَذْكُرُ عَبْدِ اللَّهِ السُّوَيْدِيّ الْبَغْدَادِيِّ الْمُتَوَفَّى مِنْ سَنَةِ 1174 لِلْهِجْرَةِ الْمُبَارَكَةِ؛ فِي كِتَابِهِ « النَّفْحَةُ الْمَسكَّيةِ فِي الرِّحْلَةُ الْمَكِّيَّةِ » :
وَتَلِيهَا مَرْحَلَةُ الْفَحْلَتَيْنِ : بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْحَاء؛ فَفَتْحُ اللَّامِ فَتَاءٌ مَفْتُوحَةٍ؛ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ؛ وَآخِر الْحُرُوف عَلَى صِيغَةِ التَّثْنِيَةِ؛ قَالَ فِي الْقَامُوس : وَالْفَحْلَتَانِ مَوْضِعٌ؛ وَلَعَلَّ وَجْهُ التَّسْمِيَةِ انْفِرَادِهَا عَنْ الْعِمَارَاتِ؛ وَاعْتِزَالِهَا عَنْهَا كَالْفَحْلِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا قَرْعَ الْإِبِل اعْتَزَلَهَا؛ وَفِيهَا آبَارٌ عَذْبَةَ حُلْوَةً غَيْرَ مَطْوِيّةٍ وَلَا مَحْفُورَه؛ وَإِنَّمَا يَحْفِرُهَا الْحُجَّاجِ قَدَرَ قَامَةً؛ فَيَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْ تَحْتِ الرَّمْلِ؛ وَلَعَلَّهُ مَاءُ مَطَرٍ كَامِنٌ تَحْت الرَّمْلِ؛ وَالْبَدْو تُسَمّيهَا شَجْوَى؛ مِنْ الشَّجْوِ؛ [وَ]هُوَ الْحُزْن؛ وَيَحِقُّ لَهَا ذَلِكَ حَيْثُ إِنَّهَا لمْ تَكُنْ مَوْطِئ أَقْدَامَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ؛ وَلاَ دَار سُكْنَاهُ مَعَ قُرْبِهَا مِنْ طَابَةَ؛ وَمِمّا وَقَعَ لِي أَنِّي لَمَّا وَصَلْتُ إلَى تَبُوكَ أَخَذَنِي الْحَزْنُ وَالْقَلَقَ وَالْخَوْفُ وَالرّعْبِ وَالِاضْطِرَابِ؛ مَعَ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبَ وَالْعَوِيل
وَلَمْ يَزَل هَذَا الْحَال يَعْتَرِينِي كُلَّ سَاعَةٍ؛ لاََ تَهَدأ عَيْنَيّ مِنَ الْبُكَاءِ؛ وَلاَ يَبْرُد قَلْبِي مِنْ حَرّ الْفِرَاقِ وَالْخَوْف؛ إلَى أَنْ خَرَجَتْ مِنْ طَابَةَ الطّيّبَةُ؛ وَمَا كَانَ ذَلِكَ إِلاَّ خَوْفًا مِنَ أَنْ أَكُونَ مَطْرُودًا مَحْرُومًا خَائِبًا مَأْيُوسًا؛ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَلاَ مَرْضِيٍّ؛ وَخَوْفًا مِنْ أَنْ أَكُونَ مُقَصِّرًا فِي تَعْظِيمِهِ وَتَوْقِيره وَالتَّأَدُّبُ مَعَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَمَعَ ذَلِكَ كُل سَاعَةٍ أَلُوم وَأَقُول : بِأَيِّ وَجْهٍ أوَاجِهَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَأَنَا ذُو جُرْمٌ كَبِيرٍ؛ كَثِير التَّقْصِير؛ مُنْهَمِكً فِي اللَّذَّاتِ؛ غارق فِي بِحَارِ الغفلات؛ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ بِالطَّاعَاتِ؛ وَلَا مُجِدٍ عَلَى الْعِبَادَاتِ؛ وَلَمْ يَزَل هَذَا الْوَارِد مَعِي لَا يُفَارِقنِي؛ فَاَللَّه أَسْاَلُ أَنْ يَجْعَلنِي من الْمَقْبُولِينَ الْمَرْضِيِّينَ غَيْر الْمَطْرُودِين الْمَحْرومِين؛ وَأَنّ يَنْفَعُنِي بِزِيَارَتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَيَحْشُرَنِي تَحْتَ لِوَائِهِ؛ آمِين .
