--------------------------------------------------------------------------------
دراسة (لما) الحينية في القرآن الكريم
(لما) حرف عند سيبويه قال[ 2/ 312]: «فهي للأمر الذي وقوع لوقوع غيره وإنما تجيء بمنزلة (لو)».
وهي ظرف عند ابن السراج والفارسي وابن جني وعلى أنها ظرف العامل فيها جوابها. [الخصائص: 3/ 222، 2/ 253].
وقال ابن مالك في [التسهيل :ص241].
«إذا ولى (لما) فعل ماضي لفظا ومعنى فهي ظرف بمعنى (إذ) فيه معنى الشرط أو حرف يقتضي فيما مضى وجوبا لوجوب».
«وفي [البحر: 8/ 318]: «من يقول: (لما) ظرف يكون العامل فيه {ليزلقونك} من قوله {ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر}.
رجح أبو حيان الحرفية بقوله تعالى: {وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا} [18: 59].
في [البحر: 6/ 140] : « {لما ظلموا} إشعار بعلة الهلاك وهي الظلم وبهذا استدل الأستاذ أبو الحسن بن عصفور على حرفية (لما) وأنها ليست بمعنى حين، لأن الظرف لا دلالة فيه على العلية».
وقال في قوله: {ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا} [10: 13]، ولفظة (لما) مشعرة بالعلية وهي حرف تعليق في الماضي ومن ذهب إلى أنها ظرف معمول لأهلكنا كالزمخشري... فإنما يدل إذ ذاك على وقوع الفعل في حين الظلم. فلا يكون لها إشعار إذ ذاك بالعلية.
على أن أبا حيان أخذ بعض ألفاظ الزمخشري في حديثه عن (لن) وكررها في كتابه:
لو قلت: «جئت قام زيد لم يكن مجيئك متسببا عن قيام زيد.
وأنت ترى حيثما جاءت (لما) كان جوابها أو ما قام مقامه متسببًا عما بعدها فدل ذلك على صحة مذهب سيبويه من أنها حرف وجوب لوجوب».
وقال في قوله تعالى: {ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء} [12: 68].
«جواب (لما) قوله {ما كان يغني عنهم من الله من شيء} وفيه حجة لمن زعم أن (لما) حرف وجوب لوجوب، لا ظرف زمان بمعنى حين، إذ لو كانت ظرف زمان ما جاز أن تكون معمولة لما بعد (ما) النافية.
لا يجوز: حين قام زيد ما قام عمرو. ويجوز: لما قام زيد ما قام عمرو فدل ذلك على أن (لما) حرف». [البحر: 5/ 325].
كما رجح أبو حيان الحرفية بوقوع (إذا) الفجائية في جواب (لما).
قال في قوله تعالى: {فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله} [4: 77].
«وإذا كانت حرفا وهو الصحيح فجوابه (إذا) الفجائية وإذا كانت ظرفا فيحتاج إلى عامل فيها فيعسر، لأنه لا يمكن أن يعمل ما بعد (إذا) الفجائية فيما قبلها. ولا يمكن أن يعمل في (لما) الفعل الذي يليها، لأن (لما) هي مضافة إلى الجملة بعدها... والذي نختار مذهب سيبويه في (لما) وأنها حرف ونختار أن (إذا) الفجائية ظرف مكان». [البحر: 3/ 297].
وأعاد أبو حيان هذا الحديث في [البحر: 4/ 375، 5/ 140، 6/ 300]، وانظر [الرضى: 2/ 119].
ويترتب على اعتبار (لما) حرفا أو ظرفا ما قاله أبو حيان في قوله تعالى: {وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم} [25: 37].
في [البحر: 6/ 498] : «ونصب قوم نوح على الاشتغال وكان النصب أرجح لتقدم الفعلية ويكون (لما) في هذا الإعراب ظرفا وأما إن كان حرف وجوب لوجوب فالظاهر أن {أغرقناهم} جواب (لما) فلا يفسر ناصبا».
--------------------------------------------------------------------------------
جواب (لما)
في [التسهيل: 241]: «وجوابها فعل ماضي لفظا ومعنى أو جملة اسمية مع (إذا) المفاجأة أو الفاء، وربما كان ماضيا مقرونا بالفاء وقد يكون مضارعا» وانظر [الرضى: 2/ 119].
جاء جواب (لما) مقترنا بإذا الفجائية في قوله تعالى:
1- {فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله} [4: 77].
2- {فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون} [7: 135]
3- {فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق} [10: 23].
4- {فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون} [21: 12].
5- {فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون} [29: 65].
6- {فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون} [43: 47].
7- {فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون} [43: 50].
8- {ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون} [43: 57].
احتمل أن يكون جواب (لما) فعلا مضارعا في قوله تعالى: {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط}. [11: 74].
في [الكشاف: 2/ 226] : «فإن قلت: أين جواب (لما)؟
قلت: هو محذوف، كما حذف في قوله: {فلما ذهبوا به وأجمعوا}.
وقوله: {يجادلنا} كلام مستأنف دال على الجواب تقديره: اجترأ على خطابنا أو فطن لمجادلتنا، أو قال كيت وكيت، ثم ابتدأ فقال: {يجادلنا في قوم لوط}.
قيل: في {يجادلنا} هو جواب (لما) وإنما جيء به مضارعا لحكاية الحال.
وقيل: إن (لما) ترد المضارع إلى معنى الماضي، كما ترد (إن) الماضي إلى معنى الاستقبال، وقيل: معناه: أخذ يجادلنا...».
في [معاني القرآن: 2/ 23]: «ولم يقل: جادلنا، ومثله في الكلام لا يأتي إلا بفعل ماض كقولك: فلما أتاني أتيته وقد يجوز: فلما أتاني أثب عليه، كأنه قال: أقبلت أثب عليه».
انظر [البيان: 2/ 23-24]، [العكبري: 2/ 23]، [البحر: 5/ 245]، [المغني: 1/ 219].
واحتمل أن يكون جواب (لما) مقرونا بالفاء في قوله تعالى: {فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد} [ 31: 32].
في [المغني: 1/ 219] : «وقيل: الجواب محذوف أي انقسموا قسمين».
واختلف في جواب (ولما) من قوله تعالى: {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} [2: 89].
قيل: (لما) الثانية وجوابها جواب للأولى. [معاني القرآن: 1/ 59].
وقيل: الجواب محذوف تقديره: نبذوه أو كفروا به.
وقيل: {كفروا} أغنى عن جواب الأولى والثانية لأن الثانية كررت حين طال الكلام.
وجدت هذا البحث لعله يثري المشاركة
تحيتي لكم
المفضلات