[ALIGN=CENTER][/ALIGN]
[ALIGN=JUSTIFY]المتتبع لانتاج كثير من الشعراء يجد أنهم يجنحون في شعرهم أحيانا إلى الحكمة ، والنصح والموعظة ، ولكن قل أن تجد شاعرا وقف جل شعره على هذا النوع من الشعر ، ولم يتعداه إلى غيره إلا نادرا ..
وشاعرنا اليوم من هذا الطراز الذي عرف بهذا النوع من الشعر ، حتى أطلق عليه عارفوه لقب ( شاعر الأيام ) لما وجدوه في شعره من تحليل للأيام ودوراتها وتقلباتها من يسر إلى عسر ومن لين إلى قسوة ومن فرح إلى ترح استمع إليه وهو يقول :[/ALIGN]


[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
من وقت كله فتن وصلوف = خطواتنا نعد ممشاها
أيامنا تعاكس المألوف = وتفرض على الناس ترضاها[/poem]
أو وهو يقول
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
تكالبت ضدنا الأيام =وحطت بنا في زمن مردي
حتى الأمل صار كالأحلام = من وقت ياخذ ولا يدي
[/poem]
[ALIGN=JUSTIFY]و حينما تستمع إلى شعره تستدعي مباشرة الشاعر ( زهير بن أبي سلمى ) أحد فحول الشعراء الجاهليين الذي قيل عنه : الشعراء أربعة : إمرؤ القيس إذا ركب، والأعشى إذا طرب وزهير إذا رغب ، والنابغة إذا رهب .
إذا أن زهيرا كان أعف الشعراء قولا ، وأوجزهم لفظا ، وأغزرهم حكمة ، وأكثرهم تهذيبا لشعره وكان لا يقول الشعر إلا إذا رغب في قوله فهو لا يتكسب بشعره كعادة الشعراء الجاهليين وإنما وقف مدحه على أصحاب المعالي والأعمال الجليلة ، وضمنه تجاربه في الحياة ، وحكمته وهو القائل في معلقته الشهيرة :[/ALIGN]
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش=ثمانين حولاً لا أبالك يسأم
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب=تمته ومن تخطيء يعمر فيهرم
ومن لم يصانع في أمورٍ كثيرةٍ=يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله=على قومه يستغن عنه ويذمم
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه=وإن يرق أسباب السماء بسلم
ومن يجعل المعروف في غير أهله=يكن حمده ذماً عليه ويندم
ومهما تكن عند امرءٍ من خليقة=وإن خالها تخفى على الناس تعلم
[/poem]
[ALIGN=JUSTIFY]ومعلقته تربو على ثمانين بيتا لا تكاد تخرج عن هذا المجال من الحكمة والأمثال . وشاعرنا اليوم يشبهه إلى حد بعيد .
ذلكم هو الشاعر القدير ( محمد حامد السيد ) بدأ حياته موظفا عاديا في إمارة بدر ثم شق طريقه في الحياة بصبر وكفاح إلى أن أصبح من أبرز رجال الأعمال وهو يشير إلى ذلك في إحدى كسراته التي تجري مجرى الحكمة بما يدل على أن هذه التقلبات لم تغيرمن طباعه [/ALIGN]
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
كاس الغنى والفقر ذقنا = ذقنا الغنى والفقر عشناه
لا المال في يوم غيرنا = وبفقرنا الوقت سايرناه
[/poem]
[ALIGN=JUSTIFY]وتجد في هذه الكسرة تضمينا واضحا للبيتين المشهورين للإمام الشافعي الذي يقول فيهما [/ALIGN]
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
شربنا بكأس الفقر يوما وبالغنى = وما منهما إلا سقانا به الدهر
فما زادنا بغيا على ذي قرابة = غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر
[/poem]
[ALIGN=JUSTIFY]بما يوضح أن ثقافة الشاعرقد تأثرت بهذا اللون من الشعر ، واصطبغت به .
وقد أتاحت له الفترة التي قضاها ببدر أن يلتقي بكبار الشعراء المحبين للكسرة في هذه المحافظة وأن تتوطد العلاقة والصداقة معهم وبخاصة مع الشاعر الكبير المرحوم عواد الزليباني ، الذي نشأت بينه وبينه بعض المراسلات والمحاورات الجميلة ، التي يضيق المجال عن ذكرها في هذه العجالة .