وَقَال الْبَغْدَادِيِّ فِي طَرِيقِ عَوْدَتِهِ مِنَ الْحَجِّ إِلَى الشَّامِ أَيْضا :
وَلَمّا وَصَلْنَا إِلَى مَرْحَلَة الْفَحْلَتَيْن جَاءَ الْخَبَر إلَى أَمِير الْحَاجّ بِأَنّ عَشِيرَة بَنِي صَخْر والشارة [الشرارات] وَغَيْرُهُمْ حَاصَرُوا الْجَرْدة فِي تَبُوكَ؛ وَمَنَعُوهَا مَن الْمَسِيرَ؛ فَحَصَلَ غَمٌّ عَظِيمٍ وَاضْطِرَابٍ؛ وَتَيَقَّنُوا الْهَلاَكَ؛ وَاضْطَرَبَت الآْرَاءِ وَالأَْفْكَار؛ فَسَلَّمُوا أَمْرَهُمْ إِلَى اللَّهِ وَفَوَّضُوهُ إلَيْهِ إلَى أَنْ جِئْنَا إِلَى بِيَار الْغَنَمِ؛ فَجَاءَ الْبَشِيرُ بِأَنْ الْجَرْدة صَبَاحَ غَدٍ تُوَافِيَ الْحَاجِّ فِي العُلى [الْعُلَا]؛ فَحَصَل السُّرُورِ وَالأَْفْرَاحِ؛ وَزَالَت الْهُمُومُ وَالأَتْرَاح؛ وَسَبَبُ خَلاَص الْجَرْدة أَنَّ أُولَئِكَ الْأَشْقِيَاء حَاصَرُوهَا عَشَرَةُ أَيَّامٍ؛ فَدَفَعَ أَمِيرُ الْجَرْدة الْوَزِيرَ كوسي عَلِيّ بَاشَا وَالَيَّ صَيْدا دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ لِِيُخِلُّوا لَهُمْ الطَّرِيقُ؛ فَلَمْ يَقْبَلُوا؛ وَقَلَّتْ ذَخِيرَتَهُمْ؛ فَطَلَبُوا مِنَ الأَْمِيرِ مَا دَفَعَهُ أَوَّلا فَلَمْ يَقْبَل؛ وَتَفَرَّقُوا .
قََالَ الْمُصَنِف ابْنُ غُنَيْم الْمَرْوَنِيَّ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ وَالِدَيْهِ - :
قَوْل بيركهارت بِأَنَّ بَدْوِ جُهَيْنَةَ يَدَّعُونَ الْفَحْلَتَيْن بِشَجْوَى؛ لَيْسَ قَوْلاً مُتَعَيِّنا كَمَا تَوَهَّمَ الْمُسْتَشْرِقِ؛ فَالْفَحْلَتَيْن وَاقِعٌ بِأَرْضِ شَجْوَةَ؛ وَاسْمُ شَجْوَى لَمْ نَهْتَدِ إِلَيْهِ فِيمَا لَدَيْنَا مِنْ مُؤَلَّفَاتِ الْمُتَقَدِّمِينَ؛ عَدَا مَا قَالُوهُ عَنْ جَبَلِ فَحْلٌ؛ حَيْثُ قَالَ الغُدَّةَ الأَْصْفَهَانِيُّ فِي كِتَابِهِ « بِلَادِ الْعَرَبِ » : جبَلٌ لهُذَيْلٍ؛ يَصبُّ مِنْهُ وَادِي شَجْوَةَ؛ أسفلُه لقومٍ مِنْ بَني أًميّة؛ انْتَهَى؛ وَقَالَهُ نَصْرٌ أَيْضا فِي « الْأَمْكِنَةِ وَالْمِيَاهِ وَالْجِبَالِ »؛ وَلاَ أَرَاهُ هُوَ الْمَقْصُود؛ إِذْ أَنَّ بِلاَدِ هُذَيْل هِيَ تِهَامَةَ وَمَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَمَا جَاوَرَهَا؛ وَلاَ تَزَال هُذَيْلٌ مِنَ الْقَبَائِل الْعَظِيمَةِ الْقَلِيلَةِ الَّتِي تَنْزِلُ فِي أَرَاضِيهَا الْقَدِيمَةِ؛ وَحَالُهَا كَجُهَيْنَةَ فِي بِلَادهَا؛ وَشَجْوَةَ كَانَتْ تُسَمَّى عِنْدَ عُلَمَائِنَا السَّابِقِينَ فَيْفَاءُ الْفَحْلَتَيْنِ؛ وَقَدْ يَدْعُونَهَا بِالْمَقرح الَّذِي يَحُدُّهَا إِلَى مُغَيْرِبَانِ الشَّمْس؛ وَهَذَيْنِ الاِسْمَيْنِ يُسْتَعْمَلاَنِ حَتَّى الآْن عِنْدَ جَمِيع الْجُهَنِيِّين؛ مِنْ شَرْقِ الْجُهَنِيَّةِ إِلَى غَرْبِهَا .
وَنَقَلَ مُحَمَّد صَادِق فِي مَخْطُوطِهِ « اسْتِكْشَافِ طَرِيقِ الْأَرْضِ الْحِجَازِيَّةَ » :
وَفِي صَبَاح يَوْمُ الْجُمُعَةِ 28 رَجَبٍ قُمْنَا مِنْ هَذَا الْمَحَل فِي السَّاعَةِ [الْ]وَاحِدَة وَنِصْف؛ وَبَعْدَ مَسَافَةً قَلِيلَةٌ انْتَهَى الْوَادِي لِتِّلٍ يَتَخَطَّاهُ الطَّرِيق؛ وَمِنْهُ دَخَلْنَا فِي طَرِيقٍ مُتَّسَعٍ ذِي أَشْجَارِ صنط وعبل؟ [حَمْضٍ وَأَثْلٍ]؛ وَتَرآئ لَنَا مِنْ بُعْدٍ عَنْ جِهَةِ الْيَمِينِ جَبَلٌ شَاهِقٍ فِي ارْتِفَاعَ 500 مِتْرٍ؛ وَفَوْقَهُ صَخْرَةٌ عَظِيمَةً؛ كَهَيَّأَةُ أَعْظَمَ مَا يَكُونُ مِنَ الطوابى الْعَسْكَرِيَةَ؛ يَظُنُّهَا الرَّائِي مُرَكَّبَةٌ مِنْ بِنَاءٍ, تُعْرَفُ عِنْدَ الْعَامَّةِ باصْْطَبْلِ عَنْتَرَ؛ وَهُوَ عَلَى مَسِيرِ 19 أَلْفَ مِتْرٍ مِنْ سَيْر هَذَا الْيَوْمِ؛ وَمَا زَال مِنَّا بِمَرآى الْعَيْنِ لِثَّانِي يَوْمٍ؛ وَفِي السَّاعَة 7 وَ 50 دَقِيقَةٍ وَصَلْنَا إِلَى مَرْحَلَة الْشَجْوَى؛ عَلَى مَسِيرِ 11 أَلْفٍ وَ 500 مِتْرٍ مِنْ اصْْطَبْلِ عَنْتَر؛ وَبِهَذِهِ الْمَحْطة آبَارٍ وَقَلْعَةٍ مَهْجُورَةً؛ قِيلَ إِنَّهَا مُنْذُ سَنَتَيْن نَهْبَتهَا الْعُرْبَان؛ وَشتَّتَ مُحَافِظيهَا؛ وَعِنْدَهَا يَجْتَمِعُ وَيَفْتَرِقُ طَرِيقَا الْحَجّ الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيّ .
