[ALIGN=CENTER][SIZE=3]شكرا للشاعر على السؤال
وشكرا استاذي الجليل ابو رامي على الايضاح من اهله
واحب ان اضيف للذين يتكلمون عن العتمة وخصوصا الشاعر الدولي وامير الكسره
عن تعريف الكسرة كنوع من انواع الشعر يتكتب الاديب ابراهيم الوافي في جريدة المدينة
( هوية الكسرة ) :
استكمالاً لما كنَّا قد بدأناه في الأجزاء السابقة من هذه الإطلالة على ( شعر الكسرة ) نستكمل اليوم الحديث عن هويتها و من ثم علاقتها بفنِّ (الهجيني ) المعروف في الشعر الشعبي ( المحكي ) في جزء لاحق ..
وللبحث في هوية الكسرة لابدَّ أن ننطلق من محورين أساسيين :
الأول : الكسرة في أصلها بدأت صوتيًّا على غرار الشعر العربي الفصيح الذي بنيت الأوزان الشعرية عليه
من قبل الخليل بن أحمد الفراهيدي فالمقياس الوزني فيها هو ( الأذن الموسيقية )
الثاني : الكسرة في أصلها سماعية أي تناقلها الناس شفويًّا على اعتبار أنَّ اللغة المكتوبة هي الفصحى وهذا هو آخر ماحفظناه للفصحى من حقوق .
وبناءً على هذين المحورين انقسم المنشغلون بفن الكسرات حول جذورها التاريخية إلى قسمين :
القسم الأول يرى أنَّ شعر الكسرة فن مستقل قائمً بذاته وبمعزلٍ عن شعر العوام الذي يتشابه فيه الوزن الشعري وعدد الأبيات طولاً وقصرًا .
والقسم الثاني يرى أنَّ الكسرة فنٌ شعري يقع تحت مظلة شعر العوام غير مستقل بشخصيته وملامحه .
ولترجيح أحد الرأيين يجب أن ننطلق أولاً إلى حيث البدايات التي خرج إلينا بها الشعر عاميًّا وكان أول ماكان في الخرجات التي جاءت بها الموشحات الأندلسية ثم ازداد زحف العامية في المؤلفات نتيجة أسباب كثيرة لايتسع المجال لحصرها لعلَّ منها الاختلاط العربي المفرط بالمجتمعات الأعجمية إضافة إلى بعض الدعوات المنحرفة والتي دعت إلى العامية لأسبابٍ شعوبية حتى خرج إلينا ( صفي الدين الحلي في العصر المملوكي )
بكتابه الضخم ( المعطل الحالي والمرخص الغالي ) الذي جمع فيه كمًا هائلاً من الفنون الشعرية الشعبية المتداولة في المجتمع آنذاك ولعلَّ مايهمنا من ذلك كله ( فن الأمالي ) والذي من نماذجه :
( من كان هواه مستور يحظى برفع الستور
ومن هتك سرْ حُبُّهْ يُمحى من الدستور )
وبالنظر إلى هذا الفن الشعري نجد أنَّه أقرب الفنون لشعر الكسرة المتعارف عليه اليوم ، برغم اختلاف الوزن الشعري بينهما إلا أنَّ اكتمال المعنى وشموليته من خلال تلك الومضة الشعرية السريعة هو أهم مايدعم هذا الاتجاه إضافة إلى كون شعر الكسرة ازدهر في المناطق الواقعة على ساحل البحر الأحمر وهي الأقرب إلى
( مصر ) العاصمة المملوكية آنذاك . . لكنَّ الأمر لايخلو من إشكاليةٍ أخرى إذْ أنَّ لسائلٍ أن يسأل لماذا إذن لم يشتهر فن الكسرة في مصر بناءً على ذلك ؟ والحقيقة أنَّ الإجابة على هذا السؤال يمكن إيجازها في كون مصر وقعتْ تحت الاستعمار الإنجليزي مما أثَّر في الثقافة الشعبية فيها بشكلٍ كبير هذا من جهة ومن جهةٍ ثانية فقد وقعت مصر تحتَ ردة فعلٍ شعبية تجاه الحياة المملوكية التي اتسمت في آخر أيامها بالظلم والتعسُّف
وبالتالي اجتثَّ الشعبُ الحضارة الشعبية المملوكية على غرار ردة الفعل الدينية الغربية تجاه تعسف الكنيسة في أوروبا في عصر الثورة الصناعية وهذا أهم مايتكئ عليه أصحاب الرأي الأول الذي يرى أنَّ شعر الكسرة فنٌ مستقل قائم بذاته وأنَّ أي تغيير طرأ عليه إنما هو محاولة لتطوير هذا الفن وضمه لعائلة الشعر الشعبي الذي اجتاحت رياحه المحمومة معظم هضاب وسهول وجبال الجزيرة العربية .
ا أمَّا الرأي الثاني فيرى أنَّ شعر الكسرة جزءٌ لايتجزَّأ من الأشعار الشعبية المنتشرة في الجزيرة العربية ، وهم بذلك يلغون الملامح الخاصة والمتفرِّدة لهذا الشعر ولعلَّ أهمها رباعيته المعروفة ( فالكسرة في الأصل أربعة أغصان أو مضاعفاتها ) في حين يرى أصحاب هذا الرأي إلى أنَّ شعر الكسرة يصنَّف ضمن فن
( الهجيني ) المعروف في الشعر الشعبي ويستشهدون على ذلك بعدة قصائد لعلّ أشهرها تلك التي شدا بها الفنَّان محمد عبده : ( أيوه قلبي عليك التاع مايحتمل غيبتك ليلة )
وغيرها من القصائد المعروفة ضمن هذا الفن .. ولعلَّ مايدعم هذا هو الوزن الشعري الذي يجمع تحت إطاره ( الكسرة والهجيني ) ..
إذن من ذلك كله نخلص إلى إشكالية الهوية بالنسبة للكسرة وإن كنتُ أميل إلى الرأي الأول بكونها فنًا مستقلاًّ بذاته ذو جذورٍ تاريخية قديمة وأعلل ذلك بما يلي :
1) انتشار شعر الكسرة دون غيره من الأشعار الشعبية في مناطق معينة واقعة على ساحل البحر الأحمر .


2) تميز تلك المناطق الواقعة على ساحل البحر الأحمر ولاسيما مدينة ينبع ( التي كما هو معروف تقطنها عائلاتٌ كثيرة ذات جذورٍ مصرية ) بشعر الكسرة وتداوله وتوارثه كموروثٍ شعبيٍ خاص .


3) ارتباط شعر الكسرة ( بلعبة الرديح ) المشهورة في مدينة ينبع بقسميها ( النخل والبحر) وبالتالي تصديره إلى المناطق المجاورة أمثال مدينة ( أملج ) ، وشعر الكسرة يرتبط بهذه اللعبة ارتباطًا وثيقًا حيث تعتمد هذه اللعبة على الكسرة ذات الأغصان الأربعة غالبًا والتي يمكن أن نطلق عليها مصطلح ( اللغز الفني )
وهو من السمات التي تميَّز الكسرة عن الهجيني كنص .


4) البناء الرباعي للكسرة جعلها متفرِّدةً عن بقية أنواع الشعر الشعبي الأخرى .
هذه كانت إطلالة سريعة حاولتُ من خلالها تحديد الجذور التاريخية للكسرة .. ولنا وقفات قادمة إن شاء الله حول الكسرة ( الإشكالية ) وشؤونها وشجنها الذي لاينفكُّ ينفضنا كما ينفض المطر أجنحة العصافير