ولكن كيف نزرع كل هذا؟

أن زرع المحبة بين الأبناء يكون بوعظهم وإرشادهم وإعطاء بعضهم بعض الهدايا ليقدمها إلى أخيه أو أخته مع الحرص على المساواة والعدالة وتكون الأثرة دليلاً على ارتقاء الخلق وسمو النفس ونظام التعاون والزكاة والصدقة في الإسلام الذي هو من أهم أركان استقرار المجتمع الإسلامي إنما يبني على عمق فكرة الأثرة في نفس المؤمن وهذه الفكرة تزرع في الطفل منذ نعومة أظفاره فنطلب من ولدنا ذكراً أو أنثى أن يقدم شيئاً من طعامه إلى زميلة في المدرسة أو أخيه ونعطيه بعض المال إذا مررنا بأحد الفقراء ونطلب منه أن يسلمه لهذا الفقير ونذكره بفضل الله علينا وأن يغدق علينا من نعمه وأن هناك محرومين كثيرين جدير بنا أن نمد إليهم يد المساعدة وأن نؤثرهم ببعض ما نملك اعترافاً بفضل الله علينا حيث أعطانا وحرم غيرنا.
علم أبنائك ودربهم على الأمانة: لا بد من أن نحثهم عن قيمة الأمانة ديناً وعقلاً واجتماعياً.. وأن نبين رأي الإسلام في الأمانة والعقاب على سوء الأمانة فيه وبيان روعة المجتمع الذي تسود فيه الأمانة ويجب إلا نقصر معنى الأمانة على عدم أخذ ما لا يحق لنا من الأمور العينية بل يجب أن نتوسع في معناها فنتحدث عن الأمانة في التوحيد والأمانة في الوضوء والأمانة في الصلاة و في العلم.. الخ. يجب أن نعير هذه القضية عناية خاصة فنترك مثلاً بعض النقود في متناول أيدي الأولاد ونراقبهم لنرى هل يمدون أيديهم إليها؟ فإن صنعوا بينا لهم خطأهم وشرحنا لهم ما ينتظرهم من عقاب الله سبحانه وتعالى.. ثم موقف المجتمع القائم على الشك والاحتقار وسوء السمعة وانعدام الثقة كما نبين لهم ما ينتظرهم من عقاب عند الله عز وجل وأن لم يمدوا أيديهم أثنينا عليهم ومدحناهم واهتبلنا فرصة اجتماع الأهل أو الأصحاب فذكرنا أولادنا بالأمانة أمام الأهل والأصحاب لنبعث الفخر في أنفسهم وندفعهم إلى التمسك بالأمانة والافتخار بها.
كيف تتصرف مع سلوك الأبناء ?
كثيراً ما يلاحظ أن الأولاد حين يلعبون يؤذي بعضهم بعضاً.. أما لانتشار روح العدوانية عند بعضهم أو لمحاولة التسلط وفرض الشخصية والرأي ومثل هذا السلوك الاجتماعي غلط. ويجب إصلاحه وإنما يكون ذلك عن طريق المراقبة الدقيقة للأولاد حين لعبهم فإذا ما رأينا خطأ نبهنا عليه وحاولنا إصلاحه.
استخدم قاعدة (قلب المواضع)! يجب علينا أن نبين قاعدة جيدة في التعامل وهي قاعدة قلب المواضع بمعنى أن نطلب من أبنائنا إذا صنعوا عملاً ما وأرادوا أن يعلموا فيما إذا كان خالياً من الخطأ أم متلبساً به فإنه يحسن بهم أن يجعلوا أنفسهم مكان الطرف الآخر ويجعلوا الطرف الآخر مكانهم فإن وجدوا أنفسهم راضية بالوضع الجديد فمعنى ذلك أن سلوكهم حسن ولا غبار عليه أما إن كرهوا الأمر فمعنى ذلك أن تصرفهم غلط ويجب أن يعدلوا عنه. وهذه القاعدة ليست وقفاً على الأبناء فقط بل أننا نستطيع أن نطبقها على أنفسنا في كل سلوك يشكل علينا في معاملاتنا مع الآخرين. راقب سلوك الأولاد لان المراقبة بهذا السن هامة وتجعلنا نتدخل في كل تصرف خاطئ سواء كان ذكراً أم أنثى فنصحح ما أعوج وننبه على ما لا نرضى ونرسم الطريق الصحيحة التي يجب السير عليها.. ولكن المراقبة يجب أن تكون دون مبالغة.. وبعيداً عن الشد و الصراخ.
