«أسواق ينبع التاريخية» تتنفس الصعداء بإعادة جريان «الترميمات»
يتابع أهالي محافظة ينبع إعادة ترميم منطقتهم التاريخية التي تتميز بوجود سوقهم الشهيرة المعروفة بـ «سوق الليل» «التي وثقها الشاعر المصري حسن بن عبدالرحيم القفطي في قصيدة طويلة بحب ينبع منها:
أهوى وقوفي لدى بـاب الحديد لكـي أرى مصابيح سوق الليل كالشهب
في رقعة السمن لي قصد ولي غرض وعند سـوق الفواتي منتهـى أربـي
وفي مدينة ينبع سيتم تحويل سوق الليل والمنطقة التاريخية التي تحيط بها خلال نهاية هذا العام إلى منطقة سياحية تراثية متكاملة من خلال واجهتها المطلة على البحر التي سترتبط بالشاطئ بعد تحرك هيئة السياحة والآثار مع شركائها للعمل منذ أعوام على تطويرها، إذ تشهد تطورات مختلفة للتحول إلى منطقة سياحية مطلة على البحر مباشرة، ومن خلال المتابعة يرى أن العمل الحالي في المنطقة التاريخية بدأ في منزلين والعمل على تحويلهما إلى فندقين تاريخيين بكلفة مالية تصل إلى ستة ملايين ريال، إضافة إلى إكمال سوق الليل والجزء المتبقي الذي يرمم خلاله 22 دكاناً.
«الأسواق» تصنع «الاقتصاد» وتحفظ«الماضي» و«التراث»
يرى المســؤول عن برنامج التراث العمراني بينبع سامي العنيني خلال حديثــة إلى «الحياة» أن الأسواق التــاريخية بيـنبع تعـتبر جزءاً لا يتجزأ من تاريخ ينبـع العريـق الذي تعيشه الآن بعد عودة إشغال هذه الأســواق بدعــم ما أُعـلن خلال افتتاح ملتقى التراث العمراني الوطني الثالث من رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان وأمير منطقة المدينة المنورة فيصل بن سلمان، الذي يهــدف إلى إبــراز الدور الاقتصادي للاستثمار في مجال تطوير المباني التراثية واستثمارها والحفاظ على التراث العمراني في ينبع وحمايته وتفعيل دوره في برامج التنــمية المستدامة وتثقيف المجتمع في المحافظة على التــراث العمراني إلى أن تصبح مواقــع التــراث العمراني معاشة وقابلة للحياة.
وبيّن العنيني أن الأسواق التاريخية بينبع ازدادت بالزوار وقت الفعاليات وبعثت بها الحياة التي كانت عليها في الماضي، متأملاً أن تسهم هذه المواقع الأثرية في صنع اقتصادٍ محليٍّ نشط في الحاضر والمستقبل، إذ حظيت الفعاليات للتراث العمراني القديم بإقبال كبير من المتابعين والزوار كونه إعاد لينبع مكانتها التراثية والعمرانية العريقة التي عُرفت واشتهرت بها منذ آلاف السنين.
وأشار إلى أن ملتقى التراث الذي احتوى الأسواق التاريخية بينبع أخيراً، حمل في طياته الكثير من فعاليات هذا التراث المتجدد الذي لبست له منطقة الصور التاريخية أجمل حللها لتستقبل زوارها كما كانت عليه هذه المنطقة قديماً، بما تحويه من مبان ذات طراز إسلامي تزينها المشربيات (الرواشين) والأبواب التي تتميز بخصائص الفن المعماري المحلي.
وبيّن أن هذا كله يأتي في وجود ودعم محافظ ينبع المهندس مساعد السليم الذي يسعى جاهداً إلى الانتهاء من المشاريع التى خصصت للمنطقة التاريخة من خلال تسهيل وتذليل الصعاب لكي تكون مدينة ينبع مدينة زاهية بحاضرها وماضيها من بين المدن السياحية.



أسواق ينبع ترتدي حلتها الجديدة خلال عامين
وجدت مؤسسات عدة لترميم المنازل التراثية القديمة في المنطقة التاريخية بينبع لتعيد كل تفاصيلها المنسية كما كانت، إذ تعمل إحداهن حالياً بمدة حددت بستة أشهر على إعادة تأهيل 16 وكالة تجارية تمثل واجهة المنطقة التاريخية.
وأوضح مشرف الموقع المهندس سمير أبوشاهين لـ «الحياة» أنهم يفتخرون كمؤسسة بإعادة تأهيل العديد من المناطق التاريخية في السعودية، إذ يهدف عملهم حالياً في ينبع إلى ترميم 16 وكالة لإعادتها لوضعها السابق مع مراعاة المحافظة على أصالتها والحفاظ على معالمها كافة، إذ تم تصويرها لتعاد بشكلها القديم في مدة تصل إلى ستة أشهر، مضى منها قرابة الشهرين، ترميم المرحلة الثانية من سوق الليل الشعبية بعدد 22 دكاناً، ترميم عدد من دكاكين الواجهة الأمامية، ثلاث وكالات تجارية بدعم شركة سابك وسيتم تصميم هذه الوكالات ليكون بعضها مطاعم تراثية وبوفيهات شعبية وخدمات إدارية، ترميم عدد خمسة من المنازل القديمة بحي الصور المواجهة للميناء بتمويل من شركة أرامكو السعودية وسيكون لبعضها مركز ثقافي ومكتبة، صالات عرض واستخدامات أخرى تناسب التخطيط والتصميم السياحي المناسب للمنطقة، إضافة إلى مشروع الرصيف السياحي ومكوناته كسفن الركاب وقوارب النزهة والغوص واليخوت الجاري العمل فيه حالياً وهو من المشاريع المهمة في إطار مذكرة التعاون الموقعة ما بين المؤسسة العامة للموانئ والهيئة العامة للسياحة والآثار وتبلغ كلفته 104 ملايين ريال، والتي ستكون جاهزة خلال أقل من عامين، بحسب العقود الموقعة مع المقاولين المنفذين.
وأكد أبوشاهين أن الهدف من الترميم هو المحافظة على البيئة الموجودة سابقاً لتتلاءم مع وضع الناس بإضافة بعض التعديلات البسيطة المخفية لتناسب الوضع الاقتصادي الراهن، مبيناً أن كل منطقة تاريخية لها طبيعتها وينبع بنيت أسواقها القديمة بحجر المنقاب وهو ما يعملون به الآن لأول مرة خلال عملهم كمؤسسة متخصصة في إعادة المباني التراثية لطبيعتها.