وَجَاءَ عِنْدَ إبْرَاهِيم بَاشَا فِي « الْرَحَلَات الْحِجَازِيَّةِ؛ وَالْحَجّ وَمَشَاعِرِهِ الدِّينِيَّةِ » :
الْمرَحَّلَةُ الْخَامِسَةِ مِنْ بِئْرِ الْعَيْنِ إلَى « الْمَقْرَحَ؛ أَوْ الْشَجْوَة »؛ قُمْنَا مِنْ بِئْرِ الْعَيْنِ عِنْدَ تَمَامِ السَّاعَةِ الثَّامِنَة مِنْ لَيْلِ الْجُمُعَةِ؛ وَسِرْنَا إلَى السَّاعَةِ 12 لَيْلاً فِي أَرْضٍ أَكْثَرَهَا حَجَرَّي؛ وَقَلِيلٌ مِنْهَا رمْلِيّ؛ وَمِن السَّاعَةِ 12 تَغَيَّرَ الاِتِّجَاه إِلَى دَرَجَة 120 وَاتَّسَعَ الطَّرِيق؛ وَرَأَيْنَا قَصَّرَ عَبْلَةُ ؟؟؛ عَلَى مَبَعِّدَةٌ؛ وَزَادَ اتِّسَاع الطَّرِيقَ؛ وَوُجِدَ بِهِ الأَْحْجَارِ وَالْحَصَى الْكَبِير الأَْمْلَسِ؛ وَقَدْ اِسْتَرَحْنَا بِالطَّرِيقِ, وَبَعْدَ 5 دَقَائِق مِن مَسِيرِنَا تَغَيَّرَ الاِتِّجَاه إِلَى 145 [دَرَجَةً]؛ وَسَهْلَت الْأَرْضَ؛ وَتَخْصَبَتْ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ ووَقتََئِذٍ بَلَغْنَا مَحَلًّا يُقَالُ لَهُ: الْمَقْرَح أَوْ الْشَجْوَةِ؛ بِحِذَاءِ قَصْرُ عَبْلَة !؛ أَوْ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْهُ .
وَقَالَ الْبَاشَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ نُسْخَة مِصْرَ لِسَنَة 1344 هِجْرِيِّ :
مِنْ الملاليح [المُلَيْلِيح] إلَى قَصَّرِ عَبْلَةَ أَوْ الْشَجْوَةَ؛ سِرْنَا السَّاعَة 9 وَالدَّقِيقَة 40 مِنْ لَيْلَة الْخَمِيس الْمُحَرَّم؛ وَبَلَغْنَا قَصَّر عَبْلَةَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِسَاعَةٍ؛ بَعْدَ أَنْ اِسْتَرَحْنَا بِالطَّرِيقِ خَمْس سَاعَاتٍ؛ وَكَانَ سَيْرَنَا إلَى الشَّمَالِ الْغَرْبِيِّ 6 سَاعَاتٍ؛ وَالطَّرِيقُ وَادٍ مُتَّسَعٌ يُسَمَّى : وَادِي الْحَمْض؛ بِهِ حَنْظَلٍ كَثِير؛ وَخَشَبٍ [حَطَبٍ] لِلْحَرِيقِ؛ وَأَكْثَرُ الْأَرْضِ صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ؛ وَفِي مُنْتَهَى الطَّرِيق أَرْضٌ حَجَرِيَّةٍ سَهْلَةٌ؛ ذَاتُ مَسَالِك؛ قَطَّعْنَاهَا فِي سَاعَتَيْنِ .
