أذهلت زوَّار مهرجان الزهور والحدائق بينبع الصناعية الفكرة العبقرية التي ابتكرتها اللجنة المنظمة بتحويل حاويات السفن "الكنتينر" من حاويات لنقل البضائع لحاويات تتسم بالجمال وتحمل في مضمونها أسمى الرسائل وأجملها. كانت اللجنة المنظمة لمهرجان الزهور تنفذ أركانها ومحال البيع بالخشب والديكورات والكثير من الأعمال الفنية للخروج بشكل متناسق لمحال البيع وأركان المهرجان المختلفة في حد ذاتها مهمة شاقة يتم تنفيذها كل عام نظرًا لعدم تحمل الخشب لتقلبات المناخ ورطوبة الطقس العالية.
ورفعت الهيئة الملكية شعار البيئة ونالت بها أعلى المراتب والأوسمة نظير النجاحات التي تحققت والمشروعات التي نفذت حماية للبيئة وحفاظًا عليها ولم يكن مهرجان الزهور والحدائق بمعزل عن هذا التوجه والهدف العام، بل أصبح منصة ومنبرًا لنشر هذه الثقافة وتعزيزها في المجتمع في قالب ترفيهي جمالي رائع، وخصصت ركنًا خاصًا بالتدوير في النسخة الماضية يضم عددًا من الأعمال الفنية التي نفذت من المخلفات البلاستيكية أو الخشبية أو غيرها من القطع والمواد التي لا يحتاج إليها الشخص في منزله أو عمله فاستطاعت فكرة التدوير أن تصحح تلك المفاهيم وتلفت انتباه المجتمع للأموال الباهظة التي تهدر من كل بيت أو محل دون النظر في كيفية إعادة استخدامها مرة أخرى. لم يقف ذلك العمل عند هذا الحد، بل ابتكرت مسابقة للتدوير خصصت لها جوائز مالية لتحفيز وتشجيع أفراد المجتمع على ابتكار أعمال فنية يتم من خلالها الاستفادة من مخلفاتهم وشاركت المدارس والكليات وكل أفراد المجتمع في تلك المسابقة وأنتجوا الكثير من القطع الفنية والأدوات التي يمكن استخدامها مرة أخرى صنعت من التدوير وبقليل من العبقرية والمهارة وفجرت اللجنة التنظيمية كل طاقاتها الفكرية وذهبت بعيدًا للبحر لتصعد السفن وتفكر فيما تحمله من حاويات تقل البضائع وتجور عليها معالم الطبيعة وتنهي مهمتها لتعيد إليها الحياة مرة أخرى.
جاءت الفكرة بإعادة استخدام حاويات السفن البالية وتحويلها من حاويات حديدية بائسة المظهر إلى مدينة متكاملة من الحاويات شكلت لتكون منازل ومحال ومصاعد شكلت أحد أهم وأجمل معالم ورسائل مهرجان الزهور لهذا العام، فالزائر للمهرجان لا يدرك للوهلة الأولى أن كل المحال والأركان بالمهرجان مصنعة من حاويات السفن لما نفذ فيها من تصاميم هندسية ومعالم جمالية غيرت شكلها ودورها فكانت محال للبيع وفيلا تحتضن التقنية لتواكب النهضة العالمية وتستثمرها في رفاهية وراحة الساكن فيه.
وأوضح رئيس لجنة المباني والديكور بمهرجان الزهور المهندس بندر مسفر الشريف لقد استوحينا في هذا العام فكرة اقتصادية تتمثل في إعادة التدوير والمحافظة على البيئة لذلك أنشأنا كل أركان المهرجان من الكنتنرات "حاويات السفن" والتي تم التنسيق فيها مع موانئ المملكة وأهمها ميناء الملك فهد بينبع الصناعية للاستفادة من الحاويات المستخدمة في المهرجان وتم بحمد الله استجلاب 150 حاوية لموقع المهرجان بحديقة المناسبات.
وأضاف الشريف: "تم تعديل تلك الحاويات وتنفيذ هذه التصاميم من قِبل أيدٍ سعودية نفذت بإتقان أعمال التصاميم الهندسية لكل ركن بحيث يكون مختلفًا عن الآخر وتم دهن الحاويات بألوان مختلفة تحاكي ألوان الزهور لتتناسق بشكل جمالي مع الزهور". وتابع لقد تم تنفيذ البيت الذكي المكون من 11 كنتينرًا صمم في مساحة 370 مترًا، وتم تصميمه من قِبل المصممين المعماريين السعوديين، واعتمدت من رئيس اللجنة، وتم الأخذ في الاعتبار جميع متطلبات الساكن ومدى تحمله لحركة الزوار وتم مراعاة المواصفات والمقاييس الهندسية بحيث يكون آمنًا للمستخدمين واستغرق وقت تنفيذه 21 يومًا أيضًا تم تنفيذ مطل التصوير من الكنتينر ليصعد فيه الزوار لالتقاط الصور التذكارية مع سجادة الزهور العالمية كأحد أهم معالم هذا المهرجان والتي حملت رؤية المملكة 2030.
وقال رئيس مهرجان الزهور والحدائق المهندس صالح الزهراني مدير عام التشغيل والصيانة: "إن فكرة استخدام الكنتنر بالمهرجان جاءت من منطلق الحفاظ على البيئة وتعزيز مفهوم إعادة التدوير لنخلق في الزوار روح الابتكار وابتداع الأفكار التي نستطيع من خلالها الاستفادة في كل ما حولنا من أشياء ومخلفات لا نحتاج إليها فنحولها لقطع فنية وأشياء نستخدمها مرة أخرى بدلاً من رميها في مكبات النفايات".
وأشار إلى أن الميزة الرئيسة في الكنتنر هو أنه صالح للاستخدام لسنوات بحيث تكون المحال والمطاعم ثابتة في مواقعها بدلاً من أن نضيع جهودنا كل عام في تنفيذ محال من الخشب وتزال لعدم صلاحيتها لفترة طويلة وتحتاج فقط إلى تغيير لون الطلاء تفاديًا للملل.