ليلاي
شعر : يحى السماوى

يشقيـك ياليـلاي مــا يشقيـنـي
منفاي دونـك.. والصّبابـة دونـي
بتنا وقد غرّبـت مذبـوح الخطـى
مسكينـة تصبـو إلـى مسكـيـن
مترقبيـن بشـارة النخـل الــذي
أضحى سقيم السّعـف والعرجـون
نخفي إذا اصطخب الضحى آهاتنـا
فتنـزّ جمـراً فـي ظـلام سكـون
جف الضياء بمقلتـي واستوحشـت
أهدابها ـفي الغربتيـن ـجفونـي
من أين أبتدىء الطريق إذا الضحى
داجٍ وقـد سمـل الهجيـر عيونـي
ما للضفـاف تـزمّ دونـي جفنهـا
والريـح تأبـى أن تريـح سفينـي
طوت الكهولـة والتغـرّب خيمتـي
ومشت خيول الدهر فـوق جبينـي
مرّت عجافـاً لا تزيـن صباحهـا
شمـس تضاحـك مقلتـيّ سنينـي
تخشى مؤانستـي طيـوف أحبّتـي
وتغـلّ آهاتـي صـداح لحـونـي
شيّعت صحني حيـن شيّـع حقلكـم
قحط فما عرف الوجـاق طحينـي
ورغبت عن شمسـي لأن نهاركـم
مدمىً فمـا عـاد السّنـا يغرينـي
ليلاي ما شرف القطاف إذا استحى
من طين جـذر وانكسـار غصـون
لو كان لي أمر المطاع على المنـى
أو كانت الأحـلام طـوع يقينـي:
أبدلـت بالأضـلاع سعـف نُخيلـة
وبعشـب أحداقـي حثالـة طـيـن
وبرنـة القيثـار نــوح يمـامـة
وحصيـر أحبابـي بكـأس لجيـن
ما كنت مجنون الشراع.. ولا الهوى
ـلمّا عبـرت السـور ـبالمجنـون
أغوى الحـداء ربابتـي فاستنفـرت
أوتارها.. حسـب الحـداء خدينـي
***
أنا ذلك البـدوّي.. تحـت عباءتـي
بستـان أشـواق ونـهـر حنـيـن
أنا ذلك البـدوّي.. عرضـي أمّـة
ومكـارم الأخـلاق وشـمُ جبينـي
غنيت والنيران تعصف فـي دمـي
عصـف اليقيـن بداجيـات ظنـون
لكنـهـا الأيــام ـإلا فـسـحـة
منهـا ـبحقـل كالجنـان أمـيـن
ألِفتْ بها روحي الحبور وصاهرت
بينـي وبيـن الـدفء والنسـريـن
ليلاي لـو تدريـن حالـي بعدهـا
يكفيـك أنـي أشتـهـي تكفيـنـي
زعم الخيال أن المسرّة مـن يـدي
كقلائـد الياقـوت مـن «قـارون»
وَيْحي متى مدّ السـرابُ ضروعـه
لمبـاسـم الرّيـحـان والزيـتـون
أنا نبت حقل «الضاد» ما لغة الهوى
إن كان عشق «الضاد» لا يغوينـي
***
لم تبقِ لي «الخمسون» غير هنيهـة
أتـكـون يالـيـلاي دون أنـيـن
إن كـان يكفـي العاشقيـن هنيهـة
فالدّهر ـكـل الدهـر ـلا يكفينـي