وَأَلْفَيْت فِي كِتَابِ مُحَمَّد بْن عُثْمَان السَّنُوسِيّ التُّونِسِيُّ « الرِّحْلَةُ الْحِجَازِيَّة » :
ارْتَحَلْنَا بَاكَّرَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ 19 الْمُحَرَّمِ؛ مِنْ آبَارِ نَصِيف, اِصْْطَبْل عَنْتَرَةَ بْن شَدّادٍ الْعَبْسِيّ؛ مِنْ أَشْهَرِ شُجْعانِ العَرَبِ وَفُرْسَانِهِم؛ وَمَنْزِلُهُ بَيْنَ جِبَالٍ فِي هَاتِه الْجِهَةِ؛ نَزَّلْنَا حَوْلَهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ؛ ارْتَحَلْنَا مِن اِصْْطَبْل عَنْتَرَ السَّاعَة التَّاسِعَة مِنَ اللَّيْل؛ فَوَصَّلْنَا الْفَحْلَتَيْن عِنْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ؛ وَصَلَّيْنَا هُنَاكَ؛ وَسِرْنَا إلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ نَهَار الْجُمُعَةِ 20 الْمُحَرَّمِ .
وَعَنْ الْحَمْض قَالَ أَبُو حَنِيفَة الدِّينَوَرِيّ فِي « كِتَابِ النَّبَات » :
الْحَمْض : لَيْسَ بِاسْم نَبَتٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ؛ وَلَكِنَّهُ اسْمٌ لِجِنْسٍ مِنَ النَّبَاتِ؛ وَهُوَ كُل مَا كَانَ فِيهِ مُلُوحَةٍ؛ دقَّ أوْ جَلّ .
قَالَ ابْنُ غُنَيْم الْمَرْوَنِيَّ :
وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ الدِّينَوَرِيّ رَحِمَهُ اللّهُ؛ اتّبَعَهُ فِيه الْكَثِيرِينَ؛ وَهُوَ لَيْسَ بِشَيْء؛ وَالصّوَابُ أَنَّ هُنَاكَ شَجَرَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِعَيْنِهَا تُدْعَى شَجَرَةُ الْحَمْضه؛ وَكَانَتْ هَذِهِ الْأَشْجَارُ تَنْمُو بِكَثْرَةٍ فِي وَادِي إضَمٍ « وَادِي الْحَمْض الْيَوْمَ »؛ وَقَدْ اجْتَثَّها سَيْلُ الْجَزْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي مَوْضِعٍ سَابِق؛ وَكَانَ الْوَادِي حَرِجٌ بِأَشْجَارِ الْحَمْض قَبْلَ السَّيْلُ الْمَذْكُورِ؛ حَتَّى إِنَّهُمْ قَالُوا : إِذَا سَامَتْ فِيهِ النَّاقَةُ لَا تَرَى مِنْهَا إلَّا حِرْدُ السّنَامِ؛ وَحَدّثَنِي بِكُل هَذَا أَعْرَابِيٌّ مِنْ الْمَرَاوِين؛ الْتَقَيْتَهُ عِنْدَ بِئْرٍ يُدْعَى الكَوْد بِذِي الْمَرْوَةِ .
وَوَقَعَ فِي كِتَابِ « عُمْدَةِ الطَّبِيبِ فِي مَعْرِفَةِ النَّبَاتِ » لأَبُو الْخَيْر الإِْشْبِيلِيّ :
وَمِنْ أَنْوَاع الْحَمْض؛ القُطْب : هَذَا الِاسْم يَقَعُ عَلَى أَنْوَاعِ الْحَمْض كُلُّهَا؛ وَمِنْ أَنْوَاعِ الْحَمْض : القَرْمَل : نَبَاتٌ لَهُ سَاقٌ قَصِيرَةً مَائِلَةٌ إِِلَى الْخُضْرَةِ؛ لَهُ زَهْرٌ صَغِير؛ لَوْنَهُ إِلَى الصُّفْرَةِ؛ كَثِيرُ الرُّطُوبَةِ؛ إِذَا مَشَى الْإِنْسَان عَلَيْهِ فِي مَنَبْتِة اخْضَرَّتْ قَدَمَاهُ؛ وَإِذَا إِلْْتَقَمَهُ الْبَعِيرَ سَالَتْ رُطُوبَتِهِ فِي فَمِهِ؛ يَمْلأَ الأَْصْل الْوَاحِدِ مِنْهُ فَمِ الْبَعِيرِ؛ نَبَاتُهُ الرَّمْلِ؛ وَالغَضَى : شَجَرٌ يَنْبُتُ بِالرَّمْلِ؛ دَائِمُ الْخُضْرَةِ؛ كَثِيرٍ بِالْحِجَازِ؛ وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْحَمْض؛ وَرَقَهُ مُهدَّبُ؛ يَعْلُو نَحْو الْعُقْدَة .
قَالَ ابْنُ غُنَيْم الْمَرْوَنِيَّ :
وَفِي نَبَاتَاتِ الْحَمْضِ وَالْمُلُوحَةِ شِفَاءٌ لِكَثِيرٍ مِنْ الْأَسْقَام وَالْأَوْجَاع؛ وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَلْفِيّتَهُ فِي « كِتَابِ طِبّ الْعَرَب » لِعَبْدِ اللَّه بْن حَبِيب السُّلَمِيّ الْأَنْدَلُسِيّ: قَال عَبْد الْمَلِك بْن حَبِيب؛ حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن جَعْفَر بْن مُحَمَّد؛ عَنْ أَبِيهِ؛ عَنْ جَدّهِ؛ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَال : « اجْعَلُوا الْمِلْحَ أَوَّلَ طَعَامِك؛ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءٌ مِنْ إِثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ دَاءٌ؛ مِنْهَا : الْجُنُون, وَالْجُذَام, وَالْبَرَص, وَوَجَع الْأَضْرَاس, وَوَجَع الْبَطْن »؛ وَذَكَرَ الْأَصْمَعِيّ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَمْض فِي كِتَابِهِ « النَّبَاتِ وَالشَّجَر » : الرِمْث؛ وَالنَّجِيلُ؛ والدُّعَاعُ؛ وَالقُلَّام، وَالرُّغْلُ؛ وَالعِكْرِشُ؛ وَغَيْرُهَا كَثِيرٌ؛ وَلَيْسَ هَذَا مَحَل الإِْفَاضَةِ .
لزيارة موقعي الالكتروني ومراسلتي اضغط هنا :
متوقف عن الكتابة في هذا الموقع نهائيا؛ والله المستعان .
http://xcccx1.maktoobblog.com/
[/QUOTE]قَالَ الْمُؤَلِف ابْنُ غُنَيْم الْمَرْوَانِيُّ الجُهَنِيُّ :
وَوَجَدْت لِشَيْخِنَا الْعَلَامَةَ النّسّابَةُ مُؤَرِخ وَجُغْرَافِيُّ جَزِيرَة الْعَرَب حَمِد الجاسِر رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَعَالَى, بَحْثاً حَوْلَ هَذَا الْوَادِي وَمَا يُحِيط بِهِ مِنْ أَرْضِ جُهَيْنَةَ, نَشَرَهُ فِي مَجَلّةُ الْعَرَبِ مِنْ شَهْر مُحَرَّمِ وَصَفَرُ سَنَةَ 1404 مِنْ الْهِجْرَة, يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَنْقُلَهُ كَامِلاً بِنَصِّهِ, مَعَ التَّعْقِيب عَلَيْهِ, وَاسْتِدْرَاك مَا بِهِ مِنْ أَخْطَاء, قَالَ الشَّيْخ :
وَادِي رَشَادْ مِنْ بِلَادِ جُهَيْنَةَ :
سَّائِلَانِ كَرِيمَانِ هُمَا دَخِيل اللَّه بْن عَوَض بْن سَلْمَان دَخِيل اللَّه بْن عَوَض بْن سَلْمَان، الْجُهَنِيّان، كَتَبَا إليَّ بِمَا مُلَخَّصُهُ : سُؤالِنَا عَنْ قَرْيَةُ المُلَيْلِيْح وَبِالذَّاتِ عَنْ وَادٍ يُقَالُ لَهُ رَشَادْ، مَا هُوَ سَبَب تَسْمِيَتِهِ بِهَذَا الِاسْم ؟؟, وَهَذَا الْوَادِي يَقَعُ شِمَال الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، ويَتَّصِلُ بِوَادِي الْحَمْضِ, فَمَا الِاسْمُ الْقَدِيمُ لِقَرْيَة المُلَيْلِيح ؟، وَقَدْ عَرَفْنَا مِنْ آبَائِنَا أَنَّ اسْمِهَا ( أَبِيَارِ نَصِيف )؟؟ .
أَمَّا الاِسْمُ الْقَدِيمِ لِقَرْيَة المُلَيْلِيح فَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ الْمَصَادِرِ مَا يُوَضِّحُهُ، وَكَانَتْ تُعْرَفُ بِاسْمِ أَبِيَار نَصِيف فِي الْقِرْنِ الْمَاضِي, كَمَا فِي كُتُبِ رَحَلات الْحَجّ مِثْل كِتَابِ « مِرْآةَ الْحَرَمَيْنِ » وَقَبّلَهُ رِحْلَة مُحَمّد بْن عُثْمَانَ السَنوسِيّ التُّونِسِيّ الّذِي حَجّ سَنَةَ 1299هـ, انْظُرْ « الْعَرَبِ » س13 ص291, فَقَدْ مَرَّ بِهَا وَسَمّاهَا : آبَارِ نَصِيف .
وَأَرَى أَنَّ اسْمَهَا الْقَدِيمُ هُوَ : مُرٌ : بِالْمِيمِ الْمَضْمُومَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ مُشَدّدَةٌ، فَقَدْ ذَكَرَ الْمُتَقَدّمُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَقْطَعَ عَوْسَجَة بْن حَرْمَلَة بْن جُذَيْمَة بْن سَبْرَة الْجُهَنيّ، مَنْ رِفَاعَةَ أَقْطَعَهُ ذَا مُرٍّ، وَأَمَرَهُ عَلَى أَلْفِ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ « جَمْهَرَةِ أَنْسَابِ الْعَرَبِ » لاِبْنِ حَزْم ص417 ـ الطَبعة الْأُولَى ـ , ومُرٌّ هَذَا ذَكَرَهُ الْحَازِمِي فِي « كِتَابِ الْبُلْدَانَ » أَنّهُ وَادٍ مِنْ بَطْنِ إضَم، وَقِيلَ : هُوَ بَطْنِ إضَم, وإضَمُ هُوَ : وَادِي الْحَمْضِ .
