يقول شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : من أصول أهل السنة والجماعة الرد على المخالف من أهل البدع والضلال .

كأن يأتي أحد من أهل البدع فيسب الصحابة أو يلمز فيهم أو يتكلم في علماء أهل السنة أو يدعو إلى الأعمال الشركية كالتوسل بالأموات ونحو ذلك فهذا يحذر منه وله أجر في ذلك إذا أراد به وجه الله ونصره والسنة .

و الدليل على مشروعية ذلك ما يلي :
أولا : قال تعالى (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم وكان الله سميعا عليما )) .
روى ابن كثير عن مجاهد في تفسير هذه الآية قال : أضاف رجل رجلا فلم يؤدّ إليه حق ضيافته فلما خرج أخبر الناس فقال : ضفت فلانا فلم يؤد إليّ حق ضيافتي ، قال : فذلك الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم حتى يؤدي الآخر إليه حق ضيافته . اهـ . تفسير ابن كثير ج1 ص 571 .

و وجه الدلالة : أنه إذا جاز الانتصار للنفس بالجهر بالسوء لمن ظلم في حق ظالمه ، وذكر ظلمه للناي وإطلاعهم عليه ، فالانتصار لدين الله أولى وآكد ، و من ذلك الجهر بالسوء في حق أهل البدع وغيرهم والطعن عليهم بما هم عليه من فساد في الاعتقاد وتلبس بالبدع حتى يحذرهم الناس ويعرفوهم ، وبذلك تتم النصيحة لله ولرسوله وللمسلمين ، التي هي حقيقة هذا الدين .

ثانيا : و مما يستشهد به في هذا الباب من السنة أيضا ما ثبت في صحيح مسلم من قصة فاطمة بنت قيس ، حين شاورت النبي صلى الله عليه وسلم فيمن تنكح ؟ لما خطبها معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ، وأما معاوية فصعلوك لا مال له )) .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ساق هذا الحديث : و كان هذا نصحا لها ـ وإن تضمّن ذكر عيب الخاطب ـ وفي معنى هذا نصح الرجل فيمن يعامله ، ومن يوكله ، ويوصي إليه ، ومن يستشهده ، وبل ومن يتحاكم إليه ، وأمثال ذلك ، وإن كان هذا في مصلحة خاصة فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق عموم المسلمين : من الأمراء والحكام والشهود والعمال : أهل الديوان وغيرهم ، فلا ريب أن النصح في ذلك أعظم . اهـ . مجموع الفتاوى ج 28 ص 230 .

ثالثا : و هذه بعض أقوال علماء السلف في بيان مشروعية التحذير علانية من دعاة البدعة و بدعهم :
1 - قيل لأحمد بن حنبل رحمه الله : الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع ؟ فقال : إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه ، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل . اهـ . مجموع الفتاوى لأبن تيمية ج 28 ص 231 .
2 - ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ضمن حديثه عمن يجوز ذكر ما فيهم من الشر من المعيّنين : ومثل أئمة البدع ، من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة ، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة ، فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين . اهـ . مجموع الفتاوى ج 28 ص 231 .
و يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : والداعي إلى البدعة مستحق العقوبة باتفاق المسلمين ، وعقوبته تكون تارة بالقتل وتارة بما دونه كما قتل السلف جهم بن صفوان والجعد بن درهم وغيرهم ، ولو قُدر أنه لا يستحق العقوبة ، أولا يمكن عقوبته فلا بد من بيان بدعته والتحذير منها ، فإن هذا من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله به ورسوله . اهـ . مجموع الفتاوى ج35 ص 414 .

الخاتمة :
تذكر أن تكون سليم الصدر . فأن سلامة الصدر من أعظم العبادات و سلامة الصدر عند النقد من أهم المسائل .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اللهم اجعل جميع أعمالنا ظاهرها و باطنها خالصة لوجهك الكريم موافقة لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم .

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .


اللهم اغفر لي ولإخواني فإننا نحب الحق

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته