تجارب تربوية

[الدكتور محمد سالم البلوي]

في إحدى المدارس كنت أتجول كمشرف على الإدارة المدرسية فسمعت صراخا شديدا لأحد الطلاب وبكاء فأسرعت الخطى نحو الصوت فإذا به يصدر من طالب بالصف الثاني الابتدائي واقعا تحت تأثير عقاب بدني من أحد المعلمين
أوقف المعلم الضرب حين رآني وعاد الطالب الى مقعده وبعد نهاية الحصة طلبت المعلم وسألته عن الأسباب فتردد في البداية ولكنني صممت على معرفة السبب.
فقال المعلم إن هذا الطالب قليل الأدب ويتحدث بكلام غير لائق استغربت طالب في السابعة من عمره لا يمكن أن يدرك معني ما يقوله من حيث ما يليق وما لا يليق وبدأ يروي القصة بمقدمة طويلة وباختصار كان المعلم يلبس جزمة سوداء لامعة فقال له الطالب – يا استاذ جزمتك حلوة مثل جزمة أمي – (شبهه بأغلى إنسان في حياته) وبدأ المعلم يعاقبه بالضرب.
هذا المعلم الذي حصلت عنده هذه الواقعة من خيرة المدرسين حضورا ونشاطا ولكن كان ينقصه جانبا مهما وهو عدم إلمامه بسمات المرحلة السنية التي يدرسها حيث كان يتعامل مع الطالب بندية ناسيا الفارق العمري فما قاله الطالب لو صدر من طالب في المرحلة الثانوية يختلف عن طالب عمره سبع سنوات فالذي عمره سبع سنوات حديث العهد في البعد عن والدته التي تعتبر اقرب واحب الناس له فكونه شبه المعلم بوالدته يعني أنه يأتي في الدرجة الثانية بعد أمه من حيث المحبه لأنه شبهه بأغلى ما عنده.
عرف المعلم خطأه واقتنع بالتعامل مع هذه المرحلة بعقليتها وليس بعقليته هو ولكن كانت المشكلة الحقيقية في كيفية رأب الشرخ الذي حصل في شخصية الطالب وفي علاقته مع مدرسه الذي كان مثله الأعلى وكيف يستعيد المعلم هذه المنزلة مرة اخرى. طبعا يحتاج الأمر الى وقت وعمل منظم ومتوازن من المعلم حتى تبدأ الأمور في العودة الى طبيعتها.
والى لقاء آخر في تجربة أخرى وبالله التوفيق