هَذَا الّذِي أَرَاهُ استنتاجاً مِنْ كَوْن الْمَوْضِعِ مَعْمُورًا مُنْذُ عَهْدٍ قَدِيم، وَقَدْ تَكُونَ هُنَاكَ صِلَةً بَيْنَ كَلِمَةِ ( الُْمليْلِيح ) وَ ( مُرٍ ), وَهِيَ أَنَّ الْمَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَيْسَ عَذْباً, أَمَّا وَادِي رَشَاد، فَيَرِدْ فِي بَعْضِ الْمُؤَلَّفَات الْقَدِيمَةِ بِاسْم (رَشَدْ ), وَلَعَلَ هَذَا ناشيءٌ عَنْ كَوْنِ بَعْضُ الْكُتَّابِ يَحْذِفُونَ حَرْفَ الْأَلِف مِنْ بَعْضِ الْأَسْمَاءِ مِثْلَ (الرّحْمَنِ) وَ (الْحَرْثِ) وَ (وَإِسْحَاق) وَنَحْوَهَا, وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حَزْم ٍ فِي « جَمْهَرَةِ أَنْسَابِ الْعَرَبِ » وَغَيْرِهِ أنَّ بَنِي غَيَّان بْنِ قَيْسِ بْنِ جُهَيْنَة وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ, فَقَالَ لَهُمْ : « أَنْتُمْ بَنُو رَشْدَان », وكَانَ وَادِيْهِم يُسَمَّى غَوَى فَسُمِّيَ رَشَداً, ويَحْسُنُ أَنْ نُورِدَ هُنَا أَسْمَاء بَعْضَ الْمَوَاضِعِ الّتِي لَهَا صِلَةً بِهَذَا الْوَادِي، لَعَلَ مِنْ بَيْنَ الإِْخْوَةِ القُرَّاء مَنْ يُوَضِّحُ مَا يَعْرِفُهُ مِنْهَا مَشْكُورًا .
الأَجْرَدُ : قَالَ الْهَجَريّ : الْأَجْرَدِ أَحَدُ جَبَلَيْ جُهَيْنَةَ ، وَالثّانِي الأَشْعَرُ ، وَإِلَيْهِمَا تُنْسَب أَوْدِيَتِهِمْ, والأجرد : مِمّا يَلِي بُوَاطَ الْجَلْسِيّ ، وَهُمَا بَوَاطَانِ , فَمِنْ أَوْدِيَةِ الأَجْرَد الّتِي تَسِيْلُ فِي الْجَلْسِ : مَنْكَثَة : وَهِيَ تِلْقَاءَ وَادِي بُوَاط, وَيَلِي مَنْكَثَةَ رشَادُ : وَهُوَ يَصُبُ فِي إضَم، وَكَانَ اِسْمُهُ غَوَى، فِيمَا تَزْعُمُ جُهَيْنَةُ، فَسَمّاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَشَاداً ، وَهُوَ لِبَنِي دِيْنَارٍ إِخْوَةُ الرَّبْعَة, وَيَلِيَ رَشَاداً الحاضِرَةُ : وَبِهَا قَبْرُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن مُحَمّد بْن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْن عُمَرَ بْن عَبْدِ الرّحْمَنِ بْن عَوْفٍ، وَهِيَ عَيْنٍ لَهُمْ , وَيُصَب عَلَى الحاضِرَةُ الْبُلَيُّ : وَفِيهِ نَخْلٌ، وَهُوَ لِمُحَمّدِ بْن إبْرَاهِيمَ اللّهَبِيّ, ثُمَّ يَلِي الحاضِرَةُ تَيْدَدُ : وَبِهِ عُيُونٌ صِغَار : عَيْنٌ لِعَبْدِ اللّهِ بْن مُحَمّد بْن عِمْرَان الطَّلْحِيّ، وَيُقَالُ لَهَا : أُذَيْنة، وَهِيَ خَيْرُ مَالِهِ، وَالظَّلِيْلُ : لِمُبَارَكِ التُرْكِيّ, وَعُيُونَ تَيْدَدَ فِي أَسْنَانَ الْجِبَالِ .
وَمِنْ أَوْدِيَةِ الأجرد الّتِي تَصُبُ فِي الْغَوْرِ, هزْر : وَهُوَ لِبَنِي جُشَمٍ، رَهْطٍ مِنْ بَنِي مَالِك, وَفِيهِ يَقُولُ أَبُو ذُؤَيْب :
« أَكَانَتْ كليلة أهل الهزر »؟ . وَمِنْ مِيَاهِ جُهَيْنَةَ بالأجرد، بِئْرُ بَنِي سِبَاع : وَهِيَ بِذَاتِ الْحَرَّى، وَبِئْرُ الحَوْتِكَةُ : وَهِيَ بزقب الشطان، الَّذِي ذَكَرَهُ كُثَيِّرٌ فَقَالَ :
[poem=font="Simplified Arabic,6,#0300FF,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
كَأَنَّ أُنَاساً لَمْ يَحِلُّوا بِتَلْعَةٍ=فَيُضْحُوا، وَمَغْنَاهُمْ مِنَ الدَّارِ بَلْقَعُ
وَيَمْرُرْ عَلَيْهَا فَرْطُ عَامَيْنِ قَدْ خَلَتْ=وَلِلْوَحْشِ فِيْهَا مُسْتَرادٌ ومُرْتَعُ
مَغَانِي دِيَارٍ لا تزال كَأَنَّهَا=بأَصْعِدَةِ الشّطَّانِ رَيْطٌ مُضَلَّعُ[/poem]
وَهُوَ بِالْمَنْصَفِ بَيْنَ عَيْن بَنِي هَاشِمٍ الّتِي بِمَلَلٍ، وَبَيْنَ عَيْنِ إِضَمٍ, اِنْتَهَى كَلَام الْهَجَرِيُّ .
أُذَيْنَةُ : وَادٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ .
الْبُلَيُّ : لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ سِوَى الزَّمَخْشَرِيُّ, نَقَلٍ عَنْ السّيّد عُلَيٍّ، فِي أَوْدِيَةِ الْقَبَلِية الْبَلْيَاء، وَضَبَطَ يَاقُوت هَذَا بِفَتْحِ الْبَاء وَإِسْكَان اللَّام, أَمَّا البلي فَقَدْ وَرَدَ فِي « مُعْجَم مَا اِسْتَعْجَمَ » كَمَا تَقَدَّمَ فِي وَصْفِ الأجرد, وَأَصْلُ الْكَلَام لِلْهَجَرِيُّ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّح الْبَكْرِيُّ بِذَلِكَ .
التعديل الأخير تم بواسطة أبن غنيم المرواني ; 01-05-2008 الساعة 05:12 PM
لزيارة موقعي الالكتروني ومراسلتي اضغط هنا :
متوقف عن الكتابة في هذا الموقع نهائيا؛ والله المستعان .
http://xcccx1.maktoobblog.com/
[/QUOTE]بُوَاط : قَالَ الْهَجَرِيُ فِي كَلَامهِ عَلَى الْأَشْعَرْ جَبَلُ جُهَينَةَ الْمَعْرُوفُ الآْنَ بِاسْمِ (الفِقْرَة) وَبِحِذَاء الأشَعَر مِنْ شِقِه الْيَمَانِيّ وَادِي الرّوْحَاءِ, وَمِنْ شِقِّهِ الشَّامِيُّ بُواطَانِ : الْغَوْرِيُّ ، والْجَلْسِيُّ ، وَهُمَا جَبَلَانِ مُتَفَرِقَا الرَأْسَيْنِ، أَصُلْهُمَا وَاحِدٌ، وَبَيْنَهُمَا ثَنِيَّةٍ سَلَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِي غَزْوَةِ ذِي العُشَيْرَةِ مِنْ يَنْبُعَ، فَأَهْلُ بُوَاطٍ الْجَلْسِيّ بَنُو دِينَارٍ مَوَالِي بَنِي كُلَيْب بْن كَثِير، وَكَانَ دِينَار طَبِيباً لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَان، وَهُمْ إِخْوَة الرَّبَعَة مِنْ بَنِي جُهَيْنَةَ, وَهُوَ يَلِيَ مِلْحَتَيْن, انْتَهَى, وغَزْوَة بُوَاط مِنْ الْغَزَوَاتِ النَّبَوِية، ذَكَرَهَا ابْنُ هِشَامٍ فِي « السّيرَةِ » فَنَقَل عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ أَنّ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ غَزَا فِي الشَّهْرِ الأَْوَّل فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ يُرِيدُ قُرَيْشًا حَتّى بَلَغَ بُوَاطَ مِنْ نَاحِيَةِ رَضْوَى، ثُمّ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَلْقَ كَيْداً, ثُمّ ذَكَرَ بَعْدَهَا غَزْوَةُ الْعُشَيْرَةِ مِنْ بَطْنِ يَنْبُعَ, وَمِلْحَتَانِ الوَارِدَتَان فِي كَلَامِ الْهَجَرِيّ مِنْ أَوْدِيَةِ القبَلِيَّة بالأشَعَر، مِمّا يَلِي ظَلِمَ مِنْ شِقِه الشَّامِيُّ, وَهُمَا مِلحَة الرِّمْثِ, وَمِلحَة الحَريض بِهَا شِعْبٌ ضيِّقٌ يَحْرِضُ الْإِبِلَ, أَيّ : يَشِقُ جُلُودِهَا .
وَوَادِي بُوَاطٍ يَجْتَمِعُ سَيْلِهِ بِسيول أَوْدِيَةِ الْمَدِينَةَ بَعْدَ اِنْحِدَارِهَا وَاجْتِمَاعِهَا بِوَادِي مَلَلٍ, بِذِي خُشُبٍ, وَظَلْمٌ, والْجُنَيْنَةُ ، ثُمَّ يَلْقَاهَا وَادِي ذِي أَوْان وَدَوَافِعُهُ مِنْ الشَّرْقِ ، وَيَلْقَاهَا مِنَ الْغَرْبِ بُوَاطٍ, والحزَّار، وَيَلْقَاهَا مِنْ الشَّرْقِ وَادِي الأتمة، ثُمَّ تَمْضِيَ فِي وَادِي إضَمَ حَتّى يَلْقَاهَا وَادِي بُرمَة, الّذِي يُقَالُ لَهُ : ذُو الْبَيْضَه مِنْ الشّامِ، وَيَلْقَاهَا وَادِي تُرْعَة مِنْ الْقِبْلَةِ, ثُمَّ يَلْتَقِي هُوَ وَوَادِي الْعِيْصِ مِنَ الْقِبْلَةِ, ثُمَّ يَلْقَاهُ دَوَافِع وَادٍ يُقَالُ لَهُ : حِجِر، وَوَادِي الْجِزْل، الّذِي بِهِ السُّقْيَا والرَّحَبَة، فِي نَخِيلِ ذِي الْمَرْوَةِ مُغَرِّباً، ثُمَّ يَلْقَاهُ وَادِي عَمُودَان فِي أَسْفَلِ ذِي الْمَرْوَةِ، ثُمَّ يَلْقَاهُ وادٍ يُقَالُ لَهُ سفان حِينَ يُفْضِي إلَى الْبَحْرِ عِنْدَ جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ : أراك، ثُمّ يَدْفَع فِي الْبَحْر مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْدِيَةِ : اليعبوب, والنتيجة, وحقيب, انْتَهَى مِنْ « وَفَاءِ الْوَفَاء » .