عزيزتي الأم.. عزيزي الأب لاحظوا سلوك أبنائكم في حديثهم إلى من هو أكبر منهم سناً من أم أو أخوة أو أهل أو أصدقاء فأنه من الضروري أن نعلمهم الشجاعة الأدبية والجرأة الشخصية ولكن مع الأدب الشديد وحسن التعامل فلا يحدقون في وجوه من هم أكبر منهم سناً أو قدراً، ولا يرفعون أصواتهم أمامهم، ولا يشيرون بأيديهم أو يضربون بأرجلهم تعبيراً عن انفعالهم أو عدم رضاهم. علم أبنائك طريقة التعامل مع الضيوف: أشرح لهم كيف نستقبلهم ونرحب بهم ونجيب على أسئلتهم بما لا يكشف أسرار العائلة ولا يفضح أمورها الداخلية كما يصنع كثير من الأولاد الذين تحلو لهم الثرثرة فيتكلمون بكل شئ يعلمونه أمام غيرهم وكم من البلايا قد أصابت كثيراً من العائلات من مثل هذه الثرثرة. علم أبنائك أن يحسن إكرام الضيف بكل أدب فأن أطراف الآداب الاجتماعية يمكن أن يلم بها الطفل شيئاً فشيئاً حتى يدركها. من حسن السلوك وضروراته تعليم الأبن سماع كلام والدته وإجابة طلباتها قبل أي مطلب آخر بمنتهى الرضى ودون تأفف أو تأخر وهذا عادة يتطلب تدخلاً مباشراً من الأب لتوجيه أبنه أو ابنته نحو حسن الاستجابة لطلبات الأم والالتزام بحسن الأدب في التعامل معها. ولكن احرص أن يقع منك تناقض حيث يطلب كلاً منكما طلباً يخالفه الطرف الآخر فيقع الولد بالحيرة وبالطبع فإن مثل هذه الحال كثيراً ما تحصل في مجتمعاتنا.. فكونوا حذرين في الوقوع في مثل هذا التناقض.. ولكن لو حدث كيف يتصرف الأب: الأحرى أن يبادر الأب الى تغطية هذا التناقض ويفضل أن تترك الفرصة لتنفيذ طلبات الأم لأن الأم أكثر التصاقاً بابنها أو ابنتها طوال النهار واحتكاكها بهما أشد لذلك كان من الضروري أن تعطي الأم دور الأفضلية دون أن نشعر أبناءنا بأية صورة من صور هذا الخلاف.
قم بتدريب أبنائك
للعلاقات الاجتماعية آداب يلزم المجتمع أفراده بها وهذه الآداب في معظمها مستقاة من الإسلام فإن من الخير الكبير أن نعطي هذه الآداب حقها من العناية وأن ندرب أبناءنا عليها: الإسلام يأمرنا بغسل أيدينا قبل الطعام وغسلها بعد الطعام فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (من غسل يديه قبل طعامه وبعده فهو في سعة من رزقه). هو قطعة من حديث رواه: أحمد والترمذي ومالك وابن ماجه. فهل هناك اعظم من أن ننظف أيدينا مما علق بها من أوساخ وجراثيم قبل أن نجعلها في طعامنا أو ندخلها أفواهنا فنأمن بذلك الأمراض ونتحلى بالنظافة! أمرنا أن نأكل بيدنا اليمنى تكريماً للطعام الذي هو هبة من الله ومنَِّة، وبه تقوم الحياة ونهانا أن نأكل بيسرانا ولا سيما أن اليد اليسرى تكون أكثر ملامسة للأقذار وخاصة عند دخول المرحاض فإن رأينا أبناءنا يأكلون دون غسل أيديهم طلبنا منهم تنظيفها وإن رأيناهم يأكلون بيسراهم أمرناهم بالتيامن.
نهانا الإسلام عن المبالغة في الأكل حتى لا نصاب بالأمراض والتخمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما ملأ أبن آدم وعاءً شراً من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه) (قطعة من حديث رواه: أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم). فأن آنسنا من أولادنا ميلاً إلى الشره في الأكل بينا لهم ضرر ذلك وأنه سبيل إلى البدانة وتفشي الأمراض في الجسم. فعلى الأبوان إلا يعطوا أبنائهم الأطعمة بعضها وراء بعض ودون نظام أو توقيت أو حاجة فترى الولد لا يكاد ينتهي من طعامه حتى ترى في يده أصابع الموز فإذا انتهت جاء دور ألواح الشوكولاته فإن تقضي عليها تصدرت قطع البسكويت يديه فإذا فرغ منها كان للسكاكر نصيبها وتحدث بعد عن المرطبات والعصير والمجمدات ثم المكسرات وهكذا ترى طاحونة الفكين لا تكاد تهدأ عن الطحن وكأنه معمل أن توقف خسر.!! إن مواقيت الطعام معروفة وعلى الأغلب ثلاثة فإذا أكل الولد في هذه المواقيت لا يعطي من الطعام إلا حاجته حين يحين الوقت التالي فأن الولد إذا تركت يده على الطعام نشأ بطناً شرهاً وأتعب أهله بمطالبة فإن قصروا عليه في مطالبه فقد يعمد إلى السرقة في سبيل ما يريد وفي ذلك خطر كبير على أخلاق هذا الولد.
علم أبنائك أن يسمي الله ويبدأ بيده اليمنى.. ويحمده بعد الانتهاء.
علم أبنائك آداب الجلوس فإذا كان مع من هو أكبر منه لم يجلس حتى يجلس الكبار ويجلس حيث ينتهي به المجلس ولا يمد رجليه ولا يجعل أحدهما على الأخرى ولا يجعل نعله قبالة وجوه محدثيه.
علم أبنائك آداب الكلام وآداب الشرب فلا يشرب واقفاً إلا لحاجة ويشرب على ثلاث دفعات ولا يتنفس في الكأس ولا ينفخ نحو الماء ويمص الماء مصاً ولا يخرج صوتاً حين الشرب ويسمي الله عند بدء شربه ويحمده عند انتهائه.
كما يجدر بنا أن نعلمه آداب السير في الطريق حيث يسير هادئاً متزنا ناظراً أمامه مفسحاً ولا يصرخ ولا يصخب ولا يقفز ويساعد من يحتاج المساعدة من مريض أو أعمى أو مسكين ولا يتخطى الإشارات الحمراء ولا يتجول بين السيارات المسرعة ولا يعاكس السير ولا يلعب بين السيارات. علمه أن أراد الدخول الى البيت كان عليه أن يقرع جرس الباب بلطف.. وأن أراد الدخول الى الغرف أن ينتظر حتى يفتح له أو يؤذن له بالدخول بعد قرع الباب.. علمه أن ذهب الى أحد من أهله أو أصحابه إلا يقرع بابهم بخشونة أو بالاستمرار على دق الجرس عليه أن يكون ذلك بلطف وأن ينتظر حتى يفتح له وان يسلم على أهلها بصوت معتدل فإن كانت خاليه سلم على نفسه والملائكة بقوله: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ودعا بدعاء دخول البيت.
علم أبنائك أن يخلع كلاً منهم حذاءه في مدخل الدار فلا يدخل به الى الغرف وأن يضع كتبه بكل ترتيب في مكانها من المكتبة أو المنضدة وأن يستبدل بملابس الخروج ملابس البيت ويعلق ما خلعه منها على المشجب بكل أناقة وترتيب ثم يعمد إلى غسل يديه ووجهة بالماء والصابون لإزالة ما علق بها من أوساخ الطريق وأقذار المدرسة. إذا حان وقت نومه نهاراً أو مساءً، أمرناه أن يتجه إلى سريرة بنفسه وعلمناه كيف يدخل سريرة ويتدثر بغطائه وعلمناه أدعية النوم شيئاً فشيئاً ويوماً بعد يوم حتى يحفظها جميعاً ولا نحاول أن ننام بجانبه ولا أن نجعله ينام إلى جانب أمه أو أخوته ولا نترك النور مولعاً كما أنه لا يجوز مطلقاً وفي سبيل أن نجعله ينام ما يعمد إليه بعض الأهل من إخافة الولد والقول بأن البعبع أو الجن أو الشبح قد حضر ليأكل من لم ينم والذي لم ينم سوق يسرقه الحرامي!!