وهو يضمِّن كسراته بعض الأمثال الشعبية الدارجة أو العربية ، بما يسهل على السامع حفظها وتداولها والاستشهاد بها [/ALIGN]
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
لي رأي وآنا تخيرته = أبديه للناس ماآكنه
ابعد عن الداب وشيرته = لا تقربه تنقرص منه
[/poem]
( ابعد عن الداب وشيرته ) ...... مثل شعبي
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
اسمع وخذ لك مثل ينفعك= لا بد في يوم ترجع له
منهو يحيك المكر ينحك = وما حاك للغير يوقع له
[/poem]
وهو تضمين للمثل العربي (من حفر حفرة لأخيه وقع فيها )
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
الطيب ما ينخذل راعيه = لا بد يجني ثمر طيبه
لو ضاع بين الملا يجنيه = في يوم ما حي داري به
[/poem]
وهو تضمين لبيت الشعر العربي الذي يقول :
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه = لا يذهب العرف بين الله والناس
[/poem]
[ALIGN=JUSTIFY]وهو يجسد في كثير من كسراته الحكمة وسداد الرأي وتجارب السنين استمع إليه وهو يقول :[/ALIGN]
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
من يأمن الوقت دوراته = يخلف عليه الذي حاسيه
ياكم منهو طغى وجاته = أيام يجنى طغى ما ضيه
أو=
الطيبه فالأصيل تبان = وراعي الطيبه يرقى
ماتنّسي لو تمر أزمان = وبين العرب ذكرها يبقى
أو=
وين الصديق الصدوق اليوم = اللي لا جاك اللزم تلقاه
ما غير يكثر عليك اللوم = وكل الذي بينكم ينساه
[/poem]
[ALIGN=CENTER][/ALIGN]
[ALIGN=CENTER]يتصفح المجالس الينبعاوية[/ALIGN]
[ALIGN=JUSTIFY]وحتى وهو يتحدث عن نفسه ، وخصوصياته ، فإنه يقدم من خلالها الحكمة وخلاصة التجربة بما يدفع إلى استخلاص العبرة ، ففي كل كسرة من كسراته التالية تجد أنه يتحدث بلسانك ، ويتطابق حاله مع حالك في كثير من المواقف
اقرأ[/ALIGN]
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
مابين صدق الحديث وبين = ما نلاحظه من مواقفهم
صدق النوايا نجدها وين = مع ناس تخفى مقاصدهم
أو=
أمشي مع الناس وآجامل = واضحك ومخفي الذي مخفيه
واضغط على النفس وآحاول = من خوف بعض الأسى تبديه
أو=
آنا أتشقى بحال الناس = والناس حالي ما تشقيهم
ولجلي أنا مرهف الإحساس = لو كان زعلوا أراضيهم
أو=
أسأل عن الأنس وين يكون = أبغى أتناسى معه همي
ألقاه وألقى البخت من دون = إنسي يرد الأسى يمي
[/poem]
[ALIGN=JUSTIFY]وهو يشخص الواقع المعاش بعين الناقد الذي عركته التجارب ، وأكسبته الحياة أسلوب التعامل مع بني البشر[/ALIGN]
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
أيام كانت وكانوا ناس = وكانت مجالس لها قيمه
والآن ماتشوف غير أجناس = البعض ما عندهم شيمه
أو=
إحنا على أصلنا باقين = مهما الزمن دار دوراته
نوفي ونسأل عن الوافين = أما الردى نعاف ممشاته
أو=
طبايع الناس صغناها = نبغى نحلل معادنها
لقيتها الناس بلواها = في شي مخلف توازنها
[/poem]
وعلى الرغم من أنه هو القائل :
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
خواطر تجول في بالي = ما شفت لأوضاعها تفسير
أسأل ويرجع لي سؤالي = ويش الذي سبب التعكير
أو=
قلوبنا ليه ملهوده = وهذا اللهد مصدره من وين
كأنها في بحر سوده = تقول درب النجاة منين
أو=
أيام كانت نهار العيد = الكل قلبه على الثاني
والآن أعيادنا تنكيد = رفيقك يصد بالعاني
[/poem]
[ALIGN=JUSTIFY]ألا أن هذا لم يمنعه من أن يتجاوز هذا التنكيد ويطلب من صديقه أن يتجاوز هذه المنغصات :[/ALIGN]
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
لا تحط يدك على خدك = ما يسير تزعل نهار العيد
الغلب ما هو على حدك = كلا يعاني من التنكيد
[/poem]
[ALIGN=JUSTIFY]وتأبى الحكمة إلا أن تظهر في شعر شاعرنا حتى في شعر الغزل ، بما يدل على أنها متغلغلة بشعره ويصعب الانفكاك منها رغم ما يحمله هذا الشعر الغزلي من رقة وعذوبة وعاطفة صادقة ..
استمع إليه وهو يردد عزة النفس التي تمنعه من لقاء المحبوب ، أو الحظ الذي دائما يعانده ، والعذول الذي يحسده [/ALIGN]
[poem=font="Simplified Arabic,5,#000000,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,4,#400000" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,#400000"]
أعتب على قلبي الحيران = والا على النفس قسوتها
القلب للملتقى ولهان = وترده النفس عزتها
أو=
تحول دون الأماني سدود = وحظي معي يخلف ظنوني
دايم على فرحتي محسود = حتى على دمعة عيوني
[/poem]

[ALIGN=JUSTIFY] وشاعرنا رغم هذه المهارة التي تجعله في مقدمة الشعراء إلا أنه ما زال يزهد في الأضواء ،ويرفض المديح وبالكاد استطعت أن أكسبه عضوا نفتخر به في هذه المجالس على اشتراط منه بأن لا يمنح أي لقب، ووافقت على مضض لأنه يستحق أرفع الألقاب ، فهو شاعر يفيض بالحكمة وسداد الرأي
ولعلكم بعد هذا الاستعراض توافقونني على أن شاعر الأيام ( محمد حامد السيد )هو زهير الكسرة الينبعاوية بلا جدال. [/ALIGN]