الشُّطْأنُ : أَوْرَدَ يَاقُوت, الشُّطْأن : بِضَمّ أَوّلِهِ وَسُكُونِ الطّاءِ ثُمّ أَلِفٌ مَهْمُوزَةٌ وَنُوّنَ, وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ الْمَدِينَةَ، قَالَ كُثَيِّرُ :
[poem=font="Simplified Arabic,6,#000DFF,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
مَغَانِي دِيَارٍ لا تَزَالُ كَأَنَّها=بِأفْنِيةَ الشُّطْأنِ رَيْطٌ مُضَلَّعُ
وأُخْرَى حَبَسْتَ الرَّكْبَ يَوْمَ سُوَيْقَةٍ=بِهَا وَاقِفاً، أَنْ هَاجَكَ الْمُتَرَبَّعُ[/poem]
مِنْكَثَة : مِنْ نَكَثَ يَنْكُثُ إذَا نَقَضَ, مِنْ أَوْدِيةِ الْقَبَلِيّةِ يَسِيْل مِنْ الأَجْرَدِ جَبلِ جُهَيْنَةَ، فِي الْجَلْسِ، وَيَلْقَى بُوَاطاً, « وَفَاءِ الْوَفَاء » : 2/379 , وَكَذَا نَقْلَ يَاقُوت عَنْ الزَّمَخْشَرِيُّ، عَنْ السّيّد عُلَيِّ, وَقَدْ رَأَيْتَهُ فِي كِتَابِ الزَّمَخْشَرِيُّ وَهُوَ يُعَرِّفُ القَبَلِيَّة عَنْ الشَّرِيف عُلَيِّ, غَيْرُ مَضْبُوطٍ، وَلَكِنّ اتّفَاقُ يَاقُوت وَالسَّمَهُودِيّ عَلَى ضَبْطِهِ يَدُلّ عَلَى أَنّهُ تَصَحّفَ عَلَى الْبَكْرِيّ الّذِي سَمّاهُ مَبْكَثَة : بِالْبَاءِ بَدل النّون .
هَزْرُ : لَمْ أَرَ مِنْ ذَكَرَ هَذَا مِنْ مَوَاضِع الأجرد, وَبَيْتُ أَبِي ذُؤَيْبِ أَوْرَدَهُ يَاقُوت فِي هزر, وَلَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ فِي الأَشْعَر، بَل ذَكَرَ أَنّهُ فِي بِلَادِ هُذَيْلٍ, كَمَا ذَكَرَ أَنّهُ قَدْ يَقْصِدْ بِهِ اسْمُ وَقْعَةٌ قَدِيمَة .
تَيْدَدُ : أَوْرَدَ السَّمَهُودِيّ فِي « وَفَاءِ الْوَفَاء: 2/272» ما نَصُّهُ : تَيْدَدْ : مِنْ أَوْدِيَة الأَجْردِ جَبَل جُهَيْنَة، يَلِيَ وَادِي الحاضِرَ, كَذَا, بِهِ عُيُونٌ صِغَار، خَيْرِهَا عَيْنُ أُذَيْنَة، وَعَيْنٌ يُقَالُ لَهَا الظَّلِيْلُ، وَعُيُونِ تَيْدَدْ كُلّهَا تَدْفَعُ فِي أَسْنَانِ الْجِبَال، فَإِذَا أُسْهِلَ بِغِرَاسِهَا لَمْ يُنجِبْ زَرْعُهَا، وَذَلِكَ أَنّ صَاحِبِهَا وَكَانَ مِنْ جُهَيْنَةَ، ذَمَّهَا، وَقَال : هِيَ فِي جَبَلٌ, فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « لا أَسْهَلَتْ تَيْدَد » فَمَا أَسْهَلَ مِنْهَا فَلاَ خَيْرَ فيه, نَقَلَهُ الْهَجَرِيُّ, وَقَالَ رَجُل مِنْ مُزَيْنَةَ، فِي شَيْءٍ وَقَعَ بَيْنهمْ
وَبَيْنَ جُهَيْنَةُ فِي الْجَاهِلِيّةِ :
[poem=font="Simplified Arabic,6,#4800FF,normal,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
فَإِنْ تُشْبِعُوا مِنَّا سِبَاع رُوَاوَةٍ=فَإنَّ لَهَا أَكْنَافَ تَيْدَدَ مَرْتَعَا[/poem]
وَنَقَل الزَّمَخْشَرِيُّ عَنْ السّيّد عُلَيٍّ : تَيْتدَ : هُوَ الْمَعْرُوف بِأُذَيْنَةَ، وَفِيهِ عِرْضٌ فِيه نَخْلٌ مِنْ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَحَلَها فَاطِمَةَ,ذِكْرُهُ فِي أَوْدِيَةِ الْقِبْلِيَّةِ .
لزيارة موقعي الالكتروني ومراسلتي اضغط هنا :
متوقف عن الكتابة في هذا الموقع نهائيا؛ والله المستعان .
http://xcccx1.maktoobblog.com/
